5 استراتيجيات لتتبع الأهداف والعادات بفاعلية

لطالما اعتبرت نفسي شخصاً نشطاً وقادراً على تتبع الأهداف والالتزام بها، إلى أن تلقيت تنبيهاً عند خضوعي إلى الفحص الطبي السنوي، حيث سألني طبيبي كم مرة أمارس التمرينات الرياضية في الأسبوع؛ فأدركت حينها كم أمضيت من الوقت جالساً خلف المكتب، وعلمت أنَّني إن أردت المحافظة على صحة جيدة، فيتوجب علي زيادة التمرينات الرياضية.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدون "آيتيكين تانك" (Aytekin Tank)، والذي يحدثنا فيه عن تجربته في تتبع الأهداف والعادات بفاعلية.

لقد كنت دوماً من النوع الذي يتبع أهدافه؛ لذا قررت إنشاء نظامٍ بسيط لزيادة تمريناتي الرياضية، وقد بدت 70,000 خطوة في الأسبوع هدفاً كبيراً بالنسبة إلي؛ لذلك بدأت تتبع نشاطي اليومي باستخدام عداد خطوات رقمي، ولم يكن بوسعي أن أصدق مدى الزيادة الكبيرة التي بلغتها مستويات نشاطي.

لقد كان تتبع معدل نشاطي البدني بسيطاً بقدر بساطة إلقاء نظرة سريعة على معصمي لمعرفة عدد الخطوات التي مشيتها؛ وإن تأخرت، أتلقى إشعاراً كلَّ ساعة يذكرني بعدد الخطوات التي عليَّ إكمالها للبقاء على المسار الصحيح.

لم تعمل ميزة تتبع الأهداف هذه على زيادة مستويات نشاطي فحسب، بل وعلى تعزيز مستويات طاقتي وصحتي بشكلٍ عام؛ وأنا الآن أتتبع أهدافي في مجالات أخرى كالعمل والأمور المالية والهوايات، وأحب أن أعتبر تتبع الأهداف مثل وضع نقاط علام.

عندما تعرف كم أنجزت بالفعل في كلِّ مرحلة، تكون أكثر حماساً لإتمام الرحلة؛ إضافة إلى ذلك، تصبح الأهداف الكبيرة أقل إرباكاً عندما تقسَّم إلى خطوات أصغر.

هل ترغب في تتبع أهدافك؟ إليك 5 استراتيجيات للقيام بذلك بفاعلية:

1. تصوُّر "السلسلة":

أطلق الكوميدي "جيري سيينفيلد" (Jerry Seinfeld) مفهوم تتبع الأهداف الذي سمَّاه "لا تكسر السلسلة" (don’t break the chain)، والذي تكمن فكرته في أن تضع علامة على التقويم أو المفكرة أو لوح المعلومات في كلِّ يوم تبقى فيه على المسار الصحيح في أثناء العمل على تحقيق هدفك؛ ثمَّ تستمر في ذلك حتى تحقق هذا الهدف، بحيث تكون مهمتك الوحيدة ألَّا تكسر هذه السلسلة المستمرة.

قد لا يبدو النجاح في يومٍ واحدٍ أمراً بالغ الأهمية، إذ يحقق الناس أهدافهم شيئاً فشيئاً، حيث يحققون نجاحاً صغيراً في كلِّ مرة؛ لذا عندما تجعل تقدمك واضحاً، تكتسب الحماسة، وتكوِّن قوة تدفعك إلى تحقيق ما تصبو إليه.

يُشاع أنَّ سينفيلد استخدم هذا المفهوم لتحقيق هدفه المتمثل في ممارسة كتابة النكت كلَّ يوم، وذلك بوضع علامة "×" حمراء كبيرة على تقويم كبير الحجم؛ لكن في الحقيقة، يمكنك اتباع النظام الذي يحلو لك.

يستخدم بعض الأشخاص دفاتر يومية بنمط الرسم البياني لإنشاء أدوات تتبع لأهدافهم؛ فإذا كنت فناناً، يمكنك إنشاء مذكرة نقطية مزخرفة موزعة على سلسلة تقدمك؛ وبمعنى أبسط: ما عليك سوى الإمساك بلوحة ملصقات، واستخدام أوراق الملاحظات اللاصقة أو ملصقات أو قلم تخطيط ملون لإظهار تقدمك، ثمَّ وضع جدول تقدمك في مكان قريب كي يحفزك كلَّ يوم.

مثلاً: إن كان هدفك تناول مزيد من الطعام الصحي، فعلق تقويماً في مطبخك؛ وإن أردت صقل مهاراتك في التصميم، فضع مساراً لتتبعه في مكان عملك؛ وإن لم تكن تفضل العمل مع الجداول والورقيات، فاستعن بتطبيق مخصص.

إنَّ التفاصيل الوحيدة الهامة هنا هي الوضوح، فقد تشعر دون نقاط العلام أنَّك قد أضعت المسار في رحلتك، الأمر الذي يزيد من احتمال التخلي عنها تماماً.

إقرأ أيضاً: 5 قواعد ذهبية مثبتة علميًا في تحديد الأهداف

2. احتفي بنجاحاتك:

ما الهدف من تتبع تقدمك إن لم تلاحظه حتى؟

بمجرد أن تبدأ تخطيط سلسلتك، عليك التعرف على كلِّ تفصيل فيها جيداً، والاحتفال بكلِّ خطوة ومرحلة تتجاوزها؛ فعند ملاحظة مدى تقدمك، قد يشكل ذلك حافزاً أساسياً لك لتحقيق أهدافك.

درست أستاذة الأعمال في هارفارد "تريزا أمابيل" (Teresa Amabile) العادات اليومية للعاملين، واكتشفت أنَّ إحراز تقدم مجدٍ في العمل هو أهم عنصر للتحفيز خلال يوم العمل؛ ووفقاً لبحث أجرته أمابيل: كلَّما زاد شعورك بالتقدم، زادت إنتاجيتك على الأمد البعيد.

يهتم أغلبنا بالإنجازات الصغيرة اليومية ويؤجل الاحتفال حتى تحقيق الهدف النهائي، ويعدُّ ذلك مشكلة تواجهنا جميعاً؛ إذ تقول المؤلفة "جوسيلين جلي" (Jocelyn Glei): "يُحرِز أغلبنا تقدماً صغيراً أو كبيراً كلَّ يوم، ولكنَّنا نفشل في ملاحظته؛ ذلك لأنَّنا نفتقر إلى وسيلة لتتبع تقدمنا؛ وإنَّها لخسارة كبيرة".

لتشعر أنَّك أكثر إنتاجاً، ولتكون بالتالي أكثر إنتاجاً؛ خصص وقتاً كل يوم لتحتفل بما تحرزه من تقدم؛ وعندما تجد نفسك قد اقتربت نحو هدفك ولو خطوة واحدة، ستشعر بفيض من الحماس لإكمال المسار.

3. ضع نظام مكافأة:

يحفزني جهاز تتبع اللياقة البدنية خاصتي على النجاح من خلال ميزة بسيطة فيه؛ ففي كل مرة أحقق فيها هدفي اليومي، تضيء شاشة ساعتي الرقمية باظهار احتفال مصغر ينتهي بتفجير بعض الألعاب النارية.

قد يبدو ذلك سخيفاً، لكنَّ هذه المكافأة تجعلني أستمر؛ فلو أنِّي تحققت من تطبيق اللياقة البدنية كي أرى أنِّي قد بلغت هدف الخطوات اليومي، فلربَّما شعرت بإحساس بالإنجاز؛ لكنَّ وجود حافز ملموس وممتع يذكرني كم هو شعور جميل أن تواظب على مسار أهدافك، يجعلني أرغب بالاستيقاظ وتكرار الأمر غداً.

قد يكون الاندفاع لشطب شيء من القائمة كافياً بالنسبة إلى بعض الناس لتحفيزهم على الاستمرار؛ ولكن إن كان إنشاء مكافآتك الشخصية من شأنه أن يعزز رغبتك في الاستمرار في العمل، فبإمكانك وضع مكافآت في نهاية كل مرحلة، كأن تشتري لنفسك شيئاً كنت تتطلع إليه في حال بقيت على المسار الصحيح لمدة شهر أو أسبوع من المتابعة يومياً، أو تطلب وجبات سريعة من مطعمك المفضل؛ وفي كلتا الحالتين، فإنَّ الغاية هنا هي تحفيز تقدمك؛ فعندما يكون لديك شيء تتطلع إليه إلى جانب الهدف نفسه، ستزداد احتمالية تحقيق هدفك.

شاهد بالفيديو: 5 أمور هامَّة ترشدك للوصول إلى هدفك

4. ابحث عن شريك مساءلة:

قد يبلغ التحفيز الذاتي في بعض الأحيان حده الأقصى، وقد يتعين عليك دعوة شخص آخر للمشاركة في هذا المسار في حال كنت تريد تتبع الأهداف التي حددتها.

من خلال مشاركة أهدافك مع شخص آخر، أنت تتعهد بالالتزام بها بشكل أو بآخر، حيث تتضاءل احتمالية تقديمك لأعذار تحيدك عن مسارك عندما تعلم أنَّ هناك شخصاً يراقب تقدمك؛ ذلك لأنَّ عدم إحراز أيِّ تقدم من شأنه أن يخيب آمال ذلك الشخص.

بالإضافة إلى ذلك، عندما تتوقع من شخص ما أن يشاركك في التحقق من مسارك بانتظام، سيكون لديك سبب إضافي لتتبع أهدافك؛ لذا اختر شخصاً تثق به -من الأفضل أن يكون لديه أهداف مماثلة أو منظور مشترك حول النجاح والنمو- وادعُه ليتفقد مسارك معك يومياً أو أسبوعياً أو شهرياً، وقد تُفاجَأ بحجم إنجازك.

إقرأ أيضاً: كيف تتواصل مع الناجحين دون أن تتطفل عليهم؟

5. ابدأ كلَّ يوم من الصفر:

ربَّما تعلم بالفعل أنَّ تقسيم أهدافك إلى أجزاء أصغر -مثل تقليص هدف مبيعاتك الشهرية إلى مقاييس يومية- يجعل هدفك يبدو أقل رهبة ويزيد احتمالية تحقيقه؛ ولكن يشترك في ذلك عنصر نفسي آخر.

عندما تبدأ كل يوم من الصفر بدلاً من الإضافة على رقم آخر، سترى بسهولة أكبر من أين بدأت وإلى أين تتجه؛ إذ إنَّ ما يُسمَّى "المنطقة الوسطى" لهدف كبير قد تبدو مبهمة ويصعب قياسها، وهو ما قد يؤدي إلى إهدار الوقت وخسارة التقدم؛ علاوة على ذلك، أن تشعر أنَّه ما زال أمامك 80% من العمل لتنجزه، يجعل مساهمتك اليومية أقل أهمية.

يعمل البدء من الصفر أيضاً على تعزيز الحافز من خلال ظاهرة تُسمَّى "تأثير البداية الجديدة"، ويشبه هذا حماسك للقيام بأمور جديدة في بداية عام جديد، وينطبق المبدأ نفسه على تصفير عداد تقدمك كلَّ يوم في منتصف الليل أو إنشاء قائمة جديدة من المهام في دفتر ملاحظاتك؛ حيث يسجل الدماغ هذه "الأيام الجديدة" كعلامات زمنية، وإنَّه لمن المعروف أنَّ هذه الأيام تزيد من السلوك الطموح لكسر الروتين اليومي للمرء.

النبأ السار هنا هو أنَّك لن تضطر إلى الانتظار لعام جديد أو حتى أسبوع جديد قبل أن تبدأ تحقيق الأهداف وتعقبها، فقد يكون الحصول على التحفيز الذي تحتاج إليه للمضي قدماً سهلاً، مثل: تحميل تطبيق جديد، أو شراء دفتر يوميات جديد؛ وكل ما عليك فعله هو أن تقرر أنَّ اليوم هو اليوم الذي تبدأ فيه.

الخلاصة:

قد يكون تعلم تتبع الأهداف عملية صعبة، ولكنَّها تصبح أسهل من خلال الاستعانة ببعض الأدوات والاستراتيجيات البسيطة؛ لذا ابحث عن الخيارات التي تناسبك وتناسب أهدافك، واستفد منها للمضي قدماً، وستجد أنَّك تنجز المزيد بمرور الوقت، وأنَّك تتقدم بسلاسة صوب أهدافك.

 

المصدر




مقالات مرتبطة