5 استراتيجيات لبناء حبِّ الذات

إنَّ أهم علاقة ستحظى بها على الإطلاق هي علاقتك مع نفسك، بينما يبحث الناس عن الأشياء المادية من أجل سد فجواتهم العاطفية، وهي طريقة غير فعالة، وهناك أمر أكثر شيوعاً يبحثون عنه، وهو شريك ليشاركهم في حياتهم من أجل تحقيق هدف مشترك، وهذه الطريقة غير فعالة أيضاً، وربما قد تكون أسوأ من الطريقة الأولى.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن جيمس مايكل سما (James Michael Sama)، ويُحدِّثنا فيه عن 5 استراتيجيات تساعدنا على بناء حبِّ الذات.

يمكنني أن أخبرك بفضل خبرتي في مجال التطوير الشخصي أنَّ معظم الناس يبحثون عن إجابات للأسئلة المغلوطة، فنحن نبحث عن معلومات عما يجب أن نفعله للعثور على علاقة، ونسأل ما إذا كان ثمة أماكن معينة يجب أن نذهب إليها، أو عبارات معينة يجب أن نقولها، أو ملابس معينة يجب أن نرتديها، ولكلِّ شخص سبب مختلف لرغبته في أن يكون في علاقة، لكنَّني لا أعتقد أنَّ العلاقات هي شيء يجب السعي وراءه لحلِّ مشكلة في حياتك؛ لأنَّ العلاقات لا تسير بهذه الطريقة؛ بل هي تعني أن تجذبك الشخصية التي تسعى إلى التحلي بها.

لا يعتمد وضوح الهوية والهدف على نوع العلاقة التي تربطك بالطرف الآخر؛ فقد تكون متزوجاً أو عازباً أو في طور بناء علاقة من نوع ما - وإن كانت مُتخيَّلة - بيد أنَّ ما يُهِمُّ فعلاً هو كيانك بوصفك شخصاً.

القصد من أن تكون واضحاً بشأن هويتك هو أنَّها تُعبِّر فعلاً عن شخصيتك، ويبدو أنَّ ما أقوله لا داعي له، لكنَّني أقول ذلك لسبب معين؛ فبعض الأشخاص يدخلون في علاقة، ويضحون بهويتهم، وينسون أنفسهم والأمور الممتعة والهامة بالنسبة إليهم؛ لذا إنَّ التنازل والمرونة هي شيء واحد، وكلُّ علاقة تتطلب وجود هذين الأمرين، ومع ذلك إنَّ التضحية بقيمك ومعتقداتك ومثلك العليا لمجرد أن تكون في علاقة، هي أمر مختلف تماماً، وعلى الأرجح أنَّ هذا الأمر لن يكون مفيداً لك.

إنَّ عدم الوضوح بشأن هويتك هو طريقة مضمونة لجذب الأشخاص غير المناسبين إليك، وفي الحقيقة، إنَّ انجذاب الآخرين إلينا ليس سببه رغبتنا في ذلك؛ بل سببه ما أظهرناه لهم، وإذا كنا نعرض صورة غير متوافقة مع حقيقتنا، فسنجذب أولئك الذين لا يمثلوننا أو لا يمثلون ما نريده حقاً.

ضع في حسبانك في أثناء وجودك في علاقة ما الصراع الذي يحدث على الأمد الطويل إذا تركنا حياتنا تُخرِجنا عن مسارنا، فكم مرة سمعت عبارة: "لقد تغيرت" على مرِّ السنين؟ إذا مرَّ بضعة أشهر على تغيُّر الشخص فقط؛ فالشخص لم يتغير على الأرجح؛ بل ببساطة لقد كشف عن هويته الحقيقية، ومع ذلك إذا مرت سنوات عديدة على تغيره، فمن المحتمل أنَّه فقدَ التواصل مع هويته الحقيقية.

يؤدي النمو دوراً في ذلك أيضاً، فإذا ارتبط شخص ما يرغب في التنمية الشخصية مع شخص يرغب في الراحة والاستقرار، ففي النهاية سيتفرقون عن بعضهم بعضاً بسبب سيرهم في مسارات مختلفة، وليس ضروريَّاً أن يكون أحد المسارين أفضل من الآخر، ولكنَّهما مختلفان وغير متوافقين؛ لذا من الضروري وجود التوافق.

لقد رأيت ومررت بعدة علاقات لم تنجح ببساطة؛ وعندها لا داعي لاحتقار الشخص الآخر أو الحقد عليه، ولا داعي لأن تكرهه أو تخجل من أن يعرف الآخرون بوجوده في حياتك، ويمكنك بسهولة أن تدرك أنَّك لا تستطيع تشكيل ثنائي متماسك ومتوافق مع الشخص الذي تسعى إلى الارتباط به.

لكن هنا تكمن المشكلة، فكيف ستعرف ما إذا كان أحدكم غير واضح بشأن هويته؟ من المؤكَّد أنَّ بدء علاقة ما تحت ادعاء زائف سيؤدي إلى حدوث كارثة؛ لذلك إنَّ الوضوح بشأن هويتك سيمنع هذا الأمر من التفاقم في المقام الأول، و:

  • ستكون واثقاً من نفسك وممَّا تستحقه.
  • ستعيش حياة عاطفية تعكس حقيقتك.
  • ستشعر بتوتر أو صراع فوري إذا كانت قيم الشخص الآخر لا تتماشى مع قيمك.
  • ستكون قادراً على التعرف إلى أولئك الذين سيكمل وجودهم حياتك حتى تتمكنوا من النمو معاً.
  • ستكون واضحاً بشأن الأشياء التي ترغب أو لا ترغب في التنازل عنها في العلاقة.

النمو الشخصي هو شيء يجب أن يدعمه أيُّ شريك يهتم لمصلحتك، ويجب أن يرغب في رؤيتك سعيداً وراضياً، وأن يفهم أنَّ هذا الأمر سيجلب مزيداً من الأمان والمودة والمتعة والإثارة للعلاقة، ويمكن للشخص الذي يشعر بانفصام الشخصية أو الذي يبحث عن المعنى باستمرار أن يكون بعيداً أو مشتتاً عاطفياً، وهذا لا يعني بالضرورة أنَّه فقد الحب أو فقد الاهتمام بك، فإذا كنت تشعر أنَّ هذا الكلام ينطبق عليك، أجرِ محادثة مع شريكك عن الأمور التي تحتاج إلى السعي إلى تحقيقها سواء أهدافك أم أحلامك أم رغباتك.

شاهد بالفيديو: 12 حقيقة عن حب الذات يجب على الجميع أن يتذكرها

5 استراتيجيات أساسية من أجل بناء شعور أكبر بحبِّ الذات:

1. تحدي النفس:

فكِّر في المجال الذي تشعر فيه بأكبر قدر من الثقة في حياتك سواء في مهاراتك في العمل، أم في مستوى لياقتك البدنية، أم في سرعتك في التعلم مهما كانت الإجابة، فغالباً هذا الأمر الذي تشعر فيه بالثقة بنفسك، هو شيء قمت به مراراً وتكراراً، وأنت تعلم أنَّه يمكنك القيام به عندما تحتاج إلى ذلك.

يعكس عدم الثقة في أيِّ جانب من جوانب الحياة المختلفة عدم مصداقيتك مع نفسك في ذلك الجانب بالتحديد؛ لذا ضع أهدافاً صغيرة لتتحدى نفسك فيها، ثم حققها، وإن كان الاستيقاظ أبكر بـ 10 دقائق كلَّ يوم والنهوض من السرير مباشرةً، فقد يبدو أمراً غير هام على الإطلاق، لكنَّه شيء يظهر أنَّك تلتزم بكلمتك ويمنحك أساساً لتحديد أهداف أعلى لتحقيقها، وهذا الأمر يتعلق بتحمل المسؤولية وبناء المصداقية مع نفسك.

2. عدُّ الفشل مثل تجارب تعليمية:

جميعنا قابلين للفشل، وأكثر الأشخاص نجاحاً في العالم تعرضوا لكثير من الفشل قبل تحقيقهم النجاح، والفرق هو أنَّ أولئك الذين لديهم عقلية نمو ينظرون إلى كلِّ تجربة فاشلة يتعرضون لها على أنَّها فرصة للتعلم، ويبحثون عن السبب الذي أدى إلى فشلهم، أو الأمر الذي كان من الممكن أن يحسنوه في الشيء الذي قاموا به وفي أنفسهم.

بإزالة المشاعر من هذه المواقف، والنظر بحزمٍ إلى المهمة بصفتها تجربةً تخطئ فيها وتتعلم، يمكننا التوقف عن الشعور بالسوء حيال أنفسنا؛ لأنَّنا لم نصل إلى الهدف الذي نسعى إليه، والتحمس بشأن الأشياء الجديدة التي سنتعلمها من أجل تحقيق هدفنا.

3. التركيز على الخطوات واحدةً تلو الأخرى:

من السهل أن تشعر بالارتباك عند تحديد هدف معين، فقد يحتاج هذا الهدف إلى كثير من العمل لتحقيقه، فإذا نظرنا إلى الهدف النهائي بوصفه الخطوة الأولى سيبدو تحقيقه مستحيلاً تقريباً، وإذا واصلنا التطلع إلى النقطة الأخيرة فسنستمر حتماً في التقصير، أمَّا إذا أخذنا نفساً عميقاً وتتبعنا النقطة الأولى، فيمكننا بعد ذلك استخدامها بوصفها أساساً للانتقال إلى النقطة التي تليها، وهَلُمَّ جرَّاً.

ضع أهدافاً كبيرة، لكن قسِّمها إلى أهداف أصغر لكي تستطيع تحقيقها واحدة تلو الأخرى، واحتفِ بكلِّ نجاح، وامضِ قُدماً إلى الهدف التالي.

4. التركيز على حياتك الخاصة:

أتذكر عندما كنت طفلاً اعتدت أن أكون عدَّاءً سريعاً جداً، وعندما كنت في المرحلة الإعدادية أجرت مدرستنا سباقاً وشاركت فيه، وعندما بدأ السباق لم أكف عن النظر إلى العدَّاء الذي كان خلفي حتماً أدى هذا الأمر إلى إبطائي بسبب الطاقة الإضافية التي استهلكتها للالتفاف، وكذلك فقدت التركيز على خط النهاية أمامي، وكنت قلقاً جداً بشأن ما يفعله شخص آخر.

جميعنا لدينا قصص مختلفة ونقاط انطلاق ووجهات نظر مختلفة للعالم، وكلُّ واحد منا لديه قدرات مختلفة ولدينا مهارات لا يمتلكها الآخرون، وخلاف ذلك صحيح.

إذا أمضينا كثيراً من الوقت في موازنة حياتنا بحياة الآخرين، فحتماً سوف نشعر بخيبة أمل وننحرف عن المسار الصحيح، وسنشعر بالسوء حيال أنفسنا أيضاً بصرف النظر عن المسافة التي تقطعها في الحياة سيكون هناك دائماً شخص أمامك، وكذلك شخص أكبر وأقوى وأسرع وأغنى وأجمل منك.

لذا ينبغي عليك التركيز على المرحلة التي وصلت إليها، وقياس نجاحك مقابل نجاحك السابق؛ فأنت أهم منافسٍ لنفسك.

إقرأ أيضاً: 10 نصائح لتنظيم حياتك من أجل زيادة الإنتاجية وبلوغ النجاح - الجزء (1)

5. إعطاء الأولوية للتعلم:

واحدة من أفضل الطرائق لبناء حب الذات هي أن تبذل الوقت والجهد للاهتمام بعقلك، ونظراً لأنَّنا نجمع مزيداً من المعرفة؛ فإنَّنا نمتلك القدرة على أن نقدم أداء بمستوى أعلى في مجالات الحياة جميعها، وهذا بدوره يسمح لنا بتحقيق الأهداف بفاعلية؛ ومن ثَمَّ الشعور بالرضى عن أنفسنا؛ إذ تبدو حلقة النمو الغريزية هذه سهلة، لكن غالباً ما تُتجاهل ربما لهذا السبب بالضبط.

يريد معظم الناس الحصول على النتائج دون تعب أو بذل جهد، وإنَّ حب الذات والثقة والنجاح ليست أموراً مثيرةً في جوهرها، ومع ذلك فهي جزء ضروري من أن تصبح شخصاً راضياً وواثقا من نفسك.

إقرأ أيضاً: 5 طرق لاستعادة شغفك بالتعليم

في الختام:

لحسن الحظ يمكنك التحكم بكلِّ جزء من هذه العملية؛ فالتحكم هو أساس كلِّ هذه الأمور، ولا سيما عندما يتعلق الأمر بتركيزك وطريقة تفكيرك، فما تختار أن تستوعبه وتركز عليه، ينشئ بكلِّ معنى الكلمة الواقع الذي تعيش فيه والشخص الذي تصبح عليه، ويمكن للتركيز على الأشياء المغلوطة أن يبعدك عن كلٍّ من هويتك وهدفك، وهذا هو السبب في أنَّ العادات التي تكوِّنها والقرارات التي تتخذها على أساس منتظم، تُظهر للعالم ولنفسك الشخص الذي اخترت أن تكون.

المصدر




مقالات مرتبطة