5 استراتيجيات بسيطة للتغلب على القفلة الإبداعية

تحدث معجزة بين الفينة والأخرى؛ إذ يجد كاتب أو مصمم أو فنان نفسه أمام نافذة زمنية مفتوحة، ويُخيَّل إلى ناظريه بقعة ضوء، وتصل إلى مسامعه أصوات ملائكية؛ ولكن فجأةً، يتسلل الشك إلى قلبه، وتطبق الظلمة على المشهد، وتصبح هذه الروح الإبداعية غير قادرة على العمل؛ فلا حبر يتدفق من القلم، ولا حروف تخطُّ على السطور.



ومع أنَّ هذا النوع من القفلة الإبداعية يُشعِر بالعجز للغاية، إلا أنَّه يصب في مصلحتنا على الأمد القصير - على أقل تقدير، وهنا تكمن المشكلة؛ إذ لعلَّ تجنُّب الشعور بالألم قد عزَّز قدرة أسلافنا على التأقلم لحمايتهم من الوقوع فريسة الحيوانات البرية؛ ولكنَّ الأمر لا ينطبق على التنمية الإبداعية، والتي غالباً ما تكون عمليةً عصيبة، وللأسف، قد تبدأ حالة "قفلة الكاتب" - والتي لا تُعدُّ استراتيجيةً تأقلميَّةً لتجنب الألم - في الظهور في مرحلة مبكرة خلال المدرسة الابتدائية عند الأطفال الذين يخشون تلقي الأحكام.

يمكن أن تفيدك آليات الحماية الذاتية هذه، ولكن ليس دائماً؛ فبالنسبة لأولئك الذين يتطلب عملهم قدراً عالياً من الإبداع، فإنَّ آلية حماية الذات المعروفة باسم قفلة الكاتب تحمي إحساسنا بذاتنا على حساب إنجاز أهم عمل لدينا.

وكي ننمي إبداعنا، يجب علينا أولاً، وقبل كل شيء، أن نعزِّز جهودنا، والتي غالباً ما تكون مضنية، لتحسين مستوى مهاراتنا، ثم نقدِّم عملنا إلى العالم، ليُرفض بعد ذلك، أو ليُسخر منه.

ولا عجب إذاً أنَّه كلما كان المستوى الإبداعي اللازم للعمل أكبر، كان رد فعلنا لحماية ذواتنا أقوى، كما قد يكمن جزءٌ من مشكلة السعي وراء إنجاز مشروع إبداعي كبير في الأفكار العديدة، الإيجابية منها، والسلبية.

يُعدُّ الانتباه المركَّز مفتاح ولوجك إلى إبداعك، كما أنَّ الأفكار المختلفة المتعلقة بالإخفاق، أو النجاح، وعملية إدراك الإدراك المتعلقة بمقدار صعوبة المهمة؛ جميعها تُصعِّب إدامة مستوى الإبداع كثيراً.

ونظراً إلى المشكلة الحقيقية التي تسببها القفلة الإبداعية لشخص يتمحور كل عمله حول قوة إبداعه، فإنَّ محاولة "تجاوز" أو "تخطي" الأمر الذي نتشدَّق به على أنفسنا بدرجة البرود نفسها التي يتشدَّق بها الأخرون علينا، لا يُعدُّ نصيحةً فعالةً للتخلص من هذه القفلة؛ بل يحتاج أولئك الذين يعانون من هذه المشكلة إلى تطبيق مجموعة من الاستراتيجيات الواضحة لمعالجتها، والتي سنقدِّم لك في مقالنا هذا خمسةً منها:

1. إنشاء قائمة بالمهام:

تساعدك قائمة المهام المعدَّة بإتقان على تقسيم مشروعك الكبير والعسير الذي يجب عليك إنجازه، إلى مهام محددة تمنحك مجموعةً متنوعةً من الأعمال التي يمكنك الاختيار منها كل يوم؛ بناءً على مشاعرك في ذلك الوقت، والتي تتراوح بين مهام بسيطة، وأخرى تتطلب تفكيراً إبداعياً.

كما أنَّ تقسيم مشروعك إلى خطوات قابلة للتنفيذ سيذكِّرك بأنَّ المشروع لا يعبِّر عن شخصيتك؛ بل هو مجرد عمل يجب عليك إنجازه؛ فقد يُهدِّئ تذكيرٌ بسيط بهذه الحقيقة من روعك ويمنحك الراحة كي تمضي قدماً في عملك.

إقرأ أيضاً: 12 طريقة لتنظيم جدول أعمالك وإدارةِ وقتك

2. تغيير المكان الذي تعمل به:

قد نربط في بعض الأحيان مكاناً معيناً نجلس فيه كي نعمل بمشاعر سلبية تمنعنا من توليد أفكار إبداعية؛ لذا، يمكن أن يعزِّز الانتقال إلى غرفة جديدة أو الجلوس في مقهى جديد نشاطك لتنجز عملك بكفاءة أكبر.

3. التعامل مع المشروع الذي تحاول إنجازه بطريقة مرحة:

تتعلق هذه الاستراتيجية بطريقة تفكيرك، وبطبيعة المشروع الذي تحاول إنجازه؛ فماذا لو وجدت طريقةً لتضفي المتعة والمرح للمهمة العسيرة المسنَدة إليك؛ بدلاً من التعامل معها بطريقة جدية بحتة؛ قد يختلف هذا الأمر وفقاً لطبيعة عملك؛ ولكنَّ دراسةً لطيفةً حول تعزيز إبداع الأطفال من خلال تحسين مزاجهم تقدِّمُ اقتراحاً بأنَّ مجرد تشغيل موسيقى مبهجة، والمشاركة في الضحك التحفيزي كفيل بأن يعزز قدراتك الإبداعية.

لذا، خصص جزءاً من وقتك لتضحك وتمرح، حتى لو أجبرت نفسك على ذلك، قبل أن تبدأ بالعمل، وجرِّب استخدام أقلام ملونة لصياغة مشروع اقتراحك، أو اخرج في نزهة، وأنجز عملك في الهواء الطلق، كي تتحرر من المشاعر السلبية التي تثقل كاهلك.

4. إنجاز المهام الصغيرة:

بالنظر إلى مجال عملك، ما هي أصغر مهمة يمكنك إنجازها؟ هل هي إجراء التدقيق الإملائي؟ أم طباعة ملف لتقرأه؟

حينما تشعر بالعجز، ستحافظ هذه الأعمال الصغيرة على اهتمامك بالمشروع، وستحقق تقدُّماً في إنجازها، بعيداً عن مشاعر الخوف والرهبة المرتبطة بحجم المشروع الإبداعي.

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات فعالة لتحفيز ذاتك عندما تفتقد إلى الحماس

5. تخصيص أوقات زمنية قصيرة لإنجاز المهام العسيرة:

ماذا لو خفَّضتَ مقدار الوقت الذي تخصصه لمحاولة إنجاز المهمة؟ إذ قد تبدو المشاريع الإبداعية الكبيرة والعسيرة أنَّها تتطلب ساعات عمل طويلة ومرهِقة، ولكن ماذا لو أقنعتَ نفسك بأنَّك تستطيع محاولة إنجاز المشروع لمدة خمس دقائق فقط كل يوم، وأدرجتَ هذا الوقت في جدول مواعيدك، واستخدمتَ مؤقِّتاً لتحرص على الالتزام بهذا الحد فقط؟

من المحتمل أنَّك ستعتاد على محاولة إنجاز المشروع بانتظام، وقد ترغب حتى في العمل لفترة أطول في المستقبل من خلال تخصيص أوقات محدودة لمدة أسبوع على الأقل.

الخلاصة:

إنَّ القاسم المشترك بين جميع هذه الاستراتيجيات هو أنَّها تهدف إلى تخفيف الجوانب المخيفة للمشروع الإبداعي، والتي تهدِّد تفرُّدك واختلافك، من خلال تقسيم المشروع إلى أجزاء يمكن التعامل معها، كي تتمكن من إنجاز مهامك الضرورية للغاية، دون أن تعيش تحت وطأة الضغوطات خلال كل جلسة عمل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة