5 أشياء تعلمتها من الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

عندما كنتُ في التاسعة عشرة من عمري نصحوني بالتطوع للتغلب على الاكتئاب السريري التي كنت أعانيه، وبعد مرور شهر من انضمامي إلى منظمة لمساعدة الأطفال الذين يعانون ضعف البصر التي تطوعتُ فيها مدة عام، جاءتني طفلة تبلغ من العمر أربع سنوات بعد جلستي معهم، وعانقتني هامسة: "أنا أحبكِ"؛ ذلك لأنَّها أحبت أغنية علمتهم إياها في ذلك اليوم؛ فلم يسبق أن قال لي أحدهم هاتين الكلمتين السحريتين خلال سنواتي التي عشتها؛ فقد غيَّر ذلك من شخصيتي كثيراً، وفتح قلبي وشُفيَت جراحي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن المؤلفة "سينثيا رانجيتا" (Cynthia Ranjeeta)، وتُحدِّثنا فيه عن 5 أشياء تعلَّمَتها من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة.

لقد عاملتُ أطفالاً من ذوي الاحتياجات الخاصة بطرائق كثيرة على مر السنين، وكل لحظة قضيتها معهم علَّمتني درساً عميقاً عن الحياة، وعندما بدأتُ التفاعل مع هؤلاء الأطفال لأول مرة كنتُ أعود إلى المنزل في مرهقة ومحبطة جداً (وذلك بسبب الصعوبة التي كنتُ أواجهها في إدارتهم)، لدرجة أنَّني كنتُ أقرر في كل مرة عدم العودة أبداً، ولكن ما إن يحين موعد لقائي المقبل معهم حتى تدفعني فكرة قضاء بعض الوقت بعيداً عن حياتي المجنونة إلى العودة إليهم.

عندما أتذكر تلك الأيام أشعر بالسعادة؛ لأنَّني واصلت العودة إليهم؛ فمن دون هؤلاء الأطفال المميزين لم أكن لأتعلم أبداً بعض الحقائق الجوهرية عن الحياة التي يبدو أنَّنا الكبار ننساها.

إليك فيما يأتي 5 أشياء تعلمتها من الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة:

1. لا يتطلب الأمر كثيراً لتكون سعيداً:

يتوقع الكبار أموراً كثيرة من الحياة؛ فأحياناً قد نتنعَّم بجميع وسائل الراحة، ولكن لا يسعنا الشعور بالسعادة بسبب التطلعات والتوقعات التي نثقل كاهلنا بها، أمَّا الأطفال فتسعدهم أبسط الأشياء؛ كأغنية جديدة أو قصة مختلفة أو الجري في الحديقة أو كيس من الحلوى، وعندما أهديتُ لعبةً لطفل يبلغ من العمر خمس سنوات امتلأ قلبه بسعادة غامرة، فمتى كانت آخر مرة شعرتَ فيها بسعادة كهذه من شيء صغير؟

شاهد بالفيديو: 8 نصائح بسيطة لحياة أكثر سعادة

2. الحب حق الجميع:

لا حدود للحب الذي يمنحه الأطفال؛ فهم يساعدون غيرهم عند الحاجة، ويشاركون حلواهم مع مَن هو حزين، كما أنَّهم يعاملون الجميع بمساواة، ويشجعون الآخرين ويغمرونهم بلطفهم، وطوال فترة عملي في التطوع رأيت أطفالاً يتواصلون مع أقرانهم بصرف النظر عن وضعهم الاجتماعي أو خلفيتهم أو عرقهم أو لونهم، كم من راشد نراه لا ينتقد أحداً هكذا؟

3. العيش في الحاضر:

لا يشغل الأطفال بالهم بالتفكير في الغد؛ بل هم سعداء بعيش يومهم إلى أقصاه، ولأنَّ توافه الأمور تقلقني فقد تعلمت من هؤلاء الصغار أنَّ كل ما نحتاج إلى التركيز عليه هو اللحظة التي نعيشها فحسب؛ فسوف نعرف معاملة الغد عندما يأتي، ومتى أوصلنا القلق أصلاً إلى أي نتيجة؟

4. التعبير عن المشاعر بحُرية:

يقيد البالغون أنفسهم بقيود كثيرة؛ فيحللون هذا ويحرِّمون ذاك، في حين لا يعرف الأطفال بالقيود الموجودة في عالم البالغين هذا، ولا يترددون في التعبير عن مشاعرهم بكل حرية؛ فتراهم يضحكون ويصفقون إذا ما شعروا بالسعادة، ويبكون إذا ما شعروا بالحزن أو الخوف، وتظهر على وجوههم تعابير الغضب أو الانزعاج إذا ما شعروا بذلك، في الوقت الذي نقضي فيه نحن كثيراً من الوقت في التفكير في كل فعل ورد فعل نظهره، فماذا لو تصرفنا بعفوية ووضوح كالأطفال وعبَّرنا عما نشعر به؟ وماذا لو تمكنا من الضحك أو البكاء علانية دون الاهتمام بمن قد ينتقدنا؟

إقرأ أيضاً: كيف تعبر عن مشاعرك بطريقة صحية؟

5. الاستمتاع بوقتك:

إحداث الفوضى متعة، والرقص تحت المطر متعة، واللعب بالوحل ممتع أيضاً؛ فصحيح أنَّه سيتعين عليك التنظيف بعدها، ولكن تخيل الأوقات الرائعة التي ستقضيها والذكريات التي ستصنعها خلال ذلك، الأطفال هم خير مثال لكيفية التخفيف من وطأة كل موقف دون القلق بشأن العواقب، الحياة مليئة بالتوتر على أي حال فلمَ لا تدع كل شيء وراءك لبعض الوقت وتستمتع بوقتك؟

إقرأ أيضاً: كيف تستمتع بوقتك دون أن تشعر بالذنب؟

في الختام:

المستقبل بالنسبة إلى الأطفال هو فرص غير محدودة؛ فيحلم بعضهم بأن يصبحوا أطباء أو معلمين أو حتى خبازين، أمَّا الآخرون قد يحلمون بأن يكونوا مثل آبائهم أو أمهاتهم عندما يكبرون، كما رأيتُ أطفالاً مصابين بمرض عضال يخططون لمستقبلهم، وقابلت أطفالاً على كراسٍ متحركة ويعانون شللاً دماغياً يحلمون بأن يصبحوا مغنين مشهورين أو كُتَّاباً رائعين، إنَّ حماستهم للمستقبل أمر يصعب العثور عليه بين الكبار؛ فنحن نخاف من المستقبل للغاية، أمَّا المستقبل بالنسبة إليهم هو عالم مليء بالحب والمساواة والشوكولاته والحلويات؛ فنحن بحاجة أحياناً إلى أن نتعلم من جديد كيف ننظر إلى الحياة ببساطة.

الحب الذي تلقيته من هؤلاء الأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة جعلني أؤمن بالحياة مرة أخرى، وأتذكر السؤال الذي سألني إياه أحد هؤلاء الأطفال عما إذا كانت النهايات السعيدة موجودة، فأجبته بأنَّها موجودة بالفعل؛ لأنَّني أؤمن بذلك.




مقالات مرتبطة