5 أسباب كي تعيش اللحظة الحالية وتتوقف عن المبالغة في التخطيط

كثيراً ما نسمع عبارة: "عِش لحظتك الحالية، واستمتع بها"، وقد يبدو هذا بسيطاً للغاية؛ إلَّا أنَّنا نمر جميعاً بأوقات صعبة نفقد فيها لذة العيش والاستمتاع بالحياة؛ ذلك لأنَّنا نميل غالباً إلى قضاء الكثير من الوقت في استعادة ذكريات الماضي أو التخطيط كثيراً للمستقبل، ونفقد بذلك لذة الشعور باللحظات الرائعة التي نعيشها.



فمثلاً: كثيراً ما نفشل في استغلال فرصة الذهاب في نزهة والتوقف لرؤية الورود والاستمتاع برائحتها؛ فنحن لا نقضي الوقت الكافي في الاستمتاع بكل ما يحدث من حولنا، ويعدُّ ذلك أمراً محزناً لأنَّنا لا نملك أدنى فكرة عن عدد اللحظات التي سنكون محظوظين بتجربتها ونحن منشغلون بالتفكير في أشياء أخرى لم تحدث بعد، وربَّما لا تحدث أبداً.

لا يعني هذا قضاء وقت أقل في التخطيط، فتلك نصيحة غير موفقة؛ ذلك لأنَّ تحديد الأهداف يعدُّ أمراً هاماً بالنسبة إلينا إذا كنَّا نرغب في تحقيق الرضا عن حياتنا الشخصية والمهنية في المستقبل.

يُعدُّ تحديد أهداف قابلة للإنجاز واتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيقها طريقة فعالة لتنمية المسؤولية الشخصية، ويضيف تنفيذ هذا النوع من الأهداف والخطوات مغزى إلى حياتنا؛ ذلك لكوننا نتمتع بالتفاني وأخلاقيات العمل القوية والراسخة، وغالباً ما نثابر على تحقيق هذه الأهداف.

لقد أصبح مجتمعنا اليوم شغوفاً بفكرة التخطيط، فكثيراً ما نسمع أنَّ هناك نية من أجل السعي إلى البناء والتطور لتحقيق السعادة في المستقبل؛ ولكن ماذا عن البناء والسعادة في الوقت الحالي؟

نرغب كلنا في الشعور بلذة السعادة الحقيقية؛ ولإظهار ذلك، علينا أن نعيش في الوقت الحاضر؛ فغالباً ما يؤدي التركيز المفرط على المستقبل إلى الشعور بالتوتر والتفكير السلبي، وربَّما يؤدي إلى الفشل في بعض الأحيان.

لماذا علينا التركيز إذاً على عيش اللحظة الحالية بدلاً من التخطيط كثيراً للمستقبل؟

1. اللحظة الحالية هي اللحظة الوحيدة التي يمكنك التحكم بها:

بغضِّ النظر عن طريقتك في التخطيط لمستقبلك، فأنت لا تعرف أبداً كيف ستسير حياتك بالفعل، ولن تدرك ما هي الأمور التي ستحدث معك إلَّا في اللحظة ذاتها؛ فاللحظة التي تعيشها الآن هي اللحظة الوحيدة التي يمكنك التحكم بها، ويمكنك اختيار الاستمتاع بها، أو تجاهلها وعدم الاستفادة منها وإهدارها؛ وفي كلتا الحالتين، فإنَّ اللحظة الحالية هي ملكك، ويمكنك التحكم بها كما تشاء.

لن يبعدك التخطيط للمستقبل عن الحاضر، بل ربَّما يساعدك على تحقيق أهدافك؛ لكنَّه لن يحسِّن نوعية حياتك أبداً، ولن يضمن لك النتائج المرجوة في المستقبل بالتأكيد؛ فلماذا لا تتقبل اللحظة الحالية وتستفيد منها وتتحكم بها؟

2. كل لحظة نعيشها هي عبارة عن هبة:

ليس هناك ما يضمن عدد اللحظات التي ستختبرها في حياتك، سواء كانت جيدة أم سيئة؛ ويُعدُّ هذا الأمر بالغ الأهمية لتتمكن من عيش لحظاتك بكل تفاصيلها، إذ لا أحد منَّا يعرف متى تُسلَب منه هذه اللحظات؛ وبما أنَّ لحظاتك القادمة غير مضمونة، فلماذا لا تستغل اللحظة التي تعيشها الآن وتستفيد منها قدر الإمكان؟

لا يمكننا التعايش مع هذه الفكرة إذا كنَّا نخطط باستمرار للمرحلة القادمة من حياتنا، حيث لا يمكنك الشعور بالحماسة لعيش الحياة بتفاصيلها كافة إلَّا إذا كنت تستفيد من الوقت الحاضر.

قد يبدو هذا الأمر سيئاً وغير واقعي، لكنَّه أمر منطقي تماماً؛ لذا لا تتعامل مع اللحظات التي تعيشها دون تفكير، أو كأنَّها أمر بديهي ومتاح دائماً؛ ومع ذلك، لا تنسَ التخطيط لمستقبلك عند الضرورة؛ فالحياة قصيرة، وعليك أن تستمتع بها قدر المستطاع.

شاهد بالفيديو: 5 فوائد مثبتة للشعور بالامتنان

3. يعدُّ عيش اللحظة الحالية أداة جيدة لتخفيف التوتر:

يسبب التفكير المبالغ فيه في المستقبل والماضي التوتر؛ ورغم أنَّه قد يكون مفيداً في بعض الأوقات، إلَّا أنَّ التوتر الناجم عن عدم عيش اللحظة الحالية والاستفادة منها يمكن أن يضر بالصحة العقلية والجسدية والعاطفية للفرد.

قد يؤدي التخطيط المفرط إلى شعورك بالتوتر، ويمنعك من عيش لحظاتك الحالية؛ لذا نشِّط حياتك باستخدام بعض الاستراتيجيات التي تمكنك من التركيز بصورة أكبر على كل لحظة تعيشها.

ربَّما لا تتمتع برفاهية التأمل لمدة خمس ساعات كل يوم وعدم وضع خطة عمل للمستقبل؛ ولكن مع ذلك، يساعدك إجراء بعض التغييرات الصغيرة في حياتك على تقليل التوتر.

لاحظ متى يبدأ عقلك التركيز على المستقبل بدلاً من عيش اللحظة الحالية، واسأل نفسك عمَّا إذا كانت عملية التفكير هذه ضرورية بالفعل؛ حيث سيساعدك الإدراك البسيط والتعرف على أفكارك على أن تكون أكثر حضوراً وتواجداً وتفاعلاً مع لحظاتك الحالية بكل أبعادها.

إقرأ أيضاً: كيف يحافظ الناجحون على هدوئهم؟

4. لا تسير الخطط على النحو الذي تريده أو تتوقعه:

إنَّه لأمر واقعي سواء أردت تصديقه أم لا؛ فكم مرة حاولت التخطيط لشيء ما ولكنَّه لم ينجح بالطريقة التي تريدها؟ وكيف كانت ردة فعلك؟ هل انزعجت وشعرت بالاستياء، أم تعاملت مع الموقف بقبول وتفهم؟

إنَّه لمن المحتمل جداً أن تفشل الخطط، وهذا ليس أمراً معيباً؛ فالإنسان معرض إلى الفشل باستمرار، ويعدُّ هذا الفشل جزءاً أساسياً في الحياة.

إنَّ محاولة تخطيط كل خطوة في حياتك ليست مَهمَّة مستحيلة فحسب، وإنَّما ليست مناسبة لك دائماً؛ فكلَّما خططت أكثر، زادت احتمالية غضبك أو انزعاجك عندما لا تتحقق هذه الخطط كما تريد، ممَّا يجعلك في حالة توتر شبه دائمة؛ ومع ذلك، لا يعني هذا ألَّا تخطط في المواقف التي تتوقع فشلها، ولكن دع الحياة تأخذ مجراها، وكن على طبيعتك.

انطلق وخطط إذا كان ذلك الأمر مفيداً لك، ولكن لا تنسَ الاستفادة من لحظاتك الحالية بكل تفاصيلها؛ فإذا لم تنجح خططك بالطريقة التي تتوقعها، فحاول تقبلها على الأقل.

إقرأ أيضاً: 6 فوائد يمنحها الفشل للإنسان!

5. العيش في الوقت الحاضر سيمنحك السعادة:

ليس من الجيد ربط سعادتك بشيءٍ ما، فلا يمكن لشيءٍ في الحياة أن يجعلك سعيداً سوى نفسك؛ ومع ذلك، قد يكون العيش في الوقت الحاضر إحدى الطرائق المؤكدة التي يمكنك اتباعها لإظهار السعادة الحقيقية في حياتك، وقد تمنعك كثرة التخطيط طويل الأمد من الاستمتاع بجمال اللحظة الحالية وبساطة الحياة.

لا تمنع نفسك من الشعور بالرضا، وتدرَّب على استثمار الوقت الحاضر، ولاحظ كيف تشعر، وخطط عندما تحتاج إلى ذلك؛ ولكن إياك وأن تغفل عمَّا يحدث حالياً، وابحث عن التوازن بين العيش في اللحظة الحالية والتخطيط للمستقبل، وستجد نفسك قادراً على التحكم باللحظة التي تملكها الآن.

تأكد أنَّ اللحظات التي تملكها الآن عبارة عن هبة عظيمة؛ لذا قلِّل من توترك من خلال إعادة النظر في اللحظة الحالية، وحاول إيجاد السعادة فيها، وتأكد أنَّ الخطط لا تسير دائماً كما نتوقع، واقبل الحاضر كما هو، وكن سعيداً وراضياً.

خطط للمستقبل عندما تشعر بضرورة ذلك؛ فعلى سبيل المثال: وفر المال للعائلة والمنزل، واستثمر في نفسك، وضع أهدافاً لنفسك وحققها؛ ولكن احرص على ألَّا تنسى أين أنت في الوقت الحاضر عندما تسعى إلى التخطيط.

 

المصدر




مقالات مرتبطة