5 أسباب تقف وراء جعل حياتك معقدة جداً

تقول رامانا بيمارجو (Ramana Pemmaraju): "إنَّ البساطةَ هي أكثرُ الأمورِ تعقيداً في الوقت الحاضر". نحن نعيشُ في عالمٍ يتميَّزُ بالاضطرابِ والتغييرِ المُستمر، فقد انقلبت حياتنا فجأةً رأساً على عقبٍ بسبب وباءٍ عالمي لا نستطيع السيطرةَ عليه، وجُرِّدنا من قدرتنا على الاختيار، وكان علينا -من أجل البقاءِ على قيد الحياة- أن نتقبَّلَ ونطيعَ القوانين التي وضعتها الحكومات من أجل القضاءِ على فيروسٍ يُمكنُ أن يدمِّرَ المجتمعاتِ التي نعرفها.



لقد وجدنا صعوبةً في التكيُّفِ مع الحياة دونِ تواصلٍ مع أولئك الذين يعيشون في محيطنا، وأدركنا فجأةً أنَّنا مُجبَرون على الإبقاءِ على حياتنا بسيطةً -قدرَ الإمكان- لنستطيعَ التعايشَ مع القوانين والقواعد المفروضة في ظلِّ انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19)؛ ونعلم أنَّ هذا لن يكون مهمَّةً سهلةً بالتأكيد، وسيكون علينا العمل كلَّ يومٍ من أجل التغلُّبِ على أكبر عقبةٍ على الإطلاق، وهي: عقلياتنا.

كُلَّما كانت حياتنا أكثرَ تعقيداً، أصبحَت محمومةً أكثر، وازدادت قلقاً وخوفاً؛ لذا إذا كنت تشعر أنَّ حياتك مُعقدة، فإليكَ 5 أسباب تقفُ وراءَ ذلك:

1. التركيز على تعقيدات الحياة:

إذا سألتَ كونفوشيوس (Confucius) عمَّا إذا كانت الحياة مُعقدةً بطبيعتها، فإنَّ ردَّه سيكون: "الحياة بسيطة حقاً، لكنَّنا نُصِرُّ على تعقيدها".

يعدُّ التسوُّق الأسبوعي النشاط الأصعب، والمصدر الأكبر للقلق خلال المستوى الرابع من الإغلاق العام بسببِ فيروس كورونا؛ فقد كان التأقلُمُ مع طريقة التسوق الجديدة مُرهقاً، حيث كان يتطلَّبُ ذلكَ الوقوف في طوابير طويلةٍ للدخول إلى متاجرِ البقالة، مع الإبقاء على مسافة 2 متر بعيداً عن الآخرين خارج وداخل المتجر.

لقد سُمِح بذهاب شخصٍ واحدٍ من كلِّ أسرةٍ إلى محلِّ البقالة في أغلبِ البلدان، وقد تكون هذه المهمَّة قد أُسنِدت إليك، وربَّما قد شكَّلت تلك الرحلة الأسبوعية مصدرَ قلقٍ لك، وكان عليك العمل بجدٍّ للسيطرة على ذلك؛ لكن سرعان ما أدركت أنَّك إذا بقيت تعتقد أنَّ عملية التسوق هذه مُعقدةٌ وتُشكِّل تحدياً كبيراً لك، فإنَّها ستكون كذلك.

إنَّه لمن السهل رؤية أمرٍ مُعقَّدٍ كهذا، خاصةً عندما يجبرنا على تغيير حياتنا جذرياً؛ ولكن من المُفيد غالباً العمل أولاً على رؤية هذا التغيير بإيجابيةٍ أو ببساطةٍ أكثر.

ما الذي يمكنك تعلُّمه من هذا التغيير؟ وهل يمكنك دمجه في روتينك دون إحداثِ الكثير من الاضطراب؟ ابذل قصارى جهدكَ لجعلهِ بسيطاً قدرَ الإمكان.

انحياز التعقيد:

إنَّ هذا النوع من الانحياز سببُ مَيْلِنَا -نحن البشر- إلى تعقيدِ حياتنا بدلاً من تبسيط الأمور؛ فعندما نواجه كماً كبيراً من المعلومات، أو حينما نكون في حالةٍ من الارتباكِ حيال شيءٍ ما؛ سنركِّز بشكلٍ غريزيٍّ على تعقيد المسائل بدلاً من البحث عن حلٍّ بسيطٍ لها.

يُمكنُ شرحُ ذلكَ بأنَّنا "عندما نستسلم لانحيازِ التعقيد، فإنَّنا نركِّز بشدةٍ على نسبة 10٪ الصعبة، ونتجاهل النسبة السهلة المتبقية من المسألة".

عندما تتعامل مع موقفٍ مُعقّدٍ، حاول التركيزَ على الخروج بحلولٍ أو استراتيجياتٍ بسيطة، واطرح على نفسك هذا السؤال: إذا اتَّبعتُ نهجاً بسيطاً ومباشراً فماذا ستكون النتيجة؟ لتدرُكَ أنَّها ستكون الطريقة الأسلمَ للتوصل إلى الحلول وتطبيقها.

2. القلق المستمر:

نحنُ كبشرٍ كائناتٌ عاطفيةٌ بطبيعتنا، فعندما نكون مُرهَقين أو غاضبين أو مُحبَطين أو بائسين؛ يمكن أن يكون لأفكارنا وعواطفنا تأثيرٌ كبيرٌ في ردودِ أفعالنا وسلوكاتنا.

يمكنُ للقلق المتواصل بشأنِ مشاكلك وما ينتظرك في المستقبل أن يستنزفَ طاقتك، ويتسبَّب بالضيقِ الجسديِّ والعاطفيِّ في حياتك؛ وكلَّما زادَ قلقك، بدت حياتك أكثرَ تعقيداً.

لذا فإنَّ البحث عن الجانب الإيجابي أو الخيار الأفضل في وضعٍ سيئ لن يكون أمراً طبيعياً؛ فهو يتطلَّبُ العملَ والجهدَ المستمر لتجاوزِ العقباتِ والتحدياتِ التي تفرضها الحياةُ علينا.

لحسنِ الحظ، هناك العديد من الاستراتيجياتِ التي يمكن أن تساعدكَ على تهدئةِ اضطرابك العقلي وتخفيفِ قلقك، حيثُ يُمكنكَ أن تُجرِّبَ ما يأتي لمعرفة ما قد يناسبك:

  • تمرينات التنفس.
  • التأمل.
  • التمرينات الهوائية (الكارديو).
  • كتابة اليوميات.
  • اليوغا.
  • الاستماع إلى الموسيقى.
  • التحدث مع الأصدقاء.
إقرأ أيضاً: تمارين اليوغا والتنفس وفوائدها للصحة

3. محاولة السيطرة على كلّ شيء في الحياة:

نحنُ نعيشُ في عالٍم مُعقد، وقد يكون من الصعبِ جداً العثور على حلولٍ لجميعِ التحديات التي نواجهُها في حياتنا.

كُلُّنا خائفون من شيءٍ ما، سواءً أكان الخوف من الفشلِ أم الموتِ أم فقدانِ أحد الأحبة؛ لكنَّ السعي للسيطرة على حياتك ما هو إلا محاولةٌ لقمعِ مخاوفك حتَّى لا تضطرَّ إلى مُواجهتها؛ فإذا كنت تتخذُ قراراتٍ من أجل السيطرة على حياتك، فعليكَ التوقف عن ذلك؛ لأنَّه علامةٌ على أنَّك تعيشُ حياةً ملؤها الخوف.

أنتَ تحتاجُ إلى التحرّرِ من مخاوفك، وتعلُّم قبول أنَّ هناك أشياء خارجة عن إرادتك في هذه الحياة؛ وبمجرد قبولك أنَّ الحياة تعني "السير في الطريق" بدلاً من السيطرة عليه، ستجدُ أنَّ نظرتك للأمورِ ستكون أكثرَ إيجابيةً وأقلَّ تعقيداً.

وكما يقول الكاتب "تشارلز ر. سويندول" (Charles R. Swindoll): "الحياةُ هي 10٪ ما يحدث لك، و90٪ من كيفية تفاعلك مع ما يحدُث".

4. بناء سعادتك على سعادة الآخرين:

ستكون حياتكَ مُعقَّدةً وصعبةً دائماً إذا كنت تربطُ سعادتك بالآخرين الموجودين في حياتك؛ إذ لا تأتي سعادتك من الآخرين، بل تنبعُ من داخلكَ أنت.

إذا كنتَ تعتمدُ على سعادةِ شخصٍ آخر لتحيا الحياة، فسوف تطغى عليك تعقيدات الحياة معَ الوقتِ، وتفقد إحساسك بالذات، وتجد أنَّك تحاول إرضاءَ الآخرين وإبقائهم سعداء باستمرار؛ وهذا مُرهِقٌ ومُدمِّرٌ لعافيتك ورفاهيتك.

عليك أن تأخذ نفساً عميقاً، وأن تنظر إلى داخلك؛ ثمَّ تختار: هل تريد أن تعيش الحياة التي تُقدِّرُ بها نفسكَ وتؤمن بها بالطريقة التي تستحقها؟ أم تريد أن تعيش حياتك بناءً على سعادةِ الآخرين؟

على كُلٍّ منَّا تحديد خياراته؛ فهذه حياتهُ الخاصة، وليست حياةَ شخصٍ آخر.

5. الإسهام في تعزيز "الدراما" في الحياة:

إنَّك تجعلُ حياتك أكثر تعقيداً ممَّا يجب أن تكون عليه من خلال "التغذِّي" على مشاكل الآخرين، إذ إنَّ الدراما ووجود أشخاصٍ سامّينَ في حياتك طريقةٌ لعيشِ حياةٍ مُرهقةٍ ومُعقدةٍ عاطفياً.

هناكَ أنواعٌ من الناس الذين يعيشون حياتهم على طريقة الدراما والمأساة، فهم يختارون الاستجابة لتحديات الحياةِ بطريقةٍ غير مُنتجِة؛ لذا ابتعد عنهم، وإذا جاؤوك بمشاكلهم، فخُذ نفساً عميقاً، وامنح نفسك بعض الوقت لمعرفة أفضل السُّبل لإدارة الموقف دون الوقوع في فخِّ امتصاص طاقتهم السلبية.

لن تفعلَ هذا بين عشيةٍ وضحاها؛ ولكن كلَّما عملتَ أكثر على قبول الذات والإيمان بها، كنتَ أكثر شجاعةً وثقةً، وستتمكَّن بهذه الشجاعة من التقدُّم والقضاء على السلبيةِ في حياتك؛ وبمُجرَّدِ القيام بذلك، ستكونُ حياتُك أقلَّ تعقيداً وأسهلَ بكثيرٍ للتغلُّبِ على تحديات الحياة.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتحمي نفسك من الأشخاص السلبيين

أفكارٌ أخيرة:

"إذا قبلتَ الحياة بكلِّ تفاصيلها وغموضها، فلن تكون مُعقَّدة؛ إنَّها مُعقّدة فقط لأنَّكَ لا تقبلها" - مارتي روبين (Marty Rubin).

ستواجهُ دائماً أوقاتاً صعبةً في حياتك، وكلَّما زاد تعقيدك، كانت حياتك أكثر صعوبةً؛ وكلَّما ركَّزت على تهدئة الأصوات في عقلك والحفاظِ على هدوئك والاستماع إلى تنفسك، كانت حياتك أقلَّ تعقيداً. لذا يُمكنكَ اعتبارُ هذه المقالة بمثابةِ وصفةٍ بسيطةٍ للغاية لعيشِ حياةٍ خاليةٍ من التعقيد.

 

المصدر




مقالات مرتبطة