5 أسئلة تساعدك على اكتشاف هدفك في الحياة

أحد أكثر طلبات البريد الإلكتروني شيوعاً التي نتلقَّاها في المدوَّنة تكون من القرَّاء الرَّاغبين في معرفة كيف يمكنهم الكشف عن هدفهم أو قصتهم في الحياة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن "ثان فام" (Thanh Pham) مُؤسِّس مدوَّنة "إيجان إيفيشنسي" (Asian Efficiency)، يخبرنا فيه عن تجربته في اكتشاف الهدف في الحياة.

إذا كنت تقرأ مدوَّنة "إيجان إيفيشنسي" (Asian Efficiency) لفترة من الوقت، فستعرف أنَّنا نناقش فكرة الأهداف والنتائج وقياس الإجراءات كثيراً. وكلُّ هذا يعني في جوهره التركيز على وجود هدف في الحياة؛ إذ يوفِّر الهدف مرشحاً لأفعالك وسلوكاتك وأهدافك، ويخبرك عندما تفعل وعندما لا تفعل أشياء مثمرة تجاه تلك الأشياء.

قبل أن نتعمَّق في هذا النقاش، هناك بعض الأشياء التي يجب وضعها في الحسبان:

  • نحن لا نقدِّم أي ضمانات فيما يتعلق بتحقيق هدفك بعد اكتشافه. قد تكتشف أنَّ هدفك في الحياة ليس وسيلة لكسب لقمة عيشك. من الناحية المثالية بالطبع، سنكتشف أهدافاً يقدِّرها الآخرون أيضاً.
  • اللغة عامل مقيد عندما يتعلق الأمر بالأفكار الكبيرة مثل أغراض الحياة. لكن انطلق وأعطها فرصة على أي حال.
  • سننظر إلى الهدف من وجهات نظر مختلفة؛ هذا لأنَّ حياتنا معقدة بصفتنا بشراً حقيقيين، فنحن لسنا أبطالاً لديهم قضية واحدة كما في أفلام هوليوود.

ترجمة الصورة من الأعلى إلى الأسفل:

الهدف- الهوية- القيم والمعتقدات- القدرات والمهارات- السلوك- البيئة.

مستويات "ديلت" (Dilt) العصبية:

ما ورَدَ آنفاً هو أنموذج من البرمجة اللغوية العصبية (NLP)، ويسمَّى "مستويات ديلت العصبية" (Dilts' Neurological Level). كثيرٌ من البرامج اللغوية العصبية هي أفكار جيدة خيالية وهادفة، ولكن هناك عناصر منه تعمل بلا شك عندما يتعلق الأمر بتغيير أدائنا وحياتنا. والأنموذج المذكور آنفاً هو أحد هذه الأجزاء، وهو مناسب جداً لمناقشة الهدف هنا.

يتربَّع الهدف في أعلى القمة ويتحكم من خلالها بكل شيء في حياتك. والمستوى الأول هو هويتك، أو إحساسك بالوجود ومَن أنت أو مَن تكون. من الممكن أن تكون لديك هويات مختلفة، كأن تكون "أباً"، أو "أختاً"، أو "مصرفياً"، أو "عداءَ ماراثون".

ثم تكمن تحت هذا المستوى قيمك ومعتقداتك، وهي القواعد غير المعلنة التي تحكم قراراتك وأفعالك وسلوكاتك. إنَّها أدلة اللحظات السريعة لاتخاذ قرارات صعبة، ولما ستفعله وما لن تفعله في الحياة. ثم بعد ذلك تأتي القدرات، وهي طريقة أخرى للتعبير عن "القدرة" أو "المهارة". وهنا يكون المكان الذي تُعيَّن فيه حدودك.

المستويان السفليان هما السلوكات والبيئة. السلوكات هي الأشياء التي نقوم بها. أما البيئات فهي الأحداث والأشياء من حولنا.

ومن الأمور المثيرة للاهتمام في هذا الأنموذج أنَّه يخلق تمييزاً واضحاً بين العمل والهوية والهدف وجميع المستويات الأخرى. فعلى سبيل المثال، إنَّ القيام بشيء يعدُّه المجتمع "سيئاً" - سلوكاً - لا يجعلك بالضرورة شخصاً سيئاً - هويةً - إنَّهما مستويان منفصلان. وبالمثل، ما تفعله على أساس يومي - سلوكك - وما تدرَّبت على القيام به - قدراتك - والأدوار التي تؤديها - هوياتك - وهدفك قد تكون مختلفة قليلاً.

إقرأ أيضاً: 8 أخطاء شائعة في تحديد الأهداف

الأسئلة الخمسة عن اكتشاف الهدف:

بعد كل هذا، إليك 5 أسئلة هامة تحتاج إلى طرحها على نفسك للكشف عن هدفك:

  1. إذا كان في إمكانك فعل أي شيء في حياتك، دون قيود أو عواقب، فماذا سيكون؟
  2. ما هو الموضوع أو الفكرة المتكررة في حياتك حتى هذه اللحظة؟
  3. ما هي القيمة الفريدة التي تشعر أنَّك يمكنك المساهمة بها في العالم والإنسانية ككل؟
  4. اختبار قوة القصة: ما الذي يجعلك تعبُر جسراً خشبياً بين برجي بتروناس في كوالالمبور؟
  5. في نهاية حياتك، بعد تحقيق كل أهدافك، ماذا سيُكتب عنك في موسوعة ويكيبيديا؟

دعونا الآن نتعمق في هذه الأسئلة:

1. إذا كان في إمكانك فعل أي شيء في حياتك، دون قيود أو عواقب، فماذا سيكون؟

هذا هو السؤال الأساسي الذي يُطرح على الناس عادةً عندما يتعلق الأمر بتحديد الأهداف. لكنَّ الأمر أكثر من ذلك. هذا السؤال بالتحديد عملي جداً لتكتشف، في أعماقك ما الذي تريده من الحياة.

الشيء العظيم في ذلك هو أنَّه لا يشدد على أي قيود ولا عواقب، ومن ثمَّ لا يوجد حكم. كل واحد منَّا لديه ظلمة بداخله، وهذا السؤال هو الفرصة للسماح لهذا الجانب المظلم بالاندفاع والإشعاع، لإدراج رغباتنا الأعمق والأصعب؛ وذلك لأنَّه مع أنَّنا قد نقمعه أو نخفيه، إلا أنَّ هذا الجانب المظلم هو بالفعل جزء منَّا وجزء من سبب وجودنا هنا.

يلغي هذا السؤال أيضاً أي مثالية قد تكون لدينا عن سبب وجودنا هنا. يجب الاستمتاع بالحياة أيضاً، والإجابة عن هذا السؤال بالذات تتناول ذلك.

2. ما هو الموضوع أو الفكرة المتكررة في حياتك حتى هذه اللحظة؟

ما فعلناه في الماضي هو جزء منا، وعلى الأقل بعض المؤشرات على سبب وجودنا هنا اليوم. إنَّ السؤال عن الموضوع الرئيس لماضينا هو إحدى الطرائق لمعرفة ما ننجذب إليه انجذاباً طبيعياً والأنماط التي نميل إلى تكرارها في حياتنا.

سيكون السؤال التابع لهذا هو: هل ستغير هذا الموضوع أو الفكرة؟ لمجرد أنَّ شيئاً ما كان جزءاً منَّا لا يعني أنَّه يجب أن يستمر.

من الهام أن نفهم أنَّ معظم حياتنا السابقة كانت نتيجة لتأثيرات تعسفية من الآباء والمجتمع والمدرسة. لم نختر بوعي ما تعلمناه في ذلك الوقت، ولكن لدينا الخيار للتقدُّم؛ وهذا لا يعني أنَّ كل شيء تعلَّمناه تعسفياً كان سيئاً. كان هناك ولا شك قيمة في بعض ما تعلَّمناه في الماضي، ولكن الآن علينا اختيار ما يجب الاحتفاظ به وما يجب إعادة تعريفه.

3. ما هي القيمة الفريدة التي تشعر أنَّك يمكنك المساهمة فيها في العالم والإنسانية ككل؟

هذا هو "الجانب اللطيف" للهدف. الجزء الذي يخاطب المثالية فينا جميعاً. إنَّه جانب العطاء، الجانب المثالي، جانب الهدف "هناك شيء أعظم مني".

يمكنك البدء بشيء صغير سهل، أو كبير كما تريد. قد يكون مجرد المساهمة بشيء ما من أجل عائلتك الصغيرة كالأم والأب والأخوة، أو مجتمعك. يمكن أن تكون مساهمة في إيمانك أو أمتك أو الإنسانية ككل. يجب أن يعتمد هذا السؤال أو يضع في الحسبان مهاراتك وقدراتك وما الذي تجيده حقاً.

4. اختبار قوة القصة: ما الذي يجعلك تعبُر جسراً خشبياً بين برجي بتروناس في كوالالمبور؟

يأتي هذا السؤال من المراجعة الاستثنائية للمؤلف "جيم لويهر" (Jim Loehr) لكتاب "قوة القصة" (The Power of Story). ويذكر أنَّ أياً كان هذا الشيء الذي من شأنه أن يجعلك تعبُر جسراً مخيفاً، مثل هذا الجسر بين هذين البرجين فوق لوح خشبي واحد، يكون هو هدفك في الحياة، فالهدف هو الذي يعطيك الدافع والقوة لتعمل المستحيل.

نودُّ أن نفكر في هذا على أنَّه "سيناريو يهدد الحياة" يوفر الوضوح ويساعدك على تحديد ما ستضعه حقاً على المحك في مقابل الحياة نفسها. قد يكون هذا أي شيء، لا تقيد نفسك بنظرة أخلاقية هنا، ولا تقلق إذا كان يتعارض مع بعض الأشياء التي أجبت عليها في أسئلة سابقة.

في الحقيقة، لن يدفعك لعبور هذا الجسر الخشبي الخطر ما هو أقل من النجاة بحياتك. وهذا جيد تماماً.

إقرأ أيضاً: نظرية الدافع وأمثلة عنها

5. في نهاية حياتك، بعد تحقيق أهدافك، ماذا سيُكتب عنك في موسوعة ويكيبيديا؟

هذه هي نسختنا المحدَّثة من "اختبار التأبين" القياسي الذي يرغب خبراء المساعدة الذاتية في طرحه. هناك طريقة أخرى لطرح هذا السؤال وهي "ما الذي تريد تسجيله في سجل حياتك؟". هذا السؤال بالذات يُرضي غرورنا، الذي يُعَدُّ جزءاً هاماً من شخصيتنا.

الشيء الهام الذي يجب تذكُّره هنا هو أنَّ ويكيبيديا موضوعية ومعتدلة. سيُذكَر كل من الخير والشر في حياتك هنا؛ لذا فإنَّ الطريقة الوحيدة للتأكد من أنَّها تقول ما تريده هي أن تعيش حقاً هدفك المحدد في الحياة.

في الختام:

إذا كنت قد أجبت عن جميع الأسئلة الخمسة، فربما تكون قد اكتشفت بعض الأشياء عن نفسك، ولماذا أنت هنا حقاً. الخطوة التالية هي أخذ إجاباتك الخمس وتلخيصها. تسهيل الجوهر الأساسي لكل ذلك في جملة أو اثنتين تصفان هدفك. يمكنك ويجب أن تجعله يبدو جيداً أو سيئاً كما تريد، إنَّه يخصُّك أنت فقط.

بعد حصولك على هذا، يمكنك استعماله بوصفه عدسة لكل ما تفعله. لترى فيما إذا كان كل إجراء معين قمت به يأخذك نحو هدفك أو بعيداً عنه. وإذا كان ما تفعله الآن مفيداً لتحقيق هدفك. تذكَّر أنَّ الخروج عن المسار في الحياة ضروري في بعض الأحيان، لكن لا تذهب بعيداً عنه.

المصدر




مقالات مرتبطة