1- بناء الروابط لا إثارة الفتن:
يرسخ القادة المخبولون قوتهم خِفْيَةً وبشكلٍ تدريجي، إذ يكون الشعور بانعدام الأمن هو من يحرك هذا النوع من القادة ولهذا السبب يسعون إلى السيطرة والتحكم. ومن أجل الوصول إلى مآربهم يقضي هؤلاء القادة أسابيع وشهوراً في تدريب أعضاء الفريق واستغلالهم في تنفيذها، فيفقد أعضاء الفريق تدريجياً قدرتهم على تمييز أدوارهم بشكلٍ واضح ويضطرون إلى النزول عند رغبات القائد المخبول وطلباته المنفصلة عن الواقع.
ولأن القادة المخبولين يتدخلون في عمليات التفاعل التي تجري بينهم وبين زملائهم وأعضاء فرقهم فإن بنية الشركة تصبح ملأى بالضغط والارتباك، ويشعر أعضاء الفريق بالانعزال، والافتقار إلى الفعالية والحافز إلى تأدية المهام.
أما القادة المتعقلون فيهتمون بالآخرين، ويشاركون فريقهم في جميع جوانب العمل التي يقومون بها، ويدعمونه بشتى الطرائق، ويمنحون أعضاءه الحرية التي يحتاجون إليها ليكونوا ناجحين، ويترفَّعون عن التدخل في كل صغيرة وكبيرة، ويركزون اهتمامهم على توحيد فريقهم من خلال منح كل واحد من أعضائه دوراً محدداً وهدفاً واضحاً، ويؤمنون بقوة الترابط ومنح أعضاء الفريق شعوراً بالانتماء، والتقارب، والالتفاف حول أهدافٍ وغاياتٍ مشتركة. ولأنَّ هؤلاء القادة يتفاعلون بشكلٍ فعال مع قادتهم ومع أعضاء الفريق الآخرين فإن أعضاء الفريق يظلون يشعرون بالشغف، والرغبة، والحافز.
اقرأ أيضاً: ما هي القيادة؟ ما هي أركانها؟
2- الإنصات لا التحدّث:
يتحدّث القادة المخبولون بكلامٍ معسولٍ يفتقر إلى المعنى، ويستمتعون بالاستماع إلى أنفسهم، ولكنَّهم لا يمتلكون أدنى فكرة عن مدى تأثير ما يقولونه سلباً في الآخرين. فيبالغون في الحديث بصفتهم خبراء استراتيجيين ليرسخوا سلطتهم على أولئك الذين يستمعون إليهم، ويكثرون من المقاطعة، ويرفضون الاستماع إلى الآراء أو الأفكار التي تخالف آراءهم وأفكارهم. إذ يستخدم هذا النوع من القادة ما يُعرَف بنهج "صنبور الإطفاء" فيمطرون المستمعين بوابلٍ من الكلمات، والسياسات، والآراء من دون أن يفسحوا أي مجال للحوار المتبادل.
في المقابل يفهم القادة المتعقلون مبدأ "المختصر المفيد" بشكلٍ واضح، ويهتمون بما يقوله الآخرون، ويهتمون بأن يفهم المستمع الرسالة التي يحاولون إيصالها إليه. ويتيح هذا النوع من القادة المجال أمام فترات الصمت والتوقف عن الكلام مما يتيح للمستمعين وقتاً لتحليل الأفكار ومعالجتها. ويتأكدون من أنَّهم يتواصلون بصرياً بشكلٍ مناسب، ومن التحدث برويةٍ ووضوح، ومن تخصيص وقتٍ لتلقي الأسئلة والإجابة عنها.
3- القوّة لا الإكراه:
يستخدم القادة المخبولون الإكراه والاضطهاد بوصفهما أداتَيْن إداريَّتَيْن، فهم ينظرون إلى القيادة بوصفها أمراً يدفعهم إلى التعالي مما يؤدي إلى وقوعهم تدريجياً في براثن الفساد على الرغم من نواياهم الطيبة. ويسلبون من أعضاء الفريق النتائج الجيدة التي حققوها وينسبون جميع النجاحات إليهم. ويكرسون جميع الحجج التي لديهم لتجريد أعضاء الفريق من استقلاليتهم واستخدام ذلك طريقةً لفرض المزيد من السيطرة. ولا يدعمون أو يشجعون إلَّا أولئك الذين يعملون كبيادقَ لتحقيق أهدافهم وغاياتهم ويحاولون التعامل بطريقةٍ متعالية مع جميع من يعارضهم أو يشكك في قيادتهم. ويدقق القادة المخبولون في جميع المقترحات والأهداف الجديدة ليروا إلى أي مدى، أو إذا ما كانت، ستساهم في تعزيز سلطتهم على الآخرين. فإذا كان ثمَّة شيء يمكن أن يزعزع قوتهم وهو مما راجعوه تَمّ رفضه بشكلٍ كامل من دون النظر فيه مرةً أخرى.
من جهةٍ أخرى يؤمن القادة المتعقلون بأهمية امتلاك القوة التي لها القدرة على منح الحياة ونشر الطمأنينة، إذ يُعَدُّ كل عضوٍ من أعضاء الفريق جزءاً ضرورياً ولا مثيل له من الـ "بازل"، ومن دون كل فرد منهم سيفتقر الفريق إلى شيءٍ في غاية الأهمية. حيث ينظر القادة المتعقلون إلى القوة بوصفها أمراً ناتجاً عن التعاون لا يمكن لأي أحدٍ احتكاره أو التحكم به، خاصةً هم. ويعزز القادة المتعقلون النجاح الفردي والجماعي لكل عضوٍ من أعضاء الفريق فيعلون قيمة التعاون بعد موازنةً بينه وبين التنافس حيث يكون تحقيق النجاح بأكفأ طريقة ممكنة ناتجاً عن الجهود التي يبذلها الفريق.
4- التفاعل لا الانفعال:
يشتهر القادة المخبولون بكونهم عنيفين على الصعيد العاطفي وبأنَّه لا يمكن التنبؤ بتصرفاتهم، فحينما يقع أمرٌ لم يتنبؤوا به أو يتوقعوه ينفجر القادة المخبولون غضباً ويلقون اللوم بسرعة على جميع أعضاء الفريق من دون أي تفكير في المسؤولية الشخصية. ويمارسون القيادة من خلال الترهيب مما يخلق مستوياتٍ عالية من القلق والتوتر. فلكي يتهربوا من المسؤولية يبدأ بعض أعضاء الفريق بتوجيه أصابع الاتهام إلى بعضهم الآخر.
في المقابل يفتخر القادة المتعقلون بكونهم متفاعلين، فقد طوَّروا القدرات الضرورية للسعي وراء ما يرغبون فيه والتجاوب بشكلٍ فعال مع الأحداث المفاجئة. فهؤلاء القادة يفهمون الأهداف بوضوح ويثقون بأنَّهم قادرون هم وفرقهم على التغلب على كل المصاعب التي تعترض سبيلهم، فيتجاوزن التحديات مع فرقهم من خلال مساعدتها على رؤية النتائج الإيجابية التي ستحققها على الرغم من الظروف القاهرة التي تحيط بها.
اقرأ أيضاً: الاستفادة من الذكاء العاطفي في القيادة
5- الإيثار لا الأنانية:
لا يعير القادة الأنانيون الناسَ من حولهم أيَّ انتباهٍ، ويفضلون أن تكون العلاقات أحادية الجانب، ويتجاهلون أيَّة أفكار نابعة من بذل الجهود المشتركة. إذ إنَّ الناس بالنسبة إليهم مجرد أدواتٍ لتنفيذ أغراضهم الخاصة. ويعاني هؤلاء القادة من انعدام الحدود وينظرون إلى أنفسهم كأشخاصٍ لا مثيل لهم ولا تنطبق عليهم القوانين التي يجب على الناس البسطاء والعاديين اتباعها. حيث إنَّ هذا الانعدام الكامل للبصيرة وعدم القدرة على إدارة الذات لا يتيح لهم ممارسة القيادة إلا من خلال الوصول إلى مستويات بشعة من التسلط.
إنَّ ذكاء القائد وبصيرته ليسا العنصرَيْن الوحيدَيْن اللذَيْن يُكْسِبانه الاحترام، بل وقدرته على إخراج أفضل ما لدى الأشخاص المحيطين به تفعل الفعل نفسه أيضاً. فالقائد العظيم لا يكون عادةً الشخص الأذكى في الغرفة، ولا يرغب في أن يكون كذلك، فيحيط نفسه بأعضاءٍ يملكون خبرةً أكبر وأفكاراً أكثر في مجال تخصصهم موازنةً بين ما يمتلكونه وبين ما يمتلكه هو. فيغدو جميع هؤلاء الخبراء، حينما يقودهم الشخص المناسب، قوةً لا سبيل إلى إيقافها حينما يتعلق الأمر بتنفيذ الاستراتيجيات، وبناء الثقافة، وإجراء تغييرات، وتحسين الأداء المالي للشركة.
أضف تعليقاً