وعلى الرغم من الجدل المتزايد حول كون استخدام معدات الاتصالات التي تنتجها هواوي يشكل خطراً على الخصوصية أم لا، والحظر الذي فُرِضَ على تعاملاتها التجارية في بعض البلدان، واعتقال أحد مديريها التنفيذيين مؤخراً في كندا، استمرت الشركة في تحقيق نموٍّ ثابت على مستوى العالم.
(نَمَتْ هواوي نموَّاً سريعاً خلال عقدٍ من الزمن العائدات مُقدَّرةً بمليار دولار)
جاء هذا النمو على خلفية النهضة التي شهدتها الصين والتي جعلتها تمضي قُدُماً في الطريق نحو تبوئ مركز ثاني قوة اقتصادية في العالم ممَّا منح الشركة مُرتكزاً بَنَت عليه سوقها في البداية وجعلت منه نقطة انطلاقٍ نحو التوسّع العالمي.
وبالنسبة إلى المستهلكين فقد كان جليَّاً اكتساح هواوي سوق السلع الإلكترونية لا سيما الهواتف الذكية، إذ تمكَّنت في وقتٍ سابقٍ من هذا العام من تخطي "آبل" من حيث عدد الهواتف التي كانت تشحنها إلى وجهات مختلفة حول العالم. وعلى الرغم من أنَّ عمليات الشحن لا تعني دائماً وصول الهواتف إلى أيدي المستهلكين إلَّا أنَّ هذه القفزة في الإنتاج والتوزيع تعكس ارتفاع شعبية هواوي التي حصدتها من خلال كلٍّ من موديلاتها الحديثة والمنتجات ذات الأسعار المنخفضة للعلامة التجارية التابعة لها التي تُدعى "أونور" (Honor).
(هواوي الآن ترسل شحنات بضائع أكثر من تلك التي ترسلها آبل)
حيث يأتي هذا التوسّع في حجم مبيعات الهواتف الذكية على الرغم من العداء السياسي الذي تتعرّض له العلامة التجارية في بعض أجزاء العالم لا سيما الولايات المتحدة حيث لا يوجد مزوِّدين يدعمون هواوي، وفي حين يستطيع المستهلكون هناك شراء هاتف هواوي إلَّا أنَّها لا تحظى بالتسويق على نطاقٍ واسع.
لكنَّ الشركة تعمل كذلك في مجال معدات شبكات الاتصال التي تشكل الجزء الأكبر من تجارة هواوي الذي يناله القسط الأوفر من تأثير معارضة واشنطن للشركة.
لقد حظرت الولايات المتحدة استخدام المعدات التي تنتجها هواوي في مجال شبكات الاتصال محذرةً من مخاطر أمنية قد تنجم عن ذلك ودعت الحكومات الأخرى إلى أن تحذو حذوها. وعلى الرغم من ذلك حقق سوق منتجات هواوي نمواً خلال السنوات الثلاث الماضية في جميع أجزاء العالم وحتى في الأمريكيتين.
(ازدادت مبيعات هواوي في جميع القارات)
"EMAE" تعني أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا.
وقد حذت كلٌّ من نيوزيلندا، وأستراليا، واليابان حذو واشنطن في قرارها حظر استخدام معدات هواوي في البنية التحتية لمجال الاتصالات لأسباب أمنية.
ومع ضغط الولايات المتحدة على الحكومات الأخرى لتحذو حذوها يُثار السؤال حول إذا ما كان ذلك سيحد من التوسع العالمي للشركة في بعض المناطق في المستقبل القريب.
ولكن لا تزال هواوي تثبت وجودها في واحدٍ من أكبر أجزاء عملها المتمثل في بيع معدات البنية التحتية لشبكات اتصال الهواتف كتلك اللازمة لدعم إطلاق شبكات الجيل الخامس.
(ازدياد حصص الشركات الصينية في السوق)
ولكنَّ استمرار هواوي في النمو لن يعتمد على المواقف السياسية في العواصم الغربية فقط، بل سيعتمد على مدى جودة تعامل عملاق التقنية الصيني مع المنافسين. فقد كانت الشركة تُتَّهم في الماضي – حالها حال العديد من الشركات الصينية – بتقليد التقنيات التي طُوِّرَت في الغرب ومن ثمَّ بيع منتجاتها بأسعار أقل من الأسعار التي يبيع بها المنافسون منتجاتهم. ولكنَّ هواوي تتفوق حالياً على العديد من الشركات العالمية الأخرى في الإنفاق على البحث والتطوير سعياً منها إلى تحقيق الأفضلية عليها في المستقبل.
(استثمار هواوي في مجالَي البحث والتطوير)
(حجم ما أُنفِقَ على البحث والتطوير مُقدَّراً بمليار دولار أمريكي)
حالياً قد لا تكون التوقّعات مشرقة بالنسبة إلى هواوي مثلما كانت عليه في الماضي وذلك نظراً للضغوطات السياسية التي تتعرّض لها من الدول الغربية، ولكنَّ الشركة نجحت في تخطّي الأزمة المالية بفضل امتلاكها سوقاً محلياً قوياً في الصين حسبما تشير محللة السوق "ستيفاني تيرال" (Stephane Teral)، والأمر نفسه قد يحصل مرةً أخرى إذا فقدت الشركة مزيداً من العقود في الدول الغربية حيث تقول "ستيفاني": "لقد نجحت هواوي في تجاوز ذلك من دون أيَّة مشكلات لأنَّها كانت قادرةً على إضفاء التنوع على أعمالها مع ما تضمَّنه ذلك من إعادة هيكلة نفسها وتوجيه عملها نحو مجال الاتصال حينما بدأت الصين نهضتها وهو الأمر الذي ساعد هواوي بالفعل".
أضف تعليقاً