4 نماذج عمل سيعتمدها العالم بعد جائحة كورونا (COVID-19)

الآن بعد أن أخذت الجائحة بالانحسار، يتساءل كثيرون عما سيؤول إليه العالم؛ أما في عالم الأعمال يبقى السؤال مَن الشركات التي ستستمر في العمل عن بُعد وإلى متى؟ اتخذت بعض الشركات مثل تويتر (Twitter) خطوات جريئة بأن منحت موظفيها حرية العمل من المنزل دائماً، على عكس العديد من الشركات الأخرى لا سيما التي تختص في المجالات المصرفية التي ظلت ثابتة على موقفها في رفض التحوُّل إلى العمل عن بُعد.



لكل مؤسسة وثقافة وبيئة عملٍ خصوصيتها؛ حيث تؤكد بعض الشركات على التعاون بين موظفيها أو يكون لعملائها متطلَّبات معيَّنة، مما يجعل العمل داخل بناء الشركة أمراً أساسياً لنجاحها، وعلى الرغم من عدم وجود نهج واحد مناسب للجميع؛ لا يمكن إنكار أنَّ الشركات - لا سيما العاملة في قطاع التكنولوجيا - تدرس نماذج العمل المختلفة في أثناء استعدادها لمواجهة العالم ما بعد الجائحة.

لكن ماذا يعني العمل عن بعد؟ مع وصولنا إلى مرحلة بعد الجائحة، علينا إعادة النظر بما نعرفه عن العمل عن بُعد ومعرفة كيفية توظيفه لاحقاً؛ ولا يعني الوجود المادي بالضرورة المشاركة، وقد أتاح لنا التقدُّم التكنولوجي ظروفاً تكون فيها المشاركة الافتراضية أكثر فاعلية بدرجات.

في الوقت نفسه، يبقى السؤال الأهم هو معرفة العناصر التي تحدِّد بيئة العمل والحياة المثلى، فقبل الوباء، كان الموظفون يعانون الاحتراق الوظيفي نتيجة مشقة المواصلات اليومية وأوقات العمل الإضافية المرهقة، أما في يومنا هذا، يتوافر العامل عن بُعد على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وهو موجود داخل حدود منازلنا التي تحمينا من الجائحة.

لذا دعونا نتخلَّص من التعريف التقليدي للعمل عن بُعد ونطور تعريفاً جديداً؛ حيث توجد مجالات جديدة للمشاركة في مرحلة ما بعد الجائحة، ودراسة كلٍّ منها أمرٌ بالغ الأهمية لنجاح الشركة في المرحلة اللاحقة.

فيما يلي فئات المشاركة الأربع في مرحلة ما بعد الجائحة:

1. الشركات الافتراضية العاملة عن بُعد:

لنكن صريحين، ساعد تطبيق الاجتماعات زووم (Zoom) في تسيير الأعمال عن بُعد خلال الجائحة، بين عشية وضحاها وكما يفعل السحر، أنقذت المنصة الشركات عبر تمكين الموظفين من عقد الاجتماعات واختيار الشركاء وتدريب الموظفين عن بُعد.

رفعت تطبيقات مثل إيفركاست (Evercast) مستوى تجربة برنامج الاجتماعات زوم (Zoom) الاحترافي، فأصبح أيُّ شخص قادراً على بث الأفلام وتحريرها وتطويرها مباشرةً، وأصبح في إمكانهم صنعُ أفلام عالية الجودة وأكثر تنوعاً في واجهة التطبيق لتوفير تكاليف السفر والتكاليف العامة في نهاية المطاف.

شاهد بالفديو: كيف تجعل العاملين عن بعد أكثر انخراطاً في العمل؟

2. الشركات التي تعمل عن بُعد ولها مكاتب فعلية:

صحيح أنَّ حضور الموظفين الفعلي في الشركة لأكبر عدد من الساعات أمر مفيد لها؛ لكن ثبُت أنَّ هذه مغالطة في كثير من الحالات، وقد تقول الشركات إنَّ وجود أماكن لغسل ملابس الموظفين وحضانات أطفال وطُهاة يحافظ على إنتاجية الأشخاص في الشركة لفترة أطول، ولكن ما هي قيمة هذا الوجود حقاً؟ هل يساهم الموظفون فعلاً أم يتعلَّمون المزيد؟

جعلت التطورات في تقنية الواقع المعزز والافتراضي التدريب والتقدُّم أكثر فاعلية، بغضِّ النظر عن مكان العمل، فمثلاً تُدرِّب نظرية المحاكاة الطيارين العسكريين باستخدام تقنية الواقع الافتراضي، وهذا ليس فقط أكثر فاعلية - من حيث التكلفة - من شراء جهاز محاكاة طيران شامل؛ ولكن وجدت الدراسات أنَّ التعلُّم بمساعدة الواقع الافتراضي قد يحسِّن الاستبقاء بنسبة 400%.

ينطبق الأمر نفسه على الجراحة، فقد وجدت جمعية جراحة العظام الغربية (The Western Orthopedic Association) أنَّ طلاب الطب الذين استخدموا تقنية الواقع الافتراضي أكملوا خطوات جراحية أسرع بنسبة 20% وأكثر دقة بنسبة 38%.

تُستخدم تقنية الواقع الافتراضي في بيئات تدريب الشركات أيضاً، فقد ابتكرت شركة ترانسفر (TRANSFER) للتدريب العملي باستخدام المحاكاة وحدات تدريب مؤسسية مدعومة بالواقع الافتراضي، مشيرة إلى أنَّها ليست أكثر فاعلية فحسب؛ بل يفضِّلها 85% من الموظفين على حلول التدريب البديلة، مثل المدربين الشخصيين.

إقرأ أيضاً: هل سيكون العمل في بيئة واقع افتراضي (Virtual Reality) مناسب لك؟

3. الشركات التي تتَّبع نظام النموذج المحوري:

مع ظهور ثقافة العمل عن بُعد الجديدة، أخذت الهجرة تزداد، وصحيح أنَّ الناس قد ينتقلون من المدن الكبرى، لكنَّ هذا لا يعني أنَّهم جميعاً ينتقلون إلى أماكن نائية؛ بل إلى البلدات الوادعة، ومع وجود هذا الاتجاه، أُفسِح المجال لنظام النموذج المحوري (Hub-and-spoke) والذي تُقلِّص الشركات مقراتها الرئيسة فيه لصالح حضور فعلي أكثر توزُّعاً.

صحيحٌ أنَّ الموظفين يتخلون عن العمل في المقرات الرئيسة للشركات؛ ولكنَّ هذا لا يعني أن يعمل كل واحدٍ منهم وحده، فمن خلال تأسيس فروع مُوزَّعة أصغر حجماً، تستطيع الشركات منح موظفيها خيارات أكثر تنوعاً على مستوى المواقع الجغرافية، إضافةً إلى فرصةٍ لمقابلة الموظفين الآخرين شخصيَّاً والاستفادة من التقدُّم الحاصل في تقنيات البث للتواصل مع الموظفين الموجودين في فروعٍ أخرى إضافةً إلى أولئك الموجودين معهم في الفرع نفسه.

4. الشركات الهجينة:

تتيح لك هذه الشركات الفرصة لتكون حاضراً في مكان معيَّن لأيام عدة من أسبوع العمل وتعمل عن بُعد في الأيام المتبقية، وتتمثَّل فائدة هذا النموذج في أنَّه يتيح للفِرق التعاون مع بعضهم بعضاً في مكان مادي واحد لفترة محددة من الأسبوع، كما أنَّه يؤدي إلى زيادة الإنتاجية من خلال تقليل الوقت الذي يضيعه الموظف على المواصلات.

في عام 2018، بلغ متوسط زمن التنقلات بين العمل والمنزل 27 دقيقة ذهاباً وإياباً، أي ما يقارب خمس ساعات في الأسبوع من الساعات الضائعة في وقت المواصلات فقط، ناهيك عن تحمُّل الموظفين تكاليف إضافية مقابل الوقود وصيانة السيارات وحضانات الأطفال.

يمكن لمفهوم المشاركة الافتراضية بدوام جزئي أن يوفر إحساساً جديداً بالتوازن للموظفين، مما يزيد من رضاهم وإنتاجيتهم ككل، كما يمكن للشركات بدورها تحقيق مستويات أعلى من الأرباح والاحتفاظ بالموظفين، وهو بديل مربِح للطرفين اللذين اعتادا بيئة العمل اليومية التي تتطلَّب التنقل قبل جائحة كورونا (COVID-19).

لقد تغيَّر عالمنا المادي برفة عين، ولهذا يجب ألا يظل تعريفنا للافتراضية كما هو، ولن يكون النجاح من نصيب القادة الذين لا يرون إلا الخيارات المتاحة أمامهم؛ بل القادة الذين يبتكرون خياراتهم الخاصة، وستحدد شركاتهم تعريفاً مهجناً جديداً للافتراضية؛ لذا مهدت التكنولوجيا الطريق لوجود مثل هذه الثقافة، وستتجه الأمور إلى الأفضل.

 

المصدر




مقالات مرتبطة