4 نصائح للأمهات العاملات

لأنَّ أعظم هدية يمكن أن تُقدِّمها للأم العاملة هي الوقت، فسوف أوفِّر عليك مقدِّمة طويلة في هذا المقال؛ فبعد التفكير في التقدير الذي تحظى به الأمهات العاملات، أظنُّ أنَّه سيكون من المفيد مشاركة ما تعلَّمتُه بصفتي أُمَّاً عاملة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن مديرة التسويق "تيرا فيكاريو" (Terra Vicario)، المسؤولة الأولى عن التسويق في شركة "فيفنتيوم" (Viventium)، تُحدِّثنا فيه عن تجربتها الخاصة في تحقيق التوازن بين عملها وحياة أطفالها بصفتها أُمَّاً عاملة.

بدأتُ رحلتي بصفتي أمَّاً عاملة في عام 2009 عندما رُزقت بابني "جيك" (Jake)، فقد كنت آنذاك مديرة مبيعات، ولديَّ طفل رضيع يعتمد عليَّ، وكان لدي أيضاً فريق من مندوبي المبيعات الذين كانوا بحاجة إلى قدر كبير من طاقتي واهتمامي.

وخلال مسيرتي التي انتقلتُ فيها من كوني أماً دخلَت حديثاً إلى عالم العمل ومسؤولة وحدها عن إعالة طفلها، إلى أم عاملة بصفة مديرة تنفيذية، ما زلتُ أتعلَّم عن تفاصيل مراحل تربية الأطفال - وحياة الأطفال كلها مرتبطة بمراحل العمر التي يمرون بها - كل ذلك مع الاستمرار في تطوير عملي.

إنَّ الأمهات جميعهنَّ لديهنَّ أهداف مشتركة، سواء كانوا أمهات جُدد يتحمَّلن كثيراً من الضغوطات، أم أمهات اعتدنَ على تحمُّل الضغوطات منذ وقت أطول، ألا وهي تربية أطفال محبين ومتكيِّفين وأصحَّاء وسعداء، والمساهمة في عملنا بطريقة هادفة من خلال استثمار تعليمنا ومواهبنا في سبيل إنشاء مهنة لا تُنسى.

نحن نقرأ طوال اليوم مقالات عن التحديات اليومية المرتبطة بالأمومة، لكنَّها لا تتحدث بالضرورة عن تحديات العمل؛ ولهذا بصفتي أُمَّاً تعمل بدوام كامل، أُقدِّم أربع نصائح للأم العاملة:

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تقدمها رائدة الأعمال نينا فاكا (Nina Vaca) لمواجهة التحديات

1. تحدَّثي عن أطفالك في المكتب:

لا بأس بالتحدُّث عن أطفالكِ في مكان العمل؛ إذ نفتخر بأطفالنا، ونشعر بالإحباط أحياناً منهم.

فمنذ فترة طويلة، قرأتُ كتاباً بعنوان "عامل الذكورة" (The Male Factor)؛ توضِّح فيه الكاتبة "شونتي فيلدهان" (Shaunti Feldhahn) الاختلافات الرئيسة بين الرجال والنساء في مكان العمل؛ إذ تتراوح هذه الاختلافات بين أمور مثل، تصرُّف الرجال بموضوعية في العمل، بعيداً عن المشاعر، بينما تدعم النساء التعبير عن العواطف في مكان العمل، وكيف يفضِّل الرجال الوصول إلى "زبدة الحديث" دون الاهتمام بأي تفاصيل؛ إذ يتحدث الرجال بالتأكيد عن أطفالهم، ولكن تتكلَّم النساء عن الأمر بتفاصيل أكبر.

كنتُ أظن أنَّني إذا تحدثت كثيراً عن طفلي، فربما يدرك الآخرون أنَّني أفضِّل البقاء في المنزل وعدم متابعة مسيرتي المهنية؛ إذ إنَّني كنت أنظر في عيون زملائي وأغلبهم من الرجال وأفكِّر في نفسي، "هل أتحدَّث كثيراً عن أطفالي؟".

لقد تبيَّن لي أنَّ الأمر لم يكن كذلك؛ فعندما كنت أتلقَّى أسئلة عن أداء ابني "جيك" في المدرسة أو إذا كان يلعب أي نوع من الرياضة، كنت أعلم أنَّ التحدُّث عن حياتي بصفتي أُمَّاً أمرٌ مقبولٌ تماماً مثل الإصغاء إلى حديث لزميلي عن المطعم الجديد الذي ذهب إليه خلال عطلة نهاية الأسبوع؛ فإنَّ كونك امرأة عاملة لا يلغي حقيقة أنَّه لديك حياة خاصة.

لذا إنَّ إظهار أمومتك حتى عندما تكونين مرتدية ملابس رسمية في أثناء العمل أمرٌ هامٌ لصحتك النفسية، وهو أيضاً مثال هام يجب أن يقتدي به الجيل القادم من الأمهات؛ فهذا الأمر يدلُّ على أنَّه يمكنكِ العمل بصفتك شخصاً محترفاً، وأن تكوني فخورة بكونك أُمَّاً وموظفة في الوقت نفسه.

2. تخلَّصي من الشعور بالذنب:

إنَّ الشعور بالذنب ينتابنا في كلتا الحالتين بالتأكيد؛ وبصفتنا أمهات عاملات، يبدو أحياناً أنَّنا أمام خيارين، فإمَّا أن نكون أمهات صالحات، أو نكون موظفات جيدات، لكنَّ السؤال الذي يطرح نفسه: ما هو الأساس الذي تبني عليه اختيارك كي توليه الأولوية؟

لحسن الحظ، ليس كل شيء دائماً إمَّا أبيض أو أسود، كما أشارت "تانيا لومبروزو" (Tania Lombrozo) في مقالها في مجلة "إن بي آر" (NPR)، "إنَّ الأمهات العاملات أكثر من مجرد عاملات وأمهات"، وأنا هنا لأخبركِ أنَّه يمكننا أن نتقن كلا الأمرين في الوقت نفسه.

كثيراً ما نُجهد أنفسنا عندما نحاول أن نكون مثاليين، فنحن نتحدث بشكل مطلق ونقول أشياء مثل: "إذا لم أخطط لكل مباراة بيسبول سوف يشارك بها طفلي، فأنا لست أُمَّاً جيدة، وإذا لم أحضر كل عشاء عمل، فأنا لست موظفة جيدة"؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّنا عادة ما نشعر بالرضا في كل جانب من جوانب حياتنا دون السعي نحو المثالية؛ فعندما نحاول تحقيق نتائج مثالية فيما نفعله، سوف نفشل حتماً.

إنَّني أبذل قصارى جهدي لتجنُّب المثالية عندما يتعلَّق الأمر بنشاطات طفلي، ففي كل عام، أشعر ببعض الذنب لأنَّني لا أستطيع أن أؤدي دور الأم التي تشارك ابنها ما يقوم به في كل عطلة، وتشاركه النشاطات التي يمارسها في الصف الدراسي، ويزداد الشعور بالذنب عندما يطلب مني طفلي ذلك، لكنَّه أمرٌ يصعب عندما يكون لديكِ وظيفة بدوام كامل. لذا قرَّرتُ المشاركة في بعض المناسبات فقط، فأنا لا أمانع في قضاء يوم عمل بدوام جزئي والذهاب بعد ذلك إلى المدرسة وممارسة الألعاب مع طفلي، لكنَّني بالتأكيد لا أستطيع التطوُّع بعدد أكثر من الساعات عندما يتعيَّن عليَّ العمل بدوام كامل؛ فإنَّ إيجاد حل وسط يساعدني على إدارة شعوري بالذنب، والذي كثيراً ما نشعر به عندما يلحُّ علينا أطفالنا.

إذا فكَّرتِ في الأمر، أراهن أنَّك ستلاحظين أنَّه لا يمكن لكل أم أن تكون مع أطفالها بالكامل؛ وسواء أكانت الأمهات في مكان العمل، أم أنَّهنَّ في المنزل مع أطفالهنَّ الصغار، أم أنَّهنَّ بحاجة فقط إلى أخذ استراحة صغيرة، فإنَّهنَّ لا يحضرنَ دائماً النشاطات جميعها التي يقوم بها أطفالهنَّ.

ومن جهة أخرى، لا يتمكَّن الموظفون جميعهم من حضور كل عشاء عمل أيضاً، فقد يخطِّطون للقيام بأمور أُخرى مع ضيوف من خارج المدينة، أو ربما يوجد حدث مخطَّط له مُسبقاً في جدولهم الزمني يسمح لهم بالاعتذار عن الحضور.

لن يتذكَّر الناس المرات التي لم تتمكَّني فيها من حضور اجتماع، ولا يجب أن تفكِّري ملياً في الأمر أيضاً؛ بل امنحي نفسكِ بعض الراحة، فاحضري جميع المناسبات الهامة الرئيسة، ويمكن أن تقومي بأشياء مختلفة فيما تبقَّى من الوقت، وبعد أن يُغلَق باب الشعور بالذنب، لا تفتحيه ثانية وتعاقبي نفسك.

شاهد بالفديو: 4 خطوات لتكوني امرأة ناجحة

3. أظهري الامتنان للأشخاص الذين يدعمونك في حياتك:

غنيٌّ عن القول إنَّ حياتي لن تكون دائماً على ما هي عليه الآن دون وجود أشخاص يدعمونني؛ ففي حالتي، إنَّ عائلتي هي العامل الأساسي الذي يجعل كل هذا الأمر ينجح، فسواء كان عليَّ إنجاز الكثير من العمل في المنزل، أم اضطررت إلى التأخُّر في اجتماع مُثمر للغاية، يساعدني والديَّ دائماً في كل مرة.

سوف أعترف بأنَّني قد أضلُّ الطريق في مجال الأمومة وفي حياتي المهنية، وأنَّني بحاجة إلى التوقُّف باستمرار والتفكير في إظهار الامتنان لأولئك الذين يساعدونني على إنجاح كل هذا الأمر.

لذا، بصرف النظر عن الأشخاص الذين يقدِّمون لك الدعم، سواء أكانوا عائلتك، أم عائلة زوجك، أم شريكك الذي يبقى في المنزل، أم مربية أطفال موثوقة، تأكَّدي من تخصيص بعض الوقت لإظهار تقديركِ لمساعدتهم على جعل حياتكِ بصفتك أمَّاً عاملة أمراً ممكناً.

4. لا تتردي في اتِّخاذ الخيارات:

نحن لا نتعثَّر أبداً؛ إذ نملك الخيارات التي قد تعجبنا أو لا تعجبنا، لكنَّها مع ذلك تبقى خيارات؛ يقولون إنَّ الوقت هو كل شيء، وأعتقد أنَّ هذه هي الحقيقة، لكن هل سبق لكِ أن لاحظتِ أنَّه عندما تسير حياتكِ الشخصية على ما يرام، فقد تتعرَّض حياتكِ المهنية للتحديات؟ وأنَّ العكس هو الصحيح أيضاً في كثير من الأحيان؟

لقد مرَّت أوقات في مسيرتي المهنية كان فيها الحصول على ترقية أو تغيير المنصب أمراً مناسباً تماماً بالنسبة إليَّ، وفي أوقات أُخرى احتجت فيها فقط إلى البقاء في منصبي؛ وذلك لأنَّ وضعي في المنزل لم يكن مناسباً لإحداث التغيير المُقترح.

إقرأ أيضاً: 6 نصائح تساعد المرأة العاملة على إدارة وقتها بفعالية

وربما بقيت في منصبي في إدارة المبيعات لسنوات أكثر ممَّا كنت أتمنَّى؛ وذلك لأنَّني شعرت فيها بالأمان، فكنت أعرف المنصب جيداً، وعندما كان ابني يتعلَّم التحدث والمشي، ويتدرَّب على استعمال الحمَّام، كنت أعرف أنَّ ضغط تعلُّم مهام منصب جديد، أو تحمُّل مزيدٍ من المسؤولية لم يكن أمراً ممكناً، فقد عرفت حدودي الجسدية والذهنية، ولم أشعر أنَّ الوقت قد حان لخوض مغامرة جديدة حتى وضعت طفلي في روضة أطفال.

أعتقد أنَّنا نفكِّر أحياناً في الفرص التي تظهر أمامنا بمثالية، وأنَّها لن تتكرر أبداً، ولكن إذا لم يكن التوقيت مناسباً، فلن تشعري بالرضا تجاه القرار، مهما بدت الفرصة رائعة؛ لذلك اسمحي لنفسكِ بموازنة الخيارات واتِّخاذ قرار اعتماداً على ما إذا كان التوقيت مناسباً في حياتكِ، واعلمي أنَّ كثيراً من الفرص ستأتي.

المصدر




مقالات مرتبطة