4 نصائح تساعدك في تجنُّب الأخطاء في المرة القادمة

لقد أخفقت مرات عديدة في حياتي لدرجة أنَّني توقفت عن عد إخفاقاتي، وواحدٌ من أخطائي كان عندما تشردتُ في لندن لمدة 5 أيام؛ فقد تبدو هذه قصة مثيرةً الآن؛ لكنَّني كنت خائفاً للغاية في ذلك الوقت؛ فقد انتقلت إلى لندن ولم يكن لدي أصدقاء ولا عائلة، ثمَّ طُرِدتُ من شقتي دون وجود مكان جديد أعيش فيه.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux) يروي فيه قصة أخطائه الفادحة والدروس التي تعلمها منها.

ارتكبتُ خطأً فادحاً آخر عندما أرسلت عقداً لصفقة استشارية تبلغ قيمته مئات آلاف الدولارات إلى منافس لعميلي، لقد كان خطأ غير مقصود فكلا الرجلين كانا يحملان الاسم نفسه؛ لكنَّهما يعملان في شركات مختلفة.

كنت متحمساً جداً لإرسال العقد لدرجة أنَّني أرسلته بسرعةٍ كبيرة بمجرد أن كتبت أول حرفين من اسم الرجل، في ذلك الوقت كنت أعمل في شركة استشارية كبرى في مجال تكنولوجيا المعلومات ولها سمعة طيبة، وكاد هذا الخطأ أن يكلفني عملي.

ارتكبتُ أخطاء كثيرةً من هذا القبيل؛ فذات مرةٍ استثمرت كثيراً من المال في صندوق المعاشات التقاعدية، فلم أكن أعلم أنَّني لا أستطيع استخدام هذه الأموال إلا عند التقاعد.

عندما ارتكبت هذا الخطأ قبل بضع سنوات لم أفكر ملياً في الأمور واتخذت قراراً متسرعاً، لقد كان متوسط ​​العائدات في هذا الصندوق 10% خلال السنوات الخمس الماضية؛ فقررت أن أستثمر أموالي كلها فيه، لم أفقد أموالي حقاً؛ لكنَّني شعرت بالتأكيد بأنَّني فقدتها، فإذا لم أتمكن من الوصول إلى أموالي وقتما أريد فهذا يماثل خسارتها.

كل شخص منَّا لديه قصص مماثلة؛ فالبشر معرضون للفشل في بعض الأحيان، إنَّها حقيقة لا يمكننا تجنبها؛ لذا بدلاً من محاولة تجنب الأخطاء من الأفضل أن نتعلم كيفية معاملتها.

وصف الفيلسوف الرواقي إبيكتيتوس (Epictetus) ذلك خير وصف عندما قال: "إذا أصابتك مصيبةٌ فإنَّ الشيء الوحيد الذي تتحكم به هو موقفك تجاهها؛ إذ يمكنك إمَّا قبولها أو الاستياء منها".

عندما نفشل فإنَّنا غالباً ما نتذمر أو نلقي اللوم على أنفسنا أو على الآخرين، والأسوأ من ذلك قد نستسلم تماماً ونتوقف عن المجازفة، لكن من الأفضل بكثير تغيير موقفنا تجاه الأخطاء.

إقرأ أيضاً: كيف تعترف بأخطائك؟

بعد ارتكابي أخطاء جسيمة والتعلم من أخطاء الآخرين توصلتُ إلى 4 دروس قد تساعدك في المرة القادمة التي تخفق فيها:

1. مهما ساءت الأمور تيقَّن أنَّه يوجد دائماً ما هو أسوأ:

في عام 1999 أتيحت للسياسي جورج بيل (George Bell) الفرصة لشراء شركة غوغل (Google) مقابل 750 ألف دولار فقط؛ لكنَّه رفض ذلك، ولا بد أنَّه يستاء في كل مرةٍ يرى فيها تقييم شركة غوغل الحالي.

إذا كنت تظنُّ أنَّ هذا أمر سيئ فإنَّك لم تسمع بمعركة كارانسيبيش بعد (the Battle of Karánsebes)؛ ففي عام 1788 خاض الجيش النمساوي معركةً مع الإمبراطورية العثمانية؛ لكنَّ الأمور سارت على نحو خاطئ جداً عندما أطلق النمساويون النار على بعضهم عن طريق الخطأ، حيث جرحوا وقتلوا 10000 من رجالهم، فانتصر العثمانيون في المعركة واستولوا على مدينة كارانسيبيش.

إنَّها قصة مأساوية وأظنُّ أنَّه من المستحيل ارتكاب خطأ أكبر من خطأ الجيش النمساوي؛ لذا في المرة القادمة التي ترسل فيها بريداً إلكترونياً إلى الشخص الخطأ اعلم أنَّ الأمور ليست بالسوء الذي تظنه.

شاهد بالفديو: 8 أسباب تجعلك فخوراً بارتكاب الأخطاء

2. الاستفادة من أخطائك:

لم يكن من المفترض أن يكون برج بيزا مائلاً، ومع ذلك يزور آلاف الأشخاص هذا البرج المائل كل عام، إنَّه اليوم معلم سياحي كبير وتستفيد العديد من الشركات في المنطقة منه.

قد تأتي من الأخطاء العديد من النتائج الجيدة، فقد ابتكر السير ألكسندر فلمنج (Sir Alexander Fleming) عقار البنسلين عن طريق الخطأ، وقد أنقذ حياة الملايين.

بالنسبة إلي، عندما استثمرت أموالي في صندوق التقاعد بدا لي أنَّه قرار جيد، لكن عندما أردت أن أؤسس شركةً بعد عام لم يكن لدي أي مال تقريباً وظننت أنَّني ارتكبت خطأً فادحاً، لكنَّها كانت فرصةً لي؛ لأنَّها أجبرتني على التفكير بدهاء، فقد كان ذلك حقاً أفضل شيء حدث لي.

طُرد أحد أصدقائي منذ فترة من وظيفته لأنَّه ارتكب خطأً فادحاً، أو ربما كثيراً من الأخطاء، واتضح أنَّه لم يكن مركزاً في عمله؛ لأنَّه كره وظيفته، لقد عمل في المبيعات؛ لكنَّ شغفه كان دائماً العمل في مجال السينما، ولكن بعد شهرين من طرده عثر على وظيفةٍ في شركة إنتاج، ويعشق الآن كل لحظةٍ من العمل فيها.

كلما ارتكبت خطأً تعامل مع الأمر بوصفه فرصةً لفعل شيء جديد.

إقرأ أيضاً: 3 أمور عليك القيام بها عند ارتكابك للأخطاء

3. الاستعداد للتغيير:

إنَّنا نُكرر الأخطاء نفسها في بعض الأحيان، فقد نثق في أشخاصٍ غير جديرين بالثقة، وقد نقوم باستثمارات خاطئة ونخطئ في الحكم على الأمور، فقال الفيلسوف والإمبراطور الروماني ماركوس أوريليوس (Marcus Aurelius): "إذا أثبت أحدهم خطئي وأظهر لي أنَّني أخطأتُ في قولٍ أو فعل فإنَّني مستعدٌ للتغيير بكل سرور، أنا أبحثُ عن الحقيقة دوماً، الأمر الذي لم يؤذِ أحداً قط؛ بل الأذية هي الإصرار على الجهل وخداع الذات".

إذا سببت الضرر لنفسك أو الآخرين باستمرار فقد حان الوقت للتغيير، وإذا كان بإمكان ماركوس أوريليوس أقوى رجل في العالم خلال فترة حكمه أن يتغير فيمكنك ذلك أيضاً، فإذا أخطأت اعترف بخطئك ولا تتجاهل أخطاءك؛ بل تعلم منها على أقل تقدير.

4. عدم الخوف من الفشل:

يقول الكاتب ديل كارنيجي (Dale Carnegie): "خاطر، فالحياة بأكملها مجرد فرصة، إنَّ ذلك الذي يتجرأ على المخاطرة هو الذي سيحقق ما يريد"، وبالنسبة إلي، في النهاية سار كل شيء على ما يرام، فلم أبقَ مشرداً، ولم أفقد وظيفتي، وعدم تمكني من الوصول إلى أموالي كان نعمةً حقيقية.

في الختام:

في اليوم الذي تتوقف فيه عن المحاولة قد تتجنب ارتكاب الأخطاء؛ لكنَّك ستتوقف أيضاً عن النمو والنضج؛ لذا امضِ قدماً، واغتنم الفرصة، وإذا ارتكبت خطأً فإنَّها ليست نهاية العالم؛ فكل ما عليك فعله هو أن تجد حلاً، وتذكر النمساويين دائماً؛ فمهما أخطأت لن يكون خطؤك بذلك السوء.




مقالات مرتبطة