4 نصائح تساعدك على القيام بعصف ذهني فعَّال

يعود الفضل في ابتكار مفهوم العصف الذهني إلى أليكس أوزبورن (Alex Osborn)، المدير التنفيذي المتخصص بمجال الإعلان؛ إذ دعا في مجموعة من كتبه التي ألَّفها في أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين إلى التفكير في المشكلات تفكيراً جماعياً وتبادل الأفكار في معرض حل مشكلة ما، وكان يرى أنَّ هذا الأسلوب يعزز فرص حل المشكلات على اختلاف أنواعها.



مبادئ أوزبورن الأربعة هي: عدم النقد والتركيز على الكمية وقول كلِّ ما يتبادر للذهن والبناء على الأفكار التي يقدِّمها الآخرون.

تحولت مبادئ أوزبورن الآن إلى أشكال متعددة، مثل: العصف الذهني عن طريق الكتابة (التعبير عمَّا تفكِّر به بالكتابة بدلاً من الكلام)، وتقنية التنشيط الذهني وخرائط العقل (إنشاء رسم تخطيطي يتضمن المشكلة في المركز والحلول المُقترحة حولها).

لقد أصبح بالإمكان بعد التطور التكنولوجي الذي شهدناه القيام بجلسات العصف الذهني بطرائق جديدة، مثل: تقنية هاكاثون التي يمكن للمؤسسات بشبكاتها الاجتماعية إجراؤها في أماكن متفرقة وفي وقت واحد.

تُجري شركة آي بي إم (IBM) جلسات عصف ذهني بالإنترنت، وصرحت الشركة أنَّ جلسة العصف الذهني التي أجرتها في عام 2006 بالإنترنت قد اشترك فيها أكثر من 150.000 شخصاً من 104 بلدان مختلفة، وتمخَّض عنها 10 أفكاراً إبداعية.

يشكك مع ذلك اختصاصيون عديدون بفاعلية جلسات العصف الذهني كونها تقوم على طرح الأفكار بطريقة تلقائية دون وجود لعنصر النقد، ويقولون إنَّ العصف الذهني لا يحمل مثل تطبيق ما يُفهم من معناه، فهو لا ينتج سيلاً من الأفكار المتسقة؛ بل أفكاراً متفرقة على دفعات.

لكن في المقابل للعصف الذهني أنصاره ومنهم مثلاً: بول بولوس (Paul Paulus) وهو أستاذ علم النفس البحثي في جامعة تكساس (University Of Texas) في مدينة أرلينغتون (Arlington)، وقد شارك في أكثر من 100 تجربة ودراسة في مجال تقييم الإبداع وصنع القرار صنعاً جماعياً.

يقول بولوس: توجد مبادئ يجب مراعاتها عند إجراء العصف الذهني وإلا فإنَّه لن يكون مفيداً، ويرى بولوس أنَّ فاعلية العصف الذهني في حلِّ المشكلات تكمن في أنَّ المشكلة تحتاج إلى عدة وجهات نظر من أجل الحل.

شاهد: 6 نصائح تساعد على تنمية التفكير الإبداعي

ملاحظات الخبراء:

  1. يقترح بولوس إعلام المجموعة بموضوع جلسة العصف الذهني قبل الاجتماع، والسبب هو أنَّ الناس يميلون إلى التفكير في المشكلات والحلول الممكنة في وقت فراغهم، ويقترح أن يكون في حوزتهم مفكرات ليدونوا عليها أيَّة فكرة مفاجئة قد تخطر في أذهانهم، وبهذا الإجراء يصبح كلُّ فرد منهم جاهزاً لمشاركة أفكاره مع باقي أعضاء المجموعة والاستفادة من أفكار بعضهم بعضاً.
  2. من الهام جداً تحليل المشكلة، وخاصةً إذا كان الموضوع متشعباً ومبهماً جداً، فإنَّ النتائج ستكون كذلك أيضاً، ويقترح بولوس أيضاً تقسيم المشكلة إلى أجزاء يمكن لأعضاء الفريق النظر في كلِّ جزء منها على حدة، وبهذه الطريقة يحصل الفريق على عدد أكبر من الأفكار، ويناقشون الموضوع بعمق لا بسطحية.
  3. يضيف ليون سيغال (Leon Segal) عالم النفس ومؤسس شركة "إينوفيشن شيب" (Innovationship) وهي شركة في مجمع وادي السيليكون فالي (Silicon Valley): إنَّ تحديد المشكلة بدقة أمر حاسم في تحديد المسار الذي ستسلكه مجموعة العصف الذهني لإيجاد الحل.
  4. يتوصل بعضهم إلى أفضل الأفكار في وقت متأخر من الليل، وبعضهم الآخر في الصباح الباكر؛ لذلك يقترح سيغال إنشاء نظام يلبي الاحتياجات المختلفة للمشاركين في العصف الذهني بوصفه شيئاً أشبه بمكتبة إلكترونية يمكن لجميع المشاركين طرح الأفكار فيها والاطلاع على أفكار غيرهم في أيِّ وقت.
  5. يرى بعض الخبراء أنَّ وجود المدير وجهاً لوجه مع أعضاء الفريق يعوق تدفق الأفكار؛ إذ قد يمتنع المشاركون عن طرح أفكار غريبة مثلاً؛ لخشيتهم من أن يبدوا مغفلين أمام المدير، وعلى خلاف ذلك قد يقترح بعضهم أفكاراً ليسوا مقتنعين بها؛ ولكنَّهم يطرحونها لنيل إعجاب المدير ورضاه؛ لذلك يحذِّر سيغال من حضور المدير حضوراً فعلياً مع أعضاء الفريق؛ لأنَّه قد يقضي على روح المبادرة.
  6. يقول الخبراء أيضاً بوجوب الإبقاء على المجموعات صغيرة، والسبب حسب رأيهم أنَّ كمية الأفكار تتناسب عكساً مع حجم المجموعة؛ وذلك مع الإبقاء على الحجم المطلوب لتوفير التنوع في وجهات النظر والخبرات، والحلُّ للتوفيق بين الأمرين هو تقسيم المجموعة الكبيرة إلى مجموعات أصغر حسب الموضوع، ويضرب سيغال مثالاً قائلاً: إنَّ أربع مجموعات يتكون كلٌّ منها من خمسة أشخاص أفضل من مجموعة واحدة تضم عشرين شخصاً.
  7. يجب أن يحدد الزمن الذي تستغرقه جلسات العصف الذهني، ويفضَّل أن تكون مدتها بين الساعة، وساعة وخمسة عشر دقيقة، فغالباً هذه هي المدة التي يُصاب بعدها الأعضاء بالإرهاق، كما يقترح سيغال أخذ فترات استراحة قصيرة.
  8. حتى جلسات العصف الذهني المُعدَّة بعناية بالغة ستتعرض للإخفاق في البداية؛ لذلك ينصح سيغال بالمواظبة على التدريب كون العصف الذهني مثل أيِّ مهارة أخرى تُصقل بالممارسة.
  9. يقول إدوارد روكي (Edward Rocky) الذي كان قبل وفاته أستاذاً فخرياً للعلوم السلوكية التطبيقية في جامعة بيبيردين (Pepperdine University): إنَّه من المفيد أن يكون هناك منسق خارجي في الجلسة أو شخص يعمل في الموارد البشرية شريطة أن يكون موضوعياً، ويجب أيضاً أن يكون هؤلاء الأشخاص داعمين ومنفتحين على آراء الآخرين؛ فمهمته الأساسية هي تعزيز روح الثقة والأمان والدعم المتبادل.
  10. يؤكِّد بولوس على ضرورة تشجيع المشاركين في جلسة العصف الذهني على التفكير في الحلول حتى بعد انتهاء الجلسة، والسبب حسب بولوس هو أنَّ الأفكار تستمر بالتدفق، ويقترح إجراء جلسة متابعة أو أكثر إذا لزم الأمر للاستفادة قدر الإمكان من ظاهرة استمرار الأفكار بالتدفق.
  11. مهما بلغت الأفكار التي تنتج عن العصف الذهني من فاعلية فإنَّها لن تكون مفيدة إن لم تُقيَّم بذكاء؛ ولذلك يقترح سيغال أن يجتمع الفريق مرةً أخرى لتحديد القواسم المشتركة وتحديد الأفكار التي ستعتمدها.
  12. يمكن القول إنَّ أحد سمات هذا النوع من التفكير الجماعي أنَّه يحابي الأفكار القابلة للتطبيق على حساب الأفكار الخلاقة، ولكن يؤكِّد بولوس أنَّه يمكن بالمداولات تعديل الأفكار الخلاقة وجعلها أكثر قابليةً للتطبيق، ولكن في هذه المرحلة من العصف الذهني لا يوجد لحد الآن بيانات موثوقة ومُتاحة يمكن الاعتماد عليها لاختيار أفضل الأفكار.
  13. يجب وضع بعض الأفكار موضع التنفيذ وإلا سيشعر أعضاء الفريق بأنَّ جهودهم ضاعت سدىً، وهذا يضر بثقافة الشركة كما يقول سيغال.
  14. يجب حثُّ أعضاء الفريق على عدم تبني وجهات نظر مسبقة، ويفيد روكي بأنَّ مفهوم الإبداع يتعدى الفنون والترفيه، فحتى الاختراعات تتطلب إبداعاً علمياً وهندسياً، وهذا يذِّكرنا بمقولة لعالم الفيزياء الراحل ألبرت آينشتاين (Alpert Einstien): "العلماء العظماء هم فنانون أيضاً".

إليك 4 نصائح تساعد على العصف الذهني الفعال:

1. اربط بين الموضوعات المختلفة:

يقول روكي: إنَّ ابتكار غسالة الملابس المأجورة جاء بالربط بين العملاء الذين يرتادون الصالات الرياضية والعملاء الذين يرتادون مصابغ الغسيل، والوقت الذي ينتظره هؤلاء حتى يجف غسيلهم تماماً.

أضافت إحدى الشركات المُصنعة للملابس رقعة مُربعة مُصنَّعة من الألياف الدقيقة توجد على ذيل القمصان وتُستخدم لتنظيف النظارات والهواتف الذكية.

يحاول موظفو أون بوردلي (Onboardly) - وهي شركة كندية تُعنى بمجال العلاقات العامة والتسويق للشركات الناشئة - القيام بالشيء نفسه؛ إذ يجتمع الفريق كاملاً في جلسة عصف ذهني تمتد لساعة من الزمن يحاول بها الفريق الربط بين أشياء لا يبدو أنَّه يوجد بينها أيَّة علاقة، مثل إعلان حفاضات الأطفال وفرشاة أسنان أو قطع غيار سيارات مع إعلان كريم للحلاقة أو كتاب جديد ومسحوق لتنظيف السجاد.

يصرِّح الرئيس التنفيذي للشركة رينيه وارين (Renee Warren): "في كلِّ مرة نتَّبع بها هذه الطريقة نتوصل إلى ما لا يقلُّ عن عشرة أفكار أو أساليب أو وجهات نظر جديدة".

2. انظر للمسلمات بفضول:

يضرب روكي مثالاً على رغيف الخبز؛ إذ يقول إنَّه لم يكن مألوفاً بالنسبة إلى الأمريكيين الأصليين الأوائل، ولو شاهده أحدهم لتعامل معه بوصفه شيئاً عجيباً رغم أنَّه شيء عادي جداً بالنسبة إلينا، ويجب أن نتعامل مع الأشياء المألوفة بالطريقة نفسها، وكأنَّنا نراها لأول مرة.

بدأت جودي شو (Jody Shaw) رئيسة قسم التسويق العالمي في شركة "كادينس إنترناشيونال" (Kadence International) بإجراء بعض جلسات العصف الذهني بتقسيم المشاركين إلى مجموعات وتسليم المشاركين أشياء عشوائية، مثل: عصا المسابح ومكعبات البناء وغير ذلك، وأعطت كلُّ مجموعة خمس دقائق للخروج بابتكار فريد للشيء الذي بحوزتها وإعطائه اسماً فريداً وتقديم عرض مُنتج عن هذا الشيء لأعضاء المجموعات الأخرى، وتقول شو إنَّ هذا التدريب مريح للموظفين ويجعلهم يفكرون بطريقة إبداعية.

شاهد أيضاً: أسهل 6 طرق لتوليد أفكار رائعة

3. امتلك شغف الأطفال:

من المفيد في العصف الذهني أن نرى الأمور من منظور الأطفال، يقول مايك ماي (Mike May) رئيس شركة "سبير ون" (Spear One): "يجلب الموظفون لدينا معهم الشوكولاته والقهوة ومعجون الألعاب وأقلام التلوين والدُمى، وهذه الأشياء تساعدهم حقاً على التفكير بطريقة إبداعية في أثناء جلسات العصف الذهني للتوصل إلى أفكار مبتكرة عن مشاريع خدمة العملاء".

نجد موظفي بعض الشركات الأخرى يبدؤون جلسات العصف الذهني بالرسم بأقلام الطباشير الملون وغيرها، وهذا يساعدهم على الخروج بحلول مبتكرة للمشكلات.

إقرأ أيضاً: 17 تقنية للعصف الذهني لاستلهام أفكار أكثر إبداعاً

4. اجعل موظفيك يستلهمون من المشاهير:

في شركة "كيسيل كوميونيكيشن" (Kessel Communication) يضع المشرف على جلسة العصف الذهني أسماء المشاهير في ظرف، ويعطي لكلِّ مشارك في الجلسة ظرفاً مختلفاً، ويُطلب من كلِّ عضو في الفريق كتابة ما يعتقد أنَّ الشخص المشهور سيفعله لو كان مكانه؛ ومن ثمَّ يشارك أعضاء الفريق أفكارهم مع بعضهم بعضاً، الأمر الذي يساعدهم على الاستفادة من أفكار زملائهم.

تقول جويل كيسيل (Joel Kessel) رئيسة الشركة: "تجعل هذه الطريقة الأفكار الإبداعية تتدفق بسهولة وبطريقة ممتعة، وعادةً ما تكون فعالة أكثر من الطريقة الاعتيادية في سؤال الموظفين عن رأيهم في المشكلة".

إقرأ أيضاً: العصف الذهني وأهميته في إيجاد الحلول لمشاكلك

في الختام:

يمكنك سواء كنت موظفاً عادياً أم عضو مجلس إدارة أم رئيساً لشركة الاستفادة أيضاً من ملاحظات الخبراء التي ذكرناها، وتطبيق النصائح أعلاه للقيام بالعصف الذهني بطريقة احترافية، وتحقيق أكبر فائدة من الروح الإبداعية لدى الفريق.




مقالات مرتبطة