4 فوائد لطلب مساعدة الآخرين ومشورتهم

أحياناً نمتنع عن طلب مشورة الآخرين أو مساعدتهم خوفاً من الرفض، وتبرز هذه النزعة في كثير من المواقف الحياتية؛ كأن تتعطل سيارتك قبل موعد هام، ولا يكون لديك الوقت الكافي لإصلاحها أو لطلب سيارة أجرة، وتودُّ في قرارة نفسك أن تطلب من جارك أن يقلَّك؛ لكنَّك تخشى أن تفرض نفسك عليه، أو أن تصادف شخصاً يقرأ كتاباً لمؤلِّفك المفضل في أحد الأماكن العامة، أو عن موضوع يثير اهتمامك، وأنت ترغب في أن تفتح معه حديثاً شائقاً من ناحية، لكنَّك تخشى أن تتعدى على خصوصيته من ناحية أخرى، أو أنَّك مرشح لفرصة عمل واعدة، وعلمتَ أنَّ أحد معارفك على معرفة بربِّ العمل الذي يحتمل أن تعمل في شركته، وأنت تريد أن تطلب منه أن يتدخل ويقدمك له؛ لكنَّك تخشى أن تضعه في موقف محرج وتضغط عليه بحاجتك.



تنم هذه المواقف عن خوفك من التعرض للرفض، أو تخطيك لحدود العلاقة، أو ربما أنت تخشى أن تكون مزعجاً أو ثقيلاً على الطرف الآخر، ولا شك في أنَّ ثمَّة حدود في العلاقات والتعاملات، وقد يتخطاها الإنسان في بعض الأحيان.

تحدث مثل هذه المواقف بصورة طبيعي في الحياة، وعندها لا ضير في طلب المساعدة على الإطلاق، وفيما يأتي 4 فوائد لطلب المساعدة من الآخرين:

1. الشعور بالرضى الذاتي:

ثمة سبب وجيه لرواج العبارة المبتذلة: "لا ضير من السؤال" حتى يومنا هذا؛ فما من أحد سيتوانى عن مد يد العون لصديقه المحتاج، أو عن تلبية طلبات الآخرين، وخدمتهم على حساب راحته الشخصية، وتفيد إحدى مسلمات علم النفس الإنساني بأنَّ الفرد يشعر بالرضى تجاه نفسه وتجاه الآخرين عندما يعطي أكثر من رضاه عندما يأخذ.

قد خلصت إحدى الدراسات التي أُجريَت في جامعة "سايمون فريزر" (Simon Fraser University) في كندا إلى أنَّ الأطفال الصغار بعمر الثانية يستمتعون بتجربة العطاء ويختبرون فيها لذة أكبر من تجربة الأخذ والامتلاك؛ ما يعني أنَّ نزعة العطاء متأصلة ضمن الطبيعة البشرية.

يتضح ممَّا سبق أنَّ المشاعر الناجمة عن العطاء تبعث الرضى أكثر من تلك الناجمة عن التلقي؛ ما يعني أنَّه ليس ثمة أنبل من طلب المساعدة ومنح شخص آخر فرصة ممارسة العطاء، وفي أسوأ الحالات يمكن أن يرفض الطرف الآخر تقديم المساعدة، وعندها لن يتأثر وضعك إطلاقاً، ويمكنك أن تمنح شخصاً آخر فرصة العطاء.

إقرأ أيضاً: 7 خطوات لبلوغ الرضا عن الذات

2. تقوية أواصر العلاقة:

في حال وافق الطرف المقابل على تلبية مطلبك؛ فإنَّ العلاقة بينكما ستتوثق، وقد تكسب صديقاً جديداً؛ إذ اكتشف الفيلسوف والمؤلف الأمريكي "بنحامين فرانكلين" (Benjamin Franklin) بعد أن طلب استعارة كتاب نادر من أحد منافسيه في المجلس التشريعي أنَّ سلوك زميله تحوَّل من التجاهل إلى المودة، ناهيك عن أنَّ بعض الأشخاص قد يرغبون في أن تتقرب منهم وتطلب مساعدتهم.

لقد أظهرت إحدى دراسات "جامعة شيكاغو" (University of Chicago) أنَّ ركَّاب القطارات يفضلون التحدث مع الغرباء في أثناء الرحلة بدلاً من أن يجلسوا وحدهم؛ لكنَّهم يحافظون على عزلتهم على الرغم من ذلك خوفاً من رد فعل الطرف الآخر على اقتحام خصوصيته أو مساحته الشخصية.

شاهد بالفديو: 8 نصائح لإظهار التعاطف ومراعاة الآخرين

3. تحصيل مزيد من المعارف والحكمة:

يشرح محامي المرافعات اللامع الأمريكي "جيري سبينس" (Gerry Spence) الفكرة بالصيغة الآتية: "لقد تعلمتُ من سلوكات الحيوانات أكثر ممَّا تعلمته من جميع الكتب البارزة التي قرأتها في حياتي، فتنتج حكمة الحيوانات عن عجزها عن كبح رغباتها، بخلاف الحياة الإنسانية المليئة بالمراوغة والألاعيب، ولم تعلمني الكتب أنَّني يمكن أن أزداد نجاحاً عندما أطلب تلبية حاجاتي الطبيعية من الحب مثلاً".

البشر كائنات اجتماعية بالفطرة، ويكون الإنسان في أفضل أحواله في أثناء تفاعله مع الآخرين؛ ومن ثمَّ ليس ثمة سبب منطقي لحرمان الآخرين من فرصة مساندتك ومعاملتك، ولا لحرمان نفسك من تلبية حاجتك.

4. تحقيق النجاح:

ينطبق المبدأ نفسه في مكان العمل؛ فقد يخشى الفرد أن ينم سؤاله أو مطلبه عن عدم أهليته؛ فيمتنع عن طرح الموضوع على مديره أو زملائه؛ لكنَّ استعداد المرء في حقيقة الأمر لطلب المساعدة أو المشورة سيؤدي إلى تحسين الأداء في العمل وإثارة إعجاب الآخرين بسبب مهارات العمل بروح الفريق التي يتمتع بها.

يقول المؤلف المتخصص في مجال الأعمال "برنارد مار" (Bernard Marr): "لا يرى الإنسان الناجح أنَّه يمتلك جميع المعارف والخبرات اللازمة؛ بل إنَّه يشدد على أهمية الاستثمار في نفسه من خلال المداومة على التعلم والتدريب، وهذا يشمل طلب النصيحة عند الحاجة"، ثمَّ يقتبس من المناضل الهندي "مهاتما غاندي" (Gandhi): "عِشْ حياتك كأنَّك ستموت غداً، وتعلَّم كأنَّك ستعيش إلى الأبد".

إقرأ أيضاً: 15 نصيحة تساعدك في تحقيق النجاح في أي مجال

في الختام:

تجدر الإشارة إلى المؤلفة "جيليان زوي سيغال" (Gillian Zoe Segal) التي استلهمت خلال عملها على كتاب "تحقيق الأهداف: كتاب من المنتورز" (Getting There: A Book of Mentors) من قصة الصحفية "سارا بليكلي" (Sara Blakely) التي أصرت على لقاء صاحب شركة ملابس داخلية بعد أن انتظرته مراراً وتكراراً في غرف الاستقبال، وأقنعته بإنتاج نموذج تجريبي لعلامتها التجارية "سبانكس" (Spanx) التي أصبحت بفضلها أصغر مليارديرة في العالم.

تصف المؤلفة "سيغال" كيف استجمعت قواها وتجرأت على الحديث مع رجل الأعمال الأمريكي "وارن بافت" (Warren Buffett) في فعالية خيرية، وحدثته عن كتابها الذي تصدر قائمة أكثر الكتب رواجاً فيما بعد بفضله.

لا شك في أنَّ التحدث إلى أحد أثرياء العالم وطلب خدمة منه يُعَدُّ تصرفاً غير عقلاني على الإطلاق؛ لكنَّه يؤتي ثماره في نهاية المطاف، وتفيد الحكمة القديمة بأنَّ الإنسان الخجول يستحيل أن يصبح حكيماً، ولن تتعلم وتنضج وتتقدم في حياتك ما دمت لا تجرؤ على طلب المساعدة والمعرفة من الآخرين، وإنَّ من لا يتعلم وينضج لن يتسنى له تحقيق النجاح.

في حال كنت بحاجة إلى معلومة، أو نصيحة، أو مساعدة، أو رفقة عندئذٍ لا تتوانَ عن السؤال، وإذا قوبل طلبك بالرفض فلا بأس في ذلك ولا داعي لأن تأخذ الموقف على محملٍ شخصيٍّ، فيجب أن تضع في حسبانك وجود عدد كبير من الأشخاص التواقين لتلبية حاجتك ومساعدتك.




مقالات مرتبطة