4 علامات تدل على أنك تدير الموظفين إدارة تفصيلية

هناك العديد من الأسباب التي تدفع المدير إلى اتباع النهج العملي المباشر لزيادة الإنتاجية، ولكنَّ "الإدارة التفصيلية" غالباً ما تنبع من القلق من عدم إمكانية الموظف القيام بالمهمة بشكلٍ جيد دون إشراف المدير عن كثب.



في أسوأ الأحوال، فقد تُثقِل الإدارة التفصيلية الحِملَ على كاهل الموظفين ذوي الأداء العالي، الذين يعلقون بين مرحلة إثبات جدارتهم في القيام بالعمل الموكل إليهم، وبين القيام بعملهم الأساسي.

يقول "غوريك نغ" (Gorick Ng) المستشار الوظيفي في "جامعة هارفارد" ومؤلف كتاب "القواعد غير المعلنة: أسرار لبدء حياتك المهنية بداية صحيحة" (The Unspoken Rules: Secrets to Starting Your Career Off Right): "لا يطمح أحدٌ أن يكون مديراً تفصيلياً، ولا أن يكون مديراً سيئاً، ولا يطمح أحدٌ أن يبدأ يومه بالتفكير قائلاً: كيف يمكنني أن أجعل حياة فريق العمل صعبة قدر الإمكان؟ وعلى الرغم من ذلك، يصبح الناس مديرين سيئين، أو تفصيليين، بسبب عدم الثقة بموظفيهم؛ مما يسبب القلق".

إذا كنتَ تتساءل ما إذا كانت عمليات التحقق المستمرة من مهام الموظفين وطلبات تحديثات الحالة أولاً بأول، قد انحرفت عن مسارها الصحيح لتعكس إدارتك التفصيلية، فإليك علامات على الإدارة التفصيلية:

1. التحقق من أداء الموظفين لسببٍ واحدٍ وهو القلق:

 تقول المستشارة "كيمبرلي بي. كامينغز" (Kimberly B. Cummings): "الإدارة التفصيلية ضرورية في بعض الأحيان اعتماداً على مستويات تحفيز وتطوُّر الموظفين الفردي".

ولكن يمكن أن تتحول إجراءات التحقق المتكررة في إدارتك لفريقك، إلى إدارة تفصيلية دقيقة بغير قصد؛ وذلك عندما لا تمنحهم الفرصة لإثبات كفاءتهم، حتى مع إثبات سجلهم المهني معرفتَهم التامة بما يفعلونه.

لمعرفة الفارق بين التحقق من حالة تنفيذ المهام المبررة وغير المبررة، تنصح المستشارة القيادية "كامينغز" بطرح أسئلة حول هذا الموضوع مثل: "ما هو سجل نجاح هؤلاء الموظفين؟ هل أكملوا مهامهم في الوقت المحدد؟ وهل يُظهِرون فهماً كاملاً لدورهم والمهام والمشاريع الموكلة إليهم؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف أظهروا فهمهم للأمر؟ وهل سيكون هذا الشخص قادراً على القيام بالعمل الذي أوكلته إليه إذا تم إعداده بشكل مناسب؟".

يمكن أن تساعدك الإجابات عن هذه الأسئلة على فهم متى تكون حاجتك للتحقق من مهام الموظفين سلوكاً قهرياً - مع العلم أنَّه لن يفيدك التحقق المستمر في تهدئة أعصابك - ومتى يكون الإشراف الدقيق ضرورياً.

ووصفت المستشارة القيادية "كامينغز" أسلوب الإدارة التفصيلية: "عندما يكون تاريخ التسليم على سبيل المثال الأسبوع المقبل، ولم يسبق لهم تسليم شيء بوقتٍ متأخر، فيبدأ القائد بممارسة الإدارة التفصيلية عن طريق المتابعة الدقيقة المستمرة قائلاً: حسناً، ماذا يحدث بهذا الشأن؟ ماذا يحدث على الشريحة السابعة؟ هل وصلتَ للشريحة 10 أم لم تصل بعد؟ وهل يمكنك أن تخبرني ماذا يوجد هناك؟ تذكَّر أن تفعل ذلك بهذه الطريقة، وبهذا نلاحظ أنَّ الموظف لم يحصل حتى على فرصة للعمل على الأمور بعد".

إقرأ أيضاً: 9 استراتيجيات فعالة لإدارة الفرق

2. إسناد المهام دون ذكر تفاصيل واضحة لكيفية إنجازها:

يجب أن يتوافق أسلوب الإدارة مع الاحتياجات الفردية للموظفين، ويمكن أن تتغير هذه الاحتياجات والمهارات مع تطوُّر علاقة العمل؛ حيث يحتاج الموظف الجديد إلى إجراءات التحقق المستمرة والإشراف للإسراع، ولكنَّه لن يحتاج لها بعد مدة؛ لذا عليك أن تكون واضحاً وصريحاً حول سبب إشرافك على الأشخاص عن كثب؛ مما سيجعل عملية المراقبة أسهل عليهم.

شاركت المستشارة القيادية "كامينغز" مثالاً من تجربتها في الإدارة؛ حيث عملَت في منظمة وارتكزت سياستها الإدارية على الإبلاغ عن مجريات العمل أولاً بأول بشكلٍ علني للمسؤول، وانتهجت سياسة الشفافية مع أعضاء الفريق الجدد لبيان خططها من الإشراف عليهم عن كثب، ومتابعة كيفية القيام بالعمل؛ وذلك لإعدادهم للنجاح والتأكيد على الاستماع لأفكارهم.

وتوجَّهت المستشارة القيادية "كامينغز" بالحديث لأعضاء فريقها قائلةً: "أريدكم أن تكونوا مكتفين ذاتياً وتعتمدوا على أنفسكم في أداء المهام؛ لهذا سنتابعكم متابعة دقيقة في أول 90 يوماً؛ وذلك لأنَّ صقل عملية التواصل الفعالة بيننا هو جلُّ اهتمامنا، فنحن نتواصل باستمرار قبل أي اجتماع كبير".

يقول المستشار "غوريك نغ": "قبل التحقق من أداء الموظف لمعرفة التقدم المحرَز في إنجاز المهمة، تأكد من مشاركته سبب وأهمية أداء المهمة وكيفية أدائها، ووفِّر له الأدوات المناسبة لذلك، وحدِّد له وقتاً واضحاً للتسليم، وعندما توضِّح هذه الأمور، تكون قد قطعتَ شوطاً بعيداً عن انتهاج سياسة الإدارة التفصيلية في وقت لاحق.

3. المبالغة في التركيز على التفاصيل الصغيرة:

تنشغل سياسة الإدارة التفصيلية بالتفاصيل غير الهامة لكيفية إنجاز العمل، وتغفل تأثير ذلك في الموظفين، قالت الكوتش المهنية في مجال الموارد البشرية "أنجيلا كاراكريستوس" (Angela Karachristos): "سيكون الأمر محبِطاً، عندما يتوقع الموظفون تركيز قادتهم على الصورة الكبيرة والرؤية المستقبلية للعمل، بينما يُفاجَؤون بتركيزهم على التفاصيل الصغيرة، سيكون تقييم الأشياء الصغيرة على نحوٍ أكثر صرامة محبطاً ومثبطاً للعزيمة".

على سبيل المثال: إذا تم إعداد تقرير مشروع كبير في الوقت المحدد، ولكن انصبَّ تركيز المدير على كلمة واحدة أو صورة كانت - في رأيه - في غير مكانها، فإنَّ ذلك سيعكس سلوك الإدارة التفصيلية المحبط.

إقرأ أيضاً: 6 خطوات لتحسين أداء الموظفين باستخدام الكوتشينغ

4. قناعتك الدائمة بصحة وأفضلية طريقتك في إنجاز الأمور:

تشرح الكوتش "كاراكريستوس": "إحدى العلامات البارزة للمديرين الذين يتبعون أسلوب الإدارة التفصيلية هي رغبتهم الدائمة في إعداد موظفيهم للعمل كما يعملون هم تماماً، فهم يميلون للتواصل مع موظفيهم بطريقة توحي بصحة أداء العمل بطريقة واحدة فقط، وهذا سيقتل الدافعية والإبداع".

يُعَدُّ التفكير من هذا المنطلق الضيق خطأً شائعاً يرتكبه العديد من المديرين الجدد؛ إذ يعتقدون أنَّ على الجميع التصرف كما يتصرفون تماماً، وأن يطمحوا للأشياء نفسها التي يريدونها لأنَّها الطريقة الوحيدة التي أثبتت فاعليتها معهم.

وتوضح المدربة "كاراكريستوس" أنَّه في حال اتُّفِق على القيام بمهمة بطريقة معينة، فيجب إبلاغ الموظفين بالتوقعات مقدَّماً، ويجب تقديم الدعم المعنوي للارتقاء بالعمل إلى هذا المعيار المطلوب.

على الرغم من أنَّ إجبار الموظفين لتسيير المشاريع بطريقة المدير سيؤدي إلى إنجازها على أي حال، إلا أنَّها ليست استراتيجية فعالة على الأمد البعيد إذا كنت تريد أن يكون فريقك في أفضل حالاته.

ويكمل المستشار "غوريك" شرح الفكرة، إن لم توضِّح لموظفيك تفاصيل الزمان والمكان وكيفية أداء المهام فلن يقوموا بأدائها كما ترغب، ونتيجةً لذلك، ستشعر بالحاجة إلى انتهاج الإدارة التفصيلية معهم، وبهذه الطريقة تصبح الإدارة التفصيلية خسارة للطرفين كليهما: حيث سيعلق المديرون بالمزيد من العمل غير المنجَز بكفاءة، وسيخسر الموظفون فرص التعلم الثمينة.

وأوضح المستشار "غوريك": "سيهبك سلوك الإدارة التفصيلي ما تريد لمدة قصيرة، ولكنَّه سيحقق الفشل في تعليم وتمكين أعضاء فريقك، وستحتاج لانتهاج الإدارة التفصيلية مراراً وتكراراً؛ إذ كلما أثقلتَ كاهلك بتحمُّل عبء العمل والتفاصيل الدقيقة فيه زاد الحمل مع مرور الوقت؛ حيث سيزيد عدد الأشخاص المنكفئين على أنفسهم بانتظار أن تملي عليهم كلَّ خطوة تالية".

المصدر




مقالات مرتبطة