4 عادات مسائية تزيد من إنتاجيَّتك

من الصعب جداً الاسترخاء والراحة والاستعداد لنيل قسطٍ كافٍ من النوم في الليل بعد يوم عملٍ شاق، وكثيراً ما كنتُ أجدُ نفسي أعمل أو أقرأ أو أشاهد البرامج التلفزيونية حتَّى وقتٍ متأخر حين لم يكن لديَّ روتين مسائي أتَّبعه يومياً، وعندما أكون مستعدَّاً للخلود إلى النوم، أجدُ نفسي غير قادرٍ على ذلك، بسبب ضجيج عديد من الأفكار داخل عقلي، والتي لا أرغبُ بها في ذلك الوقت من اليوم، فلا تخفى على أحدٍ الصعوبات التي يواجهها معظم الناس في نومهم؛ إذ يصرِّح 45% من الأمريكيين بأنَّ النوم القليل أو غير الكافي قد أثَّر في أعمالهم ونشاطاتهم اليومية مرةً واحدةً على الأقل في الأيام السبعة الماضية؛ وذلك وفقاً لـ "المؤسَّسة الوطنية للنوم" (National Sleep Foundation).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "داريوس فوروكس" (Darius Foroux)، ويُحدِّثنا فيه عن خطواتٍ لروتين مسائي يمكن اتباعه لزيادة الإنتاجية وتحقيق مزيد من الإنجازات. 

ربَّما يكون لديك روتين صباحي مثالي، وتقويمٌ كاملُ التخطيط، ونيةٌ بملْء يومك بالأشغال والأمور المفيدة، ولكنَّك لن تكون مُنتجاً إطلاقاً خلال يومك إن كنتَ تفتقر إلى الطاقة، وقد جرَّبت كثيراً من الروتينات المسائية والصباحية خلال الأشهر الستة الماضية، ووجدتُ أنَّه من السهل اتباع روتين صباحي في حياتنا، إلَّا أنَّه يسهُل التخلي عنه أيضاً، فغالباً ما نتراجع ونعود لعاداتنا القديمة وغير المفيدة حين نستيقظ مُتعَبين في الصباح، والنتيجة النهائية لذلك هي خسارتك أمام الحياة التي تنتصر عليك، لينتهيَ بك الأمر متوتراً ومشوَّش الذهن وفاقداً لتركيزك وسيطرتك على نفسك ومفتقراً إلى السعادة إجمالاً.

لذا؛ فقد أنشأتُ لنفسي روتيناً مسائياً يساعدني على الاستعداد لبعض النوم والراحة اللذين أنا في أمسِّ الحاجة إليهما، فجميعُنا نعلم بأنَّه يجب أن نحصل على 7-9 ساعاتٍ من النوم الجيد في الليل، ولكنَّ الحياة تعوق ذلك في كثير من الأحيان، فلا نتَّبع تلك الإرشادات مبتعدين في ذلك عن الاتزان والمنطق السليم، ولكنَّني وجدتُ طريقةً جيدة باستخدام الروتين المسائي الذي سأتحدث عن خطواته فيما يأتي لإضفاء مزيدٍ من الثبات والاتساق إلى أمسياتي، ومن ثمَّ إلى حياتي كاملةً، وتتمثَّل خطواته بالشكل الآتي:

1. كتابة اليوميات لمدة 10 دقائق:

أخصِّصُ عشر دقائق لكتابة يومياتي كلَّ مساء؛ إذ أكتبُ في بضعة جملٍ ما حقَّقته من إنجازات وما تعلَّمتُه وأي شيءٍ يستحقُّ التذكُّر؛ إذ يساعدني هذا التمرين البسيط على تذكُّر ما فعلته خلال اليوم، وربَّما يبدو ذلك سخيفاً، ولكنَّنا ننسى مُعظم الأشياء التي نفعلها، كما يساعدني أيضاً على مراجعة التقدُّم والتطوُّر الذي أُحرِزه والتحقُّق ممَّا إذا كنتُ أفعل جميع الأشياء التي ينبغي عليَّ فعلها؛ كالقراءة، والكتابة، وممارسة التمرينات الرياضية، وقضاء الوقت مع عائلتي، والتحدُّث إلى الأشخاص الذين أعمل معهم.

لقد تعلَّمتُ هذا التمرين من الكاتب ورائد الأعمال الأمريكي "جيم رون" (Jim Rohn)، الذي يقول: "في نهاية كل يوم، عليك أن تعيد مراجعة أدائك عن طريق تذكُّر إنجازاتك اليومية، فإمَّا أن تنال نتائج ذلك استحسانك، أو أن تحفِّزَك على فعل المزيد"، فالأمر بسيطٌ جداً؛ إذ يجب عليك إنهاء يومك قبل أن تبدأ يوماً جديداً غداً، وكذلك إنهاءُ كل أسبوعٍ تعيشه قبل البدء بأسبوع جديد، والأمر مشابهٌ لكل شهرٍ وسنة، وتُعَدُّ هذه واحدةً من الأفكار البسيطة التي لها تأثير كبير في حياتك.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح لتغيير عاداتك الصباحية، وجعل يومك أكثر إنتاجية

2. مراجعة تقويم أو جدول مواعيد الغد لمدة 10 دقائق:

يُعَدُّ ذلك أمراً ضرورياً وأساسياً، فحين نستيقظ صباحاً، نرغبُ بمعرفة تفاصيل يومنا بدقة؛ كوجود اجتماعات، أو مكالمات هاتفية هامَّة علينا إجراؤها، أو مواعيد نهائية علينا الإيفاء بها، أو واجبات مُعيَّنة لتنفيذها، أو موعد ممارستنا للتمرينات الرياضية، أو تسوية الأمور العاجلة في جدول أعمالنا والتعامل معها في حال وجود بعض منها؛ إذ يخلِّصُني هذا التمرين البسيط من كلِّ الضغط النفسي والقلق الذي أعانيه تقريباً.

ينجم مُعظم القلق عموماً عن مشكلاتٍ دون حل، كما أنَّنا غالباً ما نقلق بخصوص مشكلاتٍ غير حقيقيةٍ حتى، ولكنَّك حين تخبر نفسك بأنَّك ستعمل على حل مشكلة مُعيَّنة وإصلاحها منذ الساعة 10 صباحاً وحتى الساعة 11 صباحاً، فإنَّك ستشعر بالاسترخاء والراحة والطمأنينة، كما أنَّك لن تستطيع فعل أي شيءٍ في وقتٍ متأخر من المساء، فما عليك إلَّا أن تخلد للنوم فوراً، وتترك حلَّ المشكلات ليوم الغد حين يكون عقلك صافياً ومُفعَماً بالحيوية.

3. تجهيز ملابسك التي سترتديها في الغد لمدة 5 دقائق:

قد ينعتني أحدهم بالفاشل أو الفارغ بعد قولي هذا، ولكنَّني لا أريد إجهاد عقلي دون ضرورة، فالعقلُ يشبه العضلة؛ إذ تنفد منه طاقته ويُصاب بالتعب بعد اتخاذ قدرٍ مُعيَّن من القرارات، وهذا يعني تدهور أو انخفاض جودة القرارات التي نتخذها بعد ذلك، وهو ما يُدعَى بملل القرار.

لكن ليس عليك القلقُ بشأن هذا في المساء؛ لأنَّك متَّجهٌ إلى سريرك كي تخلد للنوم ويتمكَّن دماغك من الراحة وإعادة شحن طاقاته، ومن ثمَّ لا مانع من بضعة قراراتٍ إضافية، إلَّا أنَّ هذه القرارات الإضافية القليلة ستضرُّك وتُسيء إلى إنتاجيَّتك وتؤثِّر فيها سلباً عند التفكير بملابسك في الصباح؛ إذاً لا مانع من تجهيز الملابس التي سترتديها في المساء، كي لا تُضطَر إلى استخدام قوَّتك الذهنية الثمينة في الصباح واستهلاكها.

4. التصوُّر والتخيل لمدة 5 دقائق:

أعرفُ كيف سيبدو يومي؛ لأنَّني راجعتُ جدول مواعيدي في وقتٍ سابق، وما عليَّ فعله هو تخيُّل أحداث يومِ الغد بالتفصيل.

يتحدث الكاتب والصحفيُّ الأمريكي "تشارلز دويج" (Charles Duhigg) عن هذا التمرين في كتابه المُسمَّى "كن أذكى وأسرع وأفضل" (Smarter Faster Better)؛ إذ يذكر كيفيةَ تخيُّل الأشخاص الأكثر إنتاجيةً لأحداث أيامهم بجودة ودقة أكبر ممَّا نفعله، وأفضِّلُ ممارسة هذا التمرين في المساء كي أستطيع تذكُّر ما تخيَّلته حين أستيقظ في صباح اليوم التالي.

لقد نتج عن هذا الروتين المسائي أنَّني توقفتُ عن أخذ مزيد من الغفوات صباحاً، فكثيراً ما كنتُ أضغط في الماضي على زرِّ الغفوة بعد أن يرنَّ المنبِّه على هاتفي المحمول.

إقرأ أيضاً: 5 مواقع وتطبيقات رائعة تساعدك على زيادة الإنتاجية

في الختام:

بسبب هذا الروتين المسائي الذي يستمرُّ لمدة 30 دقيقة، أصبحتُ أخلدُ إلى النوم دون توتر أو ضغط نفسي، وأستيقظ بتركيزٍ كبير، وأعرف تماماً ما يجبُ عليَّ فعله لتحويل يومي إلى نجاحٍ باهر، وهو ما أرغب بتحقيقه من خلال هذا الطقس الجديد؛ إذ تبدو الثلاثون دقيقةً من مسائك عائدَ استثمارٍ جيد إن أردتَ تحسين حياتك؛ لذا أنصحك بتجربته اليوم واكتشاف ذلك بنفسك، ولا تتفاجأ إن استيقظتَ غداً صباحاً مستعداً لتحقيق أعظم الإنجازات.




مقالات مرتبطة