4 طرق للتوقف عن القلق وتولي مسؤولية حياتك

إنَّه لمن المُحبِط والمثير للاستياء ألَّا تعرف السبب الذي يمنعك من أخذ استراحة قصيرة والتوقف لبرهة عن الشعور بالقلق والمخاوف؛ إذ تفكِّر مليَّاً بعديد من الأمور التي تشغل بالك، وتتأمَّل بها مُطوَّلاً، وتحاول إيجاد حلٍّ جذري لمشكلة ما تعاني منها في حياتك، لتجدَ في نهاية المطاف أنَّك لم تحقق أي فائدةٍ تُذكَر من ذلك كله.



ربَّما قررتَ من قبل أن تتوقف عن القلق تماماً دون أن تفكِّر بأي شيء وتصفِّي ذهنك تماماً، ووجدتَ أنَّ الأمرَ فعال وناجحٌ في البداية، ثمَّ لم تلبثْ تلك الأفكار والمخاوف أن عادت من جديد، لتجدَ نفسك خائفاً من فقدان الماضي، في حين يرهِقك ويُثقل كاهلك التفكير في المستقبل.

الآن تفكِّر فيما يجب عليك إنهاؤه من واجبات وأعمال، ومن ثمَّ تشعر بالأسف بشأن حدثٍ ما في الماضي، وهكذا يتواصل سيلُ الأفكار في رأسك واحدةً تلو الأخرى، ولا تتمكَّن من تصفية ذهنك وتذوُّق طعم الراحة ليلاً، ممَّا يُتعبك نفسيَّاً شيئاً فشيئاً.

إن كنتَ تتساءل عمَّا يحدث لك، أو عن العيب والمشكلة التي تعاني منها، فإنَّك لا تعاني أيَّ خطبٍ أو مشكلة إطلاقاً، أمَّا بالنسبة إلى السبب الذي يدفعك للقلق باستمرار مهما حاولت التوقف عن ذلك، فمن الممكن أن يكون أنَّ كلَّ ما تفعله للتوقف عن الشعور بالقلق هو مُجرَّد مضيعة للوقت.

لن نتحدث في هذا المقال عن نسيان الأفكار المُقلِقة والاستغناء عنها لبعض الوقت فحسب؛ بل سنتطرق لطرائق القضاء على القلق والتخلص منه؛ فمن الطبيعي أن تشعر بالقلق والتوتر حين يكون لديك الكثير من الأشياء لتفكر بها، لكنَّها في الواقع مجموعة من التُرَّهات والأفكار التافهة التي لا أهمية لها.

تخيَّلْ أنَّك تحفر ثقباً في قطعة من الخشب باستخدام المثقاب؛ فإن حفرتَ فيها حتى المُنتصَف، ستجدُ أنَّ لوح الخشب سيصمد ويظلُّ متماسكاً؛ أمَّا حين تُكمِل الحفر عبرَ لوح الخشب حتى نهايته، سيفقد صلابته وتماسكَه ولن يعود قادراً على حمل أي أثقال.

يمكن وصف العقل البشري مثل ذلك اللوح الخشبي؛ فإن استمريتَ بالبحث والتنقيب ضمن أفكارك المُقلِقة وذكرياتك الأليمة ودخلتَ في دوَّامة القلق البشعة، ستصل إلى مرحلةٍ لا يستطيع فيها عقلُك أن يستوعب فكرة إيجابية واحدة حتَّى أو يحتفظ بها، ومن المُحتمَل أيضاً أن يقودك ذلك لتتحول إلى شخصٍ أناني همُّه تصيُّد أخطاء الآخرين والثرثرة بكلام لا فائدة منه، وقضاء وقته في التأمل والتفكير المُطوَّل ليجدَ نفسَه في النهاية أنَّه أقل إنتاجيةً وإنجازاً.

لكن باستطاعتك تعلُّم كيفية إيقاف جميع الأفكار المُزعِجة والهموم والمخاوف ومنعها من الدخول إلى عقلك حتَّى، وقبل أن تبدأ بتعلُّم ذلك عليك أن تكون مستعداً للتغيير والتخلي عن طريقة تفكيرك القديمة التي اعتدتَ عليها وقادراً على أن تثق بنفسك لتتخذ طريقةً جديدة تماماً للتعامل مع الحياة.

شاهد بالفيديو: 9 خطوات تساعدك على السيطرة على القلق

إليك أربع طرائق فعَّالة للقضاء على القلق والتخلص منه في حياتك نهائياً:

1. مراقبة أفكارك:

تقول الكاتبة الهولندية "كوري تن بوم" (Corrie ten Boom): "لن يقضي القلقُ على أحزان الغد ولن يمحوها، وإنَّما يقضي على قوة اليوم وتأثيره"؛ لذا عليك أن تبدأ بالتركيز والانتباه جيداً لكل ما يحصل في داخلك من مشاعر وتخبُّطات.

خصصْ بعضَ الوقت للجلوس في مكان هادئٍ، والإنصات إلى أفكارك التي تجول في ذهنك، ولا تطلقْ الأحكام عليها أو تنتقدْها؛ بل راقبْها فحسب بحذر وانتباه شديد، وستلاحظ أنَّ تلك الأفكار تجول في أي مكانٍ داخل عقلك؛ لذا كلُّ ما عليك فعلُه هو مراقبتها باستمرار مع إخبار نفسك دوماً بأنَّك يقظٌ وواعٍ ومُدرك لها.

بذلك؛ ستختفي الأفكار السلبية والمخاوف مباشرةً بمُجرَّد أن تخطر على بالك، ويمكنك تكرارُ ذلك في أي وقتٍ تراودك فيه تلك الأفكار والهموم، وستجدُ أنَّ عقلَك سيدخل في حالةٍ من اليقظة والتنبُّه وينشغل في اللحظة الراهنة.

2. الوعي بأحاسيسك الجسدية:

عليك التنبه لكلِّ ما يحدث من حولك وإدراكه والتركيز فيه جيداً؛ فعلى سبيل المثال، عليك أن تراقب الطريقة التي تتحرك بها يداك الآن وأنتَ تمرر الصفحة للأعلى والأسفل عند قراءة هذا المقال، وتشعرَ بها جيداً، وتحرصَ على أن تكون واعياً لِما يحدث وحاضراً في اللحظة الراهنة، لاحظْ كذلك ردود فعلك واستجابة جسمك للأحداث من حوله، أو يمكنك أن تغسل يديك في وعاءٍ من الماء وتشعر بحركة الماء في الوعاء في أثناء تساقط قطرات المياه فوقَه.

حين تراودك المخاوف والأفكار التشاؤمية، راقبْها وقُلْ لنفسك أنَّك حاضرٌ في اللحظة الراهنة في منزلك أو مكان عملك أو غيره، ولستَ في الوهم الذي تخلُقه تلك الأفكار وتخدعك به.

3. استبدال الأفكار السلبية بأخرى إيجابية:

يقول الفيلسوف الصيني القديم "لاوتزه" (Lao Tzu): "إن لم تغيرْ وجهتك فستصل إلى حَيْثُ تتجه"؛ فبدلاً من إرغام نفسك على إيقاف فكرة سلبية ما، حاولْ تبديلَها إلى أخرى أفضل منها وأكثر تفاؤلاً وإيجابية.

على سبيل المثال، يمكنك تحويل التفكير بالفقر إلى أفكارٍ عن الازدهار والرخاء، أو أفكار الجهل إلى التفكير بالحكمة، أو مشاعر القلق إلى السكينة والطمأنينة، أو مشاعر الاكتئاب والحزن إلى أفكار الفرح والبهجة، أو التفكير بالتناغم والانسجام بدلاً من القلق بشأن الخلافات، وكذلك تستطيع تحويل مشاعر الخوف من المستقبل إلى إيمان وثقةٍ بالله، أو أفكار الفشل نحو تفكيرٍ بالنجاح وتحقيق الأهداف.

إذاً، يمكنك الاستمتاع بالسعادة والثروة والقوة والفرح والطمأنينة وراحة البال بكل بساطةٍ من خلال استبدال الأفكار السلبية بأخرى أكثر إيجابية وتفاؤلاً.

إقرأ أيضاً: 10 أفكار سلبية تراودنا جميعاً، فكيف يمكننا استبدالها؟

4. اكتساب عادة تفكير سليمة:

السبب وراء تحقيق بعضِ الناس لإنجازاتٍ لا يستطيع الآخرون فعلَها هو الاختلاف في طريقة تفكيرهم ومواقفهم وحالتهم الذهنية، والسرُّ لبناء عادة تفكيرٍ صحيح في حياة المرء هو أن يفكر بصورة صائبة وصحيحة باستمرار.

سيُحِلُّ التفكير الصحيحُ السلامَ في عقلك، ويمنحك السكينة والطمأنينة، في حين سيثير التفكير الخاطئ نوعاً من الخوف والقلق داخله؛ أي إنَّ طريقة تفكيرك هي العامل الحاسم في سعادتك أو شقائك.

غيِّرْ طريقة تفكيرك وحالتك الذهنية من خلال تبني عادة تفكير سليمة في سبيل إنشاء بيئة هادئةٍ وجوٍّ من التسامح حولك، وافهمْ أنَّك تتحكَّم بأفكارك، وتستطيع السيطرة عليها قبل أن تتحكَّم بك وتتغلَّب عليك.

حين يُصبح الناس المُحيطون بك أكثر لطفاً وودَّاً ومن الممتع قضاء الوقت برفقتهم ويعاملونك بحبٍّ وحنان أكبر، ستُدرك أنَّك قد تغيرت؛ لذا تحقَّقْ من نفسك، وتأكَّد إن كنتَ شخصاً متفائلاً أم متشائماً.

إقرأ أيضاً: 7 طرق لتبنّي التفكير الإيجابي كمنهج حياة

في الختام:

ينبغي لك استثمار كل ما ذُكِرَ في هذا المقال كي تصبح شخصاً متفائلاً، وستجدُ أنَّ حياتك ستصبح أفضل شيئاً فشيئاً، وستشعر أنَّ كلَّ يومٍ جديد فيها هو مغامرة جديدة لخوضها بدلاً من جعله مجموعةً من الأعمال المُضجِرة والمملة، وكُنْ واثقاً بأنَّك ستحب شخصيتك الجديدة كثيراً.




مقالات مرتبطة