4 طرق تساعد فيها الموسيقى على تنشيط الدماغ

في عام 2014 أطلقَت شركةُ "بيتس إلكترونيكس" (Beats Electronics) حملةً تسويقيةً ضخمةً للترويج لسماعات "الباوربيتس" (Powerbeats)؛ وهي سماعاتٌ للأذن مصممةٌ بالتعاون مع لاعب كرة السلة الأمريكي "ليبرون جيمس" (LeBron James)، وبالتأكيد كان هدفهم الاستفادة من قوة النجم وبيع مزيد من سماعات الأذن، وقد حملَت الحملةُ اسم (قوتي/ الموسيقى الخاصة بي) (My Music / My Power)، وقد كانت حملةً تسويقيةً عبقريةً، وازدادت الإيرادات إلى المليارات، كما اتَّضح فيما بعد أنَّ الأمرَ كان أكثر من مجرد علامة تجارية جذابة مرتبطة باللاعب ليبرون؛ إذ توجد قوة في الموسيقى، وفي هذا المقال سنتحدَّث عنها.



"كثيراً ما أفكر في الموسيقى، وأعيش أحلام اليقظة في الموسيقى، وأرى حياتي من خلال الموسيقى" - العالم ألبرت أينشتاين (Albert Einstein).

ترتبط الموسيقى ووظيفة الدماغ ببعضهما ارتباطاً وثيقاً، ويُعد العزف على آلة موسيقية أو الاستماع إلى الموسيقى تمريناً للدماغ، وارتبط تأثير الموسيقى في الذاكرة بالتصور المعقد والإدراك والوظيفة الحركية منذ دراسة "تأثير موزارت" التي أُجريَت عام 1993، وقد ظهر الادعاء المثير للجدل بأنَّ الاستماع إلى سوناتا موزارت (Mozart sonata) مدة عشر دقائق يزيد من معدل الذكاء لدى المرء للانتقاد على نطاق واسع، ومنذ إثبات بطلان هذا الظنِّ فُتِحَ الباب لبحثٍ هامٍّ يستكشف تأثير الموسيقى في جسم الإنسان، ووظائف المخ، وخلايا الدماغ.

"الموسيقى هي قانون أخلاقي؛ فهي تعطي الروح للكون، والأجنحة للعقل، وتطلق العنان للخيال" - أفلاطون (Plato).

طوال العقد الماضي استخدم علماء الأعصاب التكنولوجيا؛ مثل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، والتصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET)، وتخطيط كهرباء الدماغ (EEG)، والتصوير بالموجات الدقيقة (MEG) لمعرفة مزيدٍ من المعلومات عن تأثير الموسيقى، فتؤثر الخصائص التي تتكون منها قطعة موسيقية معينة (مثل طول الموجة ودورتها والنغمة) فينا بطرائق متنوعة؛ فنحن ندرك بعض الأمور ونجهل بعضها الآخر، ومع ذلك ليس عليك أن تكون عالِمَ أعصاب لفهم ذلك؛ فقط تذكَّر الاختصار (LEAP) الذي يعني:

التعلم (Learning):

كنَّا نظنُّ أنَّ الإبداع والذكاء ثابتان، ونحن نعلم الآن أنَّنا نستطيع زيادة قدرتنا على التعلم والإبداع من خلال التفكير الشامل واستراتيجيات التعلُّم؛ وهذا يعني دمج الدماغ الأيسر المنطقي مع الدماغ الأيمن الإبداعي؛ من أجل إدراك أعمق وإبداع أكبر، وعندما نستمع إلى الموسيقى؛ ينشط الدماغ بأكمله تقريباً.

العاطفة (Emotion):

الموسيقى تثير المشاعر أكثر من أي نوع آخر من التحفيز، وينشط الجهاز الحوفي (Limbic system) المركز العاطفي للدماغ بصورة كبيرة عند الاستماع إلى الموسيقى، كما أنَّ الجهاز الحوفي هو مفتاح التشغيل والإيقاف الخاص بعملية التعلُّم، ومتصل بإحكام بقشرة الفص الجبهي، وبذلك يحدث الأداء التنفيذي واتخاذ القرارات عالية المستوى.

القلق (Anxiety):

تُقلِّصُ الفترات الطويلة من القلق الشبكات العصبية، وتضعف جهاز المناعة، وتُثبِّط التعلُّم، وتقتل خلايا الدماغ فعلياً، وتُقلِّلُ أنواعٌ معينةٌ من الموسيقى من مشاعر التوتر والقلق، إضافة إلى الهرمونات التي تنتجها، كما تقلل هذه الموسيقى من الكورتيزول (هرمون التوتر) وتزيد من الدوبامين (هرمون الشعور بالسعادة)، ولا يجعلنا هذا التوازن بين الناقلات العصبية الجيدة والسيئة نشعر بالتحسن فحسب؛ وإنَّما يعزز أيضاً وظائف المخ.

المرونة (Plasticity):

تصف مرونة الدماغ (أو التغيرات في النشاط العصبي) طريقة إعادة التجارب تنظيم المسارات العصبية في الدماغ، وتؤدي هذه العملية إلى تغييرات مادية وتؤثر أيضاً في القدرة الوظيفية للدماغ، وتُظهِر دراسات عديدة زيادة المرونة العصبية عند العزف على آلة موسيقية، أو الاستماع إلى الموسيقى، أو حتى مجرد تخيُّل أغنية.

"يمكن للموسيقى أن تغير العالم؛ لأنَّها يمكن أن تغير الناس" - الفنان بونو (Bono).

هذا يفسر لماذا تغيرنا الموسيقى، لكن لدينا أيضاً القدرة على التحكم في طريقة تغييرنا، والمفتاح هو معرفة نوع الموسيقى التي تناسبنا.

شاهد بالفيديو: 8 عادات يومية لزيادة فعالية الدماغ

نقدم لك فيما يأتي 4 طرائق تساعد فيها الموسيقى على تنشيط الدماغ:

1. زيادة الطاقة:

تبدو موسيقى الروك أنَّها تبثُّ إحساساً بالأفكار والسلوكات المرتبطة بالطاقة، وأظهرت دراسة حديثة تأثير الألحان القوية، ووجدوا أنَّ موسيقى الطاقة أثارت التفكير المجرد، والتفكير الحالم، وإحساساً متزايداً بالتحكم الوهمي؛ أي كل الصفات المرتبطة بالقوة الفكرية.

2. زيادة التركيز:

يمكن للموسيقى الكلاسيكية تحسين التركيز والذاكرة، ومع ذلك حتى إذا لم تكن من كبار المعجبين بموسيقي موزارت (Mozart)، أو الملحن فيفالدي (Vivaldi)، فيمكن للموسيقى الهادئة أن تحفِّز صفاء الذهن، في حين أنَّ التفكير باستخدام فصَّي الدماغ ضروريٌّ للإبداع والرؤية الأعمق؛ فقد وُجِدَ أنَّ الموسيقى التي تحتوي على كلمات تستحوذُ على انتباه الدماغ، وتقلل من قدرة الفرد على التركيز.

إقرأ أيضاً: 11 طريقة لزيادة التركيز بصورة طبيعية

3. تعزيز الإبداع:

تحفز الموسيقى غير المألوفة التفكير المجرد، وتساعد على توليد الأفكار الإبداعية، ويمكن للألحان الحسية التي تتدفق بحرية مثل الموسيقى الانطباعية؛ مثل معزوفات كلود ديبوسي (Claude Debussy)، وموريس رافيل (Maurice Ravel) أن تحفز الخيال وتستفيد من اللاوعي، ويمكن لموسيقى الجاز وموسيقى العصر الحديث دون إيقاع مهيمن أيضاً تعزيز الشعور بصفاء الذهن وإلهام الإبداع.

الصوت المعتدل هو المفتاح هنا، وإذا كان الصوت ضعيفاً أو مرتفعاً؛ فسيحاول عقلك ضبطه.

4. الصحة النفسية والتوتر:

في حين نربط عادةً الإيقاعات الهادئة بالشعور بالاسترخاء؛ فإنَّ الموسيقى التي تقلل التوتر تعتمد حقاً على الشخص، وتتغير أحياناً حسب الوقت الذي تسمعها فيه في اليوم، فيمكن لموسيقى الروك الكلاسيكية أن تسبب التوتر لبعض الناس، في حين يمكن أن تبعث موسيقى الريغي الارتياحَ العاطفيَّ لدى للآخرين، وتبدو موسيقى البوب أيضاً أنَّها تثير إحساساً بالعافية، ومن المثير للاهتمام أنَّ موسيقى السامبا يمكن أن تكون مُهدِّئة ومُنشِّطة في آن واحد.

في النهاية؛ حدد نوع الموسيقى التي تريح عقلك وجسدك وروحك.

إقرأ أيضاً: بناء صحة نفسية أفضل

في الختام:

الآن بعد أن عرفت العلم الكامن وراء الموسيقى؛ فأنت تعرف طريقة استخدامها بما يفيدك؛ لذا جرِّب قوائم التشغيل الخاصة بك، ودع الموسيقى تأخذك إلى حيث تريد أن تكون، وفي المرة القادمة التي تجري فيها جلسة عصف ذهني؛ أطلق العنان لإبداعك مع قليل من موسيقى ديبوسي، واستمع إلى أغاني الروك للتخلص من التوتر، وحاول تهدئة عقلك مع بعض الألحان الخالية من الإيقاع.




مقالات مرتبطة