4 خطوات لتغيير نظرتك تجاه الأمور

ربما تكون قصص ما قبل النوم من أكثر الأمور الممتعة التي عشناها في طفولتنا، فمن منَّا لم يعشق القصص الخيالية والأحداث المليئة بالمغامرات، التي كانت تأخذنا إلى شتَّى بقاع الأرض، وحتى إلى أماكن لم يحلم إنسان أن يطأها؟ وكيف لنا أن ننسى مشاعر الترقب والمفاجأة والانتصار، مع أنَّنا لم نبرح أسرَّتنا؟



تُعدُّ الحكايات من العادات التي تزيِّن كل ثقافة وكل بلد، وها نحن نراها اليوم في أفلام المغامرات والتشويق والأفلام الوثائقية، التي نشعر أنَّها تمس جزءاً من كياننا النفسي والعاطفي؛ ومع ذلك، ربما نحن لا نعي بالكامل أنَّ في داخل كلٍّ منَّا راوي قصصٍ موهوب قادر على تأليف حكايات مستوحاة من تفاصيل حياتنا اليومية. بل وأكثر من ذلك، فتلك القصص التي نخبرها لأنفسنا عن هذه التفاصيل، تُترجَم إلى عواطف وأفعال، لكنَّ المشكلة أنَّ معظم هذه القصص تحدث في اللاوعي.

إنَّ مفتاح السيطرة على جانبنا العاطفي في العمل، هو التعرُّف إلى قصصنا الشخصية ومن ثم - إذا لزم الأمر - إعادة كتابتها لتؤدي إلى نتيجة أفضل.

تخيَّل جدلاً أنَّك تقود سيارتك، وأنَّ أحد السائقين تجاوزك من دون إعطاء تنبيه؛ سنحاول دراسة الموقف هنا، لما له من أهمية كبيرة في تطوير قدرتنا على رواية قصصنا بإيجابية، وهذه هي خطوات الدراسة:

1. تحديد الموقف:

هذه بكل بساطة حقائق لا تقبل الجدل، وهي الدليل الدامغ لما يحدث من حولك، على سبيل المثال: تقود سيارتك ويتجاوزك أحد السائقين؛ هذه حقائق يمكن إثباتها.

2. إدراك حقيقة أفكارك:               

لدينا نوعان من الأفكار: تلقائية ومتعمدة؛ الأفكار التلقائية فورية وتأتي من اللاوعي لدينا، أي تحدث من دون أن ندرك ذلك، ربما تكون لديك فكرة تلقائية عن المثال المذكور آنفاً حول تجاوز أحد السائقين سيارتك، فقد تقول: "لقد تجاوزني للتو! يا له من غبي"، وهنا تكون قد بدأت بسرد قصتك الخاصة من دون أن تعي ذلك.

الأفكار المتعمَّدة هي تلك التي نختارها بوعي؛ إذ قد نختار أن نقول "لقد تجاوزني! يا له من غبي!"، أو قد نختار سرد قصة بديلة: "ربما لم ينتبه لي" أو "لا بدَّ أنَّ عليه الذهاب إلى مكان ما على وجه السرعة"، لا تغيِّر أيٌّ من القصص حقيقة الموقف، لكنَّ لها تأثيراً كبيراً في حالتنا العاطفية.

شاهد بالفديو: 8 علامات تخبرك بضرورة تغيير طريقة تفكيرك

3. تحديد عواطفك:

أظهرت الأبحاث المعرفية على مدى العقود العديدة الماضية، أنَّ أفكارنا تتحكم بمشاعرنا، والوعي العاطفي هو عامل أساسي في كتابة القصص الشخصية المعبِّرة.

وبالرجوع إلى مثالنا، عندما نخاطب أنفسنا قائلين: "لقد تجاوزني للتو! يا له من غبي!"، يميل معظمنا إلى الشعور بالغضب أو الانزعاج أو الاستياء، وهذا رد فعل غريزي على القصة التلقائية التي تخبرها لنفسك، في المقابل، التفكير المتعمَّد: "ربما لم ينتبه لي"، أو "لا بدَّ أنَّ عليه الذهاب إلى مكان ما على وجه السرعة"، من المرجَّح أن تكون استجابته العاطفية أكثر هدوءاً، وحتى لو سبَّب بعض الاستياء والانزعاج، إلا أنَّه يستطيع أن يثير مشاعر التسامح أو التعاطف.

إقرأ أيضاً: كيف تسخِّر العواطف لمصلحتك بدلاً من أن تكون ضدك؟

4. اختيار رد فعلك:

كما أنَّ عواطفنا مدفوعة بأفكارنا، فإنَّ أفعالنا أو سلوكاتنا التي نُبديها مدفوعة بعواطفنا التي نشعر بها، وعندما تخطر في بالنا الفكرة التلقائية: "لقد تجاوزني للتو! يا له من غبي!" نشعر بالغضب، ممَّا يقودنا إلى سلوكات مثل زيادة السرعة وتخطي ذاك السائق وحتى شتمه، أو يمكن أن نستعر غضباً في داخلنا من دون أن نعبِّر عن ذلك لفظياً، فتتصاعد الأفكار السلبية ونبدأ بالقول: "الحمقى يحيطون بي اليوم!".

في المقابل، قد تجعلك أفكار مدروسةٌ مثل: "ربما لم ينتبه لي"، أو "لا بدَّ أنَّ عليه الذهاب إلى مكان ما على وجه السرعة" تتابع قيادة السيارة في حالة عاطفية أكثر استقراراً، وعلى هذا، نرى أنَّه بمجرد تغيير قصتنا الشخصية، تختلف النتيجة التي نحصل عليها، من تصرف عدواني إلى تفكير في الأمر.

تُعدُّ عملية التحقق من القصة هذه، أداة قوية للمساعدة على إدارة سلوكاتنا، والحصول في النهاية على النتائج التي نريدها. يحكم الآخرون علينا من خلال أفعالنا، ممَّا يجعل العواقب أكبر من أن نستطيع التحكُّم بها بفاعلية؛ ومع ذلك، مثل جميع المهارات المكتسبة، يُعدُّ الجهد الواعي ضروريَّاً للتعود على هذه العملية، ولتوضيح عملية دراسة القصة من ناحية الأعمال التجارية، إليك مثالاً آخر:

لنفترض أنَّ شركتك أطلقت مؤخراً آلية جديدة لإعداد التقارير ضمن جدول زمني، للمرة الثانية خلال 18 شهراً، وقد يكون التفكير التلقائي لديك: "كنت قد اعتدت على العملية السابقة، فلمَ يصرُّون على الاستمرار في تغيير الأشياء؟" يجعلك هذا التفكير تشعر بالإحباط والانزعاج، ممَّا يؤدي إلى التردد في تدريب فريقك بالإضافة إلى التراخي في ذلك.

بدلاً من ذلك، قد تخاطب نفسك قائلاً: "لا أعرف لماذا غيروا الآلية السابقة، لكنَّني آمل أن تكون أفضل"؛ تجعلك هذه الفكرة تشعر بقدر أقل من الانزعاج، ويزداد تفاؤلك إلى حد ما، حيث تقوم على الفور بتدريب فريقك وملؤك الرضا.

إقرأ أيضاً: التحكم في ردة الفعل

الخلاصة، نحن محكومون بأفكارنا:

كلما وجدت نفسك تقوم بأفعال تودي إلى نتائج أقل فاعلية، أو تُشعِرك بعواطف سلبية متكررة أو شديدة، فعليك بدراسة القصة التي تخبرها لنفسك عن الموقف، ثم عليك إعادة كتابتها؛ ثق بأنَّك راوي قصصٍ أفضل ممَّا قد تعتقد، فنحن محكومون بأفكارنا، التي تتحكم بعواطفنا، والتي بدورها تتحكم بأفعالنا، لكنَّنا مع ذلك قادرون على التحكم بأفكارنا.

المصدر




مقالات مرتبطة