4 أسرار لتجاوز المواقف الصعبة والأيام السيئة

التجربة الإنسانية مليئة بالحب والعاطفة والإبداع والفرح والتواصل والرحمة والضحك واللحظات الجميلة، لكن نظراً لأنَّنا بشر نتعلم ونتطور وننمو خلال تقلبات الحياة، وتتضمن تجربتنا أيضاً كثيراً من المواقف الصعبة التي نواجهها في حياتنا، فيكمن السر في ألا تدع هذه المواقف الصعبة في حياتك تهزمك أو تتغلب عليك.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب مارك كرنوف (MARC CHERNOFF)، ويخبرنا فيه عن أربعة أسرار ساعدته على تجاوز المواقف الصعبة.

إنَّ تفكيرك في أكثر المواقف المؤلمة التي مررت بها في حياتك من المحتمل أن يؤدي إلى بعض المشاعر المؤلمة والمتعبة للغاية، وقد تثير الذكريات المرتبطة بها بعض القلق أو الغضب أو الحزن؛ ومن ثَمَّ قد تستمر في التأثير في جودة حياتك، وهذا هو المأزق الذي يواجهه معظمنا.

تخيل الآن كيف ستشعر إذا تمكنت من تجاوز هذه المشاعر، وأعني بكلمة "تجاوز" عدم المعاناة بعد الآن بسبب شيء حدث في الماضي البعيد؛ وأعلم جيداً أنَّ هذا ممكن لأنَّني وآنجل زوجتي وشريكتي في (مدونة مارك وآنجل) (markandangel.com) تقبلنا مواقف كثيرة صعبة للغاية ومفجعة، وشهدنا المئات من متدربي دوراتنا التدريبية التي نجريها يفعلون الشيء نفسه.

لذلك نقدم فيما يأتي 4 أسرار كانت مُجدية بالنسبة إلينا، وساعدتنا على تجاوز تلك الصعاب:

1. التمرن على إدراك الأفكار المثالية ثم التحرر منها:

عندما يثير موقفٌ صعب حدث لك في الماضي القلق في داخلك والغضب والحزن ومشاعر أخرى قاسية؛ فهذا يعني وجود بعض الأفكار المثالية المرتبطة بهذا الموقف، والتي تسبب لك المعاناة، وقد يكون إدراك هذه الأفكار صعباً في البداية، لكن مع الوقت يمكنك اكتشافها بسهولة.

على سبيل المثال، إذا كنت حزيناً، أو كان هناك حدثٌ ما في الماضي تتوق إليه وتتشبث به، فهذا لا يتطابق مع ما يحدث معك في الواقع، وربما أحد أفراد عائلتك فعل شيئاً ما سبَّب لك الألم، ستشعر بالحزن لأنَّك (من الناحية المثالية) لا تتوقع من هذا الشخص أن يؤذيك؛ لكنَّ التفكير بهذه الطريقة - حتى لوكان تفكيراً منطقياً - لن يساعدك؛ بل على النقيض من ذلك سيسبب لك الأذى؛ لذلك إذا كنت تفكر دائماً في تغيير ما حدث في الماضي، ستبقى حزيناً وقلقاً وغاضباً بقية حياتك؛ إذاً فالخطوة الأولى التي عليك القيام بها هي إدراك ما تتمسك به.

أمَّا الخطوة الثانية فهي أن تحرر نفسك من تلك الأفكار المثالية، وعلى الرَّغم من أنَّه قد يكون من المستحيل التحرر تماماً من التفكير فيها، إلا أنَّك إذا رأيت أنَّ نموذجاً مثالياً معيناً يسبب لك المعاناة، يمكنك اتخاذ قرار واعٍ بخصوصه للتحرر منه؛ وبالتأكيد، في عالم مثالي لن تؤذيك عائلتك أبداً، لكن مرة أخرى ليس هذا هو الواقع؛ فالتحرر من هذه المثالية يعني تبني حقيقة أنَّ كلَّ فرد من أفراد أسرتك هو إنسان، وأنَّ البشر يرتكبون أحياناً أخطاءً فادحة، فلا يوجد شيء مثالي، لكن هذه هي الحقيقة، ويجب قبولها.

تعتمد راحة البال على الأمد الطويل على السماح لنفسك بتقبل "ما هو موجود"، بدلاً من الرغبة في "ما هو ليس موجود" والقلق بشأنه؛ فقبولك لما هو موجود يعني قبولك للواقع والتوقف عن التفكير بكلِّ ما هو خلاف ذلك.

شاهد بالفديو: 7 أمور يعينك تذكرها على تخطي الأوقات العصيبة

2. التحرر من الأفكار السلبية:

من المستحيل تجاوز موقف صعب - أو نسيانه وتركه يمر بسلام - إذا كنت ما تزال تفكر بشدة بما حدث؛ لذا دعنا نعيد النظر في واحدة من تلك المواقف المؤذية التي واجهتها في ماضيك مرة أخرى، واختر موقفاً واحداً ما يزال يثير المشاعر السلبية فيك، ثم اسأل نفسك:

  • هل تعتقد أنَّ هذا الموقف هو ما كان يجب أن يحدث على الإطلاق؟
  • هل تعتقد أنَّ النتيجة كانت يجب أن تكون مختلفة؟
  • هل تأخذ ما حدث على محمل شخصي؟
  • هل تلوم شخصاً آخر على ما حدث؟
  • هل تلوم نفسك؟
  • هل تعتقد أنَّه من المستحيل تجاوز هذا الموقف؟

إذا وجدت نفسك تجيب بـ "نعم" على واحد أو أكثر من هذه الأسئلة، فإنَّ ما يطيل من معاناتك ويمنعك من تجاوزها هو طريقة تفكيرك؛ إذ يستمر تفكيرك فيما حدث في الماضي في إبقاء الموقف حاضراً في ذهنك؛ ومن ثَمَّ يستمر في التأثير في حياتك اليومية.

الآن قد تفكر "إنَّ ما حدث كان فظيعاً لا يمكن تصديقه، ولا أتخيل أنَّني أستطيع تجاوزه بسهولة"، لكن تحررك من هذه الأفكار لا يعني أنَّك سعيد بما حدث؛ بل يعني أنَّك تحاول التخلص من هذا العبء الثقيل الذي تحمله على عاتقك من خلال تفكيرك الدائم به، وعندما تتحرر من أفكارك السلبية؛ فإنَّك تستبدل تلقائياً عقلية الضحية بالقبول والحضور الذهني، وهما معاً سيحرران عقلك.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلص من الأفكار السلبية إلى الأبد؟

3. البحث عن شيء تشعر تجاهه بالامتنان في اللحظة الحالية على الرَّغم من الموقف:

لا يجعلنا شعور السعادة ممتنين لما يحدث معنا دائماً؛ لكنَّ الامتنان يمنحنا شعوراً بالسعادة ويدفعنا للابتسامة؛ وقد يقول معظمنا إنَّ هذا كلاماً مثالياً؛ لكنَّه ليس كذلك؛ فالامتنان هو الأساس، والسعادة هي ببساطة التجربة المقدسة لتحيا بقلب ممتن بصدق، والتعبير عن الامتنان بسيط للغاية، لكن كيف يمكن له أن يُحدث هذا الاختلاف الكبير؟

إذ يبدو أنَّ الشعور بالامتنان أمراً بسيطاً بما فيه الكفاية، لكن من الصعب للغاية الحفاظ على هذه الحالة الذهنية من الامتنان عندما نواجه خيبات الحياة، وهذا هو الشيء الهام؛ فعندما نشعر بالإحباط وخيبة الأمل فتلك بالضبط الحالة التي تكون جرعة الامتنان فيها فعالة للغاية.

إذاً ما هو النهج الأفضل؟

يبدأ الامتنان من الحضور الذهني؛ إذ لا يمكنك تقدير حياتك دون أن تكرس اهتمامك لها، والحقيقة هي أنَّنا نجعل مواقفنا الحالية أسوأ بكثير عندما نستعيد المواقف السابقة الصعبة في أذهاننا "كيف يمكنها أن تفعل ذلك بي؟"، أو عندما نفكر في جميع المواقف التي قد تسبب لنا المشكلات في المستقبل "ماذا لو خدعني؟"، وفي الوقت الحاضر نادراً ما يكون وضعنا الحقيقي معقداً كما نتصوره، ويمكننا أن نقابل هذا الواقع بالنعمة والامتنان إذا استطعنا حقاً البقاء في الحاضر.

عندما تنجرف أذهاننا إلى الماضي أو نتكهن بالمستقبل، يجب أن نبذل قصارى جهدنا لإيقاف تفكيرنا، وإعادة تركيزنا بذهنٍ واعٍ على الوقت الحاضر؛ وبمجرد عودتنا، يكون السر هو قبول اللحظة كما هي؛ فواقعنا يمكن أن يدمرنا إذا أنكرناه أو عاندناه، أو يمكننا قبوله على ما هو عليه والشعور تجاهه بالامتنان، والاستفادة منه تدريجياً، لكن هذا بالطبع يتطلب ممارسة؛ إذ إنَّه من السهل التخلي عن شعور الامتنان عندما نواجه مواقف محبطة في الحياة، لكن هذا هو العالم الحقيقي، وليس العالم المثالي، ودائماً ما يحتوي واقعك على جانب مضيء من الجمال، إذا اخترت أن تراه.

لقد أصبح تجاوز صعوبات الحياة بالنسبة إلي ولآنجل أسهل كثيراً في الآونة الأخيرة، فبدلاً من التركيز على مدى صعوبة كلِّ شيء، حاولنا ممارسة طقوس الامتنان في حياتنا، ونستخدمها لإيجاد بصيص من الأمل والفرح في خطوات التقدم الصغيرة التي نحققها كلَّ يوم.

شاهد بالفديو: 5 طرق للعيش بحالة من الامتنان كل يوم

4. تركيز اهتمامك على شخص آخر لفترة زمنية صغيرة:

أنت لست مركز الكون، ومع ذلك عندما تكون غارقاً في مواقف الحياة الصعبة، فمن السهل أن تشعر أنَّك كذلك.

أعتقد أنَّنا جميعاً نميل من حين إلى آخر للتركيز على ذاتنا فقط، ورؤية كلِّ شيء من مُنطلَق تأثيره فينا، لكن يمكن أن يكون لهذا الشيء آثار سلبية شتى، من الشعور بالأسف على أنفسنا عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها بالضبط، إلى الشك في قدراتنا عندما لا نكون مثاليين، وإليكم هذا المثال من تجربتي الشخصية:

واجهت هذا الصباح حقيقة الرفض، وهي فرصة تقدمت لها لم تتقرر لمصلحتي، في البداية شعرت بالخوف، وانتابني شعورٌ عام بأنَّني لست جيداً بما فيه الكفاية؛ لكنَّني ضبطت نفسي وحاولت تحويل تركيزي إلى شيء آخر، وبدلاً من اجترار خيبة أملي، فكرت في أشخاص آخرين قد أستطيع مساعدتهم، ففكرت في كتابة مقال جديد على الموقع.

إنَّ العثور على طرائق صغيرة لمساعدة الآخرين يخلصني من تفكيري الأناني، وبفضل ذلك لم أعد أشعر بالشفقة على الذات بعد الآن، وبدأت أفكر فيما يحتاج إليه الآخرون، وأنا لا أقيِّم نفسي؛ لأنَّ السؤال عمَّا إذا كنت جيداً بما يكفي أو لا لم يعد هو السؤال الأساسي؛ بل السؤال الأساسي الآن هو كيف يمكنني مساعدة الآخرين، وكانت الكتابة على موقع المدونة طريقتي الأولى لذلك.

لقد طورت أنا وآنجل في البداية هذه الاستراتيجية في حياتنا منذ أكثر من عقد من الزمان؛ إذ كنا نكافح مع خسارة شبه متزامنة لأحبائنا، وقد كان من الصعب حقاً العثور على الدافع عندما لم نعتقد أنَّ لدينا القوة للمُضي قُدماً، عندما شعرنا بالخوف والأسف على أنفسنا؛ لكنَّنا حاولنا اتخاذ خطوة واحدة صغيرة كلَّ يوم، وفي كثير من الأحيان كنا نكتب فقط مقالاً قصيراً على المدوَّنة لمشاركة بعض الدروس المستفادة مع الآخرين الذين قد يجدون قصصنا وآراءنا مفيدة، وشعرنا بالرضى، وأصبحنا أقوى تدريجياً.

لذا فعلت الشيء نفسه هذا الصباح، واتخذت خطوة صغيرة إلى الأمام، شغلت جهاز الكمبيوتر المحمول الخاص بي فقط، وفتحت مستنداً جديداً، وكتبت جملة واحدة، قد يبدو هذا الإجراء صغيراً جداً وغير هام، ومع ذلك كان من السهل جداً أن يصبح عاملاً مساعداً عندما كنت أشعر بالإحباط، وأظهر لي أنَّ الخطوة التالية كانت ممكنة، وما يأتي بعدها من خطوات، والنتيجة النهائية كانت هذه المدونة التي تقرؤها الآن، وأتمنى أن تستفيد منها وإن بطريقة بسيطة.

إقرأ أيضاً: كيف تحافظ على صحتك وسعادتك عبر مساعدة الآخرين؟

في الختام:

إذا كان هناك شيء واحد تشترك فيه الاستراتيجيات الأربعة - أو الأسرار - أعلاه؛ فهو أهمية رد فعلك على صعوبات الحياة بطريقة أكثر فاعلية؛ عندما يمكنك التحرر من مُثُلك وأفكارك ومواقف الشفقة على الذات، فإنَّك تمنح نفسك المساحة المطلوبة للاستجابة لمواقف الحياة الصعبة استجابة أكثر فاعلية، وهذا يغيِّر كلَّ شيء.

ينطبق هذا أيضاً على الصعوبات اليومية، وليس فقط الكوارث الكبيرة في الحياة، فعلى سبيل المثال، عندما ألقى ابني البالغ من العمر عامين طبق العشاء على الأرض، كان من الممكن أن أشعر بالضيق وأقول لنفسي: "إنَّه ذكي وينبغي ألا يفعل ذلك"، وأصرخ "لم يكن ذلك مُجدياً"، أو كان بإمكاني فعل ما فعلته بالضبط والتخلي ببساطة عن هذه الفكرة المثالية - هذا الحكم - والتوتر الناتج عنه، ثم أشرح الموقف بهدوء إلى ابني في أثناء مساعدته في تنظيف ما وقع على الأرض (نعم لقد ساعدني رد الفعل هذه أيضاً)، كان ردي بالفعل الخيار الأكثر فاعلية.

بصرف النظر عن الموقف الحالي، عندما نستجيب بتسرع وقلق عاطفي، فنحن نضاعف مشكلاتنا فقط؛ لذلك أن تأخذ نفساً عميقاً، أو أن تعد إلى العشرة، أو تستجيب بهدوء يعني أنَّنا سنكون قادرين على التعامل تعاملاً أفضل مع أيِّ موقف صعب، سواء كانت حالة طارئة أم فقدان غير متوقع لأحد أفراد الأسرة أم سوء سلوك عدواني لطفل يبلغ من العمر عامين.

خلاصة القول: لا يمكنك التحكم بكلِّ ما يحدث (أو كلِّ ما حدث)، لكن يمكنك التحكم بطريقة ردِّك، واستجابتك هي قوتك العظمى.

4 Secrets to Getting Through Difficult Situations (and Really Bad Days)




مقالات مرتبطة