لا يعد الإصغاء الفعال مجرد وسيلة لفهم الآخرين؛ بل هو يحث متلقي الكوتشينغ على التأمل الذاتي والنمو الشخصي، كما يُعد أداة قوية للتواصل واتخاذ خطوات فاعلة تجاه التغيير.
مفهوم الإصغاء الفعال في الكوتشينغ
هو أن يُنصت الكوتش باهتمام لما يقوله العميل، وما يُفصِح عنه إفصاحاً غير مباشر؛ إذ يكمن جوهر هذه المهارة في الإصغاء لِفهم وجهة نظر العميل، ومن ثم إعادة صياغة ما قاله، وذلك لاستيعاب الموقف، وتمكين العميل نفسه من إدراك أفكاره بعمق ومن زاوية جديدة من خلال تعزيز شعوره بالوعي الذاتي، فإمَّا أن يؤكد العميل على ما قاله، أو يوضِّح الفكرة لتجنب سوء الفهم.
كيفية الإصغاء بفعالية
الإصغاء الفعال في الكوتشينغ هو عملية تواصل تعتمد على الفهم المتبادل، ولعلَّ أهم تقنية لتحقيق ذلك هي الانعكاس (Mirroring)، والتي تتجلى في تلخيص الأفكار، وإعادة صياغتها، وتوضيحها، وتكرار النقاط الجوهرية، والتعبير عن المشاعر، فحين تُوظَّف هذه التقنيات معاً، تعزز جودة الحوار والفهم بين الكوتش والعميل.
1. التلخيص
هو عملية يجمع فيها الكوتش الأفكار التي شاركها العميل، ليرتِّبها في صياغة واضحة ومتكاملة، وإنَّه تأكيد على فهم الكوتش لقضية العميل واهتمامه بأفكاره ومشاعره، وضمان عدم وجود أي التباس أو غموض، مما يعزز الثقة والتواصل بين الطرفين.
2. إعادة الصياغة
يسرد الكوتش كلام العميل بأسلوب مختلف، مبرزاً الرسالة التي يرغب بإيصالها وهذا ما يسمى إعادة الصياغة؛ إذ تُعد هذه التقنية فعالة لتأكيد المشاعر التي عبَّر عنها العميل، وفهم رسالته، وتساعد إعادة الصياغة العميل على اكتساب وجهات نظر جديدة، وبلورة أفكاره ومشاعره، وتهيئته للوصول إلى حلول فعالة.
3. التكرار
هو إعادة العبارات أو الكلمات المفتاحية ذاتها التي استخدمها العميل؛ إذ تُبرز هذه التقنية أهمية لغة العميل وتعبيراته، وتُؤكد مشاعره وتجاربه، وأنَّ الكوتش يُحسِن الإصغاء، ويفهم وجهة نظر العميل.
4. إعادة التعبير عن المشاعر
هي عملية يدرك فيها الكوتش العواطف التي يمرُّ بها العميل ويصيغها بأسلوب يعكس إحساسه الحقيقي؛ إذ يحدد الكوتش الأحاسيس العميقة التي يعبِّر عنها العميل، ثم يترجمها إلى كلمات تساعده على فهمها، ويعزز هذا النهج وعي العميل بمشاعره، ويساعده على فهمها وتقبُّلها.
5. التوضيح
هو العملية التي يفهم فيها الكوتش العميل ويتواصل معه بفعالية، وذلك من خلال طرح أسئلة دقيقة والبحث عن تفاصيل إضافية للإحاطة بالموقف من جوانبه كافة، مما يساعد على تجنب سوء الفهم وكشف الالتباسات، كما يُتيح هذا النهج سبر أغوار حالة العميل؛ إذ يوجهه الكوتش تجاه التفكير بوضوح، واتخاذ قرارات حكيمة.
4 مستويات للإصغاء
فيما يلي تفصيل مستويات الإصغاء الأربعة:
1. الإصغاء الظاهري
التظاهر بالإصغاء، والموافقة على ما يقوله المتحدث دون الانتباه لكلامه، والعجز عن الإجابة عن أي سؤال يطرحه.
2. الإصغاء الباطني
الإصغاء بهدف التركيز على أنفسنا، فنصغي ونحلل كلام المتحدث ونربطه بوضعنا.
3. الإصغاء الفعال
هو عندما يكون انتباهك منصبَّاً على المتحدث، وتجيب عن كلامه بتمعُّن، إلى جانب قدرتك على تدوين الملاحظات في الإصغاء، مما يعزز تفاعلك معه وتذكر ما يقوله.
4. الإصغاء العميق
هو الانسجام التام مع المتحدث، ومنحه انتباهك الكامل، فلا يمكن تدوين الملاحظات أو ممارسة عملية "الانعكاس" عند الإصغاء العميق، بسبب انسجامك التام مع قصة المتحدث، وسعيك لفهمه والتواصل معه بصدق، فالإنصات العميق عملية لا إرادية، كما لو كنت تدخل عالم العميل وتعيش تجربته من خلال منظوره.
غالباً ما يكون مستوى إصغاء الكوتش بين الفعال والعميق، ولكن من الأفضل أن يكون الإصغاء فعالاً، وذلك للاستفادة من مهارات الكوتشينغ من أجل تحفيز العميل وضمان نجاح الجلسة.
5 نصائح حول الإصغاء في جلسة الكوتشينغ
إذا كنت تعاني من مشاكل في كيفية الإصغاء إلى عميلك، فيما يلي أهم النصائح للإصغاء بفعالية:
- انتبِه إلى العميل من خلال التواصل البصري.
- افهَمْ ما يقوله من خلال الإيماء والموافقة.
- استخدِم أسلوب الانعكاس للاستجابة للعميل.
- اطرح سؤالاً مفتوحاً، وقد يكون الهدف منه التوضيح، أو الاستكشاف، أو التأثير.
- لا تحكم على العميل وتجنَّب الأفكار السلبية.
في الختام
يقتضي الإصغاء الفعال فهم العميل والاستجابة له والتفاعل معه تفاعُلاً هادفاً، وهو مهارة هامة تساهم في نجاح جلسات الكوتشينغ؛ إذ يجب على الكوتش الاستفادة من قوة الإصغاء الفعال، واستخدام تقنيات الانعكاس لتعزيز الثقة، وتقبُّل المشاعر، وحل المشكلات بفعالية.
أضف تعليقاً