يخوض رواد الأعمال خلال حياتهم رحلةً صعبة فيطور بعضهم آلياتٍ غير صحيةٍ وخطيرةً تماماً للتعامل مع تلك الرحلة، ربما يكون بعضها كالإفراط في مشاهدة التلفاز، أو تناول الطعام، أو تصفح الإنترنت، أو التسوق، أو غير ذلك من الاضطرابات السلوكية مألوفاً بالنسبة إليك.
هذه التجارب العصيبة التي يمرّ بها رواد الأعمال ناتجةٌ عن التفاوت بين المتطلبات التي تفرضها بيئة العمل وبين القدرة على الوفاء بتلك المتطلبات، فينتج عن العبء الذي تفرضه المتطلبات خللٌ يحتاج إلى أن تتصدى له وتعيد ترتيب نظام حياتك.
لا شكَّ في أنَّك طوَّرت خلال حياتك استراتيجياتٍ للتعامل مع تلك التحدّيات نشأَت من السلوكات والتصرّفات التي تمكّنت من خلالها من تخفيف الضغط عن نفسك في الماضي. لكنَّ آليات التعامل مع الصعوبات التي تكتنف حياة رواد الأعمال ليست جميعاً متماثلة في الواقع، إذ تنقسم معظم حالات التجاوب مع الشعور بالضغط إلى صنفَيْن اثنَيْن: استراتيجيات تركز الاهتمام على العواطف واستراتيجيات تركز الاهتمام على المشكلة.
تتضمّن الاستراتيجيات التي تُركّز الاهتمام على العواطف سلوكاتٍ كالرفض، أو الانسحاب، أو تشتيت الانتباه، أو الانشغال بالطعام تُعَدُّ جميعاً غير مفيدةٍ (لشركتك أو لك) في نهاية المطاف، لأنَّ رائد الأعمال يحتاج إلى خطة متقدمة واستراتيجية تركز الاهتمام على المشكلة وتساعده على الاستعداد للعودة بقوة.
إنَّ الشعور بالضغط ليس حدثاً طارئاً ولن يتوقف أبداً كذلك، لكن يمكن لآليات مواجهة الشعور بالضغط أن تساعدك على أن تكون أكثر فعالية ومرونة، وتمكِّنك من التعافي بسرعة والارتقاء إلى مكانةٍ أفضل، فإليك أربع استراتيجيات تساعدك على تجاوز المشاكل والمضي نحو الأمام:
1- الاستعداد البدني:
يُعَدُّ تنظيم كيمياء الجسم طريقةً رائعة للبدء بتغيير طريقة تعامل الجسد مع الشعور بالضغط، وقد أثبتت الدراسات للمشككين في هذا الكلام أنَّ ثمَّة علاقةً حقيقية بين العقل والجسد. لذا حينما تشعر بالتوتر في المرة القادمة تحرك بعيداً عن الشاشة وقم بنزهةٍ قصيرة مشياً على القدمين للتنفيس عن الطاقة الموجودة داخلك. وإذا لم يكن لديك مكانٌ تذهب إليه أمكنك القفز على الحبل 25-50 مرة، أو تسلق الجبال، أو ركوب الأمواج، أو القيام بتمرين الضغط، أو أي تمرين تختاره.
الهدف من هذا كله السيطرة على الشعور بالإحباط بحيث تتمكّن من التنفيس عن شعورك ومنح جسدك فرصةً لإطلاق بعض الأندروفين (وهو مادة كيميائية عصبية ينتجها الجسم بشكلٍ طبيعي وذات تأثير مشابه لتأثير الهرمونات). إضافةً إلى ذلك، إذا كنت تمر بأسبوعٍ عصيب وقررت أن توجه طاقتك نحو القيام بالتمارين الرياضية فقد تجد أنَّه أصبح لديك بعض العضلات البارزة، حيث يُعَدُّ اجتماع الشعور الجيد مع المظهر الجيد أمراً رائعاً لتعزيز ثقة رائد الاعمال بنفسه.
المهمة اليومية: خصّص في كل ساعة خمس دقائق تريح فيها جسدك من الجلوس وسترى كيف ستنقلب حياتك ولو بشكلٍ بسيط. فاهجر المهام الذهنية التي بين يديك ومارس المطمطة وبعض الأنشطة الجسدية التي تزيد نبضات القلب سرعةً.
اقرأ أيضاً: 4 أفكار بسيطة للتخلص من مشاعر التوتر والعصبيّة
2- بناء العلاقات:
أنت في حاجةٍ إلى مجموعة من الأصدقاء من ذوي العقول الراجحة الذين يمكنك أن تُطْلِعَهُم على ما يواجهك من تحديات وأن تحصل من خلالهم على مجموعة واسعة من وجهات النظر فتطمئنّ إلى أنَّك لست وحدك. أنا لا أقول هنا أنَّه يجب عليك البوح بكل ما لديك والتعبير عن كل ما في داخلك من مشاعر، فالأمر برمته هو تبادل للآراء بصورةٍ بناءة، إذ إنَّ كسب الدعم الذي يركز الاهتمام على حل المشكلة من المحيط الاجتماعي يجنِّبك الظهور بمظهر الضحية أو الشخص الذي يُكثر من الندب.
اضبط ساعة المؤقت لسبع دقائق واروِ خلالها قصتك، وإذا استغرق الأمر أكثر من سبع دقائق فإنَّ هذا لن يساعدك على مواجهة المشاكل (وإعادة ضبط ساعة المؤقت مدة سبع دقائق أخرى لن يفي بالغرض كذلك). حيث سيساعدك التعامل مع أشخاص يمتلكون عقولاً ذكية على تجاوز المطبات القادمة بشكلٍ أفضل أو تجنُّبها نهائيَّاً حتى.
المهمة اليومية: أرسل رسالةً نصية إلى صديقٍ ذي عقلٍ راجح، أو أرسل له رسالةً إلكترونية، أو أجريا مكالمة فيديو مدة خمس دقائق تحدث فيها عن خيبات الأمل التي واجهتك اليوم، أو أطلعه على آخر المستجدات، أو تبادلا النكات، أو احتفلا بمكسبٍ حققتماه، أو قوما بأي شيءٍ آخر يدفعكما إلى الابتسام واستذكار أنَّ كليكما يتشارك الشغف نفسه.
اقرأ أيضاً: 6 نصائح نحو علاقات اجتماعية أفضل
3- التخطيط:
يتألف التخطيط من خطوتَيْن: الأولى هي تحديد أفكار للتعامل بأفضل طريقة ممكنة مع التحديات الصعبة ووضع استراتيجية للتعامل معها. فاترك مشاعرك جانباً ولا تستبق الأمور واستمتع فقط بالمرحلة التي تستكشف فيها كيف من الممكن أن تمضي قُدُماً. وسيكون من المنطقي أن تكون بعض الافكار فظةً طالما أنَّك تركز الاهتمام على الاستجابات الواقعية للعودة إلى المسار الصحيح.
ثانياً حدّد الأفكار الأفضل لصياغة خطة عمل، وقسِّم تلك الأفكار إلى مهمات صغيرة تحدد كيفية تنفيذ الخطة بشكلٍ ناجح. حيث سيساعدك التأكُّد من أنَّ تلك الأجزاء الكبيرة هي تحت السيطرة على التعامل مع الأمور القليلة التي لا تتحكم بها.
المهمة اليومية: خصص دقيقتَيْن أو ثلاثاً يومياً للاطلاع على الخطة العامة التي قد تكون رسالتك أو رسالة الشركة، أو الرغبات الأساسية، أو الأمور التي يجب التأكيد عليها، أو بعض الأهداف الضخمة، أو الأهداف الشهرية الصغيرة، أو قد يكون تركيز الاهتمام على بعض الشعارات في الوقت الحالي كافياً. ومن المهم أن تعيد ضبط إطار العمل العام وتعيد تنظيم طاقتك بحيث تتمكن من وضع الأجزاء الصغيرة في مكانها المناسب.
اقرأ أيضاً: 5 أشياء تساعدك على التخطيط لسنواتك القادمة بنجاح
4- التنفيذ:
إنَّ الكلام النظري والتطبيق العملي شيئان مختلفان، فالإعلان عن البدء بحمية بعد تناول شطيرة همبرغر مع البطاطا المقلية يُعَدُّ أمراً سهلاً، في حين أنَّ البدء بالحمية في اليوم الآتي يُعَدُّ أصعب بكثير. فحينئذٍ تكون معدتك قد بدأت بإصدار الأصوات، وبدأت تصلك المكالمات على الهاتف لتخبرك بأنَّ ثمَّة عملاً جديداً يجب عليك القيام به، وقطعة الشوكولا الموجودة في درج مكتبك ترسل إليك همساً رسائل لطيفة بشكلٍ مباشر من دون أن تعي ذلك.
تعلم كيف تتواصل مع نفسك وستتمكن من تركيز الاهتمام، فأنت في إمكانك القيام بخطواتٍ عمليةٍ صغيرة للقيام بما تريد القيام به، ولديك القوة التي تستطيع من خلالها تحقيق نتائج أفضل. كما أنَّك لست تحت رحمة أحد من عمالقة ريادة الأعمال، وأنت تَعْلَمُ بالضبط ما أنت في حاجةٍ إلى القيام به للمضي بعملك قُدُماً نحو الأمام. وقد كشف العديد من رواد الأعمال الناجحين أنَّ نجاحاتهم الباهرة التي حققوها لم تكن إلَّا مجموعةً من الخطوات العملية الصغيرة التي قاموا بها يوماً بعد يوم، فمن الأجدر أن تحتفي بهذه الرحلة وتستمتع بها.
المهمة اليومية: قبل أن تضع رأسك على الوسادة تذكر خمسة أشياء – مهما كانت بسيطة – قمت بها في أثناء اليوم لدفع العمل نحو الأمام، فحينما تتذكر ليلاً بأنَّك ناجحٌ ومثابر ستصبح الأمور أسهل في اليوم الآتي.
لن تتمكّن من التخلص من الشعور بالضغط نهائياً ولكنَّ طريقة التعامل مع الشعور بالضغط تشكل أسلوباً للحياة. وعلى الرغم من أنَّ الاستراتيجيات التي تركز الاهتمام على العواطف يمكن أن تكون مفيدةً على المدى القصير حينما تشعر بالإرباك أو حينما تخرج الأمور عن السيطرة إلَّا أنَّ استخدامها بشكلٍ مستمر سيقف عائقاً في طريق تحقيق للنجاح. وقد ربطت بعض الدراسات هذه الاستراتيجيات في الواقع مع انخفاض المرونة وارتفاع مستويات الضغط والشعور بالمرض.
اقرأ أيضاً: 5 أنواع من المنتورز يحتاج إليهم كل رائد أعمالٍ ناجح
في المقابل تُعزّز الاستراتيجيات التي تُركّز الاهتمام على المشكلة مرونتك وإنتاجيتك، كما أنَّ تطبيقها سيجعلك أقل عُرضةً للشعور بالضغط والمرض. والأهم من ذلك أنّك ستكون أكثر قدرةً على السيطرة على التقلبات التي تحيط بحياة رواد الأعمال طوال حياتك.
أضف تعليقاً