3 نصائح لتربية الطفل شديد الحساسية

اشتعلَت مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً بمقالات عن الأشخاص شديدي الحساسيَّة؛ إذ ابتدعَتْ الدكتورة "إلين آرون" (Elaine Aron) مُصطلَح "شديدي الحساسية" مع إطلاق كتابها الإبداعي الرَّائد "الشخص شديد الحساسيَّة" (The Highly Sensitive Person).



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتبة والكوتش الاجتماعية "ميليسا شوارز" (Melissa Schwarz)، وتُحدِّثُنا فيه عن أفضل الطرائق للتعامل مع الأطفال مُفرطي الحساسية.

لقد نشرَت وسائل الإعلام كمدوَّنة "ذا هافينغتون بوست" (The Huffington Post) وصحيفة "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) مقالات عن هذه السِّمة الموروثة؛ إذ إنَّه لمن الرائع أن يتلقَّى العديد من الأشخاص البالغين الذين يتمتَّعون بهذه السمة التطمينات بأنَّهم ليسوا مُفرطي الحساسية أو العاطفة كما كانوا يُتَّهمون في أثناء طفولتهم.

إن كنتَ تُربِّي طفلاً شديد الحساسيَّة، فقد تساعدك معرفةُ أنَّ 15-20% من السكان قد وُلِدوا وهم يحملون هذه السمة الموروثة والتي تُعَدُّ ثمينة للغاية، وإليكَ بعض النصائح لمساعدة طفلك شديد الحساسية على الازدهار والتطور:

1- اسمَحْ لطفلك أن يشعر بأحاسيسه ومشاعره:

عليك أن تعلم أولاً أنَّه كلَّما زادت حساسية طفلك، زادت قدرته على الشعور بكل ما حولَه؛ إذ يملك الأطفال شديدي الحساسيَّة مشاعر مُرهفة؛ فتبدو الروائح والنَّكهات لاذعة وأكثر حدَّةً بالنسبة إليهم، كما تكون الأحاسيس المادية البسيطة ملحوظةً بقدر أكبر لديهم، ومن ثم لا يستطيعون تناول الطعام الذي تنبعثُ عنه روائح بشِعة أو الذي يبدو غير شهي بالنسبة إليهم، كما وقد يشتكون من الحكَّة بسبب البطاقات على ملابسهم أو من درزة الخيوط على جواربهم.

يشعر طفلك شديد الحساسية بمشاعر كبيرة؛ إذ يَختبر الفرح إلى حدِّ النشوة والنعيم والألم العميق والحزن الشديد، وغالباً ما يُطلَق على هؤلاء الأطفال تسميات خاطئة كالمبالغين في ردود أفعالهم ومُحبِّي المآسي، وهي صفات غير دقيقة تؤذي ثقة الطفل بنفسِه واحترامه لذاته.

علينا أن نفهم أنَّ تصوُّرات هؤلاء الأطفال هي التي ترسم واقعهم، ويمكنك أن تدعم طفلك شديد الحساسية من خلال تغيير طريقة تجاوبك ومعاملتك معه؛ إذ يبدأ ذلك بأن تُوقِف محاولاتك الجاهدة لفهم سبب رفضه تناول طعامه أو ارتداء جواربه من خلال معرفتك أنَّ هناك شيئاً لا يبعثُ على الارتياح فيها من وجهة نظره.

إقرأ أيضاً: نصائح علاجية في حالات الخجل عند الأطفال

2- تقبَّل التجربة التي يمرُّ بها طفلك:

تخيَّل أنَّك قد قضيت وقتاً طويلاً في العمل، ومن ثم أُوقِفتَ في طريقك إلى المنزل وأُعطيتَ مخالفة بسبب تجاوز السرعة المسموح بها، وعند دخولك إلى المنزل تسألك زوجتك عن البيض الذي طلبَت منك شراءَه، وعندها ستدرك أنَّك نسيته تماماً بسبب انزعاجك من المخالفة التي تلقَّيتها، وربَّما في هذه اللحظة ستحتاج إلى تعاطفها وتفهُّمها بدلاً من التذمُّر من عدم مسؤوليتك ونسيانك لمتطلبات المنزل.

يشعر هؤلاء بأحاسيس قوية بالفطرة؛ فعلينا أن نحترم ونقدِّر تجربتهم بدلاً من إقناعهم بأنَّ مشاعرهم خاطئة وغير مناسبة؛ ويمكنك القيام بذلك من خلال تصوُّر امتلاكك لمشاعرهم المفرِطة وتخيُّل العيش بطريقة تبدو فيها الأشياء الصغيرة عظيمة ومربكة.

بمجرَّد تقبُّل مشاعرِهم واحترامها؛ تستطيع مساعدتهم على تجاوز التحديات التي تواجههم؛ فمثلاً حين يشتكي طفلك من الانزعاج من درزة الخيوط في جواربه، تستطيع قلبها لتصبح الدرزة في الجهة الخارجيَّة أو يمكنك السماح له بخلعهم والمشي حافي القدمين.

علينا أن نفهم أنَّ محاولاتنا لتغيير مشاعر الطفل شديد الحساسيَّة لن تنجح أبداً؛ بل إنَّ المفتاح لتعليمه تقوية ذاته بطريقة سليمة وتعزيز ثقته بنفسه هو من خلال تقبُّل مشاعره واحترامها ومن ثم تقديم الحلول المناسبة، فقد يحتاج منك أحياناً إلى أن تستمعَ له برحمة وتعاطف فقط حتى إن لم تتمكَّن من إيجاد حلول له.

شاهد بالفيديو: 15 نصيحة للآباء في تربية الأبناء

3- قدِّر واحترِم قدرة طفلك على ملاحظة الطاقات الخفيَّة والشعور بها:

يستطيع الأطفال شديدي الحساسية ملاحظة الأشياء غير الواضحة أو الخفيَّة بالنسبة إلى الآخرين، بالطريقة نفسها التي يستطيع بها الكلب سماع الصفير الذي لا يسمعه البشر؛ فهُم قادرون على الإحساس بذبذبات الطَّاقة التي تنبعث عن الأشخاص من حولهم، والتي إمَّا أن تبعث على السكينة والهدوء لديهم أو تُشعِرَهم بالانزعاج، وعندما يتعلَّم هؤلاء الأطفال الإنصات إلى حدسهم وغريزتهم، يزداد تصميمهم وإصرارهم على فعل ما يبدو صائباً بالنسبة إليهم حتى إن كان يبدو غير منطقي بالنسبة إلى الآخرين.

حين كنت طفلة صغيرة شديدة الحساسية أتذكَّر اختبائي في غرفتي عند قدوم جدَّتي للزيارة؛ وذلك بسبب إحساسي بطاقة قوية للغاية تحيط بها، فلم أستطِع مقابلتها قبل أن أختليَ بنفسي لبعض الوقت؛ وبسبب فَهم والدَيَّ لفطرتي وطبعي الحسَّاس؛ لم يُجبراني على أن أكون فتاة لطيفة وأغادر خلوتي قبل أن أشعر بالطمأنينة والراحة، فمن خلال احترام وتقدير شخصيَّتي وحالتي النفسية تمكَّنت من إنشاء علاقة مع غريزتي الداخلية وأصبحَتْ تلك العلاقة منارة لحياتي عندما كبرت.

إقرأ أيضاً: صفات سلبية لدى الأطفال ونصائح للتعامل معهم

في الختام:

بصفتي كوتشاً لآباء الأطفال شديدي الحساسية، أجدهم غالباً قلقين من أنَّ العالم لن يتغيَّر ليتماشى مع طباع أطفالهم، وأحبُّ أن أُذكِّرهم أنَّه رغم صحة ذلك، فإنَّ أطفالهم لم يأتوا إلى هذا العالم كي يكونوا نسخة مطابقة لمَن حولهم؛ فالأشخاص الحسَّاسون هم صُنَّاع التغيير والمُبدعون في هذا العالم، ولا ينبغي لهم أن يشعروا بالقلق المتعلق بقبولهم ممَّن حولهم؛ فهم يحرِّكون العالم حسب إيقاعهم الخاص ويغيرونه بطريقتهم المميَّزة والفريدة.

المصدر




مقالات مرتبطة