3 نصائح بناءة للاستفادة من الغيرة الوظيفية

قد يتيح لك الشعور بالغيرة تجاوز هذه المشاعر والتوجُّه نحو هدفك. ربما شعرت يوماً بالغيرة عندما نجح أحد زملائك في العمل، سواء أَكان استطاع كسب عميل هام، أم كافأته الإدارة على أدائه الاستثنائي أمام الشركة بأكملها، أم احتُفيَ به في وسائل الإعلام، فتسعد لنجاحه، ولكنَّك تشعر بالغيرة أيضاً، لا تقلق، الغيرة شيءٌ طبيعيٌّ نشعر به جميعاً من وقتٍ لآخر، حتى أنَّ أحدهم قد يمازح صديقه قائلاً: "أنا غيور للغاية" أو "أنا أغار منك".



لقت كتبت "تانيا مينون" (Tania Menon) و"لي تومسون" (Leigh Thomson) في مجلة "هارفرد بيزنس ريفيو" (Harvard Business Review) عن الغيرة في العمل، وأكَّدتا أنَّ هذه المشاعر قد تكون ضارة:

"تضرُّ الغيرة بالعلاقات، وتعطِّل الفِرَق، وتقوِّض الأداء التنظيمي، والأهم من ذلك كله، أنَّها تضرُّ صاحبها، فحينما يشغل تفكيرك نجاح شخص آخر، يتزعزع احترامك لذاتك، وقد تتجاهل أداءك أو تهمله، وربما تهمل حياتك المهنية بأكملها؛ حيث إنَّه لمن الصعب التعامل مع مشاعر الغيرة؛ وذلك لأنَّه من الصعب الاعتراف بأنَّنا نحمل مثل هذه المشاعر غير المقبولة اجتماعياً؛ ممَّا يدفعنا إلى إخفاء مشاعرنا وإنكارها، فيزداد الأمور سوءاً، وتظهر الغيرة المكبوتة بوضوح".

قد تضيع الغيرة فرصك وفرص الآخرين؛ لذا كن حذراً في التعامل معها؛ وذلك لأنَّها سلاح ذو حدين، قد تكون نافعة ومحفِّزة، وقد تكون خطيرة للغاية؛ لذا سنقدِّم لك في هذا المقال ثلاث نصائح للاستفادة من الغيرة المهنية بدلاً من كبتها أو تجاهلها:

1. اسأل نفسك عمَّا تخبرك به غيرتك:

على سبيل المثال: إذا رُقِّيَ زميلك إلى منصب أعلى منك بكثير، وأنت لست سعيداً بهذا للغاية؛ فماذا يخبرك ذلك؟ هل تريد المزيد من المسؤولية؟ أم الاحترام؟ أم المنصب؟

تحكي "جريتشن روبين" (Gretchen Rubin)، مؤلفة الكتب الشهيرة "أفضل من أي وقت مضى" (Better Than Before)، و"مشروع السعادة" (The Happiness Project)، و"أسعد في المنزل" (Happier at Home)، أنَّها لم تشعر بالغيرة تجاه أصدقائها الذين كانوا يتقدمون في مهنة المحاماة؛ بل هم من غاروا منها عندما صارت كاتبة مشهورة، ولقد أصغت إلى مشاعرها واهتمت بها، وحفَّزها ذلك على ترك مهنة المحاماة لتصبح كاتبة ناجحة للغاية.

ومن ثمَّ قد تخبرك غيرتك أنَّه يتعيَّن عليك التفكير تفكيراً مختلفاً أو التفكير أكثر في إمكاناتك، فقد يكون ثمَّة شيء تتعلَّمه من الشخص الذي تغار منه، على سبيل المثال: قد تكتشف أنَّ هذا الشخص لا يخشى طلب المساعدة من الآخرين، ممَّا ساعده كثيراً على النجاح، في حين أنَّك لا تفعل ذلك، ولكنَّ الناس يحبون تقديم المساعدة وبناء العلاقات، وقد يعزِّز هذا صداقاتك وعلاقاتك الاجتماعية ويصبح أمراً مفيداً للطرفين.

إقرأ أيضاً: 4 استراتيجيات تساعدك على التوقف عن مقارنة نفسك بالآخرين

2. تذكَّر كل الخير الذي تضمره:

نحن عادةً ننسى كل الجوانب الإيجابية في شخصياتنا والإنجازات التي حققناها عندما نقارن أنفسنا بالآخرين ونغار منهم؛ فلا تفعل ذلك؛ بل فكر في خمسة جوانب حققت فيها أهدافك المهنية أو تجاوزتها أو تلقيت تغذية راجعة إيجابية، أو اطبع رسائل البريد الإلكتروني التي تتضمَّن إشادة بجهدك وعملك وانظر إليها كل فترة، فالنجاح يُبنى على النجاح، والفكرة هي أن تركِّز على الأمور الجيدة؛ وذلك لأنَّ ما تركز عليه يزداد.

لقد كتب خبير القيادة "رون أشكيناس" (Ron Ashkenas) في مجلة "هارفارد بيزنس ريفيو" (HBR) مقالاً بعنوان "عندما يكون من الصعب الاحتفاء بنجاح زميلك" (When It’s Hard to Celebrate Your Colleague’s Success)، وقال: "لا تركِّز على الآخرين؛ بل ركِّز على نفسك فحسب، فعلى الرغم من أنَّ مقارنة نفسك بالآخرين أمر طبيعي وقد يكون محفزاً، إلَّا أنَّها تؤدي غالباً إلى الشعور بالغيرة، خاصةً إذا كنت لا تعتد بذاتك؛ لذا حاول أن تقيس مدى تقدُّمك الحالي بما كنت عليه في الماضي".

في الواقع، قد تكون أكثر إنتاجية ممَّا تدرك؛ لذا ربما يغير إجراءٌ بسيطٌ مثل قياس الإنجازات طريقة تفكيرك، خاصةً عندما تشعر بالغيرة.

يكتب أشكيناس: "على الرغم من أنَّ تحديد محفزاتك العاطفية وإنجازاتك الخاصة قد يقلِّل من مشاعر الغيرة، إلَّا أنَّك قد لا تسعد بنجاحات الآخرين، وإذا كنت تشعر بالتهديد في كل مرة يؤدي فيها زميلك أداءً جيداً، فيمكنك القضاء على استيائك من خلال القيام بشيء واحد بسيط: تذكير نفسك بقوتك ونجاحاتك".

إقرأ أيضاً: التحفيز وتأثيره الإيجابي على حياة الإنسان ونجاحهِ العملي

3. لا تنكر مشاعر الغيرة:

قد تدفع مشاعر الغيرة المرء إلى التقليل من شأن الآخرين، أو التشكيك في نجاحهم، أو استغابتهم، ولكنَّ هذا يؤذيهم ويؤذيك أيضاً، ولن تصبح إنساناً أفضل إذا فعلت ذلك، ومن ثمَّ لن تستطيع بلوغ ما تطمح إليه، كما يُعدُّ التقليل من الآخرين والنظر إليهم بعينٍ حاسدة تفكيراً خطيراً قد يؤلم الآخرين ويسيء سمعتك.

عندما يمتلك الناس صفات يُحسَدون عليها ولكن لا يمكننا اكتسابها بسهولة، مثل الجمال أو الجاذبية؛ نميل للأسف إلى رفض قيمة تلك الصفات وازدرائها، ونشعر بالتحسُّن من خلال التقليل من شأن إنجازات الشخص الآخر، فنقول أشياء مثل: "حسناً، لقد كان محظوظاً فحسب" أو "لقد حصل على هذا المنصب لأنَّه متملق".

يؤدي التحدُّث بهذه الطريقة إلى التشكيك في عدالة المديرين، ومن ثمَّ شرعية المنظمة ككل؛ ممَّا يؤثر فيك وفي المنظمة سلباً ويقلل من قدرتك على النجاح كقائد.

لا تُعدُّ مشاعر الغيرة مشاعر جيدة؛ لذا ينكرها معظمنا أو يقمعها تلقائياً، ولكن من خلال الإفصاح عنها والنظر فيها، فإنَّك تحدُّ من سيطرتها عليك وعلى علاقاتك، كما يمكنك تسخيرها لمصلحتك؛ ممَّا يعود عليك وعلى فريقك ومنظمتك بأكملها بالنفع.

المصدر




مقالات مرتبطة