3 عوامل تُظهر اهتمام رب العمل بمنح رواتب عادلة للموظفين

لقد حان الوقت للتعامل مع الرواتب بشكل يلائم مقتضيات العصر الحديث؛ إذ إنَّ الشركات تنجح عندما تجعل من منظمتها مكاناً يرغب أفضل الناس في العمل فيه؛ ونتيجةً لهذا، يتعيَّن على قادة الموارد البشرية أن يطوروا برامج تعويض تتبنَّى هذه الفكرة.



واليوم نحن نجد أنفسنا في سوق مواهب محدود جداً؛ إذ تبلغ نسبة البطالة بين الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم أكثر من 25 عاماً والحاصلين على شهادة جامعية 2.7% فقط؛ فقد أصبح من المقبول، ومن المتوقع في بعض المجالات، أن يتفاوض العمال الذين لديهم عرض عمل، مع شركاتهم الحالية؛ وذلك للحصول على أجور أعلى.

في ظل ندرة المواهب وقسوة معايير التوظيف، يمكننا افتراض أنَّ معظم الموظفين سيقابلون شركات أخرى في وقتٍ أو في آخر؛ فلذلك، إذا كان أرباب العمل راغبين في تحقيق أهدافهم التجارية، فإنَّهم يحتاجون إلى برامج لكي يحافظوا على أفضل الموظفين لديهم.

ومع ذلك، هذا لا يعني دائماً تبديد كثيرٍ من المال؛ فقد أصبحت الشركات أكثر إبداعاً في نهجها، وأصبحت تقدِّم مزيجاً مناسباً من الامتيازات لموظفيها المتميزين، وبالنسبة إلى بعضها قد تكون هذه الامتيازات عبارة عن إقامة حفلات أو ممارسة الرياضة، أمَّا بالنسبة إلى الآخرين قد تكون عبارة عن إجازة مدفوعة الأجر، أو جداول عمل مريحة، أو أيام عُطل غير محدودة؛ إذ إنَّ الشركات بدأت بالتعرف إلى موظفيها بشكل أفضل وتحديد ثقافات وقيم أوضح؛ وذلك لاجتذاب الأشخاص المناسبين إلى مؤسساتها.

إنَّ إجراءات التعويض الحديثة تحافظ على الموظفين في صلب اهتمام برامج التعويض، وتتَّبع من أجل ذلك ثلاثة مناهج، وهي:

1. العدل ودفع الرواتب المناسبة:

لقد أصبحت قوانين المساواة في الأجور أكثر شيوعاً، مع بدء عديدٍ من البلدان سَن قوانين تضمن تلقِّي الموظفين رواتب عادلة، ومع ذلك، فمن الهام أن نفهم أنَّ المساواة في الأجور وعدالتها ليستا نفس الشيء؛ فالمساواة في الأجور تعني ضمان عدم تمييز رب العمل في ممارساته المتعلقة بالأجور، وخاصةً على أساس نوع الجنس، والأجر العادل هو مفهوم أوسع بكثير، ويروق لجيل الألفية خاصةً؛ إذ إنَّ الأجر العادل يميز الأجور المناسبة بناءً على عدة عوامل، مثل الأداء والمهارات والتعليم والخبرة والمساهمة في النتيجة النهائية.

ويعني دفع الرواتب المناسبة، الدفاع عن القرارات المرتبطة بالرواتب باستخدام البيانات؛ فلا يكفي أن يعتقد رب العمل أنَّه يعطي الموظفين أجوراً عادلة، فالشركة الآن تحتاج أيضاً إلى التوضيح للموظفين كيف تُحتسب رواتبهم للتأكد من أنَّهم يفهمون أنَّ رواتبهم عادلة.

من بين الطرائق التي يستطيع بها أرباب العمل أن يضمنوا ويثبتوا أنَّهم يقدِّمون أجوراً عادلة، هي أن يستندوا في ذلك إلى بيانات السوق الحالية والدقيقة، وإذا لم يكونوا ينظرون إلى قيمة وظائفهم في أسواق المواهب المحددة، فيتعيَّن عليهم أن يتوقعوا أنَّ العديد من موظفيهم يفعلون ذلك ويدركون قيمتها.

شاهد بالفيديو: طرق تعامل المدير الناجح مع الموظفين

2. التحلي بالشفافية وقول الحقيقة لهم:

إنَّ إدراك الأجر له تأثير كبير في رضى الموظف ونيته في المغادرة؛ ففي استطلاع أجراه موقع "باي سكيل" (PayScale) شمل 71000 شخصاً، تبيَّن أنَّ معظم الناس لا يعرفون ما إذا كانوا يحصلون على أجر عادل أم لا، ومن بين الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع، والذين كانت أجورهم في واقع الأمر أعلى من أجور السوق، كان 80% منهم يعتقدون أنَّ أجورهم كانت إما أقل من أجور السوق أو تعادلها.

في دراسة أخرى أُجريت على 550000 شخص، كان 82% من الموظفين لا يمانعون الحصول على أجر أقل من المتوسط إذا شُرِح الأساس المنطقي الذي قُدِّمَت الرواتب بناءً عليه؛ إذ إنَّ التحدث عن التعويضات أمرٌ هامٌ جداً، ويتحمَّل أرباب العمل مسؤولية بدء التواصل مع موظفيهم بشأن الأجور.

مع ذلك، القضية يجب ألَّا تكون غير قابلة للمساومة؛ وذلك لأنَّ الشفافية في التعامل مع الرواتب فيها خيارات متنوعة؛ فمن جهة، قد ترى شركاتٍ لا يعرف الموظف فيها سوى تفاصيل راتبه فقط، وفي شركاتٍ أخرى قد يُكشَف عن بعض التفاصيل المرتبطة بالاستراتيجية المُتَّبعة في موضوع الرواتب، وفي حالاتٍ نادرةٍ من الشفافية، نرى موظفين يعرفون رواتب جميع موظفي الشركة التي يعملون فيها.

إنَّ المؤسسات تحتاج إلى تحديد مستوى الشفافية الأنفع لها بناءً على عدة أمور، ومنها موظفيها، ومجالها، وثقافتها، ومن ثم الانتقال إلى مستوى أعلى قليلاً، ومع أنَّ الأمر قد يتطلب عقلية جديدة بالنسبة إلى العديد من أرباب العمل، فإنَّ التحول في التفكير سوف يكون مستحقاً للعناء عندما يشعر الموظفون بقدر أكبر من الرضى عن الاتفاقات التي عقدوها مع شركاتهم.

كما أنَّ شفافية التعويضات تساعد المديرين؛ وذلك لأنَّ معظم المحادثات عن الأجور تحدث بين المديرين والموظفين؛ أي ليس بين الموارد البشرية والموظفين، ونظراً لأنَّ المناقشات المتعلقة بالتعويض تُجرى في جميع أنحاء المنظمة، ينبغي للموارد البشرية أن تدعم جميع المديرين في الانتقال إلى ثقافة أكثر شفافية، وأن تعمل على تدريب المديرين على كيفية تحديد رواتب الموظفين.

إقرأ أيضاً: 10 طرق يستخدمها القادة لإصلاح الأخطاء

3. مواكبة آخر المستجدات والعمل من أجل اليوم والغد:

يتَّبع كثيرٌ من أرباب العمل نفس أسلوب الشركات القديمة في الأعوام مثل عام 1999 أو حتى 1969، وبالمقارنة مع الوظائف الأخرى في معظم المنظمات التي تعتمد على تحليلات وبيانات متطورة؛ فإنَّ إدارة التعويضات متأخرة جداً، وفي نفس الوقت، فإنَّ قسماً كبيراً من العمل اليومي في إدارة التعويضات لم يتطور كثيراً وما يزال غارقاً في جداول بيانات معقدة.

والثابت الرئيس في مكان العمل اليوم هو التغيير، والوتيرة ما زالت تتسارع فقط، وما يزال الشك يسيطر على المشهد الاقتصادي، والتكنولوجيا تغيِّر من طبيعة العمل والمواهب، وقوانا العاملة مستمرة في التطور، وتستفيد الإدارة الحديثة للأجور من قوة البيانات والتكنولوجيا لتحفيز وإثارة تفاعل القوى العاملة التي نملكها اليوم، ولتتكيف مع القوى العاملة التي سوف نحصل عليها في الغد.

تُراجَع الأولويات التنظيمية وتُحدَّث وتُحسَّن باستمرار؛ لذا فإنَّ بيانات السوق في الوقت الحقيقي المتعلقة بالمواهب تجعل من السهل تسعير وظيفة مهندس البرمجيات الرئيسة صاحب أفضل المهارات، وفي نفس الوقت، غالباً ما لا يعرف أرباب العمل متى سيتحدَّث الموظفون معهم عن الراتب، وفي هذه المواقف الحساسة، يحتاج المديرون والموارد البشرية إلى وجود بيانات موثوقة في متناول أيديهم لضمان جذب المواهب الصحيحة والاحتفاظ بها.

لقد ولَّت أيام خطط التعويض التي لا تنال القسط الأهم من تركيز المنظمة، واليوم، يجب أن يكون العاملون في مجال التعويضات الحديثة يقظين فيما يتعلق بالأهداف التنظيمية، وإيجاد سبل لدفع هذه الأهداف؛ وذلك من خلال إنشاء خطط لتعزيز مبادرات المواهب المناسبة.

إقرأ أيضاً: 13 أمراً عليك أن تضعهم ضمن قائمة مهامك اليوميّة لكي تزيد من انتاجيّتك

في الختام:

إنَّ الكيفية التي يدفع بها رب العمل الأجور، وكيفية تواصله بشأن الأجر، والتطور الذي يحققه في مطابقة الأجر مع أهداف العمل التي يسعى إلى تحقيقها، هي التي تحدد الكيفية التي يُنظَر بها إلى الشركة في السوق؛ فالعدل والشفافية ومواكبة آخر المستجدات من شأنها أن تساعد أي منظمة على الاحتفاظ بأفضل موظفيها، وإيجاد مواهب جديدة مميزة، وإدامة الثقافة التنظيمية التي تضمن أنَّ شركتهم هي الاختيار الأول للموظفين، وبعد أن تكون المنظمة قد أنشأت ثقافة يكون فيها الراتب عاملاً هامَّاً، ويرغب أفضل الناس في العمل لديها، فعندها لن يوجد ما يوقفهم.

المصدر




مقالات مرتبطة