3 طرق للتعامل مع الاكتئاب الناجم عن الوباء

هل تعاني أنت أو أي شخص تعرفه من الاكتئاب نتيجة الوباء؟ هل تتساءل غالباً إن كنت أنت الوحيد الذي يواجه جائحة كوفيد-19 (COVID-19)، وكيف تستطيع تغيير ذلك؟



ما تمر به ليس نادر الحدوث كما تعتقد، وفقاً لدراسة حديثة نُشرت في مجلة جاما نيتوورك أوبن (JAMA Network Open)، كان الاكتئاب خلال هذا الوباء أعلى بثلاث مرات مما كان عليه سابقاً.

اكتشف الباحثون أنَّ الفئات ذات الدخل المحدود أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب مقارنة بالفئات ذات الدخل المرتفع، وهذا يضع مزيداً من الضغط على أولئك الذين هم بالفعل قلقون أو غير راضين عن حياتهم المهنية، فعندما نحاول موازنة حياتنا الشخصية والعملية مع صحتنا العقلية سنمر بسلسة من الأحداث السلبية.

عواقب الاكتئاب الناجم عن الوباء:

ربما بدأ شعورك بالتعب يزداد أكثر من المعتاد، ربما بدأت تفقد الاهتمام بالأشياء التي اعتدت الاستمتاع بها، أو تُفضِّل النوم كثيراً.

يمكن أن يظهر الاكتئاب بطرائق مختلفة وخاصةً في ظل هذا الوباء العالمي، بينما قد يشعر بعض الأشخاص بالإرهاق والقلق المتزايد؛ قد يعتقد بعضهم الآخر أنَّهم يتعاملون مع الأمور معاملة جيدة نسبياً، ليكتشفوا أنَّهم لا يستطيعون التركيز على المهام البسيطة.

وقد تعاني من تغيرات جسدية وعاطفية ونفسية عندما تصاب بالاكتئاب الناجم عن الوباء، وأحد الأشياء الهامة التي يجب عليك القيام بها هي الانتباه إلى هذه التغييرات والاستعداد للتعامل معها.

شاهد بالفيديو: كيف نتخلص من التوتر في ظل الأجواء الصعبة التي نعيشها؟

ما هي أفضل طريقة للتعامل مع هذه التغييرات؟

بغض النظر عن الضغط الذي نعاني منه يومياً في حياتنا الشخصية والعملية، علينا أن نتذكر أنَّنا بشر ولدينا احتياجات يجب تلبيتها من أجل العمل؛ هذا يعني أنَّه يجب عليك أن تحدد ما يجب عليك القيام به من أجل النجاح -وليس فقط لتبقى على قيد الحياة- في ظل هذا الوباء.

ربما قد سمعت بنظرية أبراهام ماسلو (Abraham Maslow) عن الدافع البشري أو هرم ماسلو للاحتياجات الخاصة. تضمنت نظريته "تحقيق الذات" أو الاحتياجات التي تساعدنا على تحقيق أقصى إمكاناتنا من خلال النمو الشخصي.

أعادت الأبحاث الحديثة التي أجراها عالم النفس سكوت باري كوفمان (Scott Barry Kaufman) تعريف تحقيق الذات باعتباره الاستكشاف والحب والهدف، وتتمثل إحدى الطرائق الجيدة للتكيف مع الأوضاع غير الطبيعية التي سادت مؤخراً تقييم حياتك من خلال النظر إلى هذه الاحتياجات والتأكد من أنَّه بإمكانك إشباعها.

يأتي جزء كبير من الاكتئاب الذي قد يعاني منه الناس في هذا الوباء من رفض إدراكنا أنَّ احتياجاتنا قد تغيرت، والطريقة السابقة التي نُلبِّي بها هذه الاحتياجات لم تعد متاحة في الوقت الحالي؛ لذلك يجب إجراء بعض التغييرات.

لكن تبقى احتياجاتنا للاستكشاف والحب والهدف ضرورية وذات أهمية قصوى، ولكنَّنا بحاجة إلى تلبيتها بطرائق تأخذ في الاعتبار ما نعاني منه في الوقت الراهن. وهنا بعض السبل التي نستطيع من خلالها أن نتعامل مع احتياجاتنا بفاعليَّةٍ وأن نلبيها:

1. الاستكشاف:

نحن بحاجة إلى استكشاف العالم والتعرف إليه وفهمه، وما يُثير الرغبة في الاستكشاف بهذا المعنى ليس الخوف والقلق الناجمان عن متابعة موجزات الأخبار بانتظام؛ بل الإثارة الناجمة عن حب استكشاف الأشياء الجديدة، والمثيرة للتحدي، والمجهولة. بينما قد تكون مرغماً على البقاء في المنزل بسبب جائحة كورونا (COVID-19)، لديك عالم من المعلومات متاح للاستكشاف عبر الإنترنت.

أحد المجالات التي تستطيع من خلالها بدء الاستكشاف هي الشروع في التجارب الافتراضية، والتي يمكنك الاستمتاع بها بأمان حتى في أثناء تواجدك في المنزل، كالسياحة الافتراضية، وهي ليست مفهوماً جديداً، لكن عُرِفَت بشكل أكبر خلال هذا الوباء بسبب الأشخاص الذين يرغبون في السفر ولكنَّهم يخافون من الإصابة بالفيروس.

يمكنك حتى التسجيل للحصول على تجارب افتراضية تفاعلية لاستكشاف مواقع قريبة منك، كما يمكنك حضور دورات افتراضية للعديد من الموضوعات والهوايات -من الطهي إلى الفنون والحرف اليدوية- ويمكنك أيضاً التسوق، والتفاعل مع المرشدين السياحيين والمدرِّسين وحتى المستكشفين الافتراضيين مثلك من منزلك.

 كما تعدُّ التمرينات الرياضية وسيلة أخرى يمكنك استكشافها، فقد أظهرت الدراسات أنَّ الأنشطة البدنية يمكن أن تساعد في تقليل الاكتئاب؛ حيث يمكنك الاشتراك في دروس تمرينات الكارديو أو تمرينات القوة أو اليوجا عبر الإنترنت حسب نوع الرياضة التي تفضِّلها.

أمَّا إذا كنت ترغب في ممارسة الرياضة في الخارج فيمكنك الذهاب إلى الحديقة أو المحميات الطبيعية، لكن عليك الحفاظ على التباعد الاجتماعي؛ حيث أظهرت الأبحاث أنَّ قضاء الوقت في مثل هذه الأماكن له تأثير إيجابي في الصحة العقلية.

2. التعبير عن الحب:

يتجلى الجانب الثاني من تحقيق الذات من خلال التعبير عن الحب، وحب الذات في الدرجة الأولى، وإذا شعرت بالإرهاق بسبب الاكتئاب أو كنت تعتقد أنَّك بحاجة إلى مساعدة من متخصص، فإنَّ أحد أعمال الرعاية الذاتية التي يمكنك القيام بها هي البحث عن علاج عبر الإنترنت في مجال علم النفس.

لا داعي للذهاب للطبيب؛ حيث إنَّ العلاج عبر الإنترنت قد ازدهر خلال هذا الوباء، مما يعني أنَّ الأطباء أصبحوا الآن أفضل في تقديم الرعاية للمرضى، ويمكنك أيضاً التواصل مع شركتك بهذا الخصوص إذا كان هذا من ضمن الأمور التي تستطيع الشركة توفيرها أو تيسيرها.

الحب الثاني هو حب الآخرين، وهذا يعني إحداث تأثير إيجابي على حياة الآخرين، ويمكنك التعبير عن هذا الحب تجاه علاقاتك الحالية، على سبيل المثال فاجئ شريكك بموعد غير متوقع، أو ربما يمكنك إقامة حفلات افتراضية لأصدقائك لتقوية الروابط، ويمكنك حتى التطوع لمصاحبة كبار السن الذين يعيشون وحدهم افتراضيَّاً، هناك العديد من السبل التي يمكنك استكشافها للتعبير عن الحب، سواء كان ذلك من خلال تحسين العلاقات الحالية أم تكوين علاقات جديدة.

شاهد بالفيديو: 12 حقيقة عن حب الذات يجب على الجميع أن يتذكرها

3. الهدف:

من الجوانب الأخرى الهامة في تحقيق الذات هي تطوير الإحساس بالغاية من الحياة والهدف منها، وصقله، والسعي إلى الحصول عليه، وفي ظل الوباء، عليك أن تسعى مُسبقاً إلى الشعور بأنَّك تساهم في شيء أنت متحمس له تحمُّساً كبيراً، وتقوم به بنفسك ويوفر لك الإشباع والرضا.

قد يجد بعض الأشخاص إحساسهم بالحياة المُرضية في رعاية أسرهم وأصدقائهم، فقد تقرر التواصل مع زملائك المتعثرين، وسد الفجوة بين الحياة الشخصية والعملية، وتكوين صداقات أعمق، كما يمكنك أيضاً الاستفادة من علاقاتك لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا وظائفهم في العثور على وظيفة جديدة، أو ربما يمكنك التركيز على تحسين مجتمعك المحلي، مثل تشجيع الآخرين على البقاء في المنزل في أثناء الوباء من خلال تدوين مغامراتك الممتعة في المنزل.

مهما كان ما تختار القيام به، يجب أن تقيِّم مستوى إسهامه في إحساسك بالحياة المُرضية؛ حيث يمكنك مراجعة أنشطتك للمساعدة في تطوير هذا الشعور داخل نفسك.

إقرأ أيضاً: كيف تعثر على غايتك في الحياة؟

أخيراً:

التعامل مع الاكتئاب الناجم عن الوباء هو تقييم صادق لنشاطك وعلاقاتك؛ لذا تأكد من تلبية احتياجاتك للاستكشاف والحب والهدف باستمرار وابدأ من الآن، سيساعدك ذلك على تحسين صحتك العقلية والحفاظ عليها خلال هذه الأوقات الصعبة.

 

المصدر




مقالات مرتبطة