3 طرق لتحقيق النجاح عن طريق تعزيز التعاطف مع الذات

تقول الدكتورة كريستين نيف (Kristin Neff): "وجدتُ في بحثي أنَّ السبب الأكبر الذي يجعل الناس قليلي التعاطف مع أنفسهم هو أنَّهم يخشون أن يصبحوا أنانيين؛ حيث يعتقدون أنَّ النقد الذاتي هو ما يبقيهم على المسار الصحيح، وقد فهِم معظم الناس هذه الفكرة فهماً خاطئاً؛ وذلك لأنَّ القسوة على النفس في ثقافتنا تُعَدُّ طريق النجاح".



ما هو التعاطف مع الذات؟

يتعلق التعاطف مع الذات بتلبية احتياجاتك ومعرفة ما الذي تستحقه وتقدِّره أيضاً، ويتعلق الأمر باحتوائك لنفسك، وأن تكون صادقاً تجاهها، وأن تتخلص من الخجل وتكون أكثر جرأةً حتى تتمكَّن من النجاح، وأن تحب نفسك وتراعيها دون قيدٍ أو شرط.

يَذكُر علم النفس الإيجابي أنَّ الأبحاث تُظهِر أنَّه على الرغم من أنَّ الناس يقدِّرون الانتماء، قبل كل شيء، فإنَّهم يقدِّرون علاقتهم بأنفسهم، ومع ذلك، فإنَّ التعاطف مع الذات لا يكون طبيعياً لدى الجميع، وفي الواقع، يجد معظم الناس صعوبةً في رؤية الصفات الإيجابية في أنفسهم، ومن الصعب على الكثيرين أن يروا أنفسهم جيدين ومؤهَّلين وأصحاب كفاءةٍ ويستحقون السعادة، ويصعب عليهم السماح لأنفسهم بأن يكونوا إنسانيين.

هناك دائماً صوت داخلي يخبرك بأنَّه يجب أن تنتقد نفسك، لكنَّك وحدك من لديه القرار بما يجب فعله، ولديك القوة الكافية لتحدِّد الطريق الذي تريد أن تسلكه في حياتك.

طرق تنمية التعاطف مع الذات:

1. التعامل بلطفٍ مع النفس:

يقول المتحدِّث التحفيزي أنتوني غوتشياردي (Anthony Gucciardi): "إنَّ الفراشة لا تخجل من حقيقة أنَّها كانت يرقةً في السابق".

حان الوقت لتكون لطيفاً مع نفسك وأن تعاملها معاملةً رحيمةً عندما تسقط، وعندما تريد أن تستسلم، وعندما تكون غير قادر على رؤية شيء سوى عيوبك، وعند شعورك بأنَّك في أسوأ حالاتك، هذا هو الوقت الذي تكون فيه بأمسِّ الحاجة إليها.

الرحمة تكون عندما تحتاج إلى أخذ قسطٍ من الراحة، وهذا النوع من الرعاية الذاتية يتعلق بالراحة وليس الاستسلام؛ لذا خصِّص وقتاً لنفسك، هذا الأمر متعلق بك وحدك وليس بما يريده العالم منك، فافعل الشيء الذي تجد فيه السلام لروحك.

تتعلق الرحمة أيضاً بمغفرة الذات؛ لذا اغفر لنفسك لعدم إدراكك مُسبَقاً لما يجب أن تفعله الآن، ولكونك إنساناً غير كامل.

إنَّ الأمر لا يتعلق بالكمال؛ بل يتعلق بالتقدُّم؛ لذا ليس عليك أن تمتلك جميع الصفات والمؤهلات الجيدة لتكون إنساناً مهماً، فلن يتوقَّف العالم بالتأكيد؛ لكنَّ هذا لا يعني أنَّ عليك الركض مثل الآلة؛ لذا اكتشف نفسك واسمح لها بالشعور، واهتم باحتياجاتك.

عندما تمنح نفسك الرحمة، يجب أن تتوقف عن استخدام عبارة "يجب أن أفعل"؛ وذلك لأنَّ استخدامك لهذا المصطلح هو نوع من "الحديث السلبي مع النفس"، وهو مصطلح صاغه عالِم النفس كلايتون باربو (Clayton Barbeau)؛ ويعني أن تنتقد نفسك على ما حققته حتى الآن وما تعتقد أنَّه يجب عليك تحقيقه.

ما تقوله لنفسك مهم، وإذا كنت تملي على نفسك ما "يجب" فعله باستمرار، فأنت في الواقع تقول كل ما لا تفعله؛ حيث يقلِّل ذلك من قيمتك الذاتية ويجعل من الصعب عليك تحقيق أهدافك، فإذا كنت تريد مساعدة نفسك، فتقبَّل مَن تكون وما حققته حتى تتمكَّن من الاستفادة من ذلك، ولا بأس أن تفضِّل حدوث شيءٍ ما، ولكن ليس من المثمر أن تفكِر في نفسك فقط على أنَّها الهدف أو الإنجاز الوحيد.

يجب عليك توقع حدوث بعض الانتكاسات، واعلم أنَّ تجاوزك لتلك الانتكاسات سيساعدك على مواجهة المزيد من الصعوبات، ووحدها الرحمة سوف تعيدك إلى نفسك، وتساعدك على إدراك أنَّك لست وحيداً، فيمكننا جميعاً أن نلجأ إلى القليل من الرحمة.

إقرأ أيضاً: الاعتراف بالأخطاء ومسامحة النفس

2. مخاطبة النفس بعباراتٍ إيجابية:

يقول أحدهم: "لا تصدِّق كل أفكارك"، فالحديث الإيجابي مع النفس هو نوع من الرعاية الذاتية يمكنك أن تمنحه لنفسك، فقط باختيار أفكارك؛ يعني هذا أنَّه عندما تكون لديك أفكار سلبية، يمكنك اختيار التفكير بأفكارٍ معاكسة لها، فبدلاً من أن تقول: "لن أكون قادراً على القيام بذلك أبداً"، فكِّر في الطرائق التي يمكنك من خلالها التكيف والنمو عن طريق حل المشكلات؛ جرِّب أن تقول: "سأستخدم ما أملكه للقيام ما في وسعي"، فهذه هي الطريقة التي تستعيد بها السيطرة، وبالنسبة إلى الكثيرين، يبدو أنَّ قول ذلك أسهل بكثير من فعله.

حاول أن تعرف من أين تأتي هذه الأفكار السلبية، اختر بعض الأساليب، وبدلاً من الانسياق وراء أفكارك السلبية، يمكنك استبدالها بأفكارٍ إيجابية مع مرور الوقت.

توجَّه إلى الحديث الإيجابي مع نفسك بدلاً من محاولة أن تكون مثالياً، فأنت لست مضطراً إلى معاقبة نفسك لتحصل على نتائج أفضل، وبدلاً من ذلك، احترم نفسك، وتحدث بلطف إليها كما لو كانت أفضل صديق لك، واحتفظ بمساحة خاصة لها أيضاً؛ وذلك لأنَّك شخص ذو قيمة وتستحق الدعم وعدم الانتقاد.

صُغ بعض عبارات الإطراء الإيجابية، واجعلها دقيقةً وقويةً ومُوجهة، حينما تشعر بأنَّك لا تتمتع بالكفاءة مثلاً، يكفي أن تقول: "أنا كفؤ".

كلما قلتها أو كتبتها أكثر، شعرت بها، وصدقتها، وتقبَّلتها، وينطبق هذا على جميع عبارات الإطراء الإيجابية، ويغيِّر الطريقة التي تهتم بها بنفسك؛ لذا أعدَّ قائمة من عبارات الإطراء التي يمكن أن تساعدك على استخدام العبارات التي تصف بها نفسك، وقل أيضاً: "أنا أتقبَّل التعاطف الذاتي الذي أمنحه لنفسي وأتقبَّل التعافي".

بعد ذلك، عندما تسمح لك الفرصة، كما تقول أستاذة علم النفس شونا شابيرو (Shauna Shapiro) في حديثها خلال مؤتمر "تيد" (TED)، "قوة اليقظة الذهنية هي أنَّ كل ما تمارسه يزداد قوةً"؛ لذا يجب أن تنظر إلى نفسك في المرآة يومياً وتقول: "أنا أحبك".

تأمَّل في هذه العبارات يومياً وراقب نفسك كيف تتغيَّر، قد تضطر إلى أن تقوِّي عزيمتك لتتمكَّن من الوثوق بهذا الأسلوب، ولكن إذا كان كل ما تفعله هو السعي، فإنَّك ستصبح قوياً، فحب الذات هو النجاح الحقيقي.

3. تقبُّل الشعور بالضعف:

يقول الشاعر جوانسن ديزون (Juansen Dizon): "عندما كنت أرغب في أن أكون محطماً، قدَّمت الاهتمام لنفسي، وعند ذلك بدأت بالتعافي".

كيف حالك حقاً؟ حان الوقت لطرح هذا السؤال، واعلم أنَّه من المقبول ألا تكون على ما يرام، احتفظ بسجلٍ لمشاعرك، وقيِّم حالتك المزاجية يومياً ولا تتردد في مشاركتها مع شخصٍ محترف تثق به، ولا تخف من طلب المساعدة، فعند قيامك بذلك، قد تضطر إلى مواجهة ضعفك.

إنَّ تعرُّضك للسقوط لا يجعل منك شخصاً ضعيفاً؛ بل يجعلك حكيماً؛ لذا يمكنك تجربة "تقنية رين" (RAIN technique) أو أداة التأمل واليقظة الذهنية في كيفية ارتباطك بمشاعرك.

فيما يلي الخطوات الأربع المختصرة في (RAIN):

  1. Recognize: تعرَّف إلى ما يحدث.
  2. Allow: اسمح للحياة أن تكون كما هي.
  3. Investigate: تحقق من التجربة الداخلية.
  4. Non-Identification: عدم الإدراك لكل شيء.

يتطلب الضعف عنصري القبول وعدم الحكم على مشاعرك عند استخدام أسلوب "رين" (RAIN)؛ لذا تعرَّف إلى ما يحدث بداخلك أو تجاوب مع مشاعرك ولا تتجاهلها، ويجب عليك تسمية ما تشعر به لتتمكن من معالجته، ويتعلَّق هذا الأمر بالقبول العاطفي وأن تكون لطيفاً تجاه نفسك في هذه العملية، ومهما كان ما تشعر به، فإنَّ الأمور لا تقف أبداً عند تلك المشاعر؛ وعدم تعرُّفك إلى شعورٍ يعني ألا تعرف طبيعته، ولكن تعلَّم تفسيره بمزيدٍ من العقلانية.

من السهل الانخراط في التفكير العاطفي، وهو تشوه معرفي شائع حيث تفرط في التماهي مع المشاعر، وقد يكون الواقع مختلفاً عما تتصوره، فقد يكذب عقلك عليك إذا بالغت في التعريف، خاصة إذا كنت تشعر بالسلبية وتعتقد أنَّ الشعور الذي ينتابك هو كل ما لديك، ومن الأفضل الحصول على أنواع أخرى من الأدلة، فعندما تكون مرهقاً، درِّب عقلك باستخدام أسلوب "رين" (RAIN)، وبعد ذلك، يمكنك البدء بالتعافي، وتذكر أنَّك تستحق ذلك.

إقرأ أيضاً: فكرتان تساعدانك على تحمل المسؤولية وإحراز النجاح

تعزيز الرعاية الذاتية لتحقيق النجاح:

إنَّ تنمية التعاطف مع الذات هو الاستثمار في الرعاية الذاتية، باستخدام الخطوات الثلاث المذكورة آنفاً كمبادئ توجيهية، وعندما تمنح نفسك الرحمة، وتطري عليها بالحديث الإيجابي مع النفس وتتقبَّل الضعف، فأنت تمنح نفسك اللطف الذي تستحقه، وعندما تحب نفسك، فإنَّك تحفزها على التوسع الذاتي والرضا في حياتك، وبعد ذلك، يمكنك أن تكون في أفضل حالاتك، فإذا كنت تريد إيجاد النجاح، جِد نفسك، فالتعاطف مع الذات هو أداة يمكن لأي شخص استخدامها في أي وقتٍ ولأي شيء؛ لذا استخدمه اليوم، وشاهد ما يمكن أن يقدمه لك.

المصدر




مقالات مرتبطة