3 طرق فعَّالة لتعزيز نموك العقلي والعاطفي اليومي

إذا فكَّرت في الأمر ستجد أنَّ الحياة رحيمة وكريمة علينا للغاية؛ فمهما كانت صعوبة المواقف التي نواجهها فإنَّها تمنحنا دائماً الفرصة لإنقاذ أنفسنا مباشرةً؛ فوفقاً لعالم النفس دانيال كانمان (Daniel Kahneman) الحائز على جائزة نوبل: "يعيش دماغنا نحو 20.000 لحظة في اليوم - تُعرَّف اللحظة بأنَّها بضع ثوانٍ يسجل فيها دماغنا تجربة ما؛ هذه اللحظات إمَّا إيجابية، أو سلبية، أو محايدة فقط - ومن الواضح أنَّنا نملك كثيراً من الفرص".



يكمن الاختلاف في النهاية في الطريقة التي نختار بها عيش تلك اللحظات، وفي الطريقة التي ننجح بها في المضي قدماً من لحظة إلى أخرى، فحياتنا مليئةٌ بالأحداث التي تحدد قدرتنا على التفاعل معها وليس مجرد إظهار ردود فعل عليها.

سنشاركك في هذا المقال 3 طرائق فعَّالة لتدريب عقلك على معاملة الشدائد والمواقف الصعبة بصورة أفضل، ومن خلال تطبيق هذه الأساليب في يومك ستتمكن من تطوير أكبر قدر من الذكاء العاطفي والمرونة والتفكير التحليلي:

1. التفكير بطريقة مختلفة:

في بعض الأحيان نفقد السيطرة على مشاعرنا وعواطفنا التي بلا شك لها القدرة على جعلنا نشعر كأنَّنا في دوامة لا تعرف الانتهاء؛ فنحن نعيش عواطف مختلفة باستمرار طوال اليوم سواء كنَّا نشعر بالحماسة تجاه قائد أعمال محتمل أم بالتوتر بشأن الاضطرار إلى مواجهة أحد الأصدقاء.

العواطف هي ببساطة بمنزلة تغذية راجعة لطريقة تجربتنا لحدث معين؛ فلا يوجد هنا صواب أو خطأ؛ وإنَّما تقتصر القضية فقط على الطريقة التي نختار بها إدراك الأمور التي تحدث، والعواطف هي نتيجة لحالة ذهنية ذاتية ومؤقتة، ومن ثمَّ إلهام أن نكون مدركين لها لفهم ما هو أكثر فائدة لنا.

في عملية الوعي الذاتي هذه من الضروري تعلُّم طريقة التأنِّي وعدم الإفراط في عواطفنا؛ لأنَّها يمكن أن تؤدي غالباً إلى اتخاذ قرارات سيئة؛ لذلك في المرة القادمة التي تشعر فيها بالقلق والتوتر والإحباط بشأن نشاط أو مهمة معينة، توقف للحظة واسأل نفسك: "ماذا يمكن أن يعلمني هذا الحدث؟ وكيف يمكن أن يجعلني أفضل؟ ما الذي قد لا أراه ويمكن أن يخدمني بالفعل؟ كيف يمكنني أن أكون ممتناً لما يحدث لي؟".

اسأل نفسك هذه الأسئلة الفعَّالة عندما تشعر بتلك المشاعر التي تضعف العواطف داخلك، وشاهد كيف يمكن أن يتغير إدراكك للحدث مباشرةً.

إقرأ أيضاً: 7 طرق تساعدك على التفكير خارج الصندوق

2. تأخير الشعور بالإشباع والرضى:

أحياناً نواجه سيناريوهات أو خيارات قد لا تكون مثاليةً، وقد تتطلب منَّا أن نتحمَّل شيئاً ما على الأمد القصير؛ من أجل تحقيق مكاسب على الأمد الطويل، ومع ذلك في تلك اللحظة يمكن أن تشعر بالقلق، ومن هنا تظهر قوة القصور الذاتي أحد أعظم قوانين الطبيعة.

على سبيل المثال إنَّها الخامسة مساءً في آخر يوم من أيام الأسبوع وأحد الأشخاص على وشك إنهاء عمله، ولديه خياران؛ إمَّا تصفُّح وسائل التواصل الاجتماعي الخاصة به لمعرفة ما الذي يفعله أصدقاؤه والتوقف عن العمل، أو الانتهاء من التقرير الهام الذي يعمل عليه المتعلق بطريقة تحسين تجربة العميل؛ حتى يتمكن في بداية الأسبوع من بدء العمل على مهام جديدة.

بالتأكيد خيار إنهاء التقرير هو الخيار الصحيح، ولكن قد يرفض ذلك الشخص قضاء آخر 30 دقيقةً من أسبوع عمله في إنهاء ذلك التقرير، ويقرر بدلاً من ذلك إكماله في بداية أسبوع العمل.

حسناً ما هو الخيار الأكثر فائدةً لنموه وتطوره؟

الفكرة هنا ليست مناقشة ما إذا كان اختياره صحيحاً أم خاطئاً؛ وإنَّما ما هو الخيار الأكثر فائدةً، فالتحدي هنا هو محاربة قصورك الذاتي؛ ففي المرة القادمة التي تجد نفسك فيها متفرغاً بعد العشاء ويكون لديك الاختيار بين متابعة مسلسلك التلفزيوني المفضل أو قراءة كتاب ملهم يمكن أن يساعدك على النمو، اسأل نفسك ببساطة: "ما هو الاختيار الأكثر فائدةً؟ وما هي فرصة نموي في اتخاذ الخيار البسيط مقابل الخيار الصعب؟".

لا يوجد أحد مثالي وقد لا نكون قادرين على مقاومة الإغراءات دائماً، ولكن مجرد تحسين درجات القصور الذاتي لدينا بصورة طفيفة يمكن أن يؤثر تأثيراً عميقاً فينا، وقد تبيَّن أنَّ تأخير الإشباع الفوري هو أحد مؤشرات النجاح الشخصي والمهني.

شاهد بالفديو: 7 نصائح للتطوير الشخصي وتحقيق النمو المستمر

3. تحديد السبب:

يكمن جمال الحياة أو على الأقل ما يجعلها مثيرةً للاهتمام في حقيقة أنَّ الأمور قد لا تسير دائماً كما تريد؛ ففي بعض الأحيان يمكن أن تبدو حياتنا لغزاً كبيراً مليئاً بالمشكلات التي يتطلب حلها كثيراً من الجهد.

نعلم جميعاً أنَّنا خلال فترة العمل يمكننا بسهولة أن نعلق في المشكلات والتحديات اليومية، وعدم قدرتنا على معاملتها بصورة فعَّالة يمكن أن يجعلنا نشعر بالارتباك؛ ممَّا يؤثر في النهاية في قدرتنا على رؤية الأمور بوضوح والوصول إلى السبب الجذري لمشكلتنا، وتحديداً عندما نحاول التصالح مع نتيجة معينة لم نتوقعها فإنَّنا نميل إلى الشعور بالإحباط والنظر إلى الأمور ظاهرياً.

اشتهر هذا الأسلوب المعروف أيضاً باسم "الأسباب الخمسة" (5 WHYs) لدى موظفي شركة تويوتا (Toyota) الذين استخدموه لحل مشكلة الإنتاج، والجميل في هذا الأسلوب هو أنَّه إذا كان يجبرك على أن تكون صادقاً مع نفسك وتبحث بصورة أعمق في كل إجابة تقدمها لنفسك، وفي حين قد تشعر بالإحباط في البداية، إلا أنَّه يُعدُّ طريقةً رائعةً لتعزيز أفكارك.

لذلك في المرة القادمة التي تواجه فيها نتيجةً غير مرغوب فيها انتقل إلى طريقة الأسباب الخمسة للوصول إلى السبب الجذري للمشكلة، ولا تتوقف حتى تجد إجابةً مُرضيةً.

إقرأ أيضاً: الذكاء التواصلي: مفتاح نجاحك الاجتماعي والعائلي والمهني

في الختام:

لا شك في أنَّ أيامنا قد لا تكون دائماً مليئةً باللحظات السحرية والسلسة، ولكن كما قال المؤلف تشارلز آر سويندول (Charles R. Swindol): "الحياة عبارة عن 10% من الأمور التي تحدث لك، و90% من طريقة تفاعلك معها".




مقالات مرتبطة