3 استراتيجيات للتركيز على الحاضر والتغلب على المخاوف

تتكشف الحياة وتصبح أوضح عند التركيز على ما يحدث في وقتك الحاضر، هذا ما أخبرنا به المعلمون الروحيون، فالحياة متاحة فقط في اللحظة الحالية، وقد أكَّد هذا علماء مثل ألبرت آينشتاين (Albert Einstein)، نحن نظنُّ أنَّ الوقت يسير سيراً خطياً؛ وذلك لأنَّنا لا ندرك الوقت الحاضر؛ بل تتحول عقولنا باستمرار من الماضي (الذي يُعَبِّر عن الذكريات) إلى المستقبل (وما فيه من توقعات).



تشكل كلتا هاتين الحالتين الذهنيتين أرضاً خصبة لتنامي الخوف، وخصوصاً من المستقبل، فالتفكير فيما قد يحدث يقودنا إلى طريق صعب؛ لكنَّ هذه السيناريوهات المتخيلة نادراً ما تحدث وفقاً لتوقعاتنا، وإضفاء المصداقية عليها يتيح للخوف السيطرة؛ لذا إنَّ كل ما نحتاج إلى القيام به هو إعادة انتباهنا وتركيزنا إلى اللحظة الحالية؛ ممَّا يؤدي إلى تهدئة مخاوفنا.

يدفعنا الخوف إلى التركيز على الماضي أو القلق بشأن المستقبل، فإذا تمكنا من الاعتراف بخوفنا يمكننا أن ندرك أنَّنا بخير في الوقت الحالي.

إليك فيما يأتي هذه الاستراتيجيات الثلاث التي يمكنك من خلال ممارستها التركيز على الحاضر والتغلب على مخاوفك:

1. مراقبة أفكارك:

دائماً ما نختار الأفكار التي تمنحنا بعض الإثارة؛ إذ تسيطر الأفكار العشوائية التي تأخذنا في اتجاهاتٍ مختلفة على معظم الناس، ولكن عندما نبدأ في مراقبة أفكارنا الخاصة تفقد تلك الأفكار العشوائية فاعليتها؛ لأنَّنا انفصلنا عنها وارتقينا إلى مستوىً أرفع؛ هو مستوى مراقبة الأفكار.

إنَّ مراقبة أفكارنا هي ممارسة روحية فاعلة يشار إليها عادة باليقظة الذهنية، فلاحظ كيف تقودك فكرة واحدة إلى فكرةٍ أخرى وأخرى حتَّى تبني سلسلة كاملة، وستلاحظ أنَّ هذه الأفكار تدور دائماً حول شيءٍ ما في الماضي أو شيءٍ تظنُّ أنَّه قد يحدث في المستقبل.

شاهد بالفيديو: 6 نصائح للتخلص من مشاعر الخوف من الفشل

2. عدم التركيز على الوقت:

"التدفق" هي تلك الحالة الذهنية من التركيز الفائق التي يتحدث عنها الرياضيون غالباً ويبدو فيها أنَّ الزمن يتوقف عندما تكون منهمكاً بشيء ما، وينحصر الانتباه في اللحظة الراهنة.

لقد مررنا جميعاً بتلك الحالة التي نفقد فيها الإحساس بالوقت، لكن معظم الناس لا يثقون في التجربة، ولا يرون أنَّ الرسائل السريعة التي ترسلها لهم لحظات الحاضر حقيقية؛ لأنَّها نادراً ما تحدث، أو يرون أنَّ الطريقة الوحيدة لاختبارها هي القيام بشيء غير عادي، مثل تسلُّق جبل أو الجري في سباق طويل، فقد يكون الاستغراق في الحاضر مخيفاً؛ لأنَّه خارج نطاق تجاربنا الطبيعي.

لكن هذه هي الحالة التي تظهر فيها نفسك الحقيقية التي لا يمكن للخوف أن يعيش فيها؛ لذا حاول الوصول إلى هذه الحالة تكراراً واسمح لنفسك بالوجود في الحاضر قدر الإمكان، وحرر نفسك من المعوقات التي تحول دون هذه الحالة من خلال تركيز انتباهك على الوقت الحالي.

جرب هذا التمرين: انظر ببطء شديد إلى ما حولك، وإلى خطوط يديك، وكن مدركاً لكيفية إدارة رأسك عندما تفعل هذه الأشياء، راقب نفسك وأنت تقوم بهذه الإجراءات، أيُّ جزء منك يراقب هذه الأشياء؟

إقرأ أيضاً: تقسيم الوقت: تقنية لزيادة التركيز والإنتاجية

3. التركيز على ما في داخلك:

يسمح لنا التركيز على الوقت الحاضر بالتركيز على ما في الداخل؛ أي على القلب الذي هو مركز وعينا، فالمجال الكهرومغناطيسي الذي يأتي من القلب أكبر 60 مرة من المجال الذي يأتي من الدماغ، وقد قال كارل يونج (Carl Jung) مؤسس علم النفس التحليلي: "سوف تتضح رؤيتك فقط عند التركيز على ما في داخلك، فمن ينظر إلى الخارج يحلم، ومن ينظر إلى الداخل يستيقظ".

يُعَدُّ الامتنان سر التركيز على القلب والحاضر، والعمل بدافع الحب والامتنان يفتح لنا آفاقاً من التعاطف مع أنفسنا ومع الآخرين ويبدد الشعور بالخوف، وكذلك اللوم وإطلاق الأحكام والشعور الأكثر شيوعاً هو اللوم؛ لذلك علينا أن ننتبه إلى أفكارنا وإلى ما في داخلنا من وعي، فاسأل نفسك عمَّا تريد أن تتركه من أثرٍ في هذا العالم، وما إذا كانت هذه هي الطريقة التي تريد أن تُعامَل بها.

يساعدنا التركيز في وعينا الداخلي وفي الوقت الحاضر على رؤية مشكلاتنا من منظور مختلف، وكلما مارسنا ذلك وأدراكنا أنَّه يحدث زاد حدوثه، فنحن فقط نعزز ما هو موجود بالفعل بدلاً من تعزيز شيء خاطئ، نحن نركز على ما هو حقيقي.

عندما نركز في القلب والحاضر ونتوقف عن رد الفعل اللاواعي من الخوف، يمكننا اتخاذ خيارات علاجية لا تُصدَّق، يمكننا أن نختار الحب عوضاً عن الخوف، والرحمة عوضاً عن إطلاق الأحكام، والمغفرة عوضاً عن الكراهية، والشفاعة عوضاً عن الإدانة، وستكون جميع قراراتنا أكثر فاعلية وصحة لنا ولجميع المعنيين.

إقرأ أيضاً: قوانين العقل الباطن: ما هو؟ كيف يعمل؟ وكيف تبرمجه وتسيطر عليه؟

في الختام:

في حين تجلس هنا تقرأ وتركز فقط في هذه الكلمات، يكون كل شيء في حالة ممتازة، لكن فقط عندما تسمح لأفكارك بأن تتوه في المستقبل كأن تقول: "كيف سأجد وظيفة أفضل؟"، أو في الماضي كأن تقول: "أتمنى لو لم أقل ما قلته الليلة الماضية"؛ تظهر مخاوفك وتطفو على السطح.

الحقيقة هي أنَّك تستطيع اختلاق عدد لا نهائي من المشكلات، ولكن إذا بقيت في الوقت الحالي فأنت بخير؛ لذا كن ممتناً للأشياء البسيطة، مثل حقيقة أنَّك على قيد الحياة، وأنَّك تتنفس، ويمكنك قراءة هذه الكلمات، واختيارك هو إفساح المجال لمتعة الحاضر، ففي هذا المكان، في الوقت الحالي، ليس هناك مجال للخوف.




مقالات مرتبطة