3 إشارات تعرف من خلالها أنَّ الحوار يوشك أن ينتهي

يُعَدّ إنهاء الحوارات عملاً معقداً سواءً كنت الطرف المُنصِت فيها أم الطرف المتكلّم، فإذا كنت المُنصِت قد يمضي الشخص الآخر في حديثه بينما تكون أنت شارد الذهن لا تفكر في شيءٍ سوى إنهاء الحوار. في هذه اللحظات تُقيّدك للأسف قيود اللباقة الاجتماعية وتخشى من أن تُقْدِم على تصرّفٍ يقطع حبل التواصل بينك وبين الشخص الآخر ويجعلك تبدو وَقِحاً.



إذا كنت المتكلّم في المقابل قد لا تعلم إن كان الشخص الذي تُكلِّمه مهتمَّاً اهتماماً كاملاً بما تقول أو إن كان يجب عليك أن تُنهي الحوار بأقلّ الخسائر وتغادر إلى مكانٍ آخر، في النهاية أنت لا تتمنّى أن تُحرج نفسك من خلال متابعة الكلام بعد أن يفقد الشخص الآخر اهتمامه بكلامك. قد يكون من الصعب العثور على طريقةٍ للتحلّي باللباقة دون السماح للآخرين بتضييع وقتك، حيث يجب عليك أن تمنح الشخص الآخر ما يكفي من الوقت بحيث تشعران كلاكما بالارتياح في أثناء التفاعل لكن ليس إلى الحدّ الذي تشعر معه بأنَّ وقتك يضيع. لقد أُجريَت العديد من الدراسات حول موضوع إنهاء الحوارات طُرِحَتْ فيها أسئلةٌ مثل متى تنتهي الحوارات؟ وكيف تنتهي؟ وهل في إمكاننا أن نعرف متى تقترب الحوارات من نهايتها؟ إليك 3 نتائج أساسية توصَّل إليها العلماء حول الإشارات الأساسية التي تسبق انتهاء الحوارات:

1- الإشارات التي يطلقها الناس قبل إنهاء الحديث:

يرسل الناس في بعض الأحيان إشاراتٍ واضحةً تدل على أنَّ الوقت قد حان لإنهاء الحوار، إذ قد يُشيحون ببصرهم بعيداً، أو يتفقدون هواتفهم، أو يقومون بعملٍ آخر. يحرّك الناس عادةً أقدامهم استعداداً للمغادرة أو يبدأون التراجع إلى الخلف بعيداً عن الطرف الآخر. نستطيع أن نفهم عادةً من هذه الإشارات أنَّ الوقت قد حان لإنهاء الحوار بأدب، لكن ثمَّة أيضاً بعض الإشارات غير الصريحة التي يستعملها الناس.

وجدت الدراسات أنَّ ثمَّة عدة استراتيجيات يستخدمها الناس للانسحاب من الحوار، وبيَّنَت الدراسات أنَّ الاستراتيجيات تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على طبيعة العلاقة التي تجمع الشخصين المُتحاورين.

حينما يتوقّع الطرفان المتحاوران أنَّ أحدهما سيتواصل مستقبلاً مع الآخر يميل كلاهما إلى التصرف بشكلٍ لطيف حتى يحافظا على علاقةٍ إيجابيةٍ مستقبلاً. لكن حينما يتمنى أحد طرفي الحوار أن تنقطع علاقته مستقبلاً بالطرف الآخر فإنَّه يتبع استراتيجياتٍ أكثر صراحةً لإنهاء الحوار، من التكتيكات المعروفة التي يتبعها الأشخاص الذين لا يعرف أحدهم الآخر لإنهاء الحوار تكتيك الاختقاء (أو التصرف كالأشباح) على سبيل المثال.

صنَّفت الدراسات تقنيات الانسحاب من الحوار اعتماداً على معياري اللباقة الاجتماعية والفعالية. إليك الإشارات غير المقبولة اجتماعياً التي يرسلها أحد طرفي الحوار إلى الطرف الآخر للتعبير له عن الرغبة في الانسحاب من الحوار:

  • عدم التجاوب: الامتناع عن قول أيَّة كلمة أو إظهار أي تعابير واضحة.
  • إظهار عدم الارتياح: التململ بشكلٍ دائم وإحالة النظر بعيداً.
  • الاختفاء: تجنُّب الشخص أو الابتعاد عنه.
  • التواقُح: إخبار الشخص بشكلٍ صريحٍ أنَّ عليه أن ينصرف.

من بين الاستراتيجيات غير المقبولة اجتماعياً تُعَدُّ استراتيجية التواقُح أكثر الاستراتيجيات صراحةً بينما تُعَدُّ كلٌّ من استراتيجيتي الاختفاء وإظهار عدم الارتياح أقل كفاءةً، ويُعَدُّ عدم التجاوب الأقل كفاءةً على الإطلاق.

من بين الإشارات المقبولة اجتماعياً التي يمكن أن تُستخدَم للتعبير عن الرغبة في إنهاء الحوار:

  • تغيير الموضوع: "أرأيت ما الذي حدث هناك؟".
  • التلميح بطريقةٍ مؤدبة: "شكراً على وقتك الذي منحتني إيَّاه اليوم".
  • تقديم الأعذار: "قطتي في المنزل في حاجةٍ إلى من يُعِدُّ لها الطعام".
  • طلب المساعدة من طرفٍ ثالث: إرسال إشارة إلى أحد الأصدقاء لمساعدتك في الانسحاب من الحوار.
  • عبارات اختتام الحوار: "دعنا ننهي هذا الحوار".

من جهة العلامات المقبولة اجتماعياً يُعَدُّ تغيير الموضوع الأقل كفاءةً، بينما يُعَدُّ التلميح بطريقةٍ مؤدبة الأكثر تأدُّباً على الرغم من كونه متوسط الفعالية. في المقابل يُعَدُّ كلٌّ من طلب المساعدة من طرفٍ ثالث وتقديم الأعذار الأقلّ قبولاً من الناحية الاجتماعيّة لكنَّهما استراتيجيتان فعالتان نوعاً ما.

إذا أردت أن تنهي الحوار بطريقةٍ فعالةٍ ومؤدبة حاول أن تقول للشخص الآخر: "يجب عليَّ أن أغادر الآن".

إقرأ أيضاً: أخلاقيات الحوار مع الآخرين

2- الأساليب الفطرية التي يتّبعها الناس عادةً عند الرغبة في إنهاء الحوارات:

بغض النظر عن الصورة التي يرى بها الشخص نفسه فإنَّ السلوكات التي يمارسها ليست فريدةً تماماً من نوعها مثلما قد يعتقد. إذ مثلما هو الحال مع جوانب الحياة الأخرى ثمَّة صفات موحّدة يتمتع بها جميع البشر على مستوى العالم حينما يتعلّق الأمر بالتواصل. ثمَّة سلوكات معينة يمارسها الناس دائماً للإشارة إلى أنَّ المحادثة اقتربت من نهايتها.

في دراسةٍ أجرتها جامعة بوردو شارك فيها 80 شخصاً قُسِّموا إلى أزواج طُلِب من شخصٍ واحدٍ في كلّ زوجٍ أن ينهي الحوار بعد الحصول على معلوماتٍ من شريكه. بعد ذلك حلل الباحثون آخر 45 ثانية من الحوار وسجَّلوا السلوكات الأكثر شيوعاً، ومثلما كان متوقعاً ظهرت أنواعٌ معينةٌ من السلوكات خلال ذلك.

حينما اقترب الحوار من نهايته مرَّ الحوار بين المتحاورين بثلاث مراحل:

  • المرحلة الأولى هي مرحلة "التأكيد" حيث استعمل أحد المتحاورَين كلماتٍ مقتضبةً عبَّر فيها عن موافقته على ما يقول الطرف الآخر مثل "نعم" و"مم".
  • المرحلة التالية كانت "التهيئة" التي تضمنت استعمال كلماتٍ انتقالية مثل "حسنٌ" لتَرك فراغات في الحوار.
  • المرحلة الأخيرة كانت "النهاية الحازمة" حيث استُعمِلَت جملٌ مثل "لقد كان حواراً رائعا" أو "يجب عليَّ أن أغادر الآن".

باستعمال "التأكيد" و"التهيئة" فإنَّنا نمنح الشخص بعض الوقت لإنهاء ما يقول ريثما ننسحب من المشاركة في الحوار، وبهذه الطريقة نترك مسافةً بيننا وبين الشخص الذي نرغب في إنهاء الحوار معه قبل أن ننسحب من الحوار انساحباً نهائياً.

تشير هذه الأساليب التي يتبعها الناس عامةً إلى حقيقة أنَّ لدى الناس تصوراتٍ متشابهةً حينما يتعلّق الأمر بإنهاء الحوارات، حيث يُنظَر عادة إلى إنهاء الحوارات نظرةً سلبيةً قليلاً لذلك فإنَّنا نرسل إلى الشخص الذي نحاوره إشاراتٍ تحذيريةً لأنَّنا لا نريد أن نفاجئه فنستبق ختام الحوار بإشاراتٍ تحذيرية، ونخفّف غالباً من وطأة الموقف باختتام الحوار بنبرةٍ عاليةٍ وإيجابية.

إقرأ أيضاً: 8 نصائح لتكون لبقاً أثناء كلامك مع الآخرين

3- لغة الجسد:

إليك هذا السؤال: ما مدى براعتك في التنبؤ باقتراب الحوار من نهايته؟ لوحظ في الدراسات التي ذكرناها سابقاً أنَّ ثمَّة فرقاً بين نهاية الحوار وبين الانسحاب منه. إذ ينتهي الحوار حينما يشعر كِلا المتحاورين أن كلّ شيءٍ يمكن أن يُقال قد قيل، وهو شعورٌ مشترك يُحِسُّ به كلاهما بشكلٍ طبيعي. أمَّا الانسحاب من الحوار فيحدث حينما يشعر أحد المُتحاورين أنَّ الوقت قد حان لترك الحوار قبل نهايته، إذ قد يكون المُنسحب إمَّا مالَّاً، وإمَّا متعباً، وإمَّا ذاهباً إلى مكانٍ آخر.

من المفاجئ ما وجده البحث من أنَّ 45% من المشاركين شعروا أنَّهم مضطرون إلى الانسحاب من الحوار - هذا يعني نصف المشاركين تقريباً. لكن الأشخاص الآخرين لم يشعروا بذلك وكانوا متحمسين حقيقةً للاستمرار في الحديث.

لذلك في المرّة القادمة التي تجري فيها حواراً راقب لغة جسد الشخص الآخر لترى إذا ما كان الشخص مهتمّاً بالموضوع الذي تتحدّث عنه أم لا.

إقرأ أيضاً: 20 من أكثر دلائل لغة الجسد شيوعاً

البحث عن العبارات التي تُختَتم بها الحوارات:

في معظم الأحيان لا يُظهر الناس نواياهم بشكلٍ صريح، فتُضطر إلى قراءة الإشارات التي يرسلونها لمعرفة ما يحدث. من أجل أن تعرف الأمور التي يجب عليك أن تبحث عنها يجب عليك أن تستعمل مزيجاً من الغريزة، والملاحظة، والفهم.

تحدَّث نادلون يعملون في المطاعم مرةً في أحد البرامج التلفزيونية عن الطريقة التي يعرفون من خلالها متى يحتاج الزبائن إلى خدمة، ومتى يطلبون الفاتورة، ومتى يتراجعون إلى الخلف.

السبب الرئيسي الذي يجعل النادلين قادرين على قراءة احتياجات الأشخاص الآخرين ورغباتهم بسهولةٍ ليس موهبةً طبيعيةً يتحلّون بها، بل هو أنَّهم مروا بتلك التجربة عديداً من المرات وتعلّموا الإشارات التي يجب عليهم أن يراقبوها وكيف يتصرفون بطريقةٍ تتماشى معها.

الخبر السار هو أنَّك أنت أيضاً تستطيع امتلاك هذه المهارة من خلال اكتساب ما يكفي من الخبرة. والآن بعد أن تعلّمت الإشارات التي تدلّ على اقتراب الحوار من نهايته الخطوة التالية هي أن تضع ما تعلّمته موضع التنفيذ. في المرة القادمة التي تحاور فيها شخصاً ما انتبه إلى الإشارات التي يرسلها الشخص قبل نهاية الحوار. في النهاية سترى سلوكاتٍ متشابهةٍ تُمارَس مراراً وتكراراً لربما كنت لن تنتبه إليها لو أنَّك لم تراقبها.

 

المصدر




مقالات مرتبطة