3 إجراءات للقيادة الذاتية

يتولى معظم الأشخاص المناصب العليا بحسن نية لكنَّ هذه النوايا غالباً ما تنهار بفعل متطلبات وامتيازات المنصب فإذا كنتَ تريد النجاح، فخصِّص بعض الوقت والطاقة للقيادة الذاتية كما يقول المستشار "لارس سودمان" (Lars Sudmann).



يقول "سودمان": "أن تكون قائداً يشبه إلى حد كبير أن تكون أباً، وقبل أن نبدأ دورنا القيادي يكون لدينا جميعاً تصورات وردية عن كيفية تصرفنا وكم سنكون رائعين وكيف سنتجنب الأخطاء التي يرتكبها الآخرون، لكن عندما نستلم زمام الأمور، فإنَّنا نتفاجأ بأنَّ توقعاتنا وتصوراتنا لا تتقاطع كثيراً مع الواقع".

كان "سودمان" ذاته على سبيل المثال، يعتقد بأنَّه سيتقن دوره القيادي، وعقد أول اجتماع كبير مع الموظفين؛ حيث طرح أحد الموظفين سؤالاً عن توقيع البريد الإلكتروني للشركة، والإجراءات القانونية، وإلمامه بها، فعجز عن الإجابة.

أدرك "سودمان" بعد بضعة أشهر أنَّ ما سبَّب إخفاقه هو العوامل التي تمنع جميع القادة من تطوير أنفسهم، ومثل الكثيرين في مجال العمل يكون لدى القادة الكثير من المهام، لكن لا وقت لديهم للقيام بها، وفي محاولة بائسة منهم لتدارك الوضع فإنَّهم يتصرَّفون تصرفات غير منظمة، ولا يفكرون بوضوح في أولوياتهم واستراتيجياتهم، وبما أنَّهم في موقع القوة، فإنَّهم يفترضون أنَّ مرؤوسيهم سيتولون حل الكثير من المشكلات.

"سودمان" الآن مستشار إداري في "بلجيكا" (Belgium) وقد وجد في الإمبراطور والفيلسوف الروماني "ماركوس أوريليوس" (Marcus Aurelius) حلاً ممكناً لمشكلات القيادة التقليدية، فبدلاً من قضاء وقته محاولاً أن يتعلَّم كيف يرشد الآخرين ويوجههم، فقد ركز هذا الفيلسوف قدراً مذهلاً من طاقته على التحكم بنفسه؛ أي قيادة ذاته.

استفاد "سودمان" من اقتباس "دي هوك" (Dee Hock) مخترع بطاقة الائتمان؛ حيث يقول "هوك": "إذا كنتَ تتطلع إلى القيادة، فخصص 40% من وقتك على الأقل في قيادة نفسك"؛ إذ وجد "سودمان" في هذا الاقتباس أمراً مفيداً جداً؛ أولاً بالنسبة إليه بصفته قائداً، وثانياً بصفته شخصاً يساعد القادة الآخرين على النجاح.

شاهد بالفديو: 18 إشارة تدل على أنّ ممارسة القيادة تحتاج إلى التحسين

ويذكر "سودمان" ثلاثة إجراءات تدخل في نطاق القيادة الذاتية:

1. التعرُّف إلى عيوبك:

يحتاج القادة لمعرفة مَن يناصرهم ومعرفة ميولهم ونقاط ضعفهم، وهذه معلومات هامة يجب أن يمتلكها المدير، لكن في الوقت نفسه، ليس من السهل عليهم أن يتلقوا هذه المعلومات كتغذية راجعة من زملائهم أو مرؤوسيهم، حتى عندما تتم طمأنة المرؤوسين أنَّه لن تتم معاقبتهم بسبب هذه التعليقات يبقى الكثير من الناس مترددين في طرح انتقادات حقيقية.

لذا، جرِّب ما يسميه "سودمان" فحص سمات الشخصية، ففكِّر في شخص عملتَ معه وكان في رأيك أو رأي زملائك قائداً أو رئيساً سيئاً، وفكر في الأشياء التي فعلها وسبَّبَت صدور أحكام سلبية بحقه، وبعد ذلك اسأل نفسك إذا ما كنتَ تشاطره أياً من سلوكاته، وامنح نفسك علامة من 1 إلى 5؛ حيث إنَّ العلامة 1 تعني أنَّك لا تشابهه في أي من سلوكاته، والعلامة 5 تعني أنَّك تشابهه في كل سلوكاته.

ربما كان القائد الذي عرفتَه من النوع الذي يخفي معلومات هامة عن موظفيه؛ الأمر الذي جعل من الصعب على أي شخص من مرؤوسيه أن يقوم بأعماله.

ربما كان لديك مدير مفرط في التدقيق، أو كثير الصراخ، أو يحابي موظفين على حساب الآخرين، وربما عملتَ مع قادة كان سلوكهم أقل بشاعة، لكن مع ذلك كان سلوكهم ضاراً، مثل المديرين الذين يتواصلون تواصلاً مبهماً، ويقدمون وعوداً لا يوفون بها أبداً.

لذا لا تتفاجأ إذا اكتشفتَ أنَّ بعض سلوكاتهم موجودة لديك، يقول "سودمان": "ما ننتقده في الآخرين يكون غالباً انعكاس لما نحن عليه"، فبعد أن تحدد المجالات في الشخصية التي يمكنك تحسينها، ضع خطة للطريقة التي ستعمل بها على تحسين هذه المجالات، وحاول أن تجري فحصاً لسمات الشخصية كل شهر.

إقرأ أيضاً: 3 استراتيجيات لإعطاء أفضل تغذية راجعة

2. إجراء مراجعة يومية:

خصص كل يوم خمس إلى ست دقائق لتفكر في التحديات التي تعاملتَ معها مؤخراً والتحديات التي ستواجهها قريباً؛ حيث كان "ماركوس أوريليوس" يحب أن يقوم بهذه المراجعة مساءً، بينما يفضِّل "سودمان" فعل ذلك صباحاً في أثناء شرب القهوة.

اسأل نفسك كيف سار دورك القيادي بالأمس؟ وكيف كان القائد الذي تطمح أن تكونه سيواجه التحديات التي واجهتَها؟ وكيف ستتعامل مع تحديات اليوم؟ وما الذي يمكنك فعله بشكل مختلف؟ اكتب أفكارك حتى تتمكن من الرجوع إليها والتعلم منها.

إقرأ أيضاً: كُل ما عليك معرفتهُ لتصبح قائداً عظيماً

3. تنظيم المشاعر:

بصرف النظر عن مقدار التحضير والمراجعة التي تقوم بها؛ إلا أنَّه سيكون هناك دائماً موظفين وزملاء وعملاء وشركاء يُغضبونك أو يُحبطونك أو يُضايقونك؛ لذا يُعَدُّ التدرب على التريث في رد الفعل مفيداً لهذه المواقف، فيقترح "سودمان" عندما تغضب: "تريَّث واسأل نفسك ما هي أهمية المسألة التي أواجهها حالياً، وأعطِها درجة أهمية من 1 إلى 10.

يجب عليك التعامل مع المسألة فوراً إذا أعطيتَها علامة 9 أو 10، لكنَّك ستجد أنَّ الكثير من المواقف التي تعكِّر هدوءك هي في الواقع قليلة الأهمية، فالموقف الذي تعطيه علامة 6 وما دون، يمكنك الاعتذار عن مناقشته فوراً، إما بقولك أنَّك تحتاج إلى استراحة قصيرة أو بعض الوقت للتفكير فيه قبل مناقشته، ثم أعطِ نفسك بعض الوقت للتفكير، وتخيَّل كيف سيتعامل القائد الذي تطمح أن تكون مثله مع هذا الموقف، وستحصل على الإجابة.

المصدر




مقالات مرتبطة