12 ملاحظة عن الأشياء الصعبة التي ينبغي فعلُها لتحقيق السعادة

نسخَ أحدُ القُرَّاء الكلمات الآتية بدقَّة من كتابنا الأكثر مبيعاً في صحيفة "نيويورك تايمز" (New York Times)، والذي يحمل اسم: "العودة إلى السعادة: غيِّرْ أفكارَك وواقعَك وحوِّلْ تجاربك إلى انتصارات" (Getting Back to Happy: Change Your Thoughts, Change Your Reality, and Turn Your Trials into Triumphs):



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن الكاتب "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن مجموعة من الملاحظات التي وجد أنَّ توجيهها للذات يسهم في تحقيق السعادة.

"تحتاجُ إلى فعل أمورٍ صعبة كي تصبح سعيداً في الحياة، وهي الأشياء التي يتجنَّبها معظم الناس؛ كالتي يكون من الأسهل بكثير الاختباءُ منها أو تسبب لك شعوراً بعدم الراحة، أو الأمور التي لا يمكن للآخرين فعلُها من أجلك، أو الأشياء التي تدفعُك إلى التشكيك بنفسك وانتقادها والتساؤل عن كيفية إيجاد القوة لمواصلة التقدُّم والمضي قدُماً في حياتك؛ وذلك لأنَّ الأمور الصعبة هي ما يسهم في بنائك وتطويرك وتغيير حياتك في النهاية، وهي التي تصنعُ الفرقَ بين الوجود المُجرَّد والعيش على قيد الحياة، وبين معرفة الطريق والسير فيه فعلياً، وبين عمرٍ مليءٍ بالوعود الفارغة والكاذبة وحياةٍ يملؤها التقدُّم والإنجازات".

ثمَّ أرسلها إليَّ عبرَ البريد الإلكتروني مرفقةً بالرسالة الآتية: "أعشق السطور الافتتاحية لكتابك؛ وعلى الرَّغم من أنَّها مُجرَّد كلماتٍ لإزالة الغطاء عمَّا يتلوها من معلوماتٍ وكلماتٍ عميقة، إلَّا أنَّ تلك السطور وحدها تكشف كثيراً بالنسبة إلي؛ وذلك لأنَّ الأشياء الصعبة التي أعلمُ أنَّني ينبغي أن أفعلَها من أجل نفسي دوماً ما تكون أسهل الأمور التي يمكن الابتعاد عنها وتجنُّبها كل يوم، فمن المثير للجنون بلا شك عددُ المرات التي أجدُ نفسي فيها أتجنب تنفيذ أكثر المهام التي من شأنها أن تجعلني سعيداً، وتُشعرني بالرضى عن نفسي على الأمد البعيد.

لذا أرغب فقط بأن أشكرَك، وأخبرك بأنَّني أتَّبع نصيحتك وأكتبُ بعض الملاحظات لنفسي التي سأُلصقُها في أماكن في منزلي لا يمكنني أن أتحاشى النظر إليها، فتبقى أمام ناظري طوال الوقت؛ فقد حان الوقت لفعل الأشياء الصعبة التي يتحتَّم عليَّ فعلُها لأشعرَ بالسعادة، وتذكير نفسي بها باستمرار إلى أن أستوعبها وأفهمها جيداً".

سَعِدتُ حقيقةً بمشاعر هذا القارئ وأحاسيسه، وقد ظلَّ صدى كلماته يتردد في ذهني كثيراً، فدائماً ما تكون الأشياء الصعبة أكثرَ ما يسهُل تجنُّبُه وتفاديه بالنسبة إلينا جميعاً؛ وذلك من خلال تشتيت انتباهنا وتركيزنا واللجوء للتسويف واختلاق الأعذار، كما نتظاهر بأنَّ تلك الأشياء الصعبة التي يجبُ علينا تنفيذُها لا تنطبق أو تلائمنا وتلائم ظروف حياتنا الراهنة بطريقةٍ أو بأخرى؛ لكنَّ ذلك ليس حقيقياً بالطبع؛ فدائماً ما تُثار الحقيقةُ وتظهر جليةً في النهاية.

الحقيقةُ الفعلية وراء تحقيق الأشخاص العاديين - من أمثالنا - للسعادة الاستثنائية وإنجازاتِ النجاح العظيمة التي لا تُصدَّق في حياتهم هي الخروج من منطقة الراحة الخاصة بهم بصورة يومية لتنفيذ المهام والواجبات الصعبة، والتي لا يملك أقرانُهم الأكثر غنىً وموهبةً وأهليةً التركيزَ أو الحافزَ أو الإصرار لفعلها.

لذا علينا أن نتَّخذ موقفاً معاً في هذه اللحظة، ونبدأ بتنفيذ الأمور الصعبة منذ اليوم، وفيما نلاحظ تقدُّمنا وتطورنا يتراكم ويتطور تدريجياً، أؤكد لك بأنَّنا سنندهش بمقدار تميُّزنا وروعتنا حقاً وبالمكافآت والجوائز التي يمكن أن تمنحنا إياها الحياة.

ملاحظاتٌ للنفس لتنفيذ المهام الصعبة:

كما ذكر قارئنا سابقاً، فالسرُّ هو إبقاء أذهاننا مركزةً جيداً على الأمور التي يجدُر بنا فعلُها؛ لذا عليك أن تتدرب على التوقُّف المُؤقَّت قبل الانطلاق بأقصى طاقتك من جديد يومياً، وكلَّما دعَت الضرورة لتنعكسَ مهارتُك الجديدة بالتأمُّل والصبر على فعل الأشياء الصعبة.

اكتُبْ بعضَ الملاحظات الذاتية لنفسك - كالتي سأعرضُها أدناه والمُقتبَسة جميعاً من كتابنا الأكثر مبيعاً المذكور آنفاً - ومن ثمَّ ضعْها في مكان تسهل رؤيتها فيه لتذكُّرها والرجوع إليها طوال اليوم؛ فعلى سبيل المثال، لصقتُ ملاحظاتي على الجدار مباشرةً أمام مكتبي، إضافة إلى تعيين إحداها بوصفها خلفيةً لهاتفي المحمول.

من شأن هذه الملاحظات الذاتية أن تساعدك على إبقائك على المسار الصحيح الذي خططتَ له من خلال الحفاظ على تزويد عقلك بمجموعة من الأفكار التي تدفعُك لتنفيذ الأمور الصعبة، والتي تعلمُ جيداً أنَّك يجب أن تنفذها بصورة يومية في سبيل أن تكون أكثر سعادةً ورضى عن النفس على الأمد البعيد.

إذاً، ابدَأ الآن باقتباس بعض الملاحظات المذكورة أدناه، وربَّما فقط تلك التي تتعلق أكثر بوضع حياتك الحالي، ويمكنك كذلك تعديلها إن أردتَ ذلك؛ ومن ثمَّ ضعْها في مكانٍ ما؛ إذ يمكنك رؤيتها جيداً؛ وكلَّما وجدتَ نفسَك تتكاسل وتهمل أفضل مُخطَّطاتك ونواياك، توقَّفْ لبُرهةٍ واقرَأْ إحدى تلك الملاحظات بهدوءٍ لنفسك، وستجد أنَّ ذلك يساعدك فعلاً على الحفاظ على برنامجك الذي خططتَ له ومتابعته بدقة.

شاهد بالفيديو: 8 نصائح بسيطة لحياة أكثر سعادة

من تلك الملاحظات:

1. اختيار نفسِك اليوم:

لن تكون دائماً أولويةً في حياة الآخرين؛ لذا عليك أن تجعلَ من نفسك أولويةً في حياتك وتُوليها الاهتمام الأكبر والأفضل من خلال تعلُّم احترام نفسِك والعناية بها ودعمِها وتأييدها دون الحاجة إلى دعمٍ من الآخرين كي تصبح أول من تلجأ إليه لنَيل الدعم، فاحتياجاتُك هامة وضرورية؛ لذا عليك البدءُ بتلبيتها دون إهمال أيٍّ منها، واجعَلْ كذلك من أولوياتك أولويةً عُظمى في حياتك لتحقيقها قبل التفكير بأيِّ شيءٍ آخر، ولا تنتظِرْ اهتمام الآخرين أو اختيارَهم لك؛ بل اختَرْ نفسَك بنفسك.

2. البدءُ بالعمل، وإن لم تشعر بالاستعداد:

إن انتظرتَ حتَّى تشعرَ بأنَّك مستعدٌّ تماماً، فستنتظر طوالَ ما تبقى من حياتك؛ لذا عليك أن تدرك بأنَّ بعضَ الناس ينتظرون طوال يومهم إلى أن يحلَّ المساء، أو طوال الأسبوع بانتظار قدوم العطلة، أو طوال السنة بانتظار الأعياد والإجازات، أو طوال حياتهم ليشعروا بالسعادة، فلا تكُنْ واحداً منهم.

3. تركُ أعمالك وإنجازاتك تتحدثُ بصوتٍ عالٍ وواضح:

إنَّ جزءاً كبيراً من حياتك هو نتيجة لاختياراتك؛ لذا فقد حان الوقت لإحداث تغييراتٍ واعتماد خياراتٍ جديدة إن لم يعجبْك أحدُ جوانب حياتك، ولا بأسَ بفعل ذلك بسريةٍ بينك وبين نفسك، فلا داعي لمشاركة كلِّ شيءٍ في حياتك على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بل تقدَّمْ وتطوَّرْ في حياتك بصمت، ودَعْ أفعالك وإنجازاتك اليومَ تتحدث عن نفسها وعن قدراتك ومواهبك.

4. التخلي عن المُشتتات التي غالباً ما تتورط بها وإلغائها من حياتك:

إنَّ أيَّ أمرٍ يسلِّيك الآن؛ لكنَّه سيؤذيك أو يُضجرك يوماً ما هو مُجرَّد إلهاءٍ يصرف انتباهك عن الأمور الأكثر أهمية؛ لذا لا اقبَلْ بالحلول الوسطية، ولا ترضَ بالقليل، ولا تستبدل الأشياء الأكثر أهمية في حياتك، والتي ترغب فيها أكثر من أيِّ شيءٍ آخر بأمورٍ تريدُها إلى حدٍّ ما لتسليتك وإلهائك في اللحظة الراهنة.

ابحَثْ أيضاً في عاداتك وطقوسك اليومية لاكتشاف الأمور التي تقضي وقتَك في فعلها، وتخلَّصْ من المشتتات في حياتك، فقد حان الوقتُ للتركيز بصورة أكبر على الأمور الأكثر أهمية في حياتك.

5. تبنِّي نهج انعدام الراحة في حياتك، وتقبُّله حينما يكون ذلك ضروريَّاً:

يصبح كلُّ شيءٍ مزعجاً بعضَ الشيء عندما يحين وقتُ التغيير، فذلك جزءٌ طبيعي من عملية التطور فحسب؛ لكنَّ الأمور ستتحسن بعد ذلك؛ لذا كُنْ صبوراً وذكِّرْ نفسَك بأنَّ الحياة لن تصبح سهلةً أبداً؛ بل أنتَ فقط من يتحول إلى شخصٍ أقوى يوماً بعد يوم.

6. الاستعدادُ للنضال والسعي الحثيث في سبيل تحقيق التطور والتقدم:

تذكَّرْ في أثناء كفاحك أنَّه من الأفضل بكثير أن تكون مُرهَقاً بسبب كثرة التعلُّم وبذل مجهود كبير بدلاً من أن تكون مُتعَباً جرَّاء عدم فعل أيِّ شيءٍ على الإطلاق؛ فالمجهود لا يُهدَر أو يضيع دون جدوى حتَّى إن قاد إلى نتائج مخيبة للآمال؛ لأنَّه دائماً ما يجعلك شخصاً أقوى ويزيد من ثقافتك وعلمك وخبراتك.

7. النجاح في تحقيق النتائج حتَّى عندما يكون اختلاق الأعذار أكثر سهولةً:

ابتعِدْ عن الطرائق المُختصرة السريعة والحلول العاجلة المؤقتة، وتجنَّبْ التسويفَ ولوم الآخرين أو إلقاء المسؤولية عليهم، وتخلَّصْ من جميع الأعذار في حياتك؛ وابدأ العمل على تحقيق واجباتك وأهدافك على الفور وتوقَّفْ عن الكلام، فربَّما يبدو لك الكسلُ جذاباً أو مغرياً أحياناً بسبب الراحة التي يوفرها لك، إلَّا أنَّ العمل والاجتهاد يؤدي إلى تحقيق التقدم والإنجازات على الأمد الطويل.

8. تقبُّل مكانك الحاليَّ في الحياة، حتَّى في أثناء سعيك إلى المضي قدُماً:

توقَّفْ عن لوم نفسك والشعور بالذنب والسوء، فأنتَ عبارة عن مشروعٍ أو عملٍ جارٍ باستمرار؛ مما يعني أنَّك ستصل إلى هدفك شيئاً فشيئاً خطوةً فخطوة، وليس فجأة أو دفعةً واحدة، لذا تقبَّلْ مكانك الحالي في هذه الحياة؛ فالطريقُ الذي سلكتَه وصولاً إلى هذا المكان أو المرحلة لم يعد هاماً؛ لأنَّه ليس بوسعك فعلُ أيِّ شيءٍ لتغييره الآن؛ لكنَّ الشيءَ الهام هو ما تفعله ابتداءً من مكانك الحالي في اللحظة الراهنة.

9. تعلُّم حبِّ الأشياء التي تفعلُها تماماً في جميع الأوقات:

لا تقدُّم أو تطوُّر دون حب؛ فالإنتاجية هي نتيجةٌ ثانوية لمحبة ما تفعلُه؛ لذا تعلَّمْ أن تحبَّ عملَك الذي تمارسه إلى أن تتمكن من ممارسة الأعمال التي تحبُّها فعلاً، وتعلَّم أيضاً حبَّ مكانك الحالي في حياتك إلى أن تتمكن من الانتقال إلى الأماكن التي تحبُّها، وكذلك عليك أن تحبَّ الأشخاص الموجودين حولك الآن حتَّى تتمكن من الاجتماع بمَن تحبُّهم أكثر، واستمرَّ في تطبيق هذه الفلسفة في جميع جوانب حياتك.

10. الثقة بمسيرتك في الحياة والأمل بالأفضل دائماً:

ستتمكن يوماً ما من فهم الأسباب وراء كل ما حدث معك، وبأنَّه كان يجب أن تحدث الأمور بالطريقة التي حدثَت بها تماماً من أجل منحك الدروس والعِبَر التي احتجتَ إليها لتتطور وتتقدم في حياتك؛ فالحياة ليست مثاليةً أبداً، ومن النادر أن تكون سهلةً؛ لكنَّ الأشياء الصعبة التي لا تحطمك اليوم هي التي تجعلك شخصاً أقوى في النهاية؛ لذا خُذْ نفساً عميقاً الآن وامضِ قدُماً.

شاهد بالفيديو: 6 طرق مثبتة علمياً لتشعر بالسعادة

11. التركيز فقط على الأمور التي يمكنك التحكم بها أو السيطرة عليها في اللحظة الراهنة:

يتمثل التحدي في النهاية بعيشِ الحياةِ بالتدريج يوماً تلوَ الآخر والامتنان لأجل الأشياء البسيطة التي نملكُها فيها؛ لذا لا تتورَّط أو تنشغل بالأمور الخارجة عن سيطرتك؛ بل تقبَّلْها واستفِدْ من محاسنها لأقصى درجة؛ فحين تتوقف عن القلق بشأن ما لا يمكنك التحكم به، سيتسنَّى لك مزيد من الوقت والطاقة لتغيير الأمور الخاضعة لسيطرتك في حياتك، وهو ما يؤدي إلى تغيير شاملٍ على الأمد البعيد.

إقرأ أيضاً: 5 نصائح تساعدك على التركيز على الحاضر

12. ضبط توقعاتك تجاه الآخرين، وإبقائها تحت السيطرة دائماً:

لا تُنزل مستواك أو تخفِّض من مستوى معاييرك، لكن تذكَّرْ فعلاً أنَّ التخلُّص من توقعاتك تجاه الآخرين هو أفضل طريقةٍ لتجنُّب التعرض لخيبات الأمل بسببهم؛ إذ سينتهي بك الأمرُ للأسف بإحباطٍ وخيبة أمل كبيرة إن توقعتَ من الناس أن يقدموا لك ما قدمت لهم ويعاملوك بالطريقة نفسها التي تعاملهم بها، فلا يمتلك الجميع قلباً طيباً مثل قلبك.

السرُّ لتجنُّب كل ما سبق هو ألَّا تعتمد عاطفياً على سلوكات الآخرين وتصرفاتهم معك، ولا تدَعْ التوقعات التي تملكها بشأنهم تمنعك من أن تكون أفضل نسخةٍ عن نفسك.

إقرأ أيضاً: متى يكون من الجيد وضع توقعات عالية لنفسك؟

في الختام:

لقد حان دورُك الآن؛ فأداءُ الواجبات الصعبة في حياتك هو مهارةٌ ينبغي تطويرها؛ يشمل هذا أساساً القدرةُ على التغلُّب على المُشتتات وإنجاز الأشياء الصحيحة، ويتضمن أداء الواجبات الصعبة أيضاً والتصرفَ وفقاً لِما تعرفُ أنَّه مناسب وصحيح من قبل، بدلاً من الانسياق وراء مشاعرك في اللحظة الراهنة، والتي قد تكون الغضبَ أو الكسل، كما يتطلبُ عادةً التضحيةَ بمستوىً مُعيَّن من الرضى والمتعة الآنية لأجل الأمور الهامة حقاً في حياتك.

لقد حان الوقت للتفكير في اللحظات التي من المُرجَّح أن تستسلم فيها لدوافعك ورغباتك التي تجعلك عاجزاً وتُبعِدك عن تحقيق أفضل نواياك ومُخطَّطاتك؛ ومن ثَمَّ يمكنك استخدامُ ملاحظاتك الذاتية بوصفها رسائل تذكير لإيقاف دوافعك تلك وإبقائك على المسار الصحيح.




مقالات مرتبطة