12 دليل على أنَّه حان الوقت للتخلي عن بعض الأشياء

لاحظ عالم النفس الشهير كارل روجرز (Carl Rogers) أنَّه غالباً ما يشعر الناس بالتعاسة بسبب قلة الانسجام في حياتهم؛ أي إنَّ التعقيد المؤقت للأمور يمنعنا من رؤية الحلول البسيطة للحياة.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن مارك كرنوف (Marc Chernoff)، ويقدِّم لنا فيه 12 دليلاً على أنَّه حان الوقت للتخلي عن بعض الأشياء. 

بالنسبة إلى كارل، أفضل طريقة لنسيان المريض لمشكلاته هي جلوس الطبيب النفسي معه وحمله على التحدث عن مشكلاته، دون توجيهه أو إصدار الأحكام عليه أو تقديم النصائح له، وأكَّد كارل أنَّك عندما تمنح الشخص مساحة آمنة وداعمة للتفكير في الأشياء؛ فإنَّه يقوم بذلك بطريقة أكثر فاعلية.

في الوقت الحالي، أريد أن أمنحك مساحة آمنة وداعمة للتفكير، حتى تتمكن من نسيان أيِّ شيء كان يثقل كاهلك؛ لذا جرِّب ما يأتي: لاحظ ما الذي يحدث في جسدك، هل عضلات فكك متشنجة؟ وهل كتفيك أو عنقك مشدودان؟ وهل تلاحظ وجود جزء متوتر من جسدك تشعر بالقلق بشأنه لا شعورياً؟

يشعر معظم الناس بالجهد في أجسادهم وبالتوتر في أذهانهم، سواء أدركوا ذلك أم لا، لكن لماذا نفعل هذا بأنفسنا؟ ولماذا نشعر بالجهد والتوتر والقلق وبأنَّ الحياة ترهقنا؟

يعود ذلك إلى أنَّ الحياة ليست تجربة هادئة وقابلة للتحكم وخالية من العيوب؛ فنحن نرغب في أن تكون الأمور سهلة ومريحة ومثالية طوال الوقت، لكن لسوء الحظ، غالباً ما يكون الواقع عكس ذلك؛ فدائماً ما تحدث الأمور السيئة؛ إذ يسبب لنا العمل التوتر، وقد يخذلنا الناس، أو نرتكب الأخطاء ونخذل أنفسنا؛ فنحن لسنا بارعين ومنضبطين كما نتمنى أن نكون، وغالباً ما تستمر الحياة في إحباطنا؛ لأنَّنا يجب أن نفعل ونستوعب ونعالج الكثير من الأمور.

لا تكمن المشكلة في الحياة، أو في الناس الآخرين، أو في أنفسنا؛ بل في تمسكنا بما نريد أن يكون عليه كلُّ شيء وكلُّ شخص، حتى تكون الحياة جيدة بما يكفي بالنسبة إلينا، ويزيد تعلقنا بمُثُلنا الجهد في أجسادنا والتوتر في حياتنا، وتردُّدنا في التخلي عن بعض الأشياء وقبولها كما هي هو أصل مشكلاتنا.

بالطبع، نحن لا نريد أن نشعر بهذه الطريقة؛ لذلك نحاول تجنب ما نمر به؛ فنحن نشتت أنفسنا ببعض الأشياء مثل التلفاز أو وسائل التواصل الاجتماعي أو أيِّ شيء آخر، ممَّا يزيد الأمور سوءاً.

أملك أنا وزوجتي خبرة كبيرة في هذا المجال؛ فقبل عقد من الزمان عندما كنا نحاول التأقلم مع كلٍّ من وفاة أخيها تود (Todd) وصديقنا المفضل جوش (Josh)، كان مقدار التوتر والجهد في حياتنا مرهقاً جداً، فقد قاومنا الواقع بشتى الطرائق ولفترة طويلة جداً، وعلى الرَّغم من أنَّ معظم الناس سيقولون إنَّنا محقين في أفعالنا، إلا أنَّنا بلا شك كنا متمسكين بمُثُلنا بشدة، ممَّا أوقف قدرتنا على التعافي والنمو.

كما ذكرنا، كلُّنا نفعل هذا بأنفسنا في بعض الأحيان، حتى عندما تسير الحياة سيراً جيداً؛ لذا إذا كنت تعتقد أنَّك تتمسك في بعض مجالات حياتك في الوقت الحالي بشدة، فإليك بعض الدلائل على أنَّه قد حان الوقت للتخلي عنها:

1. تُفضِّل تجنب الواقع:

معظم الناس يجعلون أنفسهم تعيسين بمجرد أن يجدوا أنَّه من المستحيل تقبل الحياة تماماً كما هي عليه؛ لذا تذكر أنَّ من أهم الأمور لتحقيق السعادة هي التخلي عن توقعاتك بشأن ما يجب أن تكون عليه حياتك الآن، وتقديرها على ما هي عليه.

2. أنت غاضب أو قلق بسبب ظروفك:

إنَّ الهدوء هو قوة عظمى تسمح لعقلك بإيجاد الحلول، والهدوء هو أيضاً حالة ذهنية من الثقة، فبدلاً من الإفراط في التفكير أو المبالغة في رد الفعل، فأنت تستسلم لِلَحظة وتتريث، ممَّا يمنحك التحكم في المواقف الصعبة على الفور.

3. تشعر بالرغبة في العودة إلى عادة أو موقف سلبي قديم:

كن حازماً بشأن قراراتك اليوم، ولا تعود إلى العادات والمواقف القديمة التي لم تساعدك على النمو، وذكِّر نفسك باستمرار ما هو سبب قرارك في المُضي قدماً، وابقَ قوياً وإيجابياً بشأن ما سيحدث عبر الالتزام بما تعلم في قرارة نفسك بأنَّه مناسب.

4. لا تملك متسعاً من الوقت لأولوياتك:

إذا كان لديك أمر يسلِّيك الآن، فسيؤذيك يوماً ما، فهذا الأمر عبارة عن تشتيت؛ لذا لا ترضَ بالأمر، ولا تستبدل ما تريده حقاً بما تريده في الوقت الحالي، وادرس عاداتك، واكتشف أين يضيع وقتك، وتخلَّص من المشتتات، فقد حان الوقت للتركيز على ما يهم.

شاهد بالفديو: 8 أمور عليك التخلّي عنها لتنعم بالسّعادة

5. دائماً ما تشعر بأنَّك لست جاهزاً بعد:

إذا انتظرت حتى تشعر أنَّك جاهز تماماً، فستنتظر لبقية حياتك، فبعض الناس ينتظرون طوال اليوم حتى ينتهي دوام وظيفتهم، وينتظرون طوال الأسبوع حتى يأتي يوم الجمعة، وطوال العام لحلول موعد العطلات، وطوال حياتهم من أجل إيجاد السعادة؛ لذا لا تكن واحداً منهم.

6. تتوق لتصبح الحياة أسهل:

لن يضيع الجهد اليومي الذي تبذله أبداً، حتى عندما يؤدي إلى نتائج غير مشجعة؛ لأنَّه دائماً ما يجعلك أقوى وأكثر خبرة على الأمد الطويل؛ فكلُّ هذا مجرد جزء من عملية النمو؛ فبالجهد ستتحسن الأمور تدريجياً بطريقة أو بأخرى؛ لذا تحلَّ بالصبر وذكِّر نفسك: إنَّ الحياة لا تصبح أسهل؛ بل أنت الذي تزداد قوة.

7. تقلق باستمرار بشأن آراء الآخرين بك:

ستشعر براحة وحرية كبيرة عندما لا تكترث لآراء الآخرين بك؛ ففي بعض الأحيان تحتاج إلى تنفس بعض الهواء النظيف، وإلى تذكير نفسك بمن أنت، وبماذا تريد أن تصبح؛ لذا توقف عن انتظار الآخرين بأن يخبروك بمدى أهميتك؛ بل أنت أخبر نفسك بذلك، وآمن بكلامك.

إقرأ أيضاً: الفرق بين ما تسمعه من الآخرين وبين ما هو حقيقي

8. غالباً ما تجد نفسك تطلق الأحكام على الآخرين:

لدينا إغراء كبير؛ لكنَّه خطير في ثقافتنا وهو الحكم على الناس ووضعهم في قوالب نمطية؛ فلا تفعل هذا، ولا تصدر أحكاماً فارغة عن الناس؛ بل كن لطيفاً واسألهم عن قصتهم، وأصغِ جيداً، وكن متواضعاً، وقابلاً للتعليم.

9. تقاوم وتنكر احتمالية أن تكون مخطئاً في بعض الأحيان:

عندما تسمع ما تريد سماعه فقط، فأنت لا تصغي حقاً؛ لذا أصغِ إلى ما لا تريد أن تسمعه أيضاً، فستنمو بهذه الطريقة؛ فيوجد دائماً مجال لمنظور جديد، وخطوة جديدة، وإمكانية جديدة، وبداية جديدة.

10. تركِّز على الأشياء الصغيرة التي تفقدك صوابك:

إنَّنا ندقق في بعض الأحيان في المضايقات الصغيرة في حياتنا ونهوِّلها حتى يرهقنا التوتر، ثم ننذهل كم أنَّ الحياة فارغة وغير مُرضية.

11. ترغب في التحكم بالآخرين وبالماضي بشدة:

تحدث أقوى التغييرات في حياتك عندما تقرر التحكم بما لديك سلطة عليه بدلاً من الرغبة الشديدة في التحكم بالأشياء التي لا تملك سيطرة عليها.

12. أنت لا تمنح نفسك الأولوية أبداً:

ابدأ في إعطاء الأولوية لسلامك الداخلي، فإذا كنت بحاجة إلى إبعاد نفسك عن شخص يحبطك مؤقتاً، فافعل ذلك، وإذا كنت بحاجة إلى مسامحة نفسك أو أيِّ شخص آخر حتى تتمكن من المضي قدماً، فافعل ذلك، وخذ نفساً عميقاً وابدأ في فعل ما يلزم للوصول إلى راحة بالك وقلبك.

إقرأ أيضاً: كيف يمكن تعزيز الإنتاجية بمنح نفسك الأولوية؟

في الختام:

نكون محظوظين - في بعض الأحيان - بطريقة تجلب الحزن والسرور في الوقت نفسه، بحدث يجعلنا ننتبه وندرك أنَّنا يجب أن نتوقف عن فعل شيء ما، كما ذكرت سابقاً، لقد مررت أنا وزوجتي بذلك، وأحد الأشياء الرئيسة التي تعلمناها من تجربتنا الشخصية، وأيضاً من تدريب مئات الطلاب على مر السنين، هو أنَّ الغالبية العظمى من الألم والحزن في حياتنا اليومية يأتي من نزوعنا إلى التمسك بكلِّ شيء تقريباً.

عندما تطور مهارة التخلِّي، وتمارسها يومياً، فأنت تجهز نفسك تلقائياً لأيِّ تحدٍّ قد يواجهك، على سبيل المثال، إذا ظهر تغيير كبير وغير متوقع في حياتك، فسيكون هذا الشيء "سيئاً" فقط إذا كنت تتمسك بشدة فيما تتمنى أن تكون عليه الحياة؛ أي كلُّ التوقعات والمُثل التي لديك، لكن إذا تخليت عن تلك الرغبة (وتلك التوقعات والمُثل)، فلن يكون التغيير سيئاً؛ بل إنَّه يجعل الحياة مختلفة عمَّا كنت تتوقعه فقط، وقد يكون شيئاً جيداً على الأمد الطويل إذا تقبلته ورأيت الإمكانات التي يوفرها.

يجب أن نتدرب على تغيير وجهة نظرنا، حتى نتمكن من التخلي عن بعض الأمور عندما يتعين علينا ذلك، وعلينا أن نضع في حسباننا أنَّ التخلي لا يعني امتلاك القدرة والشجاعة للتخلص من كلِّ المصاعب أو الأخطاء الماضية؛ بل إنَّه يتعلق بالحكمة والقوة لتقبُّل الحاضر كما هو، ولا يتعلق الأمر بالنسيان؛ بل بالتذكُّر دون أيِّ خوف؛ إنَّه التقدُّم إلى الأمام بلا قيود، وامتلاك الحضور الذهني والتعلم من الدروس.




مقالات مرتبطة