وإذا كان المحتوى المخصص مفتاحاً لتحقيق نقلة نوعية في الأداء، فكيف يمكن التوفيق بين إنتاجه والمهام اليومية؟ هنا يبرز دور الذكاء الاصطناعي التوليدي (genAI) كحل ثوري يعيد صياغة أساليب إنشاء وتقديم المحتوى الشخصي على نطاق واسع.
تعريف الذكاء الاصطناعي التوليدي
قبل الخوض في التفاصيل، من الأهمية بمكان استيعاب المبدأ الأساسي الذي يقوم عليه الذكاء الاصطناعي التوليدي.
فعلى النقيض من نماذج الذكاء الاصطناعي التقليدية التي تعتمد على بيانات موجودة مسبقاً، يتم تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي على إنتاج محتوى جديد كلياً، سواء كان ذلك نصوصاً، أو مقاطع صوتية، أو صوراً، أو رسومات.
يتحقق ذلك من خلال استخدام تقنيات مثل التعلم الآلي والشبكات العصبية لاستخلاص الأنماط والعلاقات من كميات هائلة من البيانات. تمكّن هذه القدرة الشركات من صياغة محتوى يتميز بسياقه الغني وثرائه بالمعلومات ذات الصلة، وهو ما يأسر الجماهير ويعزز التفاعل.
وعلى الرغم من أنَّنا سنتناول الجوانب التقنية بتعمق لاحقاً، فإنَّ الفكرة الجوهرية هي أنَّ الذكاء الاصطناعي التوليدي يمكن أن يشكل رصيداً لا يقدر بثمن لأي مؤسسة تسعى إلى إنتاج محتوى أكثر ملاءمة وجاذبية على نطاق واسع.
كيف يمكن الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء المحتوى؟
ثمّة تطبيقات متععدة للذكاء الاصطناعي التوليدي في مجال إعداد المحتوى، ويُذكَر من أبرزها ما يلي:
1. كتابة النصوص التسويقية وإنشاء المحتوى
يُعَد الإنتاج التلقائي للمحتوى أحد أبرز استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي. فبإمكان نماذج الذكاء الاصطناعي، مثل "جي بي تي 4 أو" (GPT-4o)، أن تُدرب على كميات هائلة من البيانات النصية، ومن ثم تُستخدم لإنشاء طيف واسع من المواد، بدءاً من مقالات المدوَّنات ونصوص مواقع الويب، ووصولاً إلى رسائل البريد الإلكتروني والتعليقات التوضيحية في منشورات وسائل التواصل الاجتماعي.
على الرغم من أنَّ الناتج قد يستلزم بعض التحرير والتنقيح البشري، إلا أنَّه قادر على تقليص الوقت والجهد اللازمين لإنتاج محتوى عالي الجودة بصورة ملحوظة.
2. التخصيص والمحتوى الديناميكي
يمكن أيضاً الاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي في صياغة تجارب محتوى ذات طابع شخصي للغاية للجمهور المستهدف. تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي تحليل البيانات المتعلقة باهتمامات المستخدمين وخياراتهم المفضلة وتفاعلاتهم السابقة، ومن ثم إنتاج محتوى مصمم خصيصاً لتلبية احتياجاتهم المحددة.
قد يتضمن ذلك تقديم توصيات منتجات مخصصة، أو عرض محتوى موقع ويب ديناميكي يتكيف بناءً على موقع المستخدم أو سلوكه، أو حتى توجيه رسائل تسويقية فردية.
3. اقتراح أفكار المحتوى وتحسينه
يمكن أيضاً الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي في توليد الأفكار وتعزيز جودة المحتوى. فبإمكان نماذج الذكاء الاصطناعي تحليل المحتوى والبيانات المتوفرة لاقتراح موضوعات أو زوايا أو توجهات إبداعية جديدة يمكن استكشافها. كما يمكن استخدامها لتوسيع نطاق أجزاء المحتوى الحالية أو تفصيلها، وإضافة عمق وفروق دقيقة إليها.
4. إنشاء محتوى متعدد الوسائط
لا يقتصر الذكاء الاصطناعي التوليدي على مجرد إنشاء النصوص. يمكن لنماذج مثل "دال-إي" (DALL-E) و "ستيبل ديفوجن" (Stable Diffusion) إنشاء صور وأعمال فنية واقعية للغاية بناءً على توجيهات نصية، مما يفتح آفاقاً جديدة لإنشاء محتوى مرئي. يمكن لنماذج أخرى إنشاء محتوى صوتي أو موسيقي أو حتى فيديو، مما يتيح تجربة إنشاء محتوى متعدد الوسائط حقاً.
كيف يسهل الذكاء الاصطناعي التوليدي تخصيص المحتوى؟
لطالما كان التخصيص هدفاً يسعى إليه منتجو المحتوى، إلا أنَّه تقليدياً كان مسعى يستغرق وقتاً طويلاً ويستهلك قدراً كبيراً من الموارد. يقدم الذكاء الاصطناعي التوليدي حلاً أكثر قابلية للتوسع وكفاءة من خلال أتمتة عديد من جوانب عملية التخصيص.
تستطيع نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي تحليل بيانات المستخدمين، بما في ذلك سجل تصفحهم، وسلوكاتهم الشرائية، ومعلوماتهم الديموغرافية، وغيرها لبناء ملفات تعريف مستخدمين مفصلة وتحديد شرائح الجمهور. يمكن بعد ذلك استخدام هذه البيانات لإنشاء محتوى يلبي الاهتمامات والخيارات المفضلة لكل مستخدم أو شريحة من الجمهور.
في ما يلي، بعض الأمثلة الواقعية لتوضيح السياق:
- بإمكان علامة تجارية للتجارة الإلكترونية الاستعانة بالذكاء الاصطناعي التوليدي لإنشاء توصيات منتجات مخصصة، وصفحات هبوط تتكيف مع المستخدم، وحتى حملات بريد إلكتروني فردية بناءً على سجل تصفح المتسوق وشرائه.
- بإمكان ناشر أخبار استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج ملخصات مقالات أو اقتراحات محتوى بناءً على اهتمامات القارئ وعادات قراءته.
وبالإضافة إلى مجرد إنشاء المحتوى، يمكن أيضاً استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخصيص طريقة تقديم المحتوى وعرضه. فبإمكان نماذج الذكاء الاصطناعي تحسين توقيت المحتوى وتنسيقه وقنوات توزيعه بناءً على الخيارات المفضلة وسلوكات المستخدم الفردية، وهو ما يضمن وصول المحتوى المناسب إلى الجمهور المناسب في الوقت المناسب.
إطار عمل من 12 خطوة لتخصيص المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي
لا يقتصر إنشاء محتوى مخصص باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي على مجرد امتلاك الأدوات المناسبة، بل يتعداه إلى الاستخدام الاستراتيجي لتلك الأدوات في صياغة رسائل تلقى صدى حقيقياً لدى الجمهور المستهدف.
في ما يلي، دليل تفصيلي يوضح كيفية الاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي لتخصيص المحتوى بفاعلية:
1. تحديد شخصيات الجمهور
قبل الخوض في تفاصيل الأوامر أو منصات الذكاء الاصطناعي، من الضروري تحديد هوية الجمهور المستهدف بدقة. يتطلب ذلك بناء شخصيات تفصيلية للجمهور تتجاوز مجرد البيانات الديموغرافية الأساسية. يجب طرح أسئلة معمقة مثل:
- ما هي أدوارهم الوظيفية تحديداً؟
- في أي قطاعات صناعية يعملون؟
- ما هي التحديات أو نقاط الضعف التي يواجهونها في عملهم اليومي؟
- ما هي تطلعاتهم وأهدافهم المهنية والشخصية؟
- ما هي المعايير والعوامل التي يعتمدونها في اتخاذ القرارات التجارية؟
يمكن الاستعانة بأدوات جمع المعلومات المتنوعة، مثل الاستبيانات والمقابلات وتحليل البيانات، لتكوين هذه الملفات الشخصية المتكاملة. كلما كان الفهم للجمهور أعمق، أمكن تخصيص المحتوى تخصيصاً أكثر دقةً وملاءمة.
2. رسم مسار رحلة العميل
تستلزم استراتيجية المحتوى الفعالة إنشاء محتوى متنوع يلبي احتياجات العملاء في مراحل رحلة الشراء المختلفة. يجب تحديد ما إذا كان الموضوع المراد تغطيته مناسباً لشخص بدأ حديثاً في إدراك وجود مشكلة ما، أو أنَّه أكثر ملاءمة لشخص يدرك بالفعل مشكلته ويبحث عن حلول جاهزة.
يتطلب ذلك إنشاء خريطة تفصيلية لمسار رحلة العميل، تحدد أنواع المعلومات التي يحتاجها في كل مرحلة من مراحل الوعي، والتفكير، واتخاذ القرار، والاحتفاظ بالعميل. ستكون هذه الخريطة بمنزلة دليل لتصميم محتوى يلبي احتياجاتهم المتطورة، مما يجعل كل تفاعل يبدو في وقته المناسب وذا صلة وثيقة باهتماماتهم.
3. تحليل بيانات أداء المحتوى
ثمة مؤشرات تكشف عن العناصر التي تجذب الجمهور في المحتوى، ويجب استخدام أدوات التحليل لتحديد منشورات المدوَّنات، أو رسائل البريد الإلكتروني، أو تحديثات وسائل التواصل الاجتماعي التي حققت أعلى معدلات تفاعل.
يتطلب ذلك البحث عن الأنماط المتكررة: هل يفضل الجمهور الأدلة الإرشادية العملية على مقالات القيادة الفكرية النظرية؟ هل يتفاعلون تفاعلاً أكثر مع المحتوى المدعوم بالبيانات والإحصاءات؟ ستساعد هذه البيانات في فهم أنواع المحتوى المفضل، مما يتيح تخصيص مضمون الرسالة، وأسلوب تقديمها وتنسيقها أيضاً.
4. اختيار منصة الذكاء الاصطناعي المناسبة لإنشاء المحتوى
يجب اختيار منصة الذكاء الاصطناعي الأنسب بمجرد تحديد الجمهور المستهدف بدقة، والموضوع المراد تناوله، وتنسيق المحتوى المطلوب إنشاؤه. تتوفر نماذج ومنصات متنوعة، ولكل منها نقاط قوة وتخصصات فريدة.
تتضمن بعض الخيارات الشائعة نموذج "شات جي بي تي 3.5" (GPT-3.5) لإنشاء النصوص، ونموذج "دال-إي" لإنشاء الصور، ومنصات أكثر تقدماً ومتعددة الوسائط مثل "كلود" (Claude 3I) من "أنثروبيك" (Anthropic) أو "جي بي تي 4 أو " (GPT-4o) من "أوبن.إيه أي" (OpenAI).
5. دمج منصة الذكاء الاصطناعي في عمليات إدارة المحتوى
بعد اختيار منصة الذكاء الاصطناعي المراد استخدامها لإنشاء المحتوى، يصبح من الضروري دمجها بسلاسة في مهام سير عمل إدارة المحتوى (content ops).
قد يشمل ذلك إعداد واجهات برمجة التطبيقات (APIs) أو تطوير أدوات وواجهات مخصصة لتسهيل عملية إنشاء وتقديم محتوى مخصص. من الأهمية بمكان أيضاً وضع إجراءات واضحة للمراجعة والتحرير البشري، بالإضافة إلى آليات للتحسين المستمر للتوجيهات المقدمة للذكاء الاصطناعي.
6. صياغة أوامر عالية الجودة ومحددة تتناسب مع شخصية الجمهور
بعد إتمام جميع أعمال الإعداد والتحضير الأولية، يأتي الجزء الإبداعي: صياغة أوامر دقيقة وواضحة لتوجيه الذكاء الاصطناعي نحو إنشاء نوع المحتوى المطلوب.
يجب الانتباه إلى أنَّ جودة الأوامر تختلف، فالأوامر العامة أو الغامضة، مثل "اكتب مقالاً عن أمن الحوسبة السحابية"، لن تحقق النتائج المرجوة. بدلاً من ذلك، يمكن تجربة أمر أدق مثل: "أنشئ دليلاً فنياً حول أفضل ممارسات أمن الحوسبة السحابية، مع التركيز خاصةً على المصادقة متعددة العوامل والتشفير. استهدف مديري أمن المعلومات (CISOs) في القطاع المالي الذين لديهم مخاوف بشأن الامتثال التنظيمي".
كلما كان التوجيه أكثر تحديداً ودقة، كان الناتج أكثر تخصيصاً وملاءمة للهدف المنشود.
7. تضمين اللغة التي يستخدمها الجمهور فعلياً
لكل قطاع صناعي - وحتى لكل شركة على حدة - مصطلحات وأساليب تواصل مميزة. يفضل البعض لغةً رسميةً تعتمد على البيانات اعتماداً كبيراً، بينما يميل آخرون نحو محتوى حواري وقائم على سرد القصص.
يجب الانتباه جيداً إلى كيفية تحدث الجمهور المستهدف ودمج هذه اللغة في الأوامر المقدمة للذكاء الاصطناعي. على سبيل المثال: "استخدم مصطلحات مثل 'اختراق النمو' ('growth hacking') و 'اختبار أ/ب' (A/B testing) عند مناقشة استراتيجيات تحسين معدلات التحويل للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في مراحلها المبكرة".
8. الاستفادة من البيانات النفسية لتحقيق تأثير عاطفي
لا يقتصر التخصيص على مجرد حل المشكلات العملية، بل يتعلق أيضاً بإقامة اتصال عاطفي مع الجمهور. يجب الاستعانة بالبيانات النفسية، التي تتضمن القِيَم والاهتمامات وخيارات نمط الحياة، لإضافة عمق عاطفي إلى المحتوى.
على سبيل المثال، إذا كان برنامج موجه نحو الشركات يستهدف شركات تولي اهتماماً كبيراً للقضايا البيئية، فيمكن توجيه الذكاء الاصطناعي بالطلب التالي: "اكتب مقالاً حول كيف يمكن لأدوات إدارة المشاريع المستندة إلى الحوسبة السحابية أن تساعد المؤسسات التي تركز على الاستدامة في تقليل بصمتها الكربونية، مع التأكيد على قيم مثل الحفاظ على البيئة والمسؤولية العالمية".
9. إضفاء الخبرة البشرية على المحتوى الطويل
يمثّل المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي نقطة انطلاق قيِّمة عند إنشاء محتوى مطول، ولكنَّه ليس المنتج النهائي. يجب تكليف خبراء متخصصين داخل المؤسسة بمراجعة هذا المحتوى وإثرائه بخبراتهم ورؤاهم الخاصة.
يمكنهم إضافة رؤى خاصة بالصناعة على وجه التحديد، أو أمثلة واقعية من واقع العمل، أو حتى حكايات شخصية تضفي على المحتوى طابعاً أكثر أصالة ومصداقية.
تضمن هذه اللمسة البشرية أنَّه بينما يتم تخصيص المحتوى على نطاق واسع باستخدام الذكاء الاصطناعي، فإنَّه لا يزال يحمل المنظور الفريد الذي لا يمكن إلا لفريقك تقديمه.
10. الاختبار والتحسين والتكرار
كما هو الحال مع أي تقنية أو عملية جديدة، من الضروري إجراء اختبارات وقياسات وتحسينات مستمرة لاستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء محتوى مخصص.
يجب مراقبة مؤشرات الأداء الرئيسة، وجمع التغذية الراجعة من الجمهور المستهدف، وتكرار النماذج والاستراتيجيات المستخدمة لتحسين مدى ملاءمة وجودة وفعالية المحتوى الذي يتم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي بمرور الوقت.
11. التفكير في اختبار أ/ب للاختلافات التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي
في حال وجود برنامج أكثر تطوراً لإدارة المحتوى، يمكن التفكير في دمج هذه الخطوة الإضافية في عملية إدارة المحتوى.
ذلك لأنَّ إحدى نقاط القوة البارزة للذكاء الاصطناعي التوليدي هي قدرته على إنتاج نسخ متعددة من نفس المحتوى - وفي غضون ثوانٍ معدودة. يجب الاستفادة القصوى من هذه القدرة.
يمكن إنشاء عدة نسخ لمحتوى واحد - إذ يُصمَّم كل منها خصيصاً لشخصية مختلفة قليلاً أو زاوية عاطفية محددة - ثم إجراء اختبار أ/ب لتحديد أي من هذه الاختلافات يحقق نتائج أفضل. أي نسخة تحصل على مزيدٍ من النقرات، أو أوقات قراءة أطول، أو معدلات تحويل أعلى؟ تساعد هذه العملية التكرارية في تحسين استراتيجية التخصيص بمرور الوقت.
12. جمع التغذية الراجعة حول المحتوى
يمكن التفكير في جمع التغذية الراجعة من الجمهور حول المحتوى الذي تم إنشاؤه، إن أمكن. يمكن إرسال استطلاعات رأي قصيرة، أو مراقبة التغذية الراجعة الواردة، أو الاستفادة من أدوات الدردشة المنبثقة، أو حتى إجراء مقابلات فردية مع مجموعة مختارة من العملاء.
كيف أثر المحتوى عليهم عاطفياً؟ هل عالج احتياجاتهم المحددة؟ يجب استخدام تحليل هذه البيانات النوعية لضبط شخصيات الجمهور والأوامر المقدمة للذكاء الاصطناعي، مما يجعل كل تكرار للمحتوى أكثر تخصيصاً وتأثيراً.
شاهد بالفيديو: وظائف لا يمكن للذكاء الاصطناعي القيام بها
أفضل الممارسات لتخصيص المحتوى باستخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي
على الرغم من الإمكانات الهائلة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء محتوى مخصص، فمن الضروري التعامل مع استخدامه بحذر وروية. في ما يلي، أبرز الممارسات التي ينبغي أخذها في الاعتبار:
1. الاستفادة من الذكاء الاصطناعي متعدد الوسائط لإثراء تجربة المحتوى
في حين أنَّ نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي القائمة على النصوص تُعد أدوات قوية لإنشاء المحتوى، يجدر التفكير في استكشاف نماذج الذكاء الاصطناعي متعددة الوسائط القادرة على إنتاج الصور والمقاطع الصوتية والمرئية أيضاً؛ إذ يمكن ابتكار تجارب محتوى أكثر جاذبية وتأثيراً ورسوخاً في الذاكرة لدى الجمهور من خلال دمج وسائط متنوعة.
2. تبني الإبداع في تطوير الأوامر
تعتمد جودة المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي اعماداً كبيراً على جودة الأوامر المقدمة والمنصات المختارة. لذا ينبغي تجربة تقنيات توجيه متنوعة، مثل توفير سياق مفصل، أو أمثلة توضيحية، أو حتى صور لتوجيه عملية إنتاج الذكاء الاصطناعي. كما يجب العمل باستمرار على تحسين وضبط هذه التوجيهات بناءً على التغذية الراجعة الواردة وبيانات الأداء.
3. المواكبة الدائمة للاعتبارات القانونية والأخلاقية
يثير استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء المحتوى جملة من التساؤلات القانونية والأخلاقية الهامة، وخاصةً في ما يتعلق بحقوق النشر، وخصوصية البيانات، والتحيز المحتمل.
مع استمرار تطور هذه التقنية، يصبح من الضروري البقاء على اطلاع دائم بأحدث الإرشادات وأفضل الممارسات المتعلقة بالاستخدام السليم والتقيد بـ أخلاقيات الذكاء الاصطناعي.
فعلى سبيل المثال، لا يزال الجدل قائماً حول إمكانية حماية المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي بحقوق النشر، وفي حال الإيجاب، لمن ستؤول هذه الحقوق.
كما توجد مخاوف بشأن احتمالية قيام نماذج الذكاء الاصطناعي بإعادة إنتاج التحيزات الضمنية الموجودة في بيانات التدريب الخاصة بها دون قصد، مما قد يؤدي بدوره إلى إنشاء (وترويج) محتوى ضار أو ينطوي على تمييز.
ومن خلال البقاء على اطلاع والمشاركة الفعالة في هذه المناقشات، يمكن ضمان أن استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي في إنشاء محتوى مخصص ليس فعالاً فحسب، بل إنه يراعي الجوانب الأخلاقية ويتوافق مع القوانين أيضاً.
4. اعتماد التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي في إنتاج المحتوى الطويل
لقد شهدت تطبيقات الذكاء الاصطناعي التوليدي تطوراً ملحوظاً في السنوات القليلة الماضية، وأصبحت قادرة على إنتاج محتوى قصير عالي الجودة مثل النصوص التسويقية ومنشورات وسائل التواصل الاجتماعي دون الحاجة إلى إشراف بشري كبير، إن لزم الأمر.
ولكن عندما يتعلق الأمر بالمحتوى الطويل مثل منشورات المدوَّنات الشاملة، والأدلة المفصلة، لا تزال هناك قيمة كبيرة يمكن تحقيقها من خلال دمج مزيد من الإبداع والخبرة البشرية.
يُنصَح باستكشاف نماذج الإنتاج المشترك بين الإنسان والذكاء الاصطناعي بالنسبة لهذا النوع من المحتوى؛ إذ يعمل الذكاء الاصطناعي كمساعد ومعزز لقدرات المبدعين البشريين، بدلاً من استبدالهم كليّاً. يمكن لهذا النهج التعاوني أن يؤدي إلى إنتاج محتوى أكثر دقة وإبداعاً وتأثيراً على الأمد الطويل.
5. المراقبة المستمرة لأداء المحتوى
يشهد مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي نمواً سريعاً، وتظهر باستمرار نماذج وتقنيات وأفضل ممارسات جديدة. لذا، يجب قدر الإمكان البقاء على اطلاع دائم بتطورات الصناعة والاستعداد للتكيف وتحسين استراتيجيات التخصيص مع ظهور فرص وتحديات جديدة.
في الختام
لا يمكن إنكار أنَّ الذكاء الاصطناعي التوليدي يُحدث ثورةً في الطريقة التي تطور بها الشركات محتوى مخصصاً وتقدمه على نطاق واسع. يستطيع منتجو المحتوى والمسوقون تقديم تجارب أكثر صلة وجاذبية وتأثيراً لجمهورهم من خلال الاستفادة من هذه التقنية القوية بمسؤولية واستراتيجية.
ومع ذلك، من الأهمية بمكان التعامل مع الذكاء الاصطناعي التوليدي بمنظور متوازن، مع إدراك كل من إمكاناته الهائلة وقيوده ومخاطره الكامنة. يمكن تسخير قوة الذكاء الاصطناعي التوليدي مع الحفاظ أيضاً على العناصر الأساسية للإبداع البشري والدقة والأصالة، من خلال تعزيز التعاون بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، وإعطاء الأولوية للامتثال الأخلاقي والقانوني، والسعي المستمر نحو التكرار والتحسين.
في نهاية المطاف، سيشهد إنشاء المحتوى علاقة تكافلية حقيقية؛ إذ يعمل البشر والذكاء الاصطناعي جنباً إلى جنب - مع استثمار كل طرف لنقاط قوته - لإنتاج تجارب محتوى مخصصة، وذات تأثير عميق، ولا تُنسى بحق. يجب تبني هذا المستقبل، ولكن القيام بذلك بتفكير ومسؤولية، وعندها سيكون المرء في وضع جيد للازدهار في عصر إنشاء المحتوى المدعوم بالذكاء الاصطناعي.
أضف تعليقاً