11 طريقة لتنمية الجانب الروحي الإبداعي مع الحفاظ على الوظيفة الأساسية

يتفق العديد من المبدعين على أنَّ امتلاك وظيفة يومية والنجاح في البقاء فيها والمحافظة عليها قد يعوق الروح الإبداعية داخل الإنسان أو يبطِّئها، لا سيَّما حين تكون تلك الوظيفة روتينية ولا علاقة لها بالإبداع ولا تفرض تحدياتٍ أو تتطلب مجهوداً فكرياً.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتبة "إرين فالكونر" (ERIN FALCONER)، وتُحدِّثنا فيه عن أهم الطرائق للمحافظة على شغفنا الإبداعي في ظلِّ الحياة الروتينية المعاصرة والوظائف المُرهِقة.

وفقاً للبحوث المُجراة في "جامعة هارفارد" (Harvard University) تمتلك العديد من الشركات طرائق وممارساتٍ إدارية تقضي على الروح الإبداعية لدى مُوظَّفيها؛ وذلك لأنَّ الأدوار والمهام لا تُعطَى إليهم استناداً إلى المهارات الإبداعية؛ وإنَّما بناءً على الإنتاجية التي يقدمها كلٌّ منهم.

على أيَّة حال إلى أن يوفِّق المديرون بين الإبداع ومواصفات الوظيفة أو العمل،

إليكَ 11 طريقة لتنمية الجانب الروحي الإبداعي مع الحفاظ على الوظيفة الأساسية:

1. تدوين أهدافك بالكامل:

تتمثل أهداف مُعظَم المبدعين في عيش حياةٍ يحصلون فيها على دخل كامل أو جزئي بفضل إبداعهم؛ ولتحقيق ذلك فأولُ ما عليك فعلُه هو تدوين أهدافك بالكامل، ولا تصدِّقْ بأنَّك محتفظٌ بها جميعاً داخل رأسك، فتؤدي كتابة أهدافك إلى إعطائك نظرة أكثر وضوحاً لها وتمنحك شعوراً بها وتمكِّنك من تحقيق المزيد منها وإنجازه.

2. التدرُّب خلال وقت الفراغ:

يُوصي كتاب الصحفي والمؤلِّف "مالكلوم جلادويل" (Malcolm Gladwell) المُسمَّى "المتميزون" (Outliers) بِـ 10,000 ساعةٍ من التدريب لاكتساب الخبرة، ويُعطي هذا الرقم فكرةً عن مقدار التدرُّب والممارسة اللازمة لإتقان مهارةٍ ما على الرغم من أنَّه ما زال قيد المناقشة والتداول.

أمَّا فيما يخص ما يمكنك فعلُه إن كنتَ تتساءل عن كيفية إيجاد وقتٍ للتدرب في حين تمارس عملاً أو وظيفةً يومية فتستطيع تعلُّم المزيد عن اهتماماتك وهواياتك بعد الانتهاء من عملك وخلال عطلات نهاية الأسبوع؛ فعلى سبيل المثال أنا أعمدُ إلى دراسة آلة التصوير أو الكاميرا عند عودتي من العمل، وأختبر سرعة التقاط الصورة بالكاميرا، وقدرات الإضاءة المنخفضة للكاميرا الخاصة بي في الظلام، وأتعلم شيئاً جديداً كلَّ مرة، كما أسأل أصدقائي المصورين عمَّا إذا كان لديهم أي جلسات تصوير يمكنني المساعدة فيها خلال عطلات نهاية الأسبوع، فما عليك إلَّا إيجاد الوقت لصقل المهارة التي تمتلكها.

شاهد بالفيديو: أسرار الإبداع والنجاح في العمل والحياة

3. الابتعاد عن الأشخاص المتشائمين والسلبيين:

نسمع كثيراً من العبارات السلبية والكلام التشاؤمي الذي يحبِطنا ويثبِّط عزيمتنا ويمنعنا من الإقدام على فعل أي مغامرة إبداعية، وقد تعرضتُ لذلك ذات مرة حين انتقد أحدُهم فعلاً طريقة حملي للكاميرا في الوقت الذي لم أكُنْ أحملها بالمقلوب بكل تأكيد.

عليك أن تدرك أنَّ سماع الكلمات المثبِّطة والعبارات المُضعِفة للمعنويات هو جزءٌ لا يتجزأ من رحلة الإبداع، وسيطلب منك بعض الناس أن تتوقف عمَّا تفعله أو سيظنُّون أنَّك مجنون، ولكن لا تأخذْ كلامهم ذلك على محمل شخصيٍّ، واحرصْ على إحاطة نفسك بالأشخاص الإيجابيين الذين سيشجعونك ويحثُّونك على الاستمرار والتقدم فيما تفعله ويخبرونك الحقيقة بكل صدقٍ وإخلاص، وفي حين تحتاج إلى الأشخاص الإيجابيين في حياتك فإنَّك في الحقيقة لستَ بحاجة إلى مَنْ يشجع تجاوزاتك وإسرافك؛ وإنَّما تحتاج إلى شخصٍ يشجع إبداعك وابتكاراتك ويحثُّك على أن تكون صادقاً ونزيهاً مع نفسك.

4. تغذية روحك وتنميتها:

احرصْ على الاستماع إلى المحتويات التعليمية والتحفيزية وقراءتها ومشاهدتها، وكذلك إحاطة نفسك بأشخاصٍ ناجحين ومُلهمين قادرين على تحفيزك للتقدم دوماً، والذين تجاوزوا المرحلة التي ما زلتَ فيها حالياً، فقد كان الانغماس في هذه التصرفات مشجِّعاً ومحفزاً لي بشدة؛ فكلَّما شعرتُ باليأس وأردت الركون إلى حياة أقضيها خلف ذلك المكتب كانت تلك الكتب والفيديوهات التحفيزية وغيرها تدعمني وتمنحني دفعةً إلى الأمام وتشجعني على المضي قدُماً؛ لذا حاولْ تغذية روحك بالأشياء الإيجابية والمليئة بالتفاؤل والتي من شأنها أن تشجعك وتحثَّك على المحافظة على حياةِ وتجدُّدِ روحك الإبداعية.

5. الانضمام إلى المنصَّات الإبداعية:

أنا أعيشُ في "نيجيريا" (Nigeria) وهي دولةٌ يُنظَر فيها إلى الأعمال الإبداعية على أنَّها أمرٌ خاص بغير المتعلِّمين؛ لذلك فإنَّ إيجاد الأشخاص المبدعين فيها والمتحمِّسين لِما يفعلونه والمستعدين لتعليم الآخرين ليس مهمةً سهلة.

أمَّا بالنسبة إلي فقد كنتُ أحضر الندوات الإبداعية القريبة وأصادق مبدعين آخرين في مجالي، وقد تمكنتُ انطلاقاً من ذلك من مساعدة المصورين واكتساب مزيد من الخبرات في مجال التصوير، وقد سُمِحَ لي بمساعدتهم فقط لأنَّني طلبتُ ذلك؛ لذا لا تخجلْ من السؤال وطلب ما تريده من الآخرين.

انضممتُ كذلك إلى العديد من المُنتدَيات الإبداعية على الإنترنت كي أحافظ على اندفاعي وحماستي، كما أنَّها كانت تساعدني على الحصول على النقد البنَّاء لأعمالي، وهي مُنتديات للتصوير الفوتوغرافي؛ لكنَّني متأكدة تماماً من وجود مُنتديات لجميع الفئات الإبداعية؛ لذا احرصْ على الانضمام إليها.

6. عدم إرهاق نفسك بالعمل:

يسهُل جداً الانشغال بوظيفتك اليومية التي تصبح شغلَك الشاغل ومحور حياتك لدرجة أنَّك لا تجد وقتاً لفعل شيءٍ آخر خلال يومك سوى تناول الطعام والخلود للنوم، وهي الطريقة المثالية لقتل الروح الإبداعية في داخلك؛ لذا عليك أن تتعلم تخصيص ثلاثة أو أربعة ساعاتٍ من وقتك بعد الانتهاء من العمل لتنمية شغفك والعمل عليه؛ فبالنسبة إلي أغفو مُعظَم الليالي على هاتفي أو حاسوبي المحمول وأنا أبحث عن الطرائق التي تمكنني من تطوير نفسي للأفضل في مجال الكتابة والتصوير الفوتوغرافي، وأستيقظ قبل بزوغ الفجر لكتابة قصة قصيرة أو تعديل صورةٍ ما.

لا بدَّ أنَّك ستشعر بالحماسة والحافز إن علمتَ أنَّ الكاتب "مايكل بنك" (Michael Punke) مؤلف رواية "العائد" (The Revenant) يشغل وظيفةً يومية بوصفه نائب سفير "الولايات المتحدة" (United States) لدى "مُنظَّمة التجارة العالمية" (World Trade Organization).

7. الاهتمام بأحبائك وعدم تجاهلهم:

يدعم زوجي روحي الإبداعية وملاحقتي لشغفي بصورة دائمة؛ لكنَّني بالكاد أجدُ وقتاً للاهتمام به وقضاء الوقت معه في ظل ممارستي لوظيفتي اليومية وحضوري لجلسات التصوير خلال عطلات نهاية الأسبوع.

أحاول قدرَ استطاعتي قضاءَ عطلات نهاية الأسبوع برفقته والاهتمام به، فنمارس بعضَ النشاطات الممتعة كي نهدأ ونسترخي كأن نطهو العشاء معاً أو نضحك على ما فعلَه زملاؤنا في العمل، فلا جدوى حقاً من أن تكون مُبدِعاً وحيداً؛ لذا احرصْ على تخصيص وقتٍ للاهتمام بأحبائك.

8. الإيمان بقدراتك والثقة بنفسك:

نُعاني نحن المُبدعون من التشكيك الدائم بقدراتنا؛ إذ نشكك في كل عملٍ فنيٍّ مُبتكَر نعمل عليه وتبقى التساؤلات تراودنا بشأنه إلى أن نشاركه مع العالم ونتلقى تغذيةً راجعة رائعة بشأنه، فينجمُ مرضُ التشكيك وعدم الثقة في النفس عن خوفنا من التعرض للرفض.

لقد كنتُ أفكر باستمرار أنَّني لن أستطيع أبداً التقاط الصور التي أراها دوماً على مواقع التواصل الاجتماعي أو لن أتمكن من نشر كتاباتي في أي مكان، لا سيَّما في أحد المواقع المشهورة والمعروفة على الإنترنت، إلَّا أنَّني تمكنت من تحقيق هذه الأشياء من خلال الإيمان بنفسي وقدراتي وتجريب فعلها بكل بساطة.

يمكنك أيضاً أن تؤمن بنفسك وتثق بقدراتك وتتخذ الإجراءات اللازمة للعمل على تحقيق أهدافك؛ فالعالم بانتظار إبداعاتك التي ستُضيفها إليه.

شاهد بالفيديو: 8 طرق لتنمية الإبداع في نفسك

9. الخروج من منطقة راحتك؛ فالبقاء فيها للأطفال فقط:

أعلمُ جيداً أنَّك لا ترغبُ في البقاءَ طفلاً إلى الأبد؛ لذا عليك أن تسعى إلى الخروج من منطقة راحتك؛ وهذا يعني أنَّك ستتعرض للرفض وتتقبل ذلك، وستشعر بالخوف مُعظَم الوقت؛ لكنَّك ستتعلم وتصقل مهاراتك في الوقت ذاته.

طلبَ مني أحد الأصدقاء تغطية إحدى الحفلات التي يقيمها بالتقاط الصور الجميلة لها؛ لكنَّني وجدتُ أنَّ الصور التي أخذتُها مُشوَّشة وغير واضحة؛ ممَّا سبب لي إحراجاً كبيراً؛ لكنَّني تعلمتُ التركيز أكثر، كما تعلمتُ أنَّ حفلات الزفاف قد تكون وضعاً فوضوياً وصعباً بالنسبة إلى المصورين، ويمرُّ المبدعون بأيام عصيبة ومُحرِجة؛ لكنَّهم يتطورون للأفضل بعدَها ويصقلون مهاراتهم.

10. تطوير الصلابة النفسية لديك وعدم الاكتراث للانتقادات:

ستمكِّنك الصلابة النفسية من النمو والتطور في مجالك الإبداعي، سينتقد بعض الأشخاص الذين يحبونك ويهتمون لأمرك أعمالك، وكذلك سينتقدك أشخاصٌ ليست لديهم أدنى فكرةٍ عمَّا يقولونه؛ لذا تعلَّم أن تميِّز النصائح البنَّاءة والجيدة من الانتقادات والنصائح السيئة والكلام السلبي.

مع ذلك تعلَّمْ أن تسيطر على نفسك وألَّا تغضب حين يُوجَّه إليك النقد البنَّاء؛ بل اسألْ كيف يمكنك أن تستثمرَه جيداً وتحسن من نفسك بدلاً من ذلك، وتقبَّلْ الرفضَ حين تعرض خدماتك على بعض الأشخاص؛ لأنَّ الرفض لا يعني أنَّك لستَ بارعاً أو جيداً بما فيه الكفاية؛ لذا حاولْ الترويج لأعمالك لأشخاصٍ آخرين مباشرةً ولا تدعْ الرفضَ الذي تعرضتَ له يعوقك أو يزعجك.

إقرأ أيضاً: 5 أشياء تساهم في قتل روح الإبداع

11. المحافظة على وظيفتك اليومية:

أنتَ بحاجةٍ إلى وظيفتك اليومية؛ لأنَّك يجب أن تدفع فواتيرك وتشتري المعدات اللازمة لمتابعة شغفك وإبداعك، وأعلمُ أنَّ الوظائف اليومية الأساسية قد تكون مصدرَ إزعاج بالنسبة إلى الأشخاص المبدعين؛ لأنَّ مُعظَمها لا تسمح لنا بممارسة إبداعنا وابتكاراتنا بأي حالٍ من الأحوال، إلَّا أنَّنا نحتاجُ إليها في الواقع؛ لذا ينبغي علينا تحمُّلُها والمحافظة عليها.

ستمرُّ عليك أوقاتٌ تشعر فيها برغبةٍ في المجازفة والاستقالة من وظيفتك اليومية، وهُنا أنصح بفعل ذلك واغتنام الفرص البديلة المُتاحة لأولئك المستعدين من الناحية المالية.

أمَّا بالنسبة إلى الذين ما زالوا يحاولون فهم الأمور واستكشاف أشياء جديدة إضافة إلى حاجتهم إلى المال الذي يكسبونه من وظائفهم اليومية، فعليهم تخيُّل أهدافهم المستقبلية؛ ممَّا سيساعدهم على تخطي ذلك الإزعاج وتجاوز المُضايقات التي يتعرضون لها في تلك الوظائف.

إقرأ أيضاً: 5 استراتيجيات بسيطة للتغلب على القفلة الإبداعية

أذكر أنَّني عملتُ مرةً في مركز اتصالات وكان عليَّ التوفيق بين عملي ودراستي للحصول على درجة الماجستير؛ فقد كانت تلك أصعب أيام حياتي وأكثرها قسوةً؛ لكنَّني لم أتوقف عن تخيل هدفي النهائي فوضعتُه نصبَ عينيَّ لتجاوز كل تلك التحديات.

إذاً حافظْ على وظيفتك اليومية الأساسية واعملْ على صقل مهاراتك، ولا تفكِّرْ بترك وظيفتك اليومية حتَّى تبدأ بجني الأموال من عملك الإبداعي بمقدار أكبر ممَّا تجنيه في تلك الوظيفة.




مقالات مرتبطة