10 نصائح لمواجهة العقبات اليومية (الجزء الأول)

"لدينا جميعاً مشكلات؛ لكنَّ الطريقة التي نحل بها هذه المشكلات هي ما تجعلنا مختلفين" - مجهول.

"ليس التوتر هو ما يقتلنا؛ بل رد فعلنا تجاهه" - الطبيب هانز سيلي (Hans Selye).



هل مررتَ بلحظات لم تسر فيها الأمور على ما يرام؟ قد تكون العقبات صغيرة مثل توبيخ مديرك لك، أو عدم الوصول إلى هدفك، أو فقدان شيء هام، وقد تكون العقبات كبيرة مثل الفشل في عملك أو فقدان وظيفتك أو الطلاق.

أنت لست وحدك من يعاني ذلك؛ فكلُّنا نواجه أوقاتاً لا تسير فيها الأمور بحسب توقعاتنا؛ فعندما تواجه أحداثاً سلبيةً ماذا تفعل؟ هل تعاقب نفسك، وتتصرف بطريقة سلبية؟ أم أنَّك تتعلم منها وتمضي قدماً؟

في الوقت الذي لا يمكننا فيه تغيير بعض الأحداث السلبية التي نمر بها، لكن يمكننا تغيير طريقة تفاعلنا معها؛ فعندما لا نتعلم كيف نواجه العقبات السلبية بطريقة صحيحة، فإنَّنا نقع في دائرة سلبية تسبب لنا مزيداً من الضرر، فنحن نُضيِّع وقتنا في التفكير فيما حدث بدلاً من المضي قدماً، ومن خلال تعلم طريقة معاملة العقبات بطريقة إيجابية يمكننا بعد ذلك معاملة تحديات الحياة الكبيرة بصورة أكثر فاعليةً.

نقدم لك في هذا الجزء من المقال 4 نصائح لمواجهة العقبات اليومية في الحياة:

1. خذ خطوة إلى الوراء وقيِّم الوضع:

عندما يحدث أمرٌ سيِّئٌ خذ خطوةً إلى الوراء وقيِّم الموقف، إليك بعض الأسئلة لتطرحها على نفسك:

  • ما المشكلة؟
  • هل أنا الشخص الوحيد الذي يواجه هذه المشكلة في العالم؟
  • ما هو تأثير هذه المشكلة في المستوى الفردي؟ وفي المستوى الوطني؟ وفي المستوى العالمي؟
  • ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي بسبب هذا؟
  • كيف سيؤثر هذا في حياتي في العام القادم؟ وفي السنوات الخمس القادمة؟ وفي السنوات العشر القادمة؟

على سبيل المثال لنفترض أنَّك ارتكبت خطأً جسيماً في العمل ووبَّخك مديرك في أثناء اجتماع في الشركة، سيكون رد فعلك البكاء والتفكير في ترك العمل في اليوم التالي، فرد الفعل هذا مفهوم، ولكن إذا طبقنا الأسئلة المذكورة آنفاً فقد نجد وجهات نظر جديدة لمواجهة هذه المشكلة؛ فمثلاً:

ما هي المشكلة؟

لقد ارتكبت خطأً جسيماً في العمل ووبخك مديرك، وتشعر بالخجل والإحراج أمام الجميع.

هل أنا الشخص الوحيد الذي يواجه هذه المشكلة في العالم؟

على الأغلب لا؛ إذ يوجِّهُ كثير من المديرين تنبيهات إلى الناس، لا سيَّما أولئك الذين يكونون أقل تعاطفاً، وهذا لا يعني التقليل من أهمية المشكلة أو تبرير السلوك السيئ لمدير العمل (خصوصاً إذا كان شخصاً غير متعاطف)، ولكن ببساطة وضع الأمور في نصابها الصحيح.

ما هو تأثير هذه المشكلة في المستوى الفردي؟ وفي المستوى الوطني؟ وفي المستوى العالمي؟

في المستوى الفردي هذه مشكلة كبيرة بالفعل، لقد ارتكبت خطأ جسيماً ربَّما كلَّف الشركة عشرات الآلاف من الدولارات والناس يشعرون بالغضب، وفي المستوى الوطني من غير الجيد أن يرتكب الموظفون أخطاءً تكلِّف شركاتهم كثيراً من المال؛ لكنَّ هذا يحدث.

في الواقع يمكن للمديرين رفيعي المستوى ارتكاب أخطاء تكلِّف شركاتهم كثيراً من المال (وقد يفقد بعضهم وظائفهم نتيجةً لذلك)، فقد أرسل رائد الأعمال إيلون ماسك (Elon Musk) تغريدة انتهكت لوائح هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) وكلَّفته هو وشركته تسلا (Tesla) عشرين مليون دولاراً لكل منهما جزءاً من غرامة الهيئة بوصفها جزءاً من التسوية أيضاً، كان يجب عليه الاستقالة من منصب رئيس مجلس إدارة شركة تسلا للسنوات الثلاث القادمة.

أمَّا في المستوى العالمي فتصبح مثل هذه المشكلة في العمل صغيرة وتافهة للغاية؛ فعندما تفكر في قضايا عالمية وحقيقية للغاية مثل المجاعة والفقر والتشرد والعنف يمكن أن تبدو المشكلات في العمل أصغر بكثير، وحتى أكثر ترفاً مقارنة بالمشكلات الكبيرة التي يعانيها الناس.

ما هو أسوأ شيء يمكن أن يحدث لي بسبب هذا؟

قد يتكون لدى زملائك انطباع سيئ عنك لأنَّهم يظنُّون أنَّك لست جاداً بشأن عملك أو أنَّك لست مؤهلاً له، قد يظهر هذا الخطأ في مراجعة أدائك لهذا العام، وفي أسوأ السيناريوهات قد تُطرَد من العمل، في حين أنَّ كل سيناريو ليس مثالياً؛ فهو ليس مسألة حياة أو موت، فإذا كان الناس يفكرون فيك بطريقة سيئة فليكن، أنت لا تعيش حياتك من أجلهم، ويمكنك دائماً تحسين آراء الناس من خلال تحسين عملك، وإذا فقدت وظيفتك يمكنك دائماً الحصول على وظيفة أخرى وربما أفضل منها، لا تنتهي الحياة عند حدوث أخطاء في العمل، والأهم هو أن تفكر وتتعلم وتتحسَّن من هذه التجربة.

كيف سيؤثر ذلك في حياتي في العام القادم؟ أو الـ 5 سنوات القادمة؟ أو الـ 10 سنوات؟

قد تشعر بأنَّ الحادثة هذه مؤلمة الآن؛ لأنَّك مررت بها حديثاً، ولكن بعد عامٍ من الآن من المحتمل أنَّك لن تفكر كثيراً في الأمر، وبعد (5-10) سنوات سيصبح الأمر غير هام على الإطلاق، بالطبع إذا طُرِدت من وظيفتك - لا سمح الله - فسيترك ذلك تأثيراً كبيراً، ولكن يمكنك بسهولة تحسين سيرتك الذاتية والبحث عن وظيفة جديدة.

القيام بهذا التمرين لا يعني التقليل من شأن المشكلة أو التهرب من المسؤولية، فيجب مراعاة وجهات النظر المختلفة بحيث يمكنك التصرف بطريقة تحقق لك أفضل النتائج، وقد تبدو بعض المشكلات التي نواجهها يومياً مشكلات كبيرة عندما تظهر، ولكن معظمها إن لم تكن كلها ليس لها تأثير كبير في حياتنا.

لا تتوتر كثيراً ولكن ركز على ما يمكن فعله، وكرر طرح الأسئلة السابقة على نفسك لتحليل مشكلاتك الأخرى وستجد أنَّ معظمها لا يستحق كثيراً من التوتر والاهتمام، وبدلاً من الشعور بالتوتر من الأفضل أن تقضي وقتك في اتخاذ إجراءات لحل مشكلاتك.

شاهد بالفيديو: 6 طرق لتجاوز عقبات الحياة والتغلب عليها

2. عبر عن مشاعرك السلبية القوية:

إذا شعرت بالإحباط الشديد وتحتاج إلى التخلص من المشاعر السلبية القوية فافعل ذلك، تحدَّث إلى صديق واشكِ همَّك له، أو اصرخ بأعلى صوتك إذا كان ذلك يريحك، ولا تكبت مشاعر الإحباط؛ لأنَّه ليس من الصحي القيام بذلك، فيشبه الأمر وضع غطاء على قدر من الماء المغلي فتزداد الحرارة والضغط وقريباً ستنفجر، وأنت لا تريد أن يحدث ذلك معك.

مع ذلك لا تجعل هذه المشاعر السلبية تسيطر عليك؛ فبعض الناس يبقون غاضبين طوال الوقت وهذا يجعلهم غير جذابين للغاية، فقد يريحك التعبير عن مشاعرك السلبية في الوقت الحالي؛ لكنَّه لن يحل المشكلة؛ لذلك عبر عن مشاعرك السلبية لمدة 10 إلى 15 دقيقةً، ثم امضِ قدماً.

إقرأ أيضاً: لماذا لا تعد المشاعر السلبية سيئة للغاية؟ وكيف تتعامل معها؟

3. عامل عواطفَك:

إنَّ معاملة عواطفك تعني الوعي بمشاعرك ومعاملتها بطريقة مناسبة، وخلاف ذلك هو القمع؛ أي كبت مشاعرك أو حتى إنكارها.

عندما نواجه عقبةً ما فمن الطبيعي أن نشعر بعدم الرضى عنها، من الهام أن تتعلم طريقة معاملة هذه المشاعر، وإلَّا فإنَّها ستزداد داخلنا، ومع مرور الوقت ستثقل كاهلك وتسبب لك المشكلات، فيتجاهل بعض الناس مشاعرهم السلبية معتقدين أنَّ القيام بذلك سيكون أمراً إيجابياً؛ لكنَّ الأمر ليس كذلك؛ إذ تُعَدُّ المشاعر السلبية جزءاً لا يتجزأ من تجربة التطور البشري، ومن خلال معالجتها نتعلم ونتطور.

إذاً كيف يمكنك معاملة عواطفك؟

1. التدوين:

اكتب مشاعرك السلبية في دفتر يومياتك، فيمكنك ببساطة تفريغ أفكارك على الورق أو مستند وورد (Word)، وحذفها بعد الانتهاء.

2. تسجيل الصوت:

إذا كنت تفضل التحدث بدلاً من الكتابة فسجِّل صوتك وقل ما يدور في ذهنك، تكون معظم الهواتف الذكية اليوم مزودة بميزة التسجيل الصوتي؛ لذا استخدم هاتفك لتسجيل محادثة خاصة مع نفسك، ومجرد التحدث يساعدك على اكتساب الوعي بمشاعرك، وبعد التسجيل أعد تشغيل المقطع وأصغِ إلى ما قلته.

3. التأمل:

خصص خمس دقائق للتأمل، وراقب أفكارك وعواطفك كيف تظهر؛ فما دامت هذه المشاعر موجودة فأنت ببساطة تمنح نفسك مساحة للاعتراف بها في النهاية.

4. التحدث إلى شخص ما:

يساعدك التحدث مع شخص ما على حل المشكلة، كما يمنحك وجهة نظر بديلة ويتيح لك النظر في الأمور من زاوية مختلفة.

4. اكتشف ما أنت مستاء منه حقاً:

نحن في كثير من الأحيان لا نشعر بالضيق من شخص ما أو الغضب من العالم، فقد تبدأ في الشعور بالغضب من شخص ما أو شيء ما؛ لكنَّك في الحقيقة تشعر بالغضب من نفسك.

إحدى الطرائق لكشف غضبك هي أن تسأل نفسك: "ما الذي أنا غاضب منه حقاً؟"، واستمر في السؤال والتحقق حتى تصل إلى السبب الأساسي لغضبك الذي غالباً ما يرتبط بك (وليس بأيِّ شخص آخر).

بعد أن تكشف عن غضبك ماذا يمكنك أن تفعل حيال ذلك؟ وكيف يمكنك تحسين الوضع؟ انتقل إلى الخطوة 3 التي سنتحدث عنها في الجزء الثاني من المقال (ركز على خطوات قابلة للتنفيذ) لتحديد خطوات العمل الخاصة بك، فيحدث الغضب عادةً نتيجة الشعور بعدم القدرة على إدارة عواطفنا، فالجلوس والشعور بالغضب لن يغير الوضع، ومن خلال اتخاذ إجراء ما، يمكنك استعادة السيطرة على الموقف؛ ممَّا يساعدك على التحكم بمشاعرك.

إقرأ أيضاً: أيّ نوع من الغاضبين أنت؟

في الختام:

عندما لا نتعلم كيف نواجه العقبات السلبية التي تواجهنا في الحياة بطريقة صحيحة، فإنَّنا نقع في دائرة سلبية تسبب لنا مزيداً من الضرر، فنحن نُضيِّع وقتنا في التفكير فيما حدث بدلاً من المضي قدماً، ولكن من خلال تعلُّم طريقة مواجهة العقبات بطريقة إيجابية يمكننا بعد ذلك مواجهة تحديات الحياة الكبيرة بصورة أكثر فاعليةً.

لقد تحدَّثنا في هذا الجزء من المقال عن 4 نصائح لمواجهة العقبات اليومية في الحياة، وسنتحدَّث في الجزء الثاني والأخير منه عن النصائح الأخرى، فتابعوا معنا.




مقالات مرتبطة