10 علاقات سامة يتجنبها الأشخاص الأقوياء ذهنياً

نتلقَّى بصفتنا شباباً وخلال مراحلنا الدراسية معلوماتٍ عن العلاقات والزواج، وربما بعض المعلومات عن علم النفس الاجتماعي في المرحلة الجامعية، لكن عندما يتعلق الأمر بالتعامل الفعلي مع تعقيدات العلاقات في العالم الواقعي، فإنَّنا لا نحظى سوى بالقليل جداً من الإرشادات الرسمية، أو ما هو أسوأ من ذلك، بعض النصائح في مجلات الجمال عبر صفحات الإنترنت.



العلاقات هي عبارة عن سلسلة من التجارب والأخطاء من بدايتها، ولا بدَّ من أنَّك مثل كثيرين قد واجهت أخطاء كثيرة في حياتك.

جزء كبير من المشكلة هو أنَّ معظم سلوكات العلاقات السامة متأصلة في ثقافتنا، فنحن نقدِّس فكرة الحب الرومانسي الخالي من الهموم، كأن يبدأ شخصان حياةً جديدة في سعادة دائمة قبل أن يعرف كل منهما الآخر معرفةً كاملة؛ كما نشأنا على فكرة تجسيد علاقاتنا وحراستها مثل الممتلكات الشخصية؛ ومن ثَمَّ غالباً ما نتعامل مع أصدقائنا وأحبائنا بوصفهم ممتلكات، وليسوا أشخاصاً ذوي إرادة حرة نشارك معهم الحب الحقيقي والدعم العاطفي.

لكن لحسن الحظ، توجد أبحاث علمية كثيرة عن العلاقات السليمة والسعيدة طوال العقود القليلة الماضية، والتي سمحت للأشخاص ذوي المعرفة ببناء قوتهم العقلية ضد العلاقات السامة وسلوكاتها.

إليك فيما يأتي عشرة أنواع شائعة من العلاقات السامة، والتي يحاول الأشخاص الأقوياء ذهنياً تجنبها:

1. العلاقات التي يديرها شخص واحد:

تكون العلاقة سامة عندما يديرها شخص واحد؛ فعندما تشعر بأنَّك خارج عن السيطرة أو ضائع قليلاً، قد يكون من المغري البحث عن شخص يكون على استعداد لتولي مسؤولية حياتك نيابةً عنك؛ وذلك لتخفيف الضغط فقط، لكن قبل أن تفكر في هذا، إذا قيدت نفسك وسلمت زمام الأمور إلى شخص آخر، فلن يكون لك رأي عن المكان الذي تقودك إليه في الحياة.

يجب ألا نشعر أبداً بالعجز أو أنَّنا مأسورون في علاقة؛ ففي الواقع، إذا شعر أي شخص بالعجز أو أنَّه وقع في شرك العلاقة، فإنَّ هذه العلاقة غير موجودة أصلاً؛ لأنَّ الحرية هي جوهر العلاقات.

العلاقات السليمة مبنية على أساس متين من الإرادة الحرة والعمل الجماعي، ونظراً لأنَّ العلاقات هي واحدة من أعظم وسائل النمو الشخصي والسعادة، فإنَّ أهم رحلة تقوم بها في حياتك هي مقابلة شريك تحقق من خلال العمل معه مزيداً من نمو هذه العلاقة ونجاحها، بدلاً من العمل ضده أو محاولة السيطرة عليه؛ إنَّها سلسلة من التطورات تؤدي إلى الفائدة نفسها للطرفين، وتعتمد قوة العلاقة على القوة الفردية لطرفيها، وتعتمد قوة كل طرف على الأمد الطويل على جودة العلاقة.

شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع الأشخاص السامين؟

2. العلاقات التي من المفترض أن تكمِّلك:

غالباً ما تدفعنا ثقافتنا، التي تستند إلى تخيلات الحب الرومانسي، إلى التفكير أنَّك بمجرد أن تقابل "الشريك"، فإنَّه سينتشلك من البؤس أو الملل، ويرتقي بك إلى الكمال والنعيم الدائمَين.

لذلك من السهل أن تصدق أنَّ مهمة شريكك هي أن يجعلك تشعر بالبهجة والكمال، لكن الحقيقة هي: على الرَّغم من أنَّ العلاقة السليمة يمكن أن تجلب السعادة بالتأكيد، إلا أنَّه ليس من واجب الشريك ملء فراغات حياتك؛ بل هي مهمتك وحدك، وإلى أن تتقبل المسؤولية الكاملة عن فراغك أو ألمك أو ضجرك، ستنشأ مشكلات حتمية في العلاقة.

إنَّ التوق إلى شخص يكملك يأتي من كونك بعيداً كل البعد عن ذاتك، فلا أحد في هذا العالم يمكنه أن يجعلك سعيداً، إنَّه شعورٌ ينبع من داخلك، وعليك أن تخلق سعادتك أولاً قبل أن تشاركها مع شخص آخر.

3. العلاقات التي تقوم على الاتكالية:

عندما تؤدي أفعالك وأفكارك عن شخص آخر إلى التجاهل التام لاحتياجاتك الخاصة، فهذا ما يسمى بالاتكالية، وهي أمر سام؛ فعندما تقرر سلفاً أنَّ شخصاً آخر مسؤول عما تشعر به في جميع الأوقات (وخلاف ذلك صحيح)، فحينئذٍ سيطور كلاكما ميولاً اتكالية؛ وفجأةً لن يُسمح لأيٍّ منكما بالتخطيط لأيِّ شيء دون الحصول على موافقة الشخص الآخر، وتصبح جميع نشاطاتكما، حتى العادية منها مثل مشاهدة برنامج تلفزيوني، عرضةً للتفاوض والتنازل، وعندما يبدأ أحدكما بالانزعاج، تختفي جميع الاحتياجات الشخصية؛ إذ تصبح مسؤولية كل منكما جعل الآخر يشعر بتحسن.

كما قال رائد الأعمال الأمريكي جيم رون (Jim Rohn) ذات مرة: "أعظم هدية يمكن أن تقدمها لشخص ما هي تطورك الشخصي، فقد اعتدت أن أقول: "إذا كنت ستعتني بي، فسأعتني بك"، أما الآن أقول: "سأعتني بنفسي من أجلك، إذا كنت ستعتني بنفسك من أجلي".

أكبر مشكلة في تفاقم هذا النوع من الاتكالية هو أنَّها تولِّد الاستياء، بمعنى آخر، تحمل مسؤولية مشاعرك وتوقع أن يكون شريكك أو صديقك مسؤولاً عن مشاعره، فيوجد فرق دقيق لكنَّه هام بين أن تكون داعماً وأن تكون ملزماً بالدعم في جميع الأوقات؛ إذ يجب أن تكون أيَّة تضحيات نقدمها للآخرين خياراً وليس فرضاً.

4. العلاقات المبنية على التوقعات المثالية:

أنت لا تحب شخصاً ما وتقدره لأنَّه مثالي؛ بل تحبه وتقدره على الرَّغم من حقيقة أنَّه ليس كذلك، "فالكمال" هو خيال قاتل، ولن يكون أي منا كاملاً على الإطلاق؛ لذا احذر من ميلك إلى "تغيير أو إصلاح" شخص ما عندما لا يكون بحاجة إلى ذلك، فلا أحد كامل، وهذا ما يجب أن يكون.

كلما قلَّت توقعاتك من شخص تهتم لأمره، أصبحت علاقتك به أكثر سعادة؛ إذ لن يتصرف أي شخص في حياتك كما تتمنى أو تتوقع تماماً على الإطلاق، فهو ليس أنت، ولن يحب أو يعطي أو يفهم أو يستجيب مثلك أنت.

أكبر خيبات الأمل في الحياة والعلاقات هي نتيجة التوقعات الخاطئة؛ لذا فإنَّ تخفيف التوقعات غير الواقعية عن الكيفية التي "يجب أن يكون بها" شيء ما أو شخص ما سيقلل تقليلاً كبيراً من الإحباط والمعاناة غير الضروريين.

خلاصة القول: أيُّ علاقة حقيقية لن تكون مثالية، لكن إذا عملت على تحسينها، فقد تحقق كل ما حلمت به.

5. استخدام أخطاء الماضي لتبرير صواب الحاضر:

عندما يستمر شخص ما أنت على علاقة به في إلقاء اللوم عليك بناءً على أخطائك الماضية، فإنَّ علاقتكما سامة؛ وإذا قام الشخصان كلاهما في العلاقة بذلك، فستصبح معركة ميؤوس منها لمعرفة من الذي أفسد العلاقة أكثر على مر السنين؛ ومن ثَمَّ مَن يدين للآخر أكثر بالاعتذار.

عندما تستخدم أخطاء الماضي لشخص آخر لمحاولة تبرير الحاضر ففي ذلك خسارة للطرفين؛ إذ لا يقتصر الأمر على التهرب من المشكلة الحالية فحسب؛ إنَّما على استحضار مشكلات الماضي ومرارته لخداع الشخص الآخر وإقناعه أنَّه مخطئ في الوقت الحاضر.

إذا استمر هذا لفترة طويلة بما فيه الكفاية، فإنَّ الشخصين كليهما في العلاقة ينفقان في النهاية معظم طاقتهما في محاولة لإثبات أنَّ كلاً منهما أقل ذنباً من الآخر، بدلاً من حل المشكلة الحالية، ويقضون كامل وقتهم في حالة توجس من ارتكاب الأخطاء بدلاً من العيش بانسجام.

يجب أن تدرك أنَّك تستطيع اختيار أن تكون في علاقة مع شخص ما، فأنت تختار أن تكون مع كل أخطائه السابقة، وإذا لم تقبل هذه الأخطاء، فأنت في النهاية لا تقبله؛ وإذا كان لديك شيء ما يزعجك كثيراً في الماضي، كان عليك أن تتعامل معه حينها، أما الآن فعليك أن تنسى ما حدث وتترك الماضي يمر بسلام.

6. العلاقات المبنية على الأكاذيب اليومية:

الثقة هي أساس العلاقة السليمة، وعندما تنكسر الثقة يستغرق الأمر وقتاً ورغبة من كلا الطرفين لإصلاحها، وفي كثير من الأحيان، يقول معظم الناس شيئاً مثل: "لم أخبره؛ لكنَّني لم أكذب عليه أيضاً" هذا الكلام فيه تناقض؛ إذ إنَّ إخفاء جزء من الحقيقة هو كذب أيضاً، فإذا كنت تتستر على شيء ما بأيِّ شكل من الأشكال، فهذه مسألة وقت فقط قبل أن تتكشف الحقيقة وتنهار الثقة في العلاقة.

تذكَّر أنَّ الخصم الصادق هو دائماً أفضل من الصديق أو الحبيب الكاذب، وانتبه قليلاً إلى ما يقوله الناس، وانتبه أكثر إلى ما يفعلونه؛ إذ ستظهر لك أفعالهم الحقيقة على الأمد الطويل.

إذا اكتشفت أنَّ شخصاً تهتم لأمره يكذب عليك، فتحدث معه؛ سيكذب عليك بعض الأشخاص مراراً وتكراراً في محاولة شريرة لجعلك تكرر أكاذيبهم مراراً وتكراراً حتى تصبح حقيقة واقعة؛ لذا لا تشارك في هرائهم، ولا تدع أكاذيبهم تصبح واقعك، ولا تخف من الدفاع عن الحقيقة؛ إذ لا يمكن أن تبدأ بالغفران والمصالحة حتى تُقال هذه الحقيقة.

7. العلاقات التي تفتقر إلى التسامح والاستعداد لإعادة بناء الثقة:

يؤدي الفشل في فهم أنَّ الثقة المكسورة يمكن إعادة بنائها إلى مستقبل قاتم؛ فعندما تنكسر الثقة، وهو ما يحدث تقريباً في كل علاقة طويلة الأمد في مرحلة ما، من الضروري أن نفهم أنَّه يمكن إعادة بنائها بشرط أن يكون الطرفان كلاهما على استعداد للقيام بالعمل الشاق المتمثل في النمو الذاتي.

في الواقع، في الوقت الذي تشعر فيه وكأنَّ الأساس المتين لعلاقتك قد انهار تماماً، ستفكر بالانسحاب من العلاقة، خاصة إذا كنت تعتقد أنَّ الثقة المنكسرة لا يمكن إصلاحها، لكن إذا فهمت أنَّ مستويات الثقة ترتفع وتنخفض خلال العلاقة، فمن المرجح أن تجدا القوة للتماسك والنمو معاً.

8. العلاقات التي يتفوق فيها السلوك العدائي والسلبي على التواصل:

يأخذ السلوك العدائي السلبي أشكالاً عدة، لكن يمكن وصفه عموماً بأنَّه عداء غير لفظي يتجلى في السلوك السلبي؛ وبدلاً من التعبير بصراحة عما يشعر به، يقوم شخص ما بتصرفاتٍ خفية ومزعجة موجهة إليك، وبدلاً من قول ما يزعجه حقاً، يجد طرائق صغيرة وتافهة لإلقاء اللوم عليك حتى تنتبه وتنزعج.

من الواضح أنَّ هذا السلوك هو أحد أشكال العلاقة السامة، فهو يُظهر أنَّكما غير مرتاحين للتواصل الصريح والواضح مع بعضكما بعضاً؛ إذ ليس لدى الشخص أيُّ سبب ليكون عدائياً سلبياً إذا شعر بالأمان في التعبير عن أيِّ مخاوف أو شكوك داخل العلاقة، ولن يشعر أيُّ شخص أبداً بالحاجة إلى الاختباء وراء سلوكه العدائي إذا شعر بأنَّه لن يُحكَم عليه أو يُنتقد على ما يفكر فيه.

في العلاقات السليمة، تُشارك المشاعر والرغبات علانية، ولا يكون الطرف الآخر بالضرورة مسؤولاً أو ملزماً بأفكارك وآرائك؛ لكنَّك تحب الحصول على دعمه، فإذا كان يهتم بك، فمن المحتمل أن يقدم لك هذا الدعم، أو على الأقل يتنازل بطريقة ما.

شاهد بالفيديو: كيف تتعامل مع الشخصية السامة؟

9. العلاقات التي يحكمها الابتزاز العاطفي:

الابتزاز العاطفي هو عندما يطبِّق شخص ما عقوبة عاطفية عليك عندما لا تفعل ما يريده بالضبط؛ إذ يكون الشرط الأساسي في هذه العلاقة هو أن تغير سلوكك، رغماً عنك، نتيجة للابتزاز العاطفي؛ وبعبارة أخرى، في غياب الابتزاز العاطفي، ستتصرف تصرفاً مختلفاً؛ لكنَّك تخشى العقوبة فتستسلم، وهذا سلوك شديد السٌّمِّية.

الحل، كما هو الحال مع العداء السلبي، هو ببساطة التواصل بطريقة أفضل؛ إذ يجب ألا تكون ثمة عقوبة أبداً؛ بل مجرد محادثة صادقة؛ ومن الأهمية بمكان أن يعرف كل من الأشخاص المرتبطين بعلاقة أنَّهم يستطيعون توصيل الأفكار والمشاعر السلبية إلى الطرف الآخر بأمان دون وجود عقوبات وتداعيات قاسية، وإلا فسوف يقمع الناس أفكارهم ومشاعرهم الحقيقية، مما يؤدي إلى بيئة من عدم الثقة والتلاعب.

ربما يوجد شيء يزعجك حقاً بشأن شريكك، لماذا لا تصارحه؟ هل تخشى أن ينزعج؟ ربما سيفعل وربما لا، في الحالتين كلتيهما، تحتاج إلى التعامل معه بصراحة وطريقة بنَّاءة، وتجنب كتم ما يجول في خاطرك حتى لا يتفاقم الأمر ويخرج عن سيطرتك.

تذكَّر أنَّه من الطبيعي أن تنزعج من شخص تهتم لأمره أو لا يعجبك شيئاً ما فيه، وهذا يعني أنَّه لا يوجد شخص كامل، وافهم أنَّ الالتزام تجاه الشخص والإعجاب دائماً بخياراته ليسا الشيء نفسه؛ إذ يمكن للمرء أن يلتزم بشخص ما ولا يحب جميع صفاته، في المقابل، فإنَّ شخصين قادرين على انتقاد بعضهما بعضاً انتقاداً صادقاً ودون حكم أو ابتزاز عاطفي، سيعززان التزامهما تجاه بعضهما بعضاً على الأمد الطويل.

إقرأ أيضاً: الابتزاز العاطفي: علاماته، وأشكاله، وكيفية مواجهته

10. العلاقات التي لا تحظى باهتمامٍ فوري:

يُعدُّ الفشل في تخصيص وقت جيد للعلاقات الهامة أحد أكثر أخطاء العلاقات السامة، ومع ذلك غالباً ما يمر دون أن يلاحظه أحد، على الأقل لفترة من الوقت، حتى يبدأ كل شيء في الانهيار.

الحقيقة هي أنَّ العلاقات مثل أيِّ كيان حي آخر؛ فهي تتطلب وقتاً مخصصاً من أجل البقاء والازدهار، ومن السهل السماح للحياة بتولي زمام الأمور، وخاصةً عندما يكون لديك أطفال صغار، وعمل، وجسم يحتاج إلى تغذية وعناية وممارسة الرياضة، لكن علاقتك مع شخص ما هي جسد أيضاً، وإذا لم يُغذَّى ببعض الاهتمام والمتعة كل أسبوع، فسوف يبدأ بالذبول؛ لذا خصِّص وقتاً كل أسبوع للتركيز فقط على من تهتم لأمرهم، وبضع دقائق يومياً للتفاعل مع أقرب الناس إليك.

إقرأ أيضاً: كيف تتخلص من الأشخاص السامين في حياتك؟

في الختام:

لا شيء يمكن أن تقدِّمه أكثر من اهتمامك الصادق والمركَّز، وحضورك الكامل، فكونك مع شخص ما، والإصغاء له دون حساب للوقت ودون توقع الحدث التالي هو مجاملة خالصة، وهي بالفعل أكثر لفتة قيمة يمكنك القيام بها تجاه إنسان آخر.ش




مقالات مرتبطة