10 ثوانٍ تنقذ يومك وتحميك من الألم

ربما كان من الضروري أن تُلقِّنني الحياة تلك الدروس القاسية، أو ربما كان عليَّ أن أتحمَّل كمَّ الإخفاقات والخسائر التي تحملتها في الفترة الأخيرة، فقبل عقدٍ مضى، وفي خضمِّ البلبلة التي رافقت عيد ميلادي السابع والعشرين، كان عليَّ أن أعترف فوراً أنَّ عالم الفرص التي لا تُعَدُّ ولا تحصى الذي فتح ذراعيه لي يوماً في أيام شبابي قد أغلق أبوابه في وجهي.



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدوِّن "مارك كرنوف" (MARC CHERNOFF)، ويُحدِّثنا فيه عن تجربته مع تخصيص 10 ثوانٍ لتدوين رسائل تذكير يستعيد بها قوته في مواجهة ظروف الحياة الصعبة.

لقد أردت أن أشعر بالإشراق والحرية والطموح والشغف مرَّةً أخرى، لكنَّني لم أكن أعلم كيف أفعل ذلك؛ إذ كان لديَّ قربي أم حكيمة قدَّمت لي نصيحةً ثمينة، لقد قالت لي إنَّها ما زالت ترى في داخلي شابَّاً إيجابيَّاً شغوفاً، لكنَّني أحتاج إلى إجراء عملية بحث عن الذات حتى أعيد التواصل مع نفسي مرَّةً أخرى.

عندما كنت أحاول اتباع نصيحة أمي، تذكَّرت أنَّه كان لدي عدة رسائل تذكير يومية على أوراق ملاحظات معلَّقة على حائط غرفة النوم كتبتها حينما كنت مراهقاً، وكنتُ أسمِّي هذه الأوراق "رسائل تذكير مدتها 10 ثوان"، فقد كنت أتوقف مدة 10 ثوانٍ وأقرأ على نفسي إحدى هذه الأوراق كلما شعرت أن موجةً من القلق تغمرني.

لذا؛ كتبت بضعاً من رسائل تذكير العشر ثوانٍ مثلما تذكرتها، وأضفت إليها عدة رسائل أخرى، ثمَّ علَّقتها على جدار مكتبي في المنزل في مكانٍ أستطيع أن أراها فيه جيداً، لقد كنت محاطاً حرفيَّاً برسائل التذكير اليومية هذه مدة عقد، وما زلت أتوقف مدة 10 ثوانٍ مرتين في اليوم على الأقل لأقرأها لنفسي، لقد ساعدني هذا الطقس الذي غيَّر حياتي على الحفاظ على التركيز في أحلك الأيام.

فبالنسبة إلى كل شخصٍ يشعر بأنَّه مستنزفٌ عاطفيَّاً ولا يعلم كيف يتخذ الخطوة التالية، أطلب منك أن تحذو حذوي، فكل ما عليك أن تفعله هو أن تحتفظ برسائل التذكير المناسبة في متناول يديك، بحيث تستطيع الوصول إليها بسهولة في اللحظات التي تكون فيها بأمَسِّ الحاجة إليها.

في البداية اقتبِس بعضاً من رسائلي الموجودة أدناه، وعلِّقها في مكانٍ تراه، ثمَّ توقف مدة عشر ثوانٍ كلما عشت واحدةً من تلك اللحظات المُستنزِفة المليئة بالقلق واقرأ إحداها بهدوء، وسترى كيف يغيِّر القيام بذلك مشاعرك وأفكارك وحياتك تدريجيَّاً:

الرسالة الأولى:

لم يَفُت الأوان، فأنت حيث يجب أن تكون تماماً، لا تحاسب نفسك ولا توبِّخها بسبب المدة التي استغرقتها الرحلة، فكلٌّ منَّا يحتاج إلى وقتٍ معيَّن ليخوض رحلته في الحياة، ثق بنفسك، واشكر الله على ما حقَّقته حتى الآن.

الرسالة الثانية:

من أهم لحظات الحياة اللحظة التي تمتلك فيها الشجاعة أخيراً للتخلي عمَّا لا يمكن تغييره؛ وذلك لأنَّه حينما لا يعود في إمكانك تغيير موقفٍ ما، فهذه دعوةٌ لك لتغيير نفسك وتجاوز ما لا يمكن تغييره، وهذا سبيلك لتغيير كل شيء.

إقرأ أيضاً: 6 طرق بسيطة تمنحك السعادة بداية كل نهار

الرسالة الثالثة:

سامح نفسك على القرارات السيئة التي اتخذتها، والأوقات التي افتقرت فيها إلى الفهم، والخيارات التي جرحت الآخرين وجرحتك، وعلى الفترة التي كنت فيها شابَّاً طائشاً، فلقد كانت هذه كلها دروساً ثمينة، والأهم الآن هو رغبتك في التعلم منها.

الرسالة الرابعة:

من المضحك كيف نتخلَّى عن أشياء اعتقدنا يوماً بأنَّنا لا نستطيع العيش دونها، ثمَّ أحببنا أشياء لم نعرف قَطُّ أنَّنا نريدها، فلا تَنفَكُّ الحياة تأخذنا في رحلات ما كنَّا لنخوضها لو أنَّ الأمر لنا، لا تخف، وآمن بنفسك، وابحث عن الدروس التي تُعلِّمها لنا الحياة، وثق برحلتك.

الرسالة الخامسة:

لا تتسرَّع وكن حيث أنت، فأنت في المكان الذي يُفترَض أن تكون فيه في هذه اللحظة، فلكلِّ شيءٍ قَدَر، وكل خطوةٍ تخطوها ضرورية؛ إذ يكفي أن تبذل أقصى ما في وسعك، ولا تحشر في حياتك ما لا يُفترَض بَعد أن يكون فيها، وستحصل على الشيء حينما يحين موعد حصولك عليه.

شاهد بالفيديو: 15 درس يجب أن نتعلمها من الحياة

الرسالة السادسة:

يمكنك أن تُخيِّب الناس وتظل إنساناً صالحاً، ويمكنك أن تخفق وتظل ذكيَّاً، ويمكنك أن تخذل الناس وتظل إنساناً يستحق الحب والاحترام؛ إذ يخطئ الجميع في بعض الأحيان، فخذ نفساً عميقاً وتذكَّر أنَّك إنسان.

الرسالة السابعة:

لا تدرك في معظم الأحيان أنَّك تضع حاجزاً يحول بينك وبين النعم الحالية من خلال التمسُّك بالماضي، فابذل كل ما في وسعك للتخلِّي عن الماضي، فالأيام العصيبة، والأخطاء، وندوب الماضي، والماضي نفسه لا يمثِّلونك، فخذ نفساً عميقاً وركِّز اهتمامك على لحظات الحاضر.

الرسالة الثامنة:

تذكَّر أنَّ السلام النفسي يبدأ في اللحظة التي تأخذ فيها نفساً عميقاً وتقرِّر ألَّا تسمح لشخصٍ آخر أو حادثةٍ أن يسيطرا على أفكارك، فما حدث معك في الماضي لا يمثِّلك، ما يمثِّلك هو الخيار الذي قرَّرت أن يمثِّلك في هذه اللحظة؛ لذا تخلَّ عن الماضي، واسترخِ، وابدأ بدايةً جديدة.

الرسالة التاسعة:

لن تعثر على قيمتك لدى أي إنسانٍ آخر، ستعثر على قيمتك في نفسك، وحينئذٍ ينجذب إليك الأشخاص الذين يستحقون فعلاً جهدك، فيجب عليك أن تدرك ذلك، وأن تتقبَّل قيمتك وتقدرها؛ لذا توقَّف عن انتظار أن يخبرك الآخرون كم أنت هام، أخبر أنت نفسك بذلك، وآمن به.

الرسالة العاشرة:

انسَ الشهرة، يكفي أن تؤدي عملك بشغفٍ وتواضعٍ وصدق، لا تؤدِّ عملك من أجل كَسب إعجاب الآخرين؛ بل لأنَّه العمل الصحيح الذي يجب أن تفعله، فابذل قليلاً من الجهد في سبيل عملك كل يوم، ولا تكترث بآراء الآخرين مهما كانت، فهذه هي الطريقة التي تحقق بها أحلامك.

إقرأ أيضاً: 23 شيئاً يقوم به الأشخاص الذين يحبون حياتهم بشكل مختلف

الرسالة الحادية عشر:

إذا انتظرت حتى تشعر أنَّك مستعدٌّ تماماً، ستقضي بقية حياتك منتظراً؛ إذ يقضي بعض الناس يومهم كله ينتظرون نهاية العمل، وأسبوعهم كله ينتظرون عطلة نهاية الأسبوع، والسنة كلها ينتظرون العُطَل، وحياتهم كلها ينتظرون السعادة، فلا تكن مثل هؤلاء.

الرسالة الثانية عشر:

لا تَعُد إلى نمط حياتك القديم فقط لأنَّ التعامل معه أهون، تذكَّر أنَّ ثمَّة سبباً دعاك إلى التخلي عن عاداتٍ ومواقف معينة، وهو تطوير حياتك، فلا تستطيع المضي قُدُماً الآن إذا تابعت العودة إلى الخلف.

في الختام:

لاحظ أنَّ رسائل التذكير هذه لا ترغمك فوراً على فعل شيءٍ مختلف؛ بل كل ما تفعله هو أنَّها تغيِّر وجهة نظرك، ومن وجهة النظر يبدأ السلام وتبدأ السعادة؛ إذ تستطيع من هنا تغيير موقفك من موقفٍ يسيطر عليه القلق والتوتر إلى موقفٍ يتَّسم بالتقبُّل ووفرة الفرص.

الهدف من هذه الرسائل ليس التخلُّص من الأفكار والمشاعر ومواقف الحياة السلبية، فهذا مستحيل؛ بل الهدف هو تغيير طريقة تعاملك معها، وهذا يعني تقبُّل مختلف تجارب الحياة تدريجيَّاً، حتى تلك المُستنزِفة والمليئة بالقلق.

نحن نتوق غالباً إلى خوض مجموعة صغيرة محدَّدة من تجارب الحياة التي تتضمَّن أوقات المرح والأيام السعيدة والأشياء التي تمنحنا شعوراً بالراحة، بيد أنَّ الواقع بمجمله مختلفٌ تماماً غالباً، فالحياة فيها طيفٌ متنوعٌ من التجارب التي تثير فينا مشاعر متباينة من حزنٍ وندمٍ وفخرٍ وغضبٍ وحبٍّ ووحدة، وجميع هذه المشاعر جزءٌ من حياة الإنسان الحي.

نستطيع إذاً إمَّا التمرُّد على الحياة الظالمة التي نضطر فيها إلى مواجهة الخسارة ومعاناة المحن والشعور بالوحدة والضيق والإحباط، أو تقبُّل كل تجارب الحياة بحلوها ومُرِّها من لحظاتٍ سعيدةٍ ومؤلمة وكل ما يتخللها من مشاعر، فالحياة ليست سعادةً وراحة على مدار اليوم؛ بل هي تجربة واقعية متكاملة.

يعني تقبُّل تجارب الحياة المختلفة اليوم تقبُّل كل لحظةٍ بتركيزٍ كامل، وقبول الواقع، والتعامل بلطفٍ مع أنفسنا في الأوقات العصيبة، والتصرف بصدقٍ مهما حدث، وتقبُّل الحياة وأنفسنا مثلما هي، ويعني هذا أيضاً ألَّا نتوقع حدوث الأفضل دائماً؛ بل تقبُّل كل ما يحدث وتحقيق أقصى استفادةٍ منه، فتطبيق ذلك ليس عملاً هيِّناً بكل تأكيد، لكنَّه يستحق أن تتوقف عشر ثوانٍ كل مرَّةٍ للمحاولة.




مقالات مرتبطة