10 أماكن لن تجد فيها السعادة

أقمنا أنا وزوجتي آنجل (Angel) في موسم الأعياد الماضي، في فندق بالقرب من منزل والديها، وفي ليلة رأس السنة، التقينا عائلةً من ستة أفراد كانوا يقيمون في الفندق نفسه، لقد رأيناهم يستجمون في بهو الفندق بجوار شجرة عيد الميلاد، يتشاركون القصص ويضحكون؛ لذا في طريقنا للخروج، تمنيت لهم أنا وآنجِل عيداً سعيداً وسألناهم من أين أتوا، فقالت الأم: "إنَّنا من هنا، لقد احترق منزلنا بالأمس بالكامل؛ لكنَّنا نجونا جميعاً بأعجوبة، فيا له من عيدٍ سعيدٍ للغاية".



ملاحظة: هذا المقال مأخوذٌ عن الكاتب مارك كِرنوف (Marc Chernoff)، ويُحدِّثنا فيه عن الأخطاء التي يرتكبها الناس في محاولة إيجاد السعادة.

إنَّ كلمات هذه العائلة وتفاؤلهم قد جعلاني أبتسم؛ فقد تذكرت أنَّنا لا نعيش حياةً مُرضيةً إلا عندما نتحلى بالشجاعة للتخلي عما لا يمكننا تغييره، وعندما تعطينا الحياة كل الأسباب لنكون سلبيين، يجب أن نفكر في سبب وجيه واحد لنكون إيجابيين؛ لأنَّه دائماً ما يكون لدينا شيء يستحق الابتسام بشأنه.

الحق يُقال، عادةً ما يبقى الناس تعساء؛ لأنَّهم يبحثون عن السعادة في الأماكن الخطأ؛ إذ يبحثون عنها في:

1. أوهام سهولة الحياة:

الحياة قاسيةٌ؛ لكنَّك أكثر قوة منها؛ فالألم يقويك، ومواجهة مخاوفك تجعلك أكثر شجاعة، والأسى والأخطاء تجعلك أكثر حكمة؛ ففي بعض الأحيان يجب أن تسوء الأمور كثيراً حتى تتحسن، وأحياناً أخرى، عليك أن تمر بأسوأ الظروف حتى تصل إلى ما تريده.

لا يُفترض أن تكون رحلتك سهلةً؛ بل أن تستحق العناء، وإن لم تعانِ فلن تنمو أبداً، انسَ ما حدث أو ما فعلته؛ فما يهم هو ما تختار القيام به بدءاً من هذه اللحظة، وتقبَّل الظروف وتعلم منها وامضِ قدماً، واعلم أنَّ التخلي عن بعض الأمور غالباً ما يكون خطوةً إلى الأمام، وفي بعض الأحيان يتعين عليك التخلي عما تريده لكي تجد ما تحتاج إليه وتستحقه حقاً.

2. الماضي الذي رحل:

إنَّك تتغير، والكون حولك يتغير، ولمجرد أنَّ شيئاً ما كان مناسباً لك في الماضي، لا يعني أنَّه ما يزال كذلك، سواء كان علاقةً أم وظيفةً أم منزلاً أم عادةً وما إلى ذلك، ولا يعني التخلي عن الأشياء أنَّك ضعيف؛ بل يعني ببساطة أنَّك قويٌّ وذكيٌّ بما يكفي للتخلي عن القديم وإفساح المجال للجديد، فلا تيأس إن أُغلِق بابٌ خلفك؛ لأنَّ أبواباً جديدةً تُفتَح كل لحظة، وسوف تراها إذا واصلت المضي قدماً.

كما قال الزعيم الروحي دالاي لاما (Dalai Lama) ذات مرة: "إنَّ تبني طريقة تفكيرٍ جديدة هو شرطٌ ضروري كي نحيا ونعمل بمسؤولية، فإذا حافظنا على القيم والمعتقدات البالية والأنانية، فسوف نستمر في التمسك بالأهداف والسلوكات التي عفا عنها الزمن".

3. مستقبل غير مضمون:

في كثير من الأحيان نهدر طاقاتنا عالقين في متاهة الحياة، ونفكر كيف سنخرج منها يوماً ما، وكم سيكون الأمر رائعاً، وتخيل هذا المستقبل يدفعنا إلى الاستمرار في سعينا، أو هكذا يبدو الأمر؛ لكنَّنا لن نهرب من هذه المتاهة أبداً، إنَّنا ببساطة نتوهم بالمستقبل للهروب من الحاضر مراراً وتكراراً، حتى نصل إلى نهاية حياتنا دون أن نعيشها حقاً.

قال الزعيم الهندي الراحل المهاتما غاندي (Mahatma Gandhi) ذات مرة: "يعتمد المستقبل على ما تفعله اليوم"، ولا حقيقة أصدق من هذه، فافعل شيئاً ما اليوم، لا يمكنك إيقاف المستقبل، ولا يمكنك إرجاع الماضي، فلكي تعيش، عليك أن تبدأ الآن، فالساعة تدق، والساعات تمضي، والماضي يكبر، والمستقبل يتراجع، والفرص تقل، والندم يتزايد، لكن فقط إذا كنت متردداً في قبول حياتك والاستمتاع بها الآن بينما ما زلت على قيد الحياة.

شاهد بالفيديو: 5 خطوات لتخطط لمستقبل ناجح

4. الأعذار والتسويف:

أفضل شيء يمكنك القيام به لنفسك هو التوقف عن التمني، والبدء في العمل، فعليك فقط أن تستيقظ ذات صباح وتقرر أنَّك لا تريد أن تشعر مرةً أخرى بما تشعر به الآن، ثم ابدأ بإجراء التغيير، فالأمر بهذه البساطة.

في جميع مناحي الحياة، ما الحظ إلا أن تكون جاهزاً لاستثمار الفرصة المناسبة فور ظهورها في حياتك؛ لكنَّك لن تجد الفرصة ما لم تبدأ بالعمل.

إنَّ أيَّ شيءٍ لا تخصص له وقتاً من يومك، من المحتمل ألا يحدث أبداً في حياتك، والمعرفة وحدها ليست كافية؛ بل عليك تطبيقها أيضاً، كما أنَّ الإرادة وحدها لا تكفي؛ بل عليك أن تعمل، فحتى لو لم تكن قادراً على تقديم سوى أداء ضعيف في العمل، فاعمل؛ لأنَّ هذه الأجزاء الصغيرة ستتراكم بسرعة؛ فالقيمة التي تُبنى تدريجياً بمرور الوقت، هي قيمةٌ تستمر لفترة طويلة، وإنَّ القيام بشيء ما، وإن كان قليلاً، يبقى أكثر إنتاجية بكثير من عدم القيام بأي شيء.

5. الراحة المطلقة:

قد تشعر بالراحة في المكان الذي اعتدت عليه، لكن ما لم تتحدَّ راحتك وتغامر في المجهول، فلن تكتشف أبداً جمال العالم حولك، ولن تعرف حتى أنَّ هذا الجمال موجود، إنَّ التمسك بما هو مريح هو غالباً السبب الرئيسي الذي يجعلك تشعر بأنَّ شيئاً ما مفقود في حياتك.

تذكر أنَّ مغامرتك في العالم من حولك لا تعني أنَّك لا تستطيع العودة إلى حيث بدأت وقتما تشاء؛ فلا بأس بذلك، لكن ليس من المقبول ألا تغادر أبداً.

إقرأ أيضاً: 21 تحدِّياً خاصاً للخروج من منطقة الراحة وتنمية شخصيتك

6. الممتلكات المادية التي لا حاجة إليها:

لست بحاجةٍ إلى الممتلكات المادية لتجعلك سعيداً؛ لكنَّك لا تكتفِ منها أبداً، فكِّر ملياً في الأمر، فمن الجيد أن يكون لديك المال والحاجات التي يمكن أن يشتريها المال، لكن عليك ألا تغفل أهمية الأشياء التي لا تُقدَّر بثمنٍ ولا يمكن للمال شراؤها، كما أنَّك لا تحتاج إلى كثيرٍ من المال لتعيش حياة غنية؛ فالأصدقاء الطيبون والعائلة المحبة يساوون وزنهم ذهباً، وبعض الأشياء الصغيرة في الحياة تعني أكثر بكثيرٍ من المال، كعناق طويل من شخص تحبه في الوقت المناسب.

بدلاً من التركيز الشديد على ما تريد الحصول عليه، فكِّر في الأشياء التي يمكنك التخلي عنها، وتخلص من بعض الأشياء الزائدة وخفف العبء عن كاهلك، واشعر بالثقل ينزاح عنك.

إنَّك لا تحتاجُ إلى أشياء كثيرة تعتقد أنَّك تحتاج إليها، فأنت ببساطة ترغب فيها، وعندما تتضاءل رغباتك، تزداد حريتك وثروتك؛ لذا تحدَّ دوافعك وحرِّر نفسك من الاحتياجات التي لا داعي لها.

7. المبالغة ببعض الأمور:

كما قال الشاعر أوسكار وايلد (Oscar Wilde) ذات مرة: "اعتدل في كل شيء، حتى في الاعتدال نفسه"، فإنَّ الإفراط في تناول الطعام يجعلك بديناً، وإنفاق مال كثير يسبب الإفلاس، والإفراط في العمل يحرمك من قضاء الوقت مع العائلة، والتسلية طويلاً لا تترك مجالاً للعمل، وهكذا دواليك.

تعتمد السعادة على التوزيع الصحيح والواعي للموارد في مجالات الحياة التي تحتاج إليها، وبصرف النظر عن التفاصيل، فإنَّ الشيء الذي تحتاج إلى تذكره هو الآتي: لن تجد سعادةً طويلة الأمد في شيء واحد؛ بل في أشياء عديدة وأسلوب حياة متوازن.

إقرأ أيضاً: 3 أسئلة لفهم حقيقة التوازن بين العمل والحياة الشخصية

8. العلاقات الخاطئة:

لا يهم أن يكون لديك علاقات كثيرة؛ بل أن تكوِّن علاقات جيدة؛ لذا اقضِ الوقت مع الأشخاص الذين يجعلونك شخصاً أفضل، وأحط نفسك بأولئك الذين يرفعونك إلى مراتب أعلى؛ فالأشخاص الذين تحيط نفسك بهم لهم تأثيرٌ كبيرٌ فيك؛ لذا كن شجاعاً بما يكفي للتخلي عن أولئك الذين يواصلون إحباطك، وابحث عن أشخاص يحترمونك بقدر ما تحترمهم، وعزِّز علاقاتك فقط مع أولئك الذين يشعرون بالسعادة والفخر لوجودك في حياتهم، فإنَّك تستحق علاقاتٍ أفضل، فلا ترضَ بأقل من ذلك.

9. آراء أناسٍ غير هامين:

حافظ على كرامتك وكن دائماً صادقاً مع نفسك، ولا تسمح للآخرين بأن يقولوا لك من أنت، فعليك أن تقرر ذلك بنفسك؛ فيوجد دائماً أشخاص لا يوافقونك، سواء بسبب مظهرك، أم الطريقة التي تتحدث بها، أم الأشياء التي تهتم بها، أم الموسيقى التي تستمع إليها، وما إلى ذلك؛ لكنَّ الحقيقة هي أنَّ آراء هؤلاء الأشخاص ليست هامةً على الإطلاق، فالخيار خيارك، فقد تسمح لهم بإفساد يومك، أو تدافع عن نفسك وتتقبل نفسك كما أنت؛ لذا كن مخلصاً فقط وابذل قصارى جهدك، وإذا لم يكن ذلك جيداً بما يكفي لشخص ما، سوف يكفي بالتأكيد لشخص آخر، فلست هنا لإرضاء الجميع؛ لذا كن لطيفاً، وعلى طبيعتك، وسوف يجدك الأشخاص المناسبون في النهاية.

10. إلقاء اللوم على الآخرين:

قال عالم النفس سيغموند فرويد (Sigmund Freud) ذات مرة: "معظم الناس لا يريدون الحرية حقاً؛ لأنَّ الحرية تتطلب تحمل المسؤولية، ومعظم الناس يخافون منها"، فلا تكن شخصاً كذلك، فعندما تلوم الآخرين على ما تمرُّ به، فإنَّك تنكر المسؤولية، وتتنازل عن سيطرتك على هذا الجزء من حياتك.

إنَّ المسؤولية هي الثمن الذي يجب أن تدفعه للوصول إلى السعادة والعظمة، ولا أحد آخر مسؤول عنك، إنَّك تتحكم بشكل كامل بحياتك طالما أنَّك مسؤولٌ عنها، وربما تعلمت خطأً أنَّك تستطيع إلقاء اللوم على والديك ومعلميك ونظام التعليم والحكومة وما إلى ذلك، دون أن تلوم نفسك أبداً، إنَّ الأمر لم يكن خطؤك إطلاقاً؛ لكنَّك مخطئ لأنَّك إذا أردت حقاً التغيير وأردت التخلي عن الماضي والمضي قدماً في حياتك، فإنَّك الشخص الوحيد الذي يمكنه تحقيق ذلك.




مقالات مرتبطة