10 أشياء يجب تذكرها قبل أن تأخذ الأمور على محمل شخصي

فكر في الأمر، كم مرة أخذت الأمور على محمل شخصي بينما لم تكن شخصيةً على الإطلاق؟ من المرجح أنَّك قد فعلت ذلك في كثير من الأحيان، لكن لماذا؟



ملاحظة: هذا المقال مأخوذ عن المدونة "أنجيل شيرنوف" (Angel Chernoff)، وتُحدِّثنا فيه عن 10 أشياء يجب أن نضعها في الحسبان قبل أن نأخذ أي شيء على محمل شخصي.

سوف أتحدث عن 3 قصص سريعة وبعض الدروس التي ستغير مجرى حياتك، وهي:

  1. هذا الصباح في محطة قطار قريبة من مستشفى في المدينة، ركب رجل وأطفاله الثلاثة الصغار القطار، وكان صوت الأطفال صاخباً جداً، ويركضون في أرجاء القطار، فنظر أحد الركاب المنزعجين إلى الرجل وسأله: "هل يوجد سبب لعدم سيطرتك على الأطفال؟"، فنظر الرجل والدموع تملأ عينيه وقال: "لقد أخبرني الطبيب للتو أنَّ والدتهم لن تبقى على قيد الحياة، آسف، إنَّني أحاول التفكير فقط فيما سأقوله لهم عندما نصل إلى المنزل".
  2. يقول أحد الأشخاص الذين قدمتُ لهم الكوتشينغ: لقد سخر مني اثنان من زملائي السابقين في العمل في العام الماضي عندما أخبرتهم أنَّني أحلم بافتتاح صالون خاصٍ بي لتصفيف الشعر، لكن في نفس اليوم تكلمت مع كوتش لي وقال: "لقد عرفت بعض الأشخاص الذين سعوا وراء أحلامهم ونجحوا، والشيء الوحيد المشترك بينهم جميعاً هو سخرية الناس منهم قبل تحقيقهم للنجاح".
  3. تقول إحداهن: "يوجد رجلٌ مسنٌ عابسٌ يأكل في مطعمنا كل صباح منذ خمس سنوات، وهو من زبائني الدائمين في المطعم، ترك لي اليوم 1000 دولاراً لوجبة إفطاره التي ثمنها 7 دولارات فقط، وإلى جانب النقود، ترك ملاحظة صغيرة كتب عليها:

"شكراً لك يا "كريستين" (Christine)، أعلم أنَّني لم أكن مصدر سعادة في حياتك، ولكنَّ ابتسامتك وخدمتك المضيافة على مر السنين، أعطتني شيئاً لأتطلع إليه كل صباح بعد وفاة زوجتي؛ لذا أردت أن أشكرك، وأخبرك بأنَّني سوف أنتقل اليوم إلى منطقةٍ تبعد 8 ساعات لكي أعيش مع ابني وعائلته، أتمنى أن تكون بقية حياتك سعيدة".

إذا وُجِدَ شيء واحد تشترك به هذه القصص، فهو أهمية عدم أخذ الأمور على محمل شخصي؛ ففي القصة الأولى، لم يكن الأب في القطار يحاول إزعاج الركاب الآخرين عن عمد؛ بل كان يفكر في واحدة من أصعب الحقائق في حياته، وفي القصة الثانية، لم يسخر هؤلاء الزملاء السابقون في العمل منه بقسوة؛ بل كانوا ببساطة يتصرفون وفق تفكيرهم المحدود، أما في القصة الثالثة، فكان الزبون المسن العابس، مجرد رجل متواضع مكسور القلب.

في كل قصة، كانت كلمات وأفعال الأشخاص تتعلق بهم، وليس بالآخرين، ومع أنَّه لا يوجد شيء شخصي على الإطلاق في كل القصص، إلا أنَّ بعض الأشخاص من حولهم أخذوا سلوكهم المزعج والمعارض والغاضب على محمل شخصي؛ لذا فكر في الأمر، كم مرة أخذت الأمور على محمل شخصي بينما لم تكن شخصيةً على الإطلاق؟ من المرجح أنَّك قد فعلت ذلك في كثير من الأحيان، لكن لماذا؟

شاهد بالفديو: أُسُس فن التعامل مع الآخرين

لماذا نأخذ الأمور دائماً على محمل شخصي؟

يوجد عدد من الإجابات الممكنة عن سؤال: "لماذا نأخذ الأمور على محمل شخصي؟"، لكنَّ الأمر الذي وجدت أنا وزوجي "مارك" (Marc) أنَّه الأكثر شيوعاً خلال سنوات من تقديم الكوتشينغ الفردي مع العديد من الأشخاص، هو وضع أنفسنا جميعاً في محور أي موقف، ورؤية كل الأشياء والأحداث والظروف، وما إلى ذلك، على أنَّها مرتبطة بنا.

هذا يمكن أن يكون له عدة آثار سلبية، من الشعور بالأذى عندما يقلل الآخرون من احترامك، إلى الشعور بالأسف لأنفسنا عندما لا تسير الأمور كما هو مخطط لها، إلى الشك بأنفسنا عندما لا نكون مثاليين، وحتماً، نحن لسنا محور كل شيء؛ فهذه ليست الطريقة التي يعمل بها العالم، لكنَّها تبدو لنا في بعض الأحيان بأنَّها كذلك؛ لذا دعنا نلقي نظرة سريعة على بعض الأمثلة في حياتنا اليومية:

لنفترض أنَّ شخصاً ما دخل إلى الغرفة وهو بمزاج سيئ، ينفخ ويتأفف، ويخاطبنا بطريقة فظة للغاية، فنفكر ونقول في أنفسنا: "ما الذي يحدث هنا؟ أنا لا أستحق أن أُعامَل بهذه الطريقة السيئة"، وهذا يؤدي إلى غضبنا وانفعالنا وشعورنا بالإهانة.

لكنَّ الحقيقة هي أنَّ سلوك الشخص الآخر لا علاقة له بنا، ومن المرجح أنَّ شيئاً ما قد أغضبه قبل دخوله إلى الغرفة، ومن ثمَّ أتى كي ينفِّس عن غضبه، والأمر الذي حدث هو أنَّنا كنا موجودين في المكان والوقت الخاطئَين، وهذا الأمر لا يبرر سلوكه الوقح، لكن يجب علينا إدراكه بوعي؛ وذلك حتى لا نهدر كل طاقتنا العقلية في وضع أنفسنا محور الموقف الذي حصل وأخذ كل شيء على محمل شخصي.

الآن، دعنا نفترض للحظة أنَّ أفعال الشخص تبدو في الواقع مرتبطة بنا بشكل مباشر، وأنَّنا قد فعلنا شيئاً أزعج شخصاً ما عن غير قصد، وبعدها تعامَل معنا بوقاحة شديدة.

قد يبدو هذا الموقف موقفاً شخصياً، لكن هل هو كذلك؟ وهل رد فعله الوقح يتعلق بنا؟ وهل الشيء الذي فعلناه عن غير قصد أغضبه؟ لا، الأمر ليس كذلك؛ بل إنَّه في الغالب مجرد تعبير عن ردود أفعال الشخص الآخر، وأحكامه السريعة، ومشكلات الغضب التي يعاني منها، وتوقعاته عن الكون؛ فنحن مجرد جزء صغير من قصة أكبر بكثير.

بالمثل، عندما يرفضنا شخصٌ ما، ويتجاهلنا، ولا يُظهر لنا أي اهتمام، وما إلى ذلك؛ فهذه الأفعال لا علاقة لها بنا؛ بل هي تتعلق بالمشكلات الشخصية التي مرَّ بها الآخر في حياته.

لكن نظراً لأنَّنا نرى كل شيء رؤية محدودة ونرى الأمور من ناحية "كيفية تأثيرها فينا"؛ فإنَّنا نتفاعل مع تصرفات وكلمات الآخرين كما لو أنَّها حكماً شخصياً أو تعبيراً عنا، ومن ثمَّ، إنَّ غضب الآخرين يجعلنا غاضبين، وقلة احترامهم تُشعرنا بأنَّنا غير جديرين بالاحترام، وتعاستهم تجعلنا تعيسين أيضاً.

إقرأ أيضاً: حبّ الآخرين وفصل السلوك عن السالك

تذكُّر الحقيقة:

نادراً ما يكون لما يقوله ويفعله الآخرون، والسلوك الذي يتصرفون به، علاقة بك؛ فردود أفعال الناس وسلوكاتهم تتعلق بوجهات نظرهم وجروحهم وتجاربهم التي مرُّوا بها، وسواء كان الأشخاص يعاملونك على أنَّك شخصٌ رائع، أم يتصرفون كأنَّك أسوأ شخص في العالم، فمرةً أخرى يتعلق الأمر بهم وبكيفية رؤيتهم للعالم، وليس بك.

أنا بالتأكيد لا أقترح أن نتجاهل تماماً جميع التغذيات الراجعة والآراء التي نتلقاها من الآخرين؛ بل أقول ببساطة إنَّ نسبة كبيرة من الألم العاطفي وخيبات الأمل والحزن في حياتنا تأتي مباشرة من أخذنا للأمور على محمل شخصي.

ففي معظم الحالات، يكون من المفيد والصحي التخلي عن معتقدات وسلوكات الآخرين، واعتماد حدسك وحكمتك بوصفهما دليلاً لك، وهذا الأمر يتطلب كثيراً من التدريب.

يكمن الأمر الأساسي في تذكير نفسك بإبعاد المشاعر السلبية التي لا معنى لها من حولك، وعندما تشعر بأنَّ أحد الأشخاص يعاملك بسلبية، أبعد هذه السلبية قليلاً بفكرة مثل: "ما يحدث الآن لا يتعلق بي؛ بل يتعلق بالشخص الآخر".

وتذكَّر أنَّ جميع الأشخاص لديهم مشكلات عاطفية يتعاملون معها مثلك تماماً، وهذا الأمر يجعلهم أشخاصاً صعبي المراس، ووقحين، ويمنعهم عن التفكير في بعض الأحيان؛ فهم يبذلون قصارى جهدهم، وربما ليسوا مدركين لمشكلاتهم.

على أي حال، يمكنك أن تتعلم عدم تفسير سلوكاتهم على أنَّها هجمات شخصية، وبدلاً من ذلك، يمكنك أن تراها على أنَّها مواجهات غير شخصية، ويمكنك إما الرد عليها بصدرٍ رحب أو عدم الرد عليها على الإطلاق.

لكن مرةً أخرى، هذا الأمر لن يحدث من دون تدريب، فعدم أخذ الأمور على محمل شخصي عبارة عن مهارة يجب صقلها، ولمساعدتك على التدريب، أنصحك بوضع ما يأتي في حسبانك كلما وجدت نفسك تأخذ الأشياء بشكل شخصي:

  1. الهدوء هو قوة كبيرة؛ فالقدرة على عدم المبالغة في رد الفعل أو أخذ الأشياء على محمل شخصي تُبقي ذهنك صافياً وتبعث السلام في داخلك.
  2. نادراً ما يفعل الناس الأشياء بسببك؛ بل يفعلونها بسببهم حتى ولو بدا الأمر الذي قاموا به شخصياً.
  3. قد لا تكون قادراً على التحكم بكل الأشياء التي يقولها الناس ويفعلونها لك، لكن يمكنك التحكم بألا يقللوا من شأنك.
  4. يوجد قدر هائل من الحرية ستشعر به عندما تنفصل عن معتقدات وسلوكات الآخرين، والطريقة التي يعاملك بها الناس هي سلوكاتهم، أما رد فعلك فهو سلوكاتك أنت.
  5. في كثير من الأحيان يفعل الناس ويقولون أشياء معينة؛ وذلك لأنَّهم اعتادوا عليها، وليس لأنَّهم يريدون قولها أو فعلها.
  6. لا يمكنك التحكم بكيفية تلقِّي الناس لطاقتك، وأياً كان ما يفسره شخص ما، أو ما يتصوَّره عنك، فهو متعلقٌ بمشكلة يتعامل معها ولو تعلقاً جزئياً.
  7. تعامَل مع النقد البنَّاء معاملة جدية، لا معاملة شخصية؛ أي وازن بين ما تسمعه من الآخرين وبين ما تؤمن بأنَّه صحيح.
  8. إذا كنت ترغب في رؤية سلوك الآخرين على أنَّه دلالة على علاقتهم بأنفسهم، فإنَّك حتماً ستأخذ الأمور بشكل أقل شخصية.
  9. إذا كنت ترغب في تعزيز ثقتك بنفسك واحترامك لذاتك وتقديرك لها، فتوقف عن السماح للآخرين بأن يكونوا مسؤولين عنها، والسماح لهم بالسيطرة على عواطفك.
  10. كل الأشخاص ذوي الشخصيات الصعبة والباردة الذين قابلتهم في حياتك، كانوا لطيفين للغاية ذات يوم؛ فهذا ما تسببه الحياة؛ لذلك عندما يكون الناس فظين في التعامل، كن لطيفاً، ويقظاً، وقدِّم أفضل ما لديك، وامنحهم "الراحة" التي تأمل أن يمنحك العالم إياها في أيامك الصعبة ولن تندم أبداً على ذلك.

المصدر




مقالات مرتبطة