والحقيقة أن الأطفال طالما تعرضوا لشتى صنوف الإساءة على مدى الأزمان والأماكن المختلفة. وكان هذا الواقع وراء ظهور حركة مناهضة العنف ضد الأطفال أو الإساءة إليهم، وإلى ضرورة مراعاة خصوصيتهم كأطفال صغار، لهم حاجات تختلف عن حاجات الكبار، ولهم قدر من الطاقة والتحمل أقل مما هو لدى الكبار، والآثار الوخيمة التي تترتب على إهمال شأنهم أو إغفال الفروق بينهم وبين الكبار. بل إنها أصبحت زلة من الزلات تتناولها المعاجم والقواميس المتخصصة في علم النفس والطب النفسي، وكذلك أدلة التشخيص الطبي تحت اسم "أزمة الطفل المساء معاملته" Bettered – Child Syndrome
وإذا كانت مفاهيم "العنف ضد الأطفال" و "الإساءة إلى الطفل" و "الطفل المساء معاملته" وهي مفاهيم متكافئة وتشير إلى المعنى نفسه تقريبًا. قد استقرت في المجال، فإن أصحاب كل تخصص أو كل مجال فرعي يركَّزون على جانب معين من المفهوم حسب طبيعة التخصص والميدان النوعي الذي يُستخدم فهي المصطلح. فهناك المفهوم الشرعي للعنف ضد الأطفال، كما أن هناك المفهوم القانوني للعنف، وكذلك هناك المفهوم النفسي للعنف ضد الأطفال، ولا بأس أن نشير إشارة موجزة جدًا إلى كل منهم لتوضيح جوانب المفهوم المختلفة.
فالمفهوم الشرعي للإساءة أو العنف ضد الطفل ينطلق من حقوق الطفل وحرياته، فأي انتقاص من الحريات والحقوق التي كفلتها الشرائع السماوية للطفل، يعتبر إساءة إليه وعدوانًا موجهًا إليه، مثل حق الطفل الأصيل في الحياة والبقاء والنماء، وحقه في الانتساب إلى والديه وحقه في الحصول على اسم وجنسية، وحقه في الرعاية الصحية، وحقه في المعاملة الحانية، وحقه في اللعب والاستمتاع بطفولته وغيرها من الحقوق.
أما مفهوم الإساءة أو العنف ضد الطفل في المجال القانوني؛ فيشير إلى معنى التعسف أو سوء استخدام السلطة أو الحق. فالأب له ولاية وسلطة على ابنه؛ لأنه يرعاه ويعمل على تنشئته وتربيته حتى يصبح راشدًا مسئولاً عن نفسه، ثم عن غيره عندما يتزوج وينجب. والمعلم له سلطة على تلاميذه إذ يعلمهم، ورئيس العمل له سلطة على العاملين معه لأنه يدير العم ويشرف عليه ويكون مسئولاً عن إكماله وإتمامه على النحو الصحيح. ويفترض أن كل صاحب ولاية أو سلطة يباشر ولايته أو يتولى سلطته حسب القواعد التي يُنظمها القانون أو يتركها للعُرف والذي يعتمد في جزء كبير منه على الشرائع السماوية التي يدين بها المجتمع، وهذا يعني أن الوالد له ولايته وسلطته، وينبغي أن يمارس هذه الولاية وتلك السلطة حسب القواعد الاجتماعية والأخلاقية، أما إذا مارس سلطته وولايته خارج نطاق هذه القواعد، فإنه يكون في هذه الحالة مسيئًا سلطته أو متعسفًا في استخدامها، وبالتالي مُرتكبًا "العنف ضد الأطفال".
ومفهوم الإساءة أو العنف من الناحية الطبية كان وراء ه ما تعرض له الأطفال إبان الثورة الصناعية في أوروبا، حيث لقى الأطفال ومعهم النساء درجة عالية من الاستغلال الغشيم الذي لا يرحم، في ظل الرغبة المحمومة من رجال الصناعة لزيادة أرباحهم مما دعا عددًا من المفكرين والمصلحين للمطالبة بتصحيح أوضاع هؤلاء الأطفال وتحسين ظروف عملهم، حتى إنه ظهرت في بريطانيا في نهاية القرن التاسع عشر "الجمعية الملكية للرفق بالأطفال، وإن كانت قد أُنشئت بعد "الجمعية الملكية للرفق بالحيوان" ولكي نعرف حجم المعاناة التي لقيها الأطفال في عهد الثورة الصناعية، سنجد أن البرلمان الإنجليزي أجاز تشريعات عام 1802، بتحديد ساعات العمل اليومية للأطفال بـ 12 ساعة، وقد كانت 16 ساعة، ومنع تشغيل الأطفال قبل سن التاسعة، وقد كانت القسوة أو القهر هي السمة الغالبة في معاملة الآباء لأبنائهم، فهذا هو والد – كما أشارت بعض الصحف حينذاك – يعاقب ابنته البالغة من العمر 16 شهرًا بالحبس، لأنها لم تنادي أمها بـ "عزيزتي ماما" وضربها بالسوط، لان الطفلة ظلت على عنادها وعدم الاستجابة لأوامره، ومعاملة الأبناء القاسية هذه هي التي مهدت أن يكون النموذج الطبي هو النموذج المستخدم في دراسة مشكلة الإساءة إلى الأطفال ومواجهتها. وقد وصف أحد أطباء الأشعة في أربعينيات القرن العشرين – جملة أعراض يعاني منها بعض الأطفال تتمثل في كسور بعظام اليدين أو الرجلين أو نزيف في الأغشية المبطنة للمخ.
أما المفهوم النفسي للعنف أو الإساءة ضد الطفل، فهو يستند على النظريات السيكودينامية في علم النفس، وعلى رأسها وفي مقدمتها نظرية التحليل النفسي لـ "سيجموند فرويد" والنظرية المتعلقة بـ "جون بولي". وقد ظل النموذج الطبي هو النموذج السائد في مجال علم النفس، ولكن بعد ظهور النظريات السيكودينامية (فرويد، بولي) أصبح النموذج الطبي لا يصلح لفهم إساءة الوالد إلى ابنه. ومع ذلك فإن المفهوم النفسي للإساءة أو العنف ضد الطفل يختلط بالأبعاد الاجتماعية والثقافية إلى حد كبير، فما يُحسب كإساءة أو عنف ضد الطفل من الوالد إذا حدد في ثقافة معينة لا يحسب كذلك في ثقافة أخرى. فالوالد الذي يضرب ابنه في ثقافة معينة يعتبر نفسه مؤذيًا للطفل، وتقره الثقافة التي يعيش في ظلها على ذلك ويفهمه الطفل كذلك على هذا النحو، بينما قد يُعتبر هذا الوالد في ثقافة أخرى مسيئًا للطفل وعنيفًا معه، لأنه سبَّب له أذى جسميًا أو نفسيًا نتيجة العقاب البدني. وعليه يمكن أن نشير إلى المفهوم النفسي للعنف ضد الطفل، إلى أي فعل أو الامتناع عن فعل يعرض سلامة الطفل وصحته البدنية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والروحية، وعمليات نموه للخطر والاضطراب.
وبصفة عامة فإن أي تعريف لمفهوم العنف ضد الأطفال ينبغي أن يشمل كل وجهات النظر السابقة (الشرعية والقانونية والطبية والنفسية) حتى يساعدن على وضع السياسات الصحية واتخاذ القرارات الصائبة لمواجهة المشكلة على أن يشمل الجهد المبذول في مواجهة المشكلة الشق التوعوي والشق التشخيصي وكذلك الشق العلاجي أو التأهيلي. وعلينا أن نتذكر دائمًا أن المشكلة كثيرًا ما تتحد في الحد الفاصل والدقيق بين السلوك الذي يدخل في باب حق التأديب الذي يمنح للآباء والمربيين والمشرفين القائمين على تربية الطفل من ناحية، والسلوك الذي يعتبر عنفًا أو إهانة أو إساءة للطفل من الناحية الأخرى.
ثانيًا: صور العنف ضد الأطفال وأشكاله:
يتناول الباحثون العنف ضد الأطفال من خلال صور وأشكال معينة، استقر عليها التراث البحثي، بعد أن يتم تصنيف السلوكيات التي تعتبر عنفًا أو إساءة إلى الأطفال. وهذه الصور هي:
- صورة العنف أو الإساءة الجسمية.
- صورة العنف أو الإساءة الجنسية.
- صورة العنف أو الإساءة الانفعالية.
- الإساءة المتمثلة في الإهمال.
- الإساءة المتمثلة في دفع الأطفال الصغار إلى سوق العمل.
وفيما يلي سنشير باختصار أيضًا إلى كُلًّ من هذه الصور والأشكال:
1- العنف الجسمي:
أما عن العنف أو الإساءة الجسمية، فتعرف بأنها أي فعل يتم عن عمد، يسبب أو يؤدي إلى خطر كبير يتمثل في إحداث تشوه أو إضعاف للأداء الوظيفي الجسمي أو إصابة جسيمة خطيرة أخرى للطفل، كما عُرف العنف الجسمي أيضًا بأنه ضرر مقصود نجم عن أفعال شخص راشد، وتتصف أفعال هذا الشخص بالعنف البدني والعقاب المفرط والذي يحدث على فترات وبصورة نمطية، وهو أيضًا إحداث الأذى أو الإصابة الجسمية من خلال المعاملة القاسية أو غير الإنسانية.
يمكن أن يتمثل العنف الجسمي طرف المتصل الذي يبدأ من التوجيه اللفظي وينتهي بالعنف الجسمي الذي يؤدي إلى إصابة وهو المتصل التأديبي الذي يتبعه الآباء بصفة أساسية والمعلمون بصفة أقل من الآباء في تعليم الأطفال وضبط سلوكهم، ويشمل هذا المتصل الصفعات واللكمات والركلات ويزيد اللسع أو الكي بالنار وإحداث الكدمات والتي قد ينتج عنها كسير في العظام.
وأيًا كان القائم بالضعف الجسمي ضد الطفل، فإن هذا العنف يجعل الطفل المستهدف يشعر بالتهديد والانزعاج، وكلما كان الطفل أصغر سنًا كان أكثر عجزًا، وبالتالي زادت درجة الخوف والقلق التي يعاني منها. وهذا يعني أن الضعف الجسمي ليس مجرد إيذاء للجسم ولكنه اعتداء على سلامة الطفل النفسية أيضًا.
وقد تضمنت الدراسات المسحية التي أجريت على العنف الجسمي ضد الأطفال إن العنف الجسمي كان من أوائل معايير محطات العنف أو الإساءة إلى الطفل وأوردت هذه الدراسات أن الكثير من الأطفال الصغار الذين يأتون إلى المستشفيات بإصابات جسمية، بما في ذلك الكسور في العظام، لم يكونوا قد تعرضوا لحوادث مؤسفة، بل كانوا ضحايا إساءات يرتكبها الآباء، وبعضها متعمد. وكان التشخيص الشائع حينذاك هو إصابة ناتجة عن حادثة.
Тһт – Accidental Injury ومن ذلك الحين شاع استخدام عبارة أو تشخيص زمن الطفل المساء معاملته التي سبق الإشارة إليها. وتوضح الإحصاءات أن حوالي نصف معدل الوقائع الناجمة عن إساءة معاملة الأطفال تنتج عن الإساءة الجسمية وقد تحدث الوفاة نتيجة لفعل شديد العنف أو نتيجة تراكم اعتداءات وضرب منتظم. كما أن إصابات الرأس من الأسباب الرئيسية للوفاة وكثيرًا ما يغيرها ولي الأمر بأن الطفل قد سقط من على الأريكة أو من على السلالم أو من سريره. ولا تندهش إذا وجدنا أن الأطفال الأكثر احتمالاً لأن يتعرضوا للوفاة بعد هذه الاعتداءات هم الأطفال الصغار في السن، وبخاصة من هم دون الخامسة، بل إن من بين من يموتون بهذا الشكل، نجد حوالي ثلث العدد من الأطفال الرضع الذين لم يكملوا عامهم الأول بعد.
2- العنف الجنسي:
تقابل الدراسات التي تدور حول العنف الجنسي مشكلتين: الأولى هي أن الأرقام التي تظهر في الإحصاءات لا تثمل الأرقام الحقيقية، فالعنف ذو الطابع الجنسي يحدث ولكن ما يتم الإبلاغ عنه – ويظهر في الإحصاءات – نسبة قليلة مما يحدث في الواقع، حيث تكون هناك رغبة في التكتم حماية لسمعة الطفل المعتدى عليه ولأسرته وأحيانًا ما تمتد الحماية أيضًا لتشمل المعتدي كذلك؛ خاصة إذا كان من أفراد الأسرة أما المشكلة فهي تحدد معايير العنف الجنسي، وما يجب من التصرفات كعنف جنسي وما لا يجب كذلك. وبداية يمكن تحديد العنف الجنسي ضد الطفل على أنه أي نشاط جنسي يتم بين شخص كبير وطفل صغير أو بين طفل كبير وطفل صغير. كما أن الإصابات في منطقة الأعضاء الجنسية ومنطقة الصدر أو منطقة الشرج كثيرًا ما تنجم عن العنف الجنسي.
والتعريف المعجمي للإساءة الجنسية Sexual Abuse أو الاعتداء Child Molestation على الطفل؛ أنه صورة من صور الإساءة إلى الطفل تتميز بالنشاط الجنسي. وهذه الصورة قد تأخذ شكل الإغراء الجنسي على المحارم. Incest وفيها يقوم أحد أفراد الأسرة من الكبار بالاعتداء على أحد الأطفال من الأسرة. وهناك الاغتصاب Rape، وهناك المعابثة الجنسية Folding وصور السلوك الشهوي الأخرى التي يمكن أن تمارس بين شخص بالغ وأخر ينحصر عمره بين سنتين إلى المراهقة. وعنصر الإكراه أو القهر عنصر أساسي في الإساءة أو العنف الجنسي، ولكن في أحيان أخرى يستخدم المعتدي الأفراد أو الاستدراج والتغرير؛ خاصة في حالة الأطفال الصغار الذين لا يميزون ولا يعرفون طبيعة النشاط الذي يشارك فيه.
والإناث في معظم الدراسات المسحية أكثر عُرضة من الذكور تعرضًا للإساءة الجنسية من جانب أحد الذكور، وفي حالات غير قليلة، يكون هذا الذكر فردًا من أفراد الأسرة أو من الأقارب أو من المعارف والأصدقاء للأسرة، وزوج الأم إذا كان سكيرًا فإنه يكون مرشحًا بقوة للقيام بدور المعتدي على بنت زوجته في كثير من الحالات، بل قد يكون الوالد الحقيقي (البيولوجي) نفسه هو الذي يقوم بالإساءة.
3- العنف أو الإساءة الانفعالية:
والإساءة الانفعالية هي لب الإساءات والاعتداءات جميعًا وأساسها، من حيث أن كل إساءة تتضمن إساءة انفعالية وجرح لشعور المساء إليه وإهانته والحط من شأنه إن لم يكن تكديره وتعذيبه. والإساءة الانفعالية هي إنكار وحجب كل ما يزود الطفل بالإحساس بأنه موضع الحب والتقبل والقيمة. وتزويده بكل ما يناقض ذلك، حيث تُشعره الإهانة بالكراهية والرفض وقلة القيمة.
ويشعر الطفل من جراء المعاملة المسيئة انفعاليًا بأنه مرفوض من والديه وغير مرغوب فيه. وقد يستشعر الطفل أساليب والديه في تربيته وتنشئته عبر الرفض كأن يشعر بأن والديه بميزان أخوته الآخرين عليه، أو أنه دونهم جميعًا يعامل بقسوة وجفاء، أو أنه مصدر التنفيس لوالديه عندما يكونان غاضبين وهو ما يُعرف بحالة كبش الفداء. كما أنه يكون دائمًا عُرضه للأساليب التي من شأنها أن تثير الألم النفسي عند الطفل ضد اللوم والتقريع والتأنيب والتوبيخ والتهكم والسخرية والمقارنة بين الطفل والآخرين عندما تكون المقارنة غير صالحة. كما أن الطفل في هذا اللون من العنف أو الإساءة، لا يحصل على المديح أو التقدير من والديه، مهما تطابق سلوكه مع المعايير الوالدية، أو مهما أطاع والديه مما يرسخ لديه الشعور بأنه طفل مكروه وغير مرغوب فيه.
الإساءة المتمثلة في الإهمال:
الإساءة المتمثلة في الإهمال تُمثل الجانب السلبي من الإساءة أو من العنف، فالطفل في هذه الصورة لا يُوجه إليه شيء يكرهه وإنما هو يحرم من شيء يحبه أو يكون مهمًا وحيويًا لنموه الجسمي والانفعالي والاجتماعي على نحو سوي. وهذا الفهم لإساءة الإهمال يتسق مع المفهوم النفسي للإساءة أو العنف السابق الإشارة إليه من أن استبعاد أي فصل أو الامتناع عن فعل من شأنه أن يُعرَّض سلامة الطفل وضحته البدنية والعقلية والانفعالية والاجتماعية والروحية وعمليات نموه، للخطر والاضطراب.
وهذه الصورة من الإساءة أو العنف (الإهمال) يسهل تشخيصها وتبينها في المجتمعات المتقدمة وفي الشرائع العليا في المجتمعات الأخرى، لأنه في مجتمعات العالم الثالث يكون معظم الآباء منهمكين في طلب أسباب العيش عند الحدود الدنيا من المطالب، ولا يكونون منتبهين في هذه الحال إلى حاجات الأطفال الجسمية والنفسية ويساعد على ذلك أن مستوى تعلميهم أو مستوى الوعي التربوي عندهم، لا يمكنهم من تبين هذه الحاجات وأهمية إشباعها لأبنائهم، وأهم مظاهر إساءة الإهمال، والحرمان العاطفي والحرمان من التعليم ونقص التغذية اللازمة لبناء الجسم بناءً سليمًا.
ونقص الرعاية الصحية والطبية ويذكر دائمًا خمسة أنواع من صور الإهمال وهي:
- الإهمال الطبي.
- إهمال الأمن والأمان.
- إهمال التعليم.
- الإهمال الجسمي.
- الإهمال الوجداني.
5- الإهمال أو العنف المتضمن في عمالة الأطفال:
وهذه الصورة من الإساءة لا يضمنها كل العلماء كأحد صور الإساءة والعنف التي يتعرض لها الأطفال، ولكن حجم العنف الذي يصادفه الطفل عندما يدفع إلى سوق العمل وهو ما زال طفلاً صغيرًا، يجعلنا نسلك هذا السلوك من جانب الأسرة في باب الإساءة والعنف ضد الطفل، لن مقدار الأذى أو الضرر الذي يتعرض له الطفل الصغير إذا ما دفع إلى العمل بملابساته الشاقة والقاسية بما لا يتناسب مع طفولته الغضة يكون كبيرًا ولا يقل عما يحدث في أنواع الإساءات أو العنف الأخرى.
ومما لا شك فهي أننا عندما نتحدث عن العنف المتضمن في دفع الطفل إلى سوق العمل وهو يعد طفلاً صغيرًا، لا يفوتنا أن عمل الأطفال في حالات كثيرة لا يتضمن الإهانة أو الإساءة أو العنف مثل عمل الطفل في الريف مع والده أو مع أقاربه أو جيرانه أو حتى عند الآخرين. ومثل الاستعانة بالأطفال في بعض الأعمال المؤسسية مثل موسم مقاومة الآفات الزراعية. ولكننا نقصد بالعمل المسيء للطفل ذلك العمل الذي يحدده اليونيسيف بأنه العمل الاستغلالي أو المحفوف بالمخاطر والذي يؤثر سلبًا على صحة الطفل البدنية والنفسية والاجتماعية أو الذي يحرمه من التعليم وغيره من الخدمات الإنسانية.
ولا شك أن هذه الصورة الأخيرة من عمالة الأطفال والتي يُحددها اليونيسيف، أصبحت قائمة الآن في معظم المجتمعات العربية. فمع اتجاه كثير من مجتمعاتنا إلى التصنيع، وحاجة هذه المصانع إلى الأيدي العاملة لتقوم بالأعمال غير الدقيقة وغير الفنية، ويحدث هذا بصفة خاصة في المصانع الصغيرة والتي يملكها النظام الاقتصادي الخاص.
وربما كان وراء تشغيل الأطفال، وهم بعد في سن صغيرة، رغبة أصحاب الأعمال في تشغيل الصغار وذلك لقلة أجورهم، ولأنهم عناصر مطيعة في أداء ما يُطلب منهم. ولكن مما لا شك فيه أن الطفل الذي يدفع إلى مجال العمل وهو بعد صغير، قد يتعرض إلى إهانات جسمية وانفعالية – وقد تكون جنسية أيضًا – مما يجعله منطويًا في أوقات فراغه وشاعرًا بالاضطهاد.
ثالثًا: الإرشاد الأسري ومواجهة العنف ضد الأطفال:
الإرشاد الأسري: تطوره ومنطلقاته:
الإرشاد النفسي أحد قنوات الخدمة النفسية، التي تُقدم للأفراد أو الجماعات بهدف التغلب على بعض الصعوبات التي تعترض سبيل الفرد أو الجماعة وتفوق توافقهم وإنتاجيتهم. وفي معظم الحالات توجه خدمات الإرشاد النفسي إلى الأفراد والجماعات الذين ما زالوا قائمين في المجال غير السوي ولكنهم مع ذلك يواجهون مشكلات لها صبغة انفعالية حادة، أو تتصف بدرجة من التعقيد والشدة عند مواجهة هذه المشكلات بدون عون أو مساعدة من الخارج، مثلما يحدث للأطفال الذين يتعرضون للعنف والإساءة.
ولأن العملية الإرشادية تقوم على زيادة استبعاد الفرد، فإنها تؤكد بذلك عملية التعليم من حيث اهتمامها بتعديل أفكار الأفراد ومشاعرهم وسلوكهم نحو ذواتهم ونحو الآخرين ونحو العالم الذي يعيشون فيه. ومن هنا نقول إن الفرد الذي يُمد بخبرة إرشاد نفسي ناجحة؛ يمر بخبرة نمو وارتقا نفسي في الوقت ذاته.
وقد نشأ الإرشاد النفسي في أحضان حركة التوجيه المهني والتربية المهنية، وعلى الأصح فقد نشأن من التقاء هذه الحركة مع تيارات وحركات أخرى متمثلة في العلاج النفسي والخدمة النفسية. ولقد كان للحرب العالمية الأولى (1914 – 1918). وكذلك الحرب العالمية الثانية (1939 – 1945) وما حدث بينهما من أزمات اقتصادية وتدخل حكومي، تأثير هائل في تطور الخدمات النفسية وعلى رأسها الإرشاد النفسي، خاصة في مجال المواد والأدوات وكيفية استخدامها.
وقد تأسس الإرشاد النفسي وتأثرت مكانته ووظيفته كخدمة نفسية بظهور علماء أمثال "كارل روجرز" صاحب توجه الإرشاد النفسي غير المباشر الذي يتسق مع التوجهات الديمقراطية، ويعطي العميل الحرية كما يحمله المسئولية، وتنحصر مهمة الإرشاد في مساعدة العميل على الاستشعار بذاته ومشاعره وأفكاره، والعمل على إتاحة أكبر عدد ممكن من البدائل يختار من بينها العملين وعلى مسئوليته، ما يناسبه ويقتنع به.
وشيئًا فشيئًا اكتشف المعالجون والمرشدون على السواء في ممارستهم أن الأسرة عنصر أساسي في كل المشكلات السلوكية والاضطرابات النفسية، حتى في المشكلات والاضطرابات التي يكون لها أساس عضوي واضح، وكذلك فإنه فيما يتعلق بالأطفال المعوقين، فإن استجابة الأسرة للإعاقة ومدى تقبلها يكون له تأثير كبير جدًا على الطفل المعوق يفوق التأثير السلبي الذي تحدثه الإعاقة. وبالتالي فلم يجد المعالجون والمرشدون بُدًا من التفاعل مع الأسرة على نحو أكثر كثافة وعمقًا من حيث التشخيص وفهم الاضطراب ومن حيث رسم خطة العلاج أو الإرشاد.
والحقيقة أن تعامل المعالجين والمرشدين مع الأسرة مر بثلاث مراحل مميزة. كانت الأسرة في المرحلة الأولى مصدرًا للمعلومات؛ حيث يسأل المعالج أو المرشد الأم أو الأب عن بعض المعلومات عن الطفل، ومتى فُطم ومتى تم ضبط عملية التبول والتبرز، وما كانت ردود فعله أثناء تعليمه هذه العادات وأسلوب تنشئته بصفة عامة. والمرحلة الثانية عوملت الأسرة كأحد العوامل المهمة والمؤثرة في نمو واضطراب الطفل، والمرحلة الثالثة والأخيرة، هي الإرشاد والعلاج النفسي الأسري، وأصبح ينظر إلى الأسرة باعتبارها الكيان المستهدف للإرشاد والعلاج وليس الطفل أو أي فرد في الأسرة. فالطفل هو ضحية الأسرة ومن يحتاج إلى المعالجات والإرشاد هو الأسرة وليس الطفل، أو أن يتم إرشاد علاج الطفل على الأقل في إطار إرشاد وعلاج الأسرة. وأي جهد علاجي أو إرشادي يبذل مع الطفل بعيدًا عن الأسرة لا طائل من ورائه ولا فائدة حقيقية تُرجى منه، مما سنوضحه بشكل أكبر في الفقرة التالية:
لماذا كان الإرشاد الأسري أنسب الأساليب لمواجهة العنف ضد الطفل:
2-1 قيمة الإرشاد الأسري وإمكانياته:
ينطلق الإرشاد الأسري من حقيقة يُسلَّم بها المرشدون النفسيون، وهي أن الأسرة هي الوحدة التي تحتاج إلى الخدمة النفسية، وليس أحد أعضائها فقط، وأن مرض العضو الذي حددته الأسرة كمريض أو كمضطرب، ليس إلا أحد أعراض ضعف الأسرة واختلال أداء الوظائف فيها، والعضو الذي أفصحت الأسرة من خلاله عن اضطرابها عادة ما يكون أضعف الحلقات فيها.
لقد وضح جليًا أمام المنظرين والممارسين على السواء في مجال العلاج النفسي والإرشاد النفسي، أن الأسرة ليست عاملاً مهمًا فقط في نشأة الاضطراب والمرض عند أي فرد من أفراد الأسرة، ولكنها عامل حاكم وأكثر مما كان يظن. ورغم أن العوامل الوراثية كلها تتم في أحضان الأسرة، فإننا عندما نتحدث عن الأسرة كعامل بيئي، حتى في الإطار (البيئي) عامل بيئي مهم، بل أهم العوامل فيما يتعلق بالجوانب الوجدانية والاجتماعية والخلقية
وبدأت الأسرة تُعتبر كعامل حاكم في نشأة المرض ونموه، مع نهاية العقد الثالث من القرن العشرين، وربما كان المقال الذي نشره "ناثان أكرمان" عام 1937 بعنوان "الأسرة كوحدة اجتماعية انفعالية" هي البداية الأولى لعلاج الأسرة وإرشادها ومن أجل ذلك يعتبر المؤرخون لحركة الإرشاد الأسري وعلاج الأسرة "أكرمان" الجد الأول لهذه الحركة.
وتأكد للرواد من المعالجين والمرشدين النفسيين أنه من الصعب انتزاع الفرد المسترشد من سياقه الأسري، وإرشاده بعيدًا عن أسرته، وعودته مرة أخرى إلى الأسرة التي كانت أحد العوامل الأساسية الفاعلة في انحرافه واضطرابه دون أن يحدث فيها أي تغيير.
فالمنطق يحكم في هذه الحالة، أنه إذا كانت الأسرة ضالعة في نشأة اضطراب الفرد؛ فإنه لا ينبغي حتى الإرشاد والعلاج، بل يجب أن تكون حاضرة ومشاركه حتى يحدث في بنائها وفي أساليب تفاعلها التغيير المطلوب في الاتجاه السوي لتواكب وتُعزز التحسن الذي يفترض أن يحدث عند عضو الأسرة.
وقد كان التحول في حركة الإرشاد والعلاج النفسي بصفة عامة نحو الأسرة استجابة لأوجه القصور التي اكتشفت في التوجهات العلاجية والإرشادية الأخرى. وقد كتب مدير مؤسسة العلاج العقلاني الانفعالي في فرجينيا بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو أحد مؤرخي الإرشاد والعلاج النفسي "أنه خلال الستينيات والسبعينيات – من القرن العشرين – كانت المداخل العلاجية النفسية التقليدية تواجه بسيل عنيف من الانتقادات المريرة من المنظرين والممارسين على السواء، لأنهم تركوا العلاج النفسي في حالة كاملة من الخلط ويؤكد هذه الشهادات مؤرخ آخر وهو من يرعى علاج الأسرة في واشنطن عندما يقول أن التغييرات السريعة تجعل الأسرة تبحث عن النصح والتوجيه عند ذوي الخبرة. وينبه إلى أن هذه التغيرات المتلاحقة تؤثر على الأسرة وبالتالي على أفرادها. وهذا ما ينبغي أن يضعه المعالجون والمرشدون في اعتبارهم إذا كان لهم أن ينجحوا في علاج مسترشديهم ومرضاهم.
2-ب- قيمة الإرشاد الأسري لمواجهة مشكلة العنف ضد الأطفال بصفة خاصة:
إن أهمية الإرشاد الأسري دون غيره من التوجهات الإرشادية الأخرى تقوم على حقيقة بسيطة، وهي أن الأسرة في معظم الحالات هي مصدر العنف والإساءة ضد الطفل، فالعنف الجسمي في الغالبية العظمى منه مصدره الآباء، وقليل منه مصدره المعلمون عندما يلتحق الطفل بالمدرسة، وإن كانت التشريعات والتوجهات الحديثة لوزارة التربية تمنع ضرب التلاميذ في المدارس أيًا كانت الأسباب، أما الآباء فهم مستمرون في عنفهم ضد أبنائهم وبعضهم لا يعرف الحدود بين التأديب والعنف وبين التربية والتنشئة، وتعليم النظام أو بين الإهانة والإيذاء والإساءة، وبالتالي فهم باسم التربية ينتهكون حرية الطفل ويؤذون مشاعره ويحطون من قدره وكرامته.
وكذلك فالعنف المتمثل في الإهانة أو العنف الانفعالي والذي يتألف من الدرجات العالية من اللوم والتقريع والتأنيب والسخرية والتهكم والمقارنة بين الطفل وغيره، عندما تكون المقارنة في غير صالحه، وغيرها من الأساليب التي من شأنها أن تسبب الألم النفسي وتثير الإثم والذنب. وهذه الممارسات لا تقوم بها الأسرة، خاصة الأم التي لا تلجأ إلى العقاب البدني الذي يلجأ إليه الوالد بشكل أكبر – ولكن تلجأ إلى أساليب الإيذاء الانفعالي.
وما يقال عن الإساءتين السابقتين يقال عن الإساءة أو العنف الجنسي، فكثيرًا ما يكون المعتدي من داخل الأسرة، وإن كانت هذه الإساءة لا تظهر في الإحصاءات بحجمها الطبيعي، وهو أمر مفهوم، لأن الأسرة تتجنب الفضيحة للطفل المعتدى عليه وللشخص المعتدي ما دام من أفراد الأسرة. ولكن آثار هذا العدوان على الطفل وخيمة إلى أقصى الحدود.
أما إساءة الإهمال أو العنف السلبي، فكثيرًا ما يرتكبه الآباء غافلين أحيانًا عن خطورة هذا الأسلوب ومجبرين أو مضطرين أحيانًا أخرى بحكم انشغالهم في تدبير أمور حياتهم المعيشية بجاب نقص الوعي التربوي أيضًا، والإهمال يكاد يكون، هو الأسلوب الشائع عند الطبقات الدنيا بحكم نقص الوعي التربوي، وهو يشيع أيضًا بين كثير من أسر الطبقة الوسطى بسبب ما ذكرناه من انشغال الآباء في العمل للوفاء بمتطلبات الحياة واحتياجاتها.
أما فيما يتعلق بالعنف المتمثل في دفع الطفل إلى سوق العمل وهو بعد طفل لا يتحمل مثل هذه المواقف الخشنة والقاسية التي يتضمنها سوق العمل؛ فإن الأسرة هي التي تدفع الطفل إلى هذا الجحيم وتحرمه من التعليم لتدفع به إلى هذا المصير وهي التي تسرق طفولته وتُحَمله ما لا يطيق من ضغوط ومؤثرات.
ونحن نعرض هنا ما يتعرض له الطفل بسبب الأسرة من عنف وإساءة، بصرف النظر عن ظروف الأسرة الاقتصادية، واختيارها أن يكون حل مشكلتها الاقتصادية على حساب أطفالها، فالآثار السلبية تحدث للطفل أيًا كانت دوافع الأسرة في سلوكها.
وهكذا يظهر أن الأسرة هي مصدر العنف والعدوان الأول على الطفل، وبالتالي فإن انسب الأساليب والتوجهات الإرشادية هي التوجهات التي تُضمن الأسرة عمليات الإرشاد، وترى أن الإرشاد لا ينجح إلا إذا طال التعبير الأسرة في رؤيتها للأمور، وفي أساليب تنشئة أطفالها وفي تبني وجهات نظر جديدة تتمثل في ضرورة احترام شخصية الطفل والحفاظ على كرامته والعمل على أن يحسن تقدير ذاته، وأن تُصان طفولته ليكون سبيلاً طبيعيًا لشخصية راشدة ناضجة تتحمل مسئولياتها الشخصية وتشارك في تحمل المسئوليات الاجتماعية عن رضا واقتناع وفهم، وليكن راشدًا سعيدًا في مجتمع متماسك.
3- بعض توجهات الإرشاد الأسري في مواجهة العنف ضد الأطفال:
إذا كانت الأسرة هي العامل الأساسي وراء أي اضطراب أو خطر يتعرض له الطفل، فإنه من الطبيعي أن يكون الجهد الإرشادي الأساسي يُوجَّه نحو الأسرة والوالدين والأخوة الأكبر بصفة خاصة، وهذا لا يعني أن كل الجهد الإرشادي سَيُوجَّه إلى الأسر بصفه عامة، ويهمل الطفل المعتدى عليه، بل أن يوجه إليه بعض الجهد "لترميم الشروخات" و "لتضميد الجراح" التي أصابته نتيجة العنف الذي مُورس ضده.
3/1 الإرشاد الأسري مع الوالدين والأسرة:
وكون الجهد الإرشادي الأساسي يوجَّه إلى الوالدين فهذا أمر طبيعي، لأن الوالد الذي لا يرى الحد بين التأديب والضرب المفضي إلى إصابة، متجاهلاً ومتخطيًا بذلك مشاعر الأبوة وقيم الإحسان إلى الصغير والضعيف، خاصة إذا كان هذا الضعف هو ابنه، هذا الوالد بلا شك لديه حاجات منحرفة أو لديه نموذج داخلي يتضمن أن هذه التربية القاسية أو الخشنة هي التربية النموذجية التي من شأنها أن تخلق رجلاً. وأغلب الظن أن هذا الوالد قد تعرض في طفولته إلى مثل هذه المعاملة، وهو يكررها بفعل النموذج الداخلي الموجه للسلوك.
كذلك فإن الأم زائدة التأنيب لأطفالها واللوامة لهم دائمًا والمهينة لهم في معظم المواقف، لأنها تعتمد هذا الأسلوب في تنشئتها لهم، فإنها غالبًا ما تفعل ذلك استجابة لنموذج داخلي لديها خبرته في طفولتها، وتأكد مما رأته في بيئتها ووسطها الذي تعيش فيه.
ومما لا شك فيه أن الطفل الذي سيتعرض لاعتداء جنسي من أحد أقربائه من العائلة – وإن كانت هذه الحالات قليلة في مجتمعنا – فإن هذا القريب لديه حاجات منحرفة، خاصة إذا كان متزوجًا، مما يشير إلى اضطراب العلاقات داخل النمط الأسري، خاصة بينه وبين زوجته وفي علاقتهما الخاصة على وجه التحديد. وهكذا يتضح لنا أن العنف ضد الطفل والذي يوجه إليه في معظم الحالات من الأسرة، لا بد أن يواجه من خلال مواجهة الأسرة نفسها فالأسرة هي الطرف الجاني أو على الأصح هي الطرف المنحرف وما العنف ضد الطفل إلا نتيجة لانحراف الأسرة وعرض من أعراض اضطرابها وخلل أداء الوظائف فيها.
وعلى هذا فإن الإرشاد الأسري يُركَّز على دراسة شخصيات الآباء وطريقتهم في إشباع حاجاتهم والظروف التي اكتنفت تكوين عاداتهم السلوكية،ويعمل على تعديل هذا السلوك بإضعافه وإحلال عادات سلوكية مكانه، ويستفيد من ذلك بمختلف الاستراتيجيات المعرفية والسلوكية، وعلى رأسها تغيير قناعات الوالدين وتصحيح مفاهيمها الخاطئة في التربية، وإذا ما اقتنعنا بخطأ أفكارهما تتعدل أساليبهما السلوكية في تنشئة أبنائهما في الاتجاه الصحيح، كما يذهب إلى ذلك أصحاب الإرشاد العقلاني – الانفعالي.
- وينبغي أن ينصب تصحيح الأفكار والمفاهيم الخاطئة وتعديل السلوك بالدرجة الأولى على بيان:
الأساليب الصحيحة – تربويًا ونفسيًا – في تنشئة الطفل. - حاجات الطفل النفسية، خاصة الحاجات الوجدانية والانفعالية والاجتماعية والحركية.
- حاجات الأطفال لا تنحصر في الغذاء والكساء.
- معرفة الأساليب الخاطئة في التنشئة ومحاولة تجنبها.
- زيادة التواصل اللفظي يبين الزوجين وبين أفراد الأسرة، مما يصحح كثيرًا من العلاقات الخاطئة، والتفاعل غير السوي بين الوالدين بعضهما وعلاقاتهما مع بقية أفراد الأسرة.
- قيمة مساعدة الطفل على أن يبني مفهوم ذات إيجابي.
- أهمية الحفاظ على كرامة الطفل واحترامه لذاته.
3/2 الإرشاد الأسري للطفل المستهدف للعنف:
- هذا على الجبهة الأساسية وهي جبهة الأسرة والولدين. أما جبهة الطفل المعتدى عليه والذي مورس ضده صورة من صور العنف فإن الإرشاد يوليه رعاية خاصة حتى يعوضه عن الآثار السلبية التي نتجت عن الخبرات السيئة التي مر بها، ومن أهم ما يقوم الإرشاد الأسري للطفل في هذه الحالة.
- علاج الاحتضان Holding therapy، وهو علاج طَّوره بعض المرشدين ليستشعر الطفل الأمان الذي طالما افتقده، ويقوم هذا العلاج حسب نظام معين يتوقف على سن الطفل ونوع العنف الذي تعرض له.
- توفير مواقف إثارة ذهنية مناسبة للطفل حتى نُعوَّض الطفل عن اقتصاد القيمة الذهنية المبكرة للقدرات العنيفة في إطار العلاقات الآمنة بين الطفل ووالديه.
- العلاج والإرشاد النفسي الارتقائي الشفائي يهدف إلى أن يجعل الطفل يعيش مع والده الخبرة السابقة نفسها، والتي كانت صارمة ولكنها الآن تتم في إطار مختلف تمامًا بعد تعديل اتجاهات الوالد، وترميم خبرة الطفل الوجدانية؛ حيث يمثل الوالد هنا قاعدة للأمن والأمان بعد أن كان مصدرًا للخوف والتهديد.
- احتواء وتفعيل السلوكيات الانفجارية، والتعرف بدلاً من ذلك على العواطف والتعبير عنها لفظيًا.
- تيسير وصف الصدمات السابقة والأحاسيس المرتبطة بها بما في ذلك الخوف والغضب والحزن والهلع، حتى تذهب حساسيتها.
- يهدف هذا الإرشاد في النهاية إلى خلق تجربة عاطفية تصحيحية تقارب تلك التي كان من المفترض أن تحدث خلال السنوات الأولى من عمر الطفل،
- وينبغي التركيز في عملية الإرشاد الأسري – في هذه الحالات – على تقدم التعلُق الآمن وغير المسيء، لأنه الأسلوب الذي يساعد على البدء في تفعيل سلوكيات تعليقية أكثر ثباتًا وأمانًا.
المصدر: كنانة أون لاين
أضف تعليقاً