اكتُشِفَ لقاح الجدري في عام 1758م بيد أنَّ المرض تابع تفشيه بين الناس وإزهاق أرواحهم على نطاقٍ واسع خلال 200 عام تَلَتْ هذا التاريخ. وقد اتبعت منظمة الصحة العالمية معايير صارمة في نشر اللقاح من أجل الحد من تفشي المرض فكانت آخر حالة إصابة طبيعية به في الصومال عام 1977. وفي عام 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية القضاء تماماً على مرض الجدري، على الرغم من أنَّ الحكومات ووكالات الصحة لا زالت تخفي بعض فيروسات الجدري لاستخدامها في أغراض البحث.
لم يَعُد الناس يُعطَوْن لقاح الجدري بشكلٍ دوري إذ من الممكن أن يكون للقاح الجدري آثار جانبية مميتة لذلك لا يُعطى اللقاح إلى الأشخاص المعرضين بشدة للإصابة بالمرض.
ما أعراض الجدري؟
تُظهر المعلومات التاريخية أنَّه عند إصابة شخص ما بجرثومة الجدري فإنَّ الأعراض لا تظهر عليه إلَّا بعد 7-17 يوماً، لكن بعد نهاية فترة الحضانة (أو مرحلة نمو الجرثومة) تظهر عليه هذه الأعراض التي تشبه أعراض الإنفلونزا:
- ارتفاع درجة الحرارة.
- الارتعاش.
- ألم في الرأس.
- ألم حاد في الظهر.
- ألم في البطن.
- التقيُّؤ.
تختفي هذه الأعراض خلال يومين أو ثلاثة أيام يشعر فيها المريض بالتحسن، لكن في الوقت الذي يشعر فيه المريض بالتحسُّن يُصاب بطفحٍ جلدي حيث يبدأ من الوجه ثم يمتد إلى اليدين، والذراعين، والأجزاء الرئيسية في الجسم، ويظل الشخص مُعْدِيَاً جدَّاً إلى أن يختفي الطفح.
بعد يومين من اختفائه يتحول الطفح إلى خُرَّاج مملوء بمادة سائلة وصديد قبل أن ينفقئ الخراج ويتحول إلى ما يشبه الخثرة. تسقط هذه الخثرات في النهاية تاركةً حفراً مكانها، ويبقى احتمال نقل المريض للعدوى قائماً حتى تسقط الخثرات.
أنواع الجدري:
ثمَّة نوعين معروفين ونوعين نادرين من الجدري، النوعين المعروفين اسمهما "الجدري الصغير" (variola minor) و"الجدري الكبير" (variola major). "الجدري الصغير" كان نوعاً من الجدري أقل فتكاً من باقي الأنواع، وتُقدِّر مؤسسة "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" أنَّ نسبة الأشخاص الذين كانوا يُتوفَّون بعد الإصابة بهذا النوع من الجدري لم تتعدَّ 1%، بيد أنَّ هذا النوع كان أقل انتشاراً من "الجدري الكبير".
في المقابل تُقدِّر مؤسسة "مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها" أنَّ 90% من الأشخاص الذين كانوا يصابون بالجدري كانوا يصابون بـ "الجدري الكبير" وأنَّ 30% من هؤلاء كانوا يُتوفَّون.
أمَّا النوعان النادران من الجدري يُعرفان باسم "الجدري النزفي" (hemorrhagic) و"الجدري الخبيث" (malignant) وكلاهما شكلان نادران من الجدري يؤديان إلى معدلات وفيات عالية.
يؤدي "الجدري النزفي" إلى نزيف الأعضاء وتسرب الدم منها إلى الأغشية المخاطية والجلد، أما الجروح التي تظهر عند الإصابة بـ "الجدري الخبيث" لا تتحول إلى بثور ولا تظهر على الجلد نتوءات مليئة بالصديد بل تبقى لينةً ومسطحة خلال فترة المرض كلها.
طرق الإصابة بالجدري:
من الأسباب التي جعلَتْ الجدري مرضاً خطيراً وفتَّاكاً إلى هذا الحد هو أنَّه مرضٌ ينتقل في الهواء، والأمراض التي تنتقل بالهواء تنتشر بشكلٍ أسرع من غيرها.
يمكن أن تنتقل جرثومة الجدري عن طريق إمَّا السعال، وإمَّا العطس، وإمَّا التماس المباشر مع أي سوائل يفرزها الجسم، إضافةً إلى أنَّ ارتداء الثياب الموبوءة أو النوم في سريرٍ موبوء يمكنهما أن يؤديا إلى الإصابة بالمرض.
علاج الجدري:
لا يوجد علاج لمرض الجدري، لكن بفضل برامج التلقيح المستمرة التي تُنفَّذ حول العالم تمَّ القضاء بشكلٍ كاملٍ على جرثومة الجدري والأشخاص الوحيدين الذين يمكن أن نَعُدَّهم معرضين لخطر الإصابة بالجدري هم الباحثون الذين يجرون الأبحاث عليه في المختبرات.
وإذا أُصيب أحدٌ ما بجرثومة الجدري -وهذا أمر غير مُرجَّح- يمكن أن يؤدي تلقي اللقاح خلال 1-3 أيام إلى إزالة خطر أن يكون المرض شديداً، إضافةً إلى أنَّ المضادات الحيوية يمكن أن تساعد في الحد من خطر التعرض لعدوى جرثومية مرتبطة بهذا المرض.
أضف تعليقاً