تعريف محو الأمية:
وفقا لتقارير اليونسكو لعام 1971م، فإنه: "يعد كل شخص اكتسب المعلومات والقدرات الضرورية لممارسة جميع النشاطات التي تكون فيها معرفة حروف اللغة ضرورية لكي يلعب دوره بفعالية في مجتمعه"؛ وبالتالي يقصد بمصطلح الأمية: عدم قدرة الشخص على القراءة والكتابة في سن معينة، وبأي لغة كانت.
تعرِّف بعض البلدان المتطورة الأمي بأنه الشخص الذي لا يجيد التعامل مع الحاسوب مثلا؛ كما وهنالك أيضا مصطلح "الأمية الثقافية" و"الأمية التقنية"، وهناك من يطلِق مصطلح "أمية المتعلمين" على الأشخاص الحاصلين على شهادات تعليم جامعي، إلا أنهم رغم ذلك لا يجيدون قواعد الكتابة والقراءة بشكل صحيح.
أوصى المؤتمر الإقليمي لتخطيط وتنظيم برامج محو الأمية في العالم العربي في عام 1964، الدول العربية بتبني مفهوم المستوى الوظيفي في جهود محاربة الأمية؛ حيث يعرف الأُمي حسب هذا المفهوم بأنه:
"كل شخص تجاوز سن العاشرة، ولم يكن منتظماً في المدرسة، ولم يصل إلى المستوى الوظيفي في القراءة والكتابة".
مفهوم محو الأمية:
"في حين يتجاوز المفهوم التقليدي لمحو الأمية باعتباره مجموعة مهارات القراءة والكتابة والحساب، فإنه يعرَّف الآن بأنه القدرة على تحديد الأمور وفهمها وتفسيرها، وعلى الإبداع والتواصل، وذلك في عالم يزداد فيه الطابع الرقمي، والاعتماد على المواد المكتوبة، وثراء المعلومات وسرعة التغير" - "اليونسكو".
يمكن القول إذا أن محو الأمية هو تنمية القدرة على القراءة والكتابة، والقدرة على التواصل باللغة باستخدام العلامات أو الرموز المطبوعة أو الإلكترونية، وغيرها؛ وعادة ما يستخدم مصطلح "الأمية" في العالم العربي، أكثر مما يستخدم مصطلح "معرفة القراءة والكتابة" أو "القدرة على الكتابة والقراءة" في اللغة الإنجليزية، وغيرها.
مصطلح محو الأمية مأخوذ من كلمتين: (أُمِّي) و(محو)، ومحو: هو مسح الشيء وإزالته، و(الأُمِّي) أو (الأميَّة) لغة: نسبة إلى الأم، وهي تعني بقاء الشخص على ما ولدته أمه عليه، أو على ما كان عليه في عهد الطفولة من الغفلة والسذاجة وعدم القدرة على مواجهة الأمور.
قال ابن منظور في لسان العرب: "الأمي: الذي لا يكتب"؛ وقال غيره: :الأمي: الذي على خلقة الأمة، ولم يتعلم الكتاب؛ فهو على جبلته". فالإنسان الأمي: هو الذي لا يستطيع القراءة والكتابة، ومحو الأمية: نشاط منظم يهدف إلى التخلص من الأمية ونشر التعليم.
أهمية محو الأمية:
إن محو الأمية حق أساسي من حقوق الإنسان، وأداة لتعزيز القدرات الشخصية وتحقيق التنمية البشرية والاجتماعية؛ وتبرز أهميته من خلال النقاط التالية:
- يشكل نواة التعليم الأساسي للجميع.
- يشكل عاملا ضروريا للقضاء على الفقر، وخفض معدل وفيات الأطفال، والحد من النمو السكاني.
- يشكل ضمانا لتحقيق التنمية المستدامة والسلام والديمقراطية.
- يرسخ المساواة بين الجنسين.
- الأشخاص الذين يمتلكون مهارات القراءة والكتابة قادرون على قراءة المجلات والصحف، وفهم علامات الطرق، وتسعيرة المنتجات في الأسواق، وفهم الجدول الزمني للحافلات والقطارات، وملء الاستمارات، وغيرها.
أهداف محو الأمية:
تهدف برامج محو الأمية بصفة عامة إلى:
- تنمية قدرات الأفراد على اكتساب المعارف أو المهارات أو أشكال السلوك الجديدة القادرة على تحقيق النضج الكامل للشخصية.
- إعداد الفرد إعدادا متكاملا يؤهله من الناحية الدينية والأخلاقية والجسمية والفعلية والاجتماعية والوجدانية، ليأخذ دوره الفعال لخدمة دينه ودنياه في مجتمعٍ ينعم بالرفاهية والتقدم.
- تحقيق اندماج الأفراد في الحياة العامة، من خلال تزويدهم بنوع من التعليم التقني والمهني المتقدم، مع تنمية قدراتهم بما يضمن مشاركتهم الفعالة في التنمية الشاملة للمجتمع.
- تحقيق الكفاءة الاقتصادية للفرد.
- مواكبة ظروف العصر، والأخذ بمفهوم التربية المستمرة.
- تحقيق أهداف التنمية والتقدم على المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية كافة.
فوائد محو الأمية:
يحمل محو الأمية فوائد جمة للأفراد والمجتمعات على حد سواء، وتشمل:
1. تحسين الفرص الاقتصادية:
القدرة على القراءة والكتابة تفتح أبواب الفرص الوظيفية وتزيد من إمكانية الحصول على أجور أعلى.
2. التمكين الاجتماعي والسياسي:
محو الأمية يمكن الأفراد من المشاركة بشكل فعال في المجتمع واتخاذ قرارات مستنيرة بخصوص حياتهم ومجتمعاتهم.
3. تحسين الصحة:
الأفراد المتعلمون أكثر قدرة على الوصول إلى المعلومات الصحية، فهمها، وتطبيقها، مما يؤدي إلى تحسن ملحوظ في الصحة العامة.
4. تعزيز التنمية الشخصية:
محو الأمية يتيح للأفراد فرصا لتطوير مهاراتهم الشخصية وتحقيق إمكانياتهم الكاملة.
5. تقوية الروابط الأسرية:
الآباء المتعلمون أكثر قدرة على دعم تعليم أطفالهم وتشجيعهم، مما يعزز من التطور التعليمي والعاطفي للطفل.
6. تقليل معدلات الفقر:
التعليم ومحو الأمية يلعبان دورا مهما في تقليل الفقر من خلال فتح فرص اقتصادية وتحسين جودة الحياة.
7. تحفيز التقدم التكنولوجي والابتكار:
محو الأمية يساهم في تطوير مجتمع من القراء والمتعلمين القادرين على المساهمة في الابتكار والتقدم التكنولوجي.
محو الأمية وتعليم الكبار:
إن مصطلح (تعليم الكبار) مصطلح حديث نسبياً، فهو لم يكن معروفا في أمريكا قبل عام 1924، كما أنه لم يذكر في الكتابات الإنجليزية قبل هذا التاريخ تقريبا؛ ورغم كون تعليم الكبار حديث العهد كتخصص علمي، إلا أنه يعد قديماً جدا كعملية وممارسة، فقد بدأت جميع الديانات والحركات الاجتماعية التي عرفتها المجتمعات البشرية كلها من خلال تعليم الكبار.
ما المقصود من مصطلح تعليم الكبار:
نشاط تعليمي منهجي منظم، موجه إلى الأشخاص الكبار (أي 15 سنة فما فوق، أو أولئك الذين يعدهم المجتمع الذي ينتمون إليه كباراً)، خارج إطار التعليم النظامي، وذلك بغرض تزويدهم بالمعارف والمعلومات والمهارات والخبرات الأساسية التي تساعدهم في أداء الوظائف الاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي يقومون بها على نحوٍ أفضل، ومن الاضطلاع الكامل بدورهم في المجتمع.
تعريفه حسب اليونسكو:
عرفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والثقافة والعلوم "اليونسكو" في ستينيات القرن الماضي تعليم الكبار بأنه: "مجمل الخبرات والمؤثرات التربوية التي يخضع لها الشخص البالغ، وهذا يشمل الدروس الرسمية في أي مادة، والعمل التربوي الخاص في الأندية والجمعيات، فضلا عن الآثار المباشرة أو غير المباشرة لوسائل الإعلام الجماهيري، كما يشتمل على التعليم الحر والتعليم التقني والمهني في البلدان المتقدمة، وتنمية المجتمع المحلي، ومحو الأمية، والصحة وغيرها في المناطق المختلفة".
تعريف تعليم الكبار في المؤتمر الدولي:
كما عرفه المؤتمر الدولي الخامس لتعليم الكبار، والذي عقد في هامبورغ - ألمانيا سنة 1997 بأنه: "مجمل العمليات التعليمية التي تجري بطرائق نظاميةٍ أو غيرها، والتي ينمي بفضلها الأفراد الكبار في المجتمع قدراتهم، ويثرون معارفهم، ويحسنون مؤهلاتهم التقنية أو المهنية، أو يسلكون بها سبيلا جديداً يمكن أن يلبي حاجاتهم وحاجات مجتمعهم. يشمل تعليم الكبار: التعليم النظامي، والتعليم المستمر، والتعليم غير النظامي، وأشكال التعليم غير الرسمي والعفوي كافة، المتاحة في مجتمع يتسم بتعدد الثقافات، حيث يعترف بالنهوج النظرية، والنهوج التي ترتكز على التطبيق العملي".
إشكاليات رافقت مفهوم تعليم الكبار:
طرح عدم وجود تعريف واحد محدد لتعليم الكبار، الكثير من الإشكالات؛ إذ يختلف مفهوم تعليم الكبار من دولة إلى أخرى، ويتسع باتساع مجالاته واختلاف الأوضاع الثقافية من بلد إلى آخر؛ كما ويختلف في بلد متقدم بمفهومه عن بلد نام، تبعا لاختلاف الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية والتعليمية السائدة في كل بلد، والتي تؤثر في مفهوم تعليم الكبار؛ بل ويختلف في بعض الأحيان حتى داخل الدولة الواحدة من فترة زمنية إلى أُخرى.
يعد مفهوم تعليم الكبار مفهوما حديثا نسبيا في العالم العربي، وفي البلدان النامية بشكل عام، حيث ظهر في ستينيات القرن الماضي، وهو مصطلح لا يزال غامضا وغير محدد المعالم، ويختلف في معناه من بلد إلى آخر، بل وحتى داخل البلد الواحد من حقبة زمنيةٍ إلى أخرى؛ فهناك من يستخدمه بمعناه الشامل الواسع ليشمل بذلك محو أمية الأفراد الثقافية والاجتماعية والسياسية، إلى جانب محو أمية القراءة والكتابة؛ وهناك من يقصره على المعنى الأخير فقط.
تعليم الكبار في المجتمعات العربية:
يقصد بتعليم الكبار في المجتمعات العربية: "منح الفرصة للأشخاص الكبار الذين أتموا المرحلة الأساسية (مرحلة مكافحة الأمية)، للحصول على احتياجاتهم التعليمية والثقافية، بما يساعدهم في تنمية قدراتهم وخبراتهم، بالقدر الذي يساعدهم في رفع مستواهم الاجتماعي والاقتصادي، ويتيح لهم المشاركة الفعالة في تنمية مجتمعهم وتقدمه، وذلك في إطار فلسفة التعليم المستمر".
تعليم الكبار حول العالم:
تبلُغ نسبة البالغين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما، والذين يشاركون في برامج خاصة بالتعليم والتعلم، أقل بقليل من 5% في ثلث بلدان العالم تقريبا، وذلك وفقا للتقرير العالمي الرابع الذي صدر عن اليونسكو بشأن تعلم الكبار وتعليمهم.
وقد قدمت نصف البلدان 57% من أصل 152 من معلوماتٍ تتعلق بتعليم الكبار؛ فرغم قلة عدد المشاركين في البرامج التعليمية عموما، إلا أنها سجلت زيادة في نسبة المشاركة العامة في برامج تعلم الكبار وتعليمهم بين عامي 2015 و2018، وقد كانت المعدلات العالية من نصيب البلدان المنخفضة الدخل، والتي سجلت أعلى نسبة زيادة في المشاركة في برامج تعلم الكبار وتعليمهم (73%)، ومن ثم تلتها البلدان المتوسطة الدخل من الشريحتين الدنيا والعليا (61% و62%).
وسجلت أعلى نسبة زيادةٍ في المشاركة ببرامج تعلم الكبار وتعليمهم في "أفريقيا جنوب الصحراء" بنسبة (72%) من المجيبين، وجاءت بعدها بلدان المنطقة العربية بنسبة (67%)، ثم أمريكا اللاتينية والكاريبي بنسبة (60%)، وآسيا والمحيط الهادي بنسبة (49%)؛ كما سجلت أمريكا الشمالية وأوروبا الغربية أقل نسبة في زيادة المشاركة (38%)، على الرغم من أنها بدأت بمستويات أعلى.
وتظهر البيانات استمرار أوجه التفاوت العميقة في المشاركة في برامج تعلم الكبار وتعليمهم، كما تبين عدم الوصول إلى الفئات الرئيسة المستهدفة، مثل: الكبار ذوي الإعاقة، وكبار السن، والأقليات، والكبار الذين يعيشون في بلدان متأثرة بالنزاعات.
أهداف برامج محو الأمية وتعليم الكبار:
من الأهداف التي تعمل برامج محو الأُمية وتعليم الكبار على تحقيقها:
1. الأهداف الاجتماعية:
وتتمثل هذه الأهداف في نشر الوعي بين الأميين، وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم الاجتماعية والأسرية.
2. الأهداف الاقتصادية:
وتتمثل في تزويد الدارسين بالمهارات والمعارف والمعلومات التي تمكنهم من زيادة كفاءتهم الإنتاجية، ومن رفع دخلهم الفردي ومستواهم المادي، وتحسين ظروف معيشتهم.
3. الأهداف السياسية:
وهي توعية الدارسين بحقوقهم وواجباتهم، وحثهم على ضرورة المشاركة في الحياة السياسية.
4. الأهداف الصحية:
وهي تعريف الدارسين بأساليب التغذية السليمة، وسبل الحفاظ على الصحة، والوقاية من الأمراض، ورعاية الأطفال.
5. الأهداف الكمية:
وهي تخفيض نسبة الأمية إلى حد معين.
شروط وصفات أساسية لعملية تعليم الكبار:
يختلف تعليم الكبار عن تعليم الصغار في الأهداف والمحتوى والطرائق والأساليب، وغالبا ما تشكل الطرائق المستخدمة في تعليم الكبار عاملا أساسيا في إقبال الكبار على التعليم واستمرارهم فيه، من حيث مدى ملاءمتها لخصائصهم وقدراتهم وميولهم؛ وحتى تكون طريقة تعليم الكبار فعالة وناجحة وتؤدي إلى تحقيق الأهداف المرجوة من العملية التعليمية، يجب أن تتوفر فيها مجموعة من الشروط والصفات، ومنها:
- تتصف العملية التعليمية بالإثارة والتشويق والإيجابية، بحيث تثير الدارسين وتدفعهم إلى المشاركة فيها.
- أن تراعي ظروف الدارسين، والفروق الفردية فيما بينهم.
- تراعي العملية التعليمية مستوى الدارسين واستعداداتهم وقدراتهم.
- أن تراعي التسلسل المنطقي في عرض المحتوى.
- أن تتفق العملية التعليمية مع أساليب ونظريات التعلم.
- أن تكون مرنة وصالحة للتكيف والتغيير كلما دعت الحاجة إلى ذلك.
اليوم العالمي لمحو الأمية:
يحتفل العالم في 8 سبتمبر/ أيلول من كل عام باليوم العالمي لمحو الأمية، وقد أعلنت اليونسكو عنه خلال مؤتمرها العام الذي عقد في 26 أكتوبر/ تشرين الأول عام 1966، وتهدف هذه المناسبة إلى تذكير المجتمع الدولي بأهمية القراءة للأفراد والمجتمعات والتأكيد على الحاجة الملحة لزيادة الجهود المبذولة للوصول إلى مجتمعاتٍ أكثر إلماما بمهارات القراءة والكتابة.
وقد كانت فكرة هذه المناسبة الدولية نتاجا لفعاليات المؤتمر العالمي لوزراء التربية، الذي عقد بشأن محو الأمية في العاصمة الإيرانية (طهران) في عام 1965.
انتشرت الاحتفالات في كل أنحاء العالم منذ الإعلان عن هذا اليوم، والاحتفاء بأول يوم عالمي لمحو الأمية في عام 1967. وعلى الرغم من التقدم الذي أحرز في هذا المجال، إلا أنه لا زال هناك العديد من التحديات التي تواجه محو الأُمية؛ في حين يزداد الطلب على المهارات اللازمة لسوق العمل زيادة سريعة.
الهدف من اليوم العالمي لمحو الأمية:
الهدف من اليوم العالمي لمحو الأمية هو تسليط الضوء على أهمية القراءة والكتابة كمهارات حيوية للتمكين الفردي والاجتماعي، وحث المجتمعات والحكومات على العمل من أجل محو الأمية كجزء من حق الإنسان في التعليم. يشجع هذا اليوم الأفراد والمؤسسات على المشاركة في برامج التوعية والتعليمية التي تستهدف رفع مستويات الأمية وتقليل عدد الأميين حول العالم.
خاتمة:
يعد محو الأمية بمثابة ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة وتعزيز العدالة الاجتماعية في جميع أنحاء العالم. اليوم العالمي لمحو الأمية يذكرنا بالتزامنا المشترك نحو إزالة الحواجز أمام التعليم وضمان حصول كل فرد على حقه في تعلم القراءة والكتابة، ليس فقط كمهارة أساسية للحياة، بل كحق إنساني أساسي. بتوحيد الجهود وتعزيز الشراكات على جميع المستويات، يمكننا التغلب على تحديات الأمية وبناء مستقبل أكثر إشراقًا للأجيال القادمة.
أضف تعليقاً