تُعَدُّ هذه المقالة مقدمةً للتسويق الرقمي فهي تحلل القنوات الأكثر شيوعاً وتمنحك إطاراً شاملاً لفهم هذا المجال المُتغير باستمرار.
ما هدف التسويق الرقمي؟
كغيره من أشكال التسويق فإنَّ الغاية من التسويق الرقمي هي ترويج المنتجات والخدمات وبيعها. وبشكلٍ أكثر تحديداً فإنَّ الغاية من التسويق الرقمي هي ربط الشركات أو المنظمات بجمهورها المُستهدف من خلال القنوات الرقمية.
ثمَّة حاليَّاً 3.3 مليار مُستخدِم للإنترنت حول العالم وهذا الرقم يزداد كل يوم. كما يستمر اقتناء الأجهزة الإلكترونية في الازدياد كذلك مع امتلاك 92% من البالغين في الولايات المتحدة لجهازٍ خليويٍّ على الأقل.
إنَّ هدف التسويق الرقمي هو استعمال هذا العدد الكبير من الأجهزة لربط قطاعات المستخدمين بالشركات من خلال الإنترنت غالباً. حيث يستخدم المسوِّقون مجموعة متنوعة من الطرائق لاستهداف المستخدمين والوصول إليهم بُغية لفت انتباههم والبدء ببيعهم.
وبفضل الاستخدام المتزايد لهذه الأجهزة الرقمية أصبحت الشركات حول العالم تهتم بالتسويق الرقمي بشكلٍ مُتزايد:
- تُخطِّط 71% من الشركات لزيادة ميزانياتها المخصصة للتسويق الرقمي هذا العام (المصدر: Webbiquity).
- يُكرَّس 60% وسطيَّاً من وقت المسوِّقين لأنشطة التسويق الرقمي ممَّا يؤجج الطلب على مهارات التسويق الرقمي.
- تخطِّط ثلث الشركات لطرح برنامج للتحوُّل نحو العالم الرقمي (Digital Transformation) فيما قام ثلثها بذلك بالفعل.
- يشكِّل إنتاج المحتوى الرقمي وإدارته في الوقت الراهن ثاني أكبر حصة ضمن ميزانيات التسويق الرقمي (المصدر: KaPost).
- خفَّض 28% من المسوِّقين الميزانية المُخصصة للتسويق التقليدي من أجل تمويل التسويق الرقمي بشكلٍ أكبر (المصدر: CMO Council).
- يستخدم 73% من المسوِّقين الذين يسوِّقون منتجات الشركات إلى شركاتٍ أخرى (B2B marketers) الفيديوهات بصفتها إحدى تقنيات تسويق المحتوى، ويخطِّط 7% من المسوِّقين لزيادة عمليات التسويق التي يقومون بها من خلال اليوتيوب (المصدر: Content Marketing Institute).
إحدى الأمور التي يمتاز بها التسويق الرقمي من التسويق التقليدي هي قدرات التكنولوجيا الحديثة. حيث يركِّز المسوِّقون الرقميون انتباههم في الدرجة الأولى على الأنشطة المُستهدفة والقابلة للقياس، فهُم يرغبون في استهداف الجمهور المناسب وقياس نتائج جهودهم. في السابق كان الاستهداف يتم من خلال إطلاق إعلان تلفزيوني أو وضع إعلان في مجلة، أمَّا التكنلوجيا اليوم فتتيح استعمال نهجٍ أكثر دقةً وقابلاً للقياس بشكلٍ أكبر.
إذ يمكن للمسوِّقين في أيامنا هذه على سبيل المثال وضع إعلان عبر فيسبوك يستهدف فقط الأشخاص الذين يبلغون من العمر 20 عاماً والمعجبين بفرقة "كولدبلاي" (Coldplay). حيث يكون في إمكانهم أن يروا عدد المشاهدات، والإعجابات، والتعليقات، والضغطات التي حصل عليها الإعلان ويمكن بعد ذلك استخدام هذه البيانات لتصميم إعلانات تقدِّم أداءً أفضل.
قمع التحويل الرقمي (The Digital Conversion Funnel):
ولكي نسبر أغوار القنوات المتنوعة للتسويق الرقمي فإنَّنا نحتاج أولاً إلى فهم العملية التي تجتمع ضمنها هذه القنوات. حيث يتمحور التسويق الرقمي عادةً حول اكتساب المستخدمين وتوجيههم من خلال عملية "البيع" أو "التحويل" التي يُشار إليها غالباً باسم "القِمع". قمع التحويل الرقمي هذا يبدو بشكلٍ أساسي على الشكل الآتي:
تُعَدُّ هذه العملية بصورةٍ أساسية تطوراً بسيطاً يبدأ بالاكتساب ويمر بالتحويل وينتهي بالاحتفاظ. هذا النموذج هو نموذجٌ عالميٌّ نوعاً ما ويمكن تطبيقه عملياً على أي شركة. حيث يجري اكتساب طليعة من الأشخاص المنجذبين نحو المنتج والذين يُعرفون بالـ (Leads) ومن ثم يتم تحويلهم إلى مستهلكين قبل الاحتفاظ بهم ليقوموا بعمليات تجارية إضافية.
عندما نتعرف على مزيدٍ من التفاصيل فإنَّنا نبدأ باستبعاد نماذج عمل معينة، ولكن تجدر الإشارة إلى أنَّ قمع التحويل الرقمي الأكثر استعمالاً في الوقت الراهن يبدو كهذا القمع المأخوذ عن موقع Digital Marketer:
وبخلاف التسويق التقليدي الذي يركز اهتمامه في الدرجة الأولى على اكتساب الزبائن الجدد فإنَّ التسويق الرقمي يُعَدُّ فعالاً للغاية خلال عملية التحويل كاملة. إذ إنَّه عندما تتكوَّن لديك طليعة من الأشخاص المنجذبين إلى المنتج فإنَّه يتحتم عليك الاستمرار في التسويق لهم بهدف تحويلهم إلى زبائن وإقناعهم بشراء المزيد من المنتجات.
الاكتساب (Acquisition): القنوات الشائعة لتحصيل زيادة في حركة المرور (Traffic)
بما أنَّ الشركات لا تستطيع جعل الأشخاص يشاركون في عمليات البيع التي يقومون بها مشاركةً كاملة من خلال فيسبوك أو جوجل أو غيرها، فإنَّ الخطوة الأولى لمعظم المسوِّقين الرقميين هي جعل الأشخاص يزورون المواقع الإلكترونية لتلك الشركات. يدعى هذا اكتساب "حركة مرور" وهو الخطوة الأولى في "قمع التحويل" الذي أشرنا إليه سابقاً.
ثمَّة ست قنوات أساسية في الوقت الراهن تُستخدم لاكتساب حركة مرور:
- تحسين محركات البحث.
- الإعلانات المدفوعة.
- التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
- التسويق عبر البريد الإلكتروني.
- التسويق بالمحتوى.
- التسويق من خلال الأشخاص المؤثِّرين.
تمثِّل هذه القنوات بالنسبة إلى الشركات طريقةً قابلةً للقياس لاكتساب حركة مرور وزيادة هذه الحركة خلال فترة غير محددة من الوقت. وعلاوةً على ذلك أصبحت هذه القنوات قنواتٍ مهمةً تماماً بحيث أنَّه من السهل إيجاد وظيفة بدوام كامل خاصة بأيِّ واحدٍ من هذه الأصناف.
فلنلقِ نظرةً أكثر قرباً على كل واحدةٍ من هذه القنوات:
1- تحسين محركات البحث (SEO):
تحسين محركات البحث هو عملية زيادة عدد زوار موقعٍ مُعيَّن من خلال التحقق من أنَّ الموقع يظهر في أعلى صفحة النتائج على محركات البحث.
فإذا كنت ترغب على سبيل المثال في جعل أحد مواقع تسلق الجبال يظهر أولاً في صفحة النتائج على محركات البحث عندما يبحث شخصٌ ما عن "معدات تسلق الجبال" فإنَّ التقنيات والعمليات التي تستخدمها في محاولة القيام بذلك يُطلق عليها اسم "تحسين محركات البحث".
تعمل محركات البحث من خلال استخدام تطبيقات برمجية تُدعى "كرولر بوتس" (crawler bots) وذلك لتصفح الإنترنت بشكلٍ منهجي وإعادة إرسال المعلومات الخاصة بملايين الصفحات التي تمَّ تصفُّحها. ومن ثمَّ تتم فهرسة هذه البيانات من خلال خوارزمية محرك البحث بهدف تقديم نتائج ذات معنى عندما يبحث مستخدمٌ ما عن عبارة معينة.
عندما انطلق جوجل في العام 1998 فإنَّ نظام "بيج رانك" الخاص به (أو نظام "تصنيف الصفحة") قدَّم مستوىً جديداً من الربط لنتائج البحث عن العبارات، وبحلول الـ 2000 أصبح جوجل محرك البحث الأول من حيث الاستخدام وهي المكانة التي يحافظ عليها إلى يومنا هذا.
لقد كان تحسين محركات البحث أول قناة مُكرَّسة للتسويق تُحدِث ثورة في طريقة تعامل الشركات مع التسويق عبر الإنترنت.
وبما أنَّ تحسين محركات البحث قد تغيَّر تغيُّراً جذريَّاً خلال السنوات العشر الأخيرة فإنَّ الإجراءات الحديثة يمكن تقسيمها إلى قسمَيْن مهمَّيْن:
- On-Page SEO(التحسين من خلال الصفحة نفسها).
- Off-Page SEO (التحسين من خلال قنوات خارج الصفحة).
الـ On-Page SEO هو استغلال صفحات الإنترنت بهدف الوصول إلى تصنيف أعلى والحصول على مزيدٍ من حركة المرور في محركات البحث. إذ يُشير الـ On-Page SEO إلى كلٍّ من المحتوى و"الكود المصدري" (source code) المعروف باسم " لغة ترميز النص الفائق" أو (HTML) واللذَيْن يمكن تحسينهما في صفحةٍ ما.
بمعنى آخر يشمل الـ On-Page SEO كلَّ شيءٍ تستطيع القيام به على موقع الإنترنت الخاص بك لتحسين القدرة على رؤية هذا الموقع في محركات البحث.
من ضمن تقنيات الـ On-Page SEO الشائعة:
- SEO-friendly permalink URLs
- وجود أنواع متنوعة من الوسائل الإعلامية التي تستهدف العبارة نفسها.
- وجود وصلات خارجية (outbound links) موثوقة.
- تحسين سرعة تحميل الموقع.
- تبادل الروابط.
- وجود محتوى مُتعمِّق وطويل.
تضبط هذه التقنيات محتوى الموقع وإطار عمله لتساعد على تقديم "كرولر بوتس" تحمل المعلومات الصحيحة.
أمَّا الـ Off-page SEO فهو الإجراء الذي يهدف إلى تحسين القدرة على رؤية الموقع عبر محركات البحث من خلال الروابط الخلفية (backlinks) الموجودة خارج الموقع ومن خلال إشارات خارجية أخرى. حيث يؤدي كلٌّ من إشهار العلامة التجارية (Branding) وبروز الموقع على الشبكة العنكبوتية دوراً في هذه المعادلة، ولكنَّ توليد روابط خلفية يُعَدُّ إلى حدٍّ بعيد المكون الأكبر في الـ off-page SEO.
لقد كان ضم عوامل خارجية – والتي يقصد بها الروابط الخلفية – إلى خوارزمية التصنيف أحد الأجزاء التي جعلت نظام الـ "بيج رانك" التابع لجوجل نظاماً ثوريَّاً إلى هذا الحد. فقد افترض مؤسسو جوجل أنَّه في حال وجود ملايين المواقع الأخرى المرتبطة بصفحةٍ ما (وهو ما يدعى بالرابط الخلفي) فمن المحتَّم أنَّ تكون هذه الصفحة ذات قيمة وأن يرغب مُستخدمو محركات البحث في إيجادها كذلك.
في أيامه الأولى كان ممارسو الـ SEO يتلاعبون بالنظام من خلال إنشاء الآلاف من مواقع الإنترنت لغرضٍ وحيد وهو إرسال الروابط الخلفية للموقع الذي يرغبون في تحسينه. ولكن عندما تطوَّرت خوارزمية جوجل أصبحت الغالبية العظمى من هذه الإجراءات إجراءاتٍ غير فعالة وأصبحت الآن الروابط الخلفية الموجودة في مواقع شرعية وموثوق بها ضروريةً لتحسين تصنيفات البحث.
من ضمن الاستراتيجيات الفعالة للقيام بما يُسمَّى "بناء الروابط" أو الحصول على مزيد من الروابط الخلفية:
- استضافة التدوينات (Guest posting).
- تصميم إنفوجرافيكس قابلة للمشاركة.
- الانضمام إلى قوائم المصادر وأدلة مواقع الويب (directory).
- كتابة دراسات الحالة (case studies) وترويجها.
- رعاية المواقع التي تُدرج روابط تشير إلى الرعاة.
- شراء تصنيفات من علامات تجارية موثوقة.
- استبدال الوصلات الميتة أو ما يُعرَف بالـ (dead links).
ستزيد هذه التقنيات (والعديد غيرها) عدد المواقع المرتبطة بموقعك وهو ما سيحسِّن بروز موقعك في نتائج البحث ذات الصلة.
2- الاكتساب المدفوع والإعلانات المدفوعة:
يعني الاكتساب المدفوع لحركة البيانات أيَّ شكلٍ من أشكال الإعلان أو اكتساب حركة المرور الذي تدفع الشركة خلاله بشكلٍ مباشر في مقابل حركة المرور الواردة.
من ضمن أكثر نماذج تسعير الإعلانات المدفوعة شيوعاً:
- تكلفة ظهور الإعلان (CPM).
- تكلفة النقر على الإعلان (PPC).
- تكلفة العميل المحتمل (CPL).
عند اتباع نموذج "تكلفة ظهور الإعلان" فإنَّ المعلنين يدفعون مقابل المشاهدات التي يحصل عليها الإعلان وهو ما يكون عادةً مقابل كل ألف مشاهدة. ومن هنا جاء اختصار الـ (CPM) الذي يرمز فيه حرف الـ (M) إلى كلمة (mille) والتي تعني "ألف" في اللغة اللاتينية.
لقد كانت الـ (CPM) تقليديَّاً الاستراتيجية المفضلة للحصول على أكبر قدر من المشاهدات بأقل التكاليف. بيد أنَّه مع ظهور الـ (bot traffic) (يأتي حوالي 60% من حركة البيانات على الإنترنت في الوقت الحالي من الـ (bots)) ووصول قنوات ذات أداء أفضل خسرت الـ (CPM) حظوتها في عالم التسويق الرقمي.
تُستخدَم الـ (CPM) اليوم مقرونةً بنماذج أخرى فقط، فهي تقدِّم طريقةً منخفضة التكلفة لزيادة التعريف بالعلامة التجارية وتقدِّم نتائج ثانوية في حال وُجِّهت نحو الجمهور المناسب.
أما مع الـ (CPC) فيدفع المعلنون في كل مرةٍ يتم الضغط فيها على إعلانهم بشكلٍ فعلي من قِبَل المشاهدين. إذ تتيح الـ (CPC)، والتي يُشار إليها بشكلٍ أكبر باسم "الدفع مقابل الضغط" (PPC)، تعقُّب العائد على الاستثمار بشكلٍ مباشر ممَّا يجعلها نموذج التسعير الأكثر شعبية والذي يُستخدَم في التسويق عبر الإنترنت في الوقت الراهن.
تُستخدَم الـ (CPC) غالباً إلى جانب محركات البحث حيث يمكن عرض الإعلانات على المستخدمين الذين يبحثون عن عبارة محددة. فعلى سبيل المثال تستخدم الشركات برنامج "أدووردز" لوضع إعلان حول "شراء معدات تسلق الجبال" في نتائج بحث جوجل في كل مرة يبحث فيها شخص ما عن "معدات تسلق الجبال".
فحين لا تكون جهود تحسين محركات البحث التي تبذلها الشركات كافية لوصولها إلى الصفحة الأمامية في جوجل فإنَّهم يستطيعون ضمان مكان في الصفحة الأمامية من خلال برنامج "أدووردز" إذا كان لديهم الاستعداد لدفع ما يكفي من المال في مقابل كل ضغطة. إذ يعمل الـ "أدووردز" ومنصات الـ (PPC) الأخرى عادةً وفقاً لنظام مزايدة (bidding system) حيث يختار المعلنون نطاق المزايدة (bidding range) ومن ثمَّ تختار المنصة الإعلانات بشكلٍ حيوي لعرضها بناءً على مجموعة من العوامل التي تتضمن تسعيرة المزايدة (bid price) وعلاقة الصفحة بالمواد المرغوب الإعلان عنها.
بدأت إعلانات الـ (CPC ) مؤخراً في اكتساب مزيد من الثقل على شبكات التواصل الاجتماعي كذلك كفيسبوك، وتويتر، ولينكدن، وقد أصبح بعضها الخيار الإعلاني المُفضَّل بالنسبة إلى قطاعات معينة.
أمَّا الـ (CPL) فتشير عادةً إلى مقدار التكاليف التي تتحملها الشركات لبناء عميل محتمل أو اكتسابه. وتُستخدم الـ (CPL) بشكلٍ أكبر بوصفها مقياساً للاستراتيجيات الأخرى كالـ (PPC) ولكن يمكن تطبيقها في مجال الاكتساب المدفوع للعملاء المحتملين وهو ما نتحدث عنه في هذا القسم.
إذ يُعَدُّ الدفع مقابل العملاء المحتملين أقرب إلى أن يكون منطقيَّاً في المجالات التي ينفق فيها المستهلكون أموالاً كثيرة خلال كل تعامل تجاري أو جلسة عمل.
ومن الأمثلة على هذه المجالات:
- التأمين.
- السفر.
- المقامرة.
- توحيد الديون (Debt Consolidation).
- التمويل.
ولكن بالنسبة إلى معظم الشركات من المنطقي بشكلٍ أكبر الاكتفاء باستهداف حركة المرور وإعداد نظام التقاط العملاء المحتملين لتحويل حركة المرور إلى عملاء محتملين ومن ثمَّ إلى زبائن.
3- التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
إنَّ التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي هو عملية جذب الانتباه واكتساب حركة مرور في الموقع من خلال منصات وسائل التواصل الاجتماعي. ومع الازدياد المضطرد لشعبية وسائل التواصل الاجتماعي أصبح التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي واحداً من أسرع الطرق التي تولِّد من خلالها الشركات الجديدة حركة مرور من دون تكاليف مالية.
إذ يُعنى التسويق الرقمي كما أشرنا سابقاً بوضع الشركات أمام جمهورها المُستهدَف. ومع استعمال 65% من البالغين في الولايات المتحدة لوسائل التواصل الاجتماعي في الوقت الراهن فاحتمال وصولك إلى جمهورك المستهدف من خلال المنصات الاجتماعية مرتفعٌ جداً.
تزوِّد وسائل التواصل الاجتماعي الشركات بخط اتصال مباشر مع جمهورها المستهدف وقاعدة زبائنها. ومن خلال بناء وسطٍ اجتماعي حول علامتها التجارية ومجال عملها تستطيع الشركات الوصول بشكلٍ مباشر إلى مستوىً غير مسبوق من التعامل مع زبائنها والتفاعل معهم.
فيمكن للشركات استغلال وسائل التواصل الاجتماعي من أجل:
- بناء مجتمع تفاعلي لمجال العمل.
- جذب حركة مرور مُباشِرة إلى صفحات المواقع الإلكترونية.
- جمع التغذية الراجعة ومراقبة تجاوب الجمهور.
- التحقق من فعالية الحملات الترويجية الجديدة أو الأفكار المتعلقة بالمنتجات.
- التعامل مع خدمة الزبائن بشكلٍ مباشر.
- تحديد مرشحين محتملين للتوظيف.
إضافةً إلى هذه الفوائد تستطيع وسائل التواصل الاجتماعي كذلك جلب إيرادات مباشرة وغير مباشرة للشركات العاملة عبر الإنترنت. وهذا ما تبرهن عليه الكمية المتزايدة من الأموال التي تستثمرها الشركات المهتمة بالعائد على الاستثمار في التسويق عبر وسائل التواصل الاجتماعي:
نظرة عامة |
القيمة |
العائدات التي تحققها وسائل التواصل الاجتماعي حول العالم. |
16.9 مليار دولار. |
الإنفاق على التسويق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة. |
7.52 مليار دولار. |
الإنفاق المتوقع على التسويق من خلال وسائل التواصل الاجتماعي في الولايات المتحدة بحلول العام 2019. |
17.34 مليار دولار. |
العائدات من خلال الإعلان عبر الشبكات الاجتماعية على مستوى العالم. |
25.14 مليار. |
4- التسويق عبر البريد الإلكتروني:
التسويق عبر البريد الإلكتروني هو عملية التواصل مع المستخدمين بشكل مباشر بهدف التسويق من خلال البريد الإلكتروني. وهو مايُعَدُّ بشكلٍ عام صاحب أعلى عائد على الاستثمار من بين قنوات التسويق الأخرى بعائدٍ على الاستثمار يبلغ وسطيَّاً بين 38-42 دولاراً مقابل كل دولار يُستثمر.
فمن خلال بناء قائمة من مشتركي البريد الإلكتروني تستطيع الشركات التواصل باستمرار مع جمهورها وجذب انتباههم نحو العروض، أو المنتجات، أو الإعلانات الجديدة في أي وقت. ولبعض الأسباب، وعلى الرغم من كون البريد الإلكتروني تقنيةً قديمة الطراز، يستمر مشتركو البريد الإلكتروني بالتفاعل مع الشركات بمعدلات لا تُصدَّق كما تُظهِر لنا الإحصائية الآتية التي أعدَّها موقع (Campaign Monitor):
- يزيد احتمال حصولك على النقرات من خلال حملة عبر البريد الإلكتروني ستة أضعاف عن احتمال حصولك عليها من خلال تغريدة (المصدر: Campaign Monitor).
- يُعَدُّ البريد الإلكتروني فعالاً في اكتساب زبائن جدد أكثر بأربعين مرة من الفيسبوك أو تويتر (المصدر: McKinsey).
- 81% من المتسوِّقين عبر الإنترنت والذين يتلقون رسائل بريد إلكتروني بناءً على عاداتهم السابقة في التسوق كانوا ميَّالين نوعاً ما إلى القيام بعمليات شراء ناتجة عن هذه الرسائل الموجَّهة إليهم.
- عندما يتعلق الأمر بالقيام بعمليات شراء نتيجةً لتلقي رسائل تسويقية فإنَّ البريد الإلكتروني يمتلك معدَّل التحوُّل الأعلى (66%) موازنةً بوسائل التوصل الاجتماعي، والبريد المباشر، وغيرها (المصدر: DMA).
- يزيد احتمال مشاركة مشتركي البريد الإلكتروني للمحتوى الذي تقدمه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ثلاثة أضعاف على نظرائهم الذين يزورونك باستخدام مصادر أخرى (المصدر: QuickSprout).
- يُفضِّل 72% من الأشخاص تلقي المحتوى الترويجي من خلال البريد الإلكتروني مقابل 17% يفضلون ذلك من خلال وسائل التواصل الاجتماعي (المصدر: MarketingSherpa).
- إنَّ إدراج ما يُعرَف بأزرار الاستدعاء (call to action buttons) بدلاً من الروابط النصية يمكن أن يزيد معدل التحويل بنسبةٍ تصل إلى 28%(المصدر: Campaign Monitor).
- يؤدي التسويق من خلال البريد الإلكتروني إلى الحصول على مزيدٍ من التحويلات موازنةً بقنوات التسويق الأخرى بما فيها محركات البحث ووسائل التواصل الاجتماعي.
- يزيد احتمال رؤية الرسائل عبر البريد الإلكتروني خمسة أضعاف على احتمال رؤيتها عبر الفيسبوك (المصدر: Radicati).
- يقوم 24% من الزوار الذين جذبهم التسويق من خلال البريد الإلكتروني بشراء شيءٍ ما في مقابل قيام 2.49% من الزوار القادمين من محركات البحث و0.59% من الزوار القادمين من وسائل التواصل الاجتماعي فقط بذلك(المصدر: Monetate).
- يزيد إرسال أربع رسائل بريد إلكتروني في الشهر بدلاً من واحدة عدد المستهلكين الذين يفتحون أكثر من رسالة واحدة بشكلٍ كبير.
على الرغم من أنَّه يمكن استخدام البريد الإلكتروني بوصفه أداة تسويق مستقلة إلَّا أنَّه يُستخدَم بوصفه أداةً أساسية لتحويل العملاء المحتملين إلى زبائن (lead conversion) وفي الاحتفاظ بالزبائن (customer retention)، وهو ما سنعرِّج عليه لاحقاً. كما أنَّه عنصرٌ ضروريٌّ كذلك في القناة الأشمل لكسب العملاء والمعروفة باسم "التسويق بالمحتوى".
5- التسويق بالمحتوى:
إنَّ التسويق بالمحتوى هو العملية التسويقية والتجارية التي تهدف إلى إنشاء محتوى ذي معنىً وقيمة لجذب الجماهير المستهدفة، وكسبها، وزيادة تفاعلها حيث تكون تلك الجماهير محددة ومدروسة بوضوح – بهدف قيام الزبائن بمزيد من الإجراءات المُربِحة.
بمعنى آخر يتمحور التسويق بالمحتوى حول إنشاء محتوى يلفت فعليَّاً انتباه الزبائن الذين ترغب في بيع منتجاتك لهم وترويج هذا المحتوى.
يمكن لهذا المحتوى أن يأتي على شكل عدد من الصيغ:
- المقالات التي تُنشَر عبر المدونات.
- الفيديوهات.
- الكتب الإلكترونية.
- أدوات التوجيه البصرية.
- الندوات عبر الإنترنت.
- رسائل البريد الإلكتروني.
- الإنفوغرافيكس.
- المدونات الصوتية (Podcasts).
- دراسات الحالة.
- المقابلات.
لقد اكتسب التسويق بالمحتوى شعبيةً عندما أصبحت خوارزميات جوجل أكثر تقدُّماً. فبينما كان يُعَدُّ في الماضي التلاعب بالنظام من خلال إجراءات الـ (SEO) المُعتمِدة على البريد المؤذي أو ما يُعرَف بالـ (spam) من الأمور الفعالة، إلَّا أنَّه في أيامنا هذه ثمَّة حاجة إلى محتوى ذي نوعية فائقة لتحقيق أي نجاح على مستوى الـ (SEO).
لقد أصبح المحتوى ذو النوعية الجيدة في الواقع عنصراً أساسيَّاً ضمن جميع قنوات اكتساب الزبائن المذكورة هنا. ولكن بدأت الشركات بشكلٍ متزايد في النهاية بتجاوز مجرد استخدام المحتوى ضمن الاستراتيجيات الأخرى وبدأت تتعامل مع "التسويق بالمحتوى" بوصفه استراتيجية تسويق رقمي مبنية على إنشاء المحتوى الاستثنائي وترويجه.
- يزيد احتمال تحقيق المسوِّقين الذين يعطون الأولوية للتدوين لعائدٍ إيجابي في مقابل الجهود التي يستثمرونها بمقدار 13 ضعفاً (المصدر).
- يستخدم 88% من المسوِّقين الذين يسوِّقون منتجات الشركات لشركاتٍ أخرى (B2B marketers) التسويق بالمحتوى في الوقت الحالي بوصفه جزءاً من استراتيجيتهم التسويقية (المصدر).
- يقول 76% من المسوِّقين الذين يسوِّقون منتجات الشركات لشركاتٍ أخرى أنَّهم سينتجون مزيداً من المحتوى في العام 2016 (المصدر).
- يقول 77% من المسوِّقين الذين يسوقون منتجات الشركات للزبائن (B2C marketers) أنَّهم سينتجون مزيداً من المحتوى في العام 2016، في مقابل 2% منهم يقولون إِنِّهم سينتجون محتوىً أقل (المصدر).
- لقد ازدادت الميزانيات المُخصَّصة للتسويق بالمحتوى لدى الشركات التي تسوِّق منتجات الشركات للمستهلكين، فقد أصبح 32% من إجمالي الميزانيات المُخصصة للتسويق تذهب باتجاه المحتوى موازنةً بنسبة 25% في العام الفائت.
- يَذكُر أغلبية المسوِّقين الذين يسوِّقون منتجات الشركات لشركاتٍ أخرى (60%) أن التحدي الأكبر بالنسبة إليهم في العام 2016 سيكون إنتاج محتوى يحفز الزبائن للتفاعل. ويقول 57% إِنَّ قياس فعالية المحتوى سيكون التحدي الأبرز بالنسبة إليهم. في حين يقول 57% إِنَّ إنتاج المحتوى بشكلٍ مستمر سيكون العقبة الأبرز أمامهم (المصدر).
- يقول 45% من المسوِّقين إِنَّ التدوين يُعَدُّ أهم استراتيجية مرتبطة بالمحتوى على الإطلاق بالنسبة إليهم (المصدر).
أشرنا سابقاً إلى أنَّ مجال التسويق بالمحتوى يركز الاهتمام على المحتوى إلَّا أنَّه يُعَدُّ بشكلٍ أساسي مثله مثل عملية التسويق الرقمي التي ناقشناها سابقاً من خلال استخدامه مجموعة متنوعة من القنوات:
- اكتساب حركة مرور من خلال ترويج المحتوى عبر جميع القنوات.
- تحويل حركة المرور الواردة إلى مشتركين في البريد الإلكتروني.
- الاهتمام بالمشتركين وتحويلهم إلى زبائن عبر التسويق من خلال البريد الإلكتروني.
- الاحتفاظ بالزبائن، والاهتمام بهم، واستهدافهم من خلال البريد الإلكتروني والمحتوى الجديد.
6- التسويق من خلال الأشخاص المؤثِّرين:
إنَّ التسويق من خلال الأشخاص المؤثِّرين هو عملية استهداف أبرز الأشخاص أصحاب التأثير في مجال مُعيَّن بهدف إبراز شركتك أمام جمهورهم.
وبسبب نمو الإنترنت وتطوُّره فقد كوَّن المزيد من الأفراد، وكوَّنت المزيد من المدونات، والمنظمات، والشركات جمهوراً كبيراً بما يكفي لجعلهم "مؤثِّرين". وقد أتاحت هذه الزيادة في الجماهير للتسويق من خلال الأشخاص المؤثِّرين أن يصبح أداةً فعالة لاكتساب الزبائن للمرة الأولى خلال السنوات الأخيرة، حيث شهِدَ ازدياداً كبيراً في شعبيته في العام 2015.
و"المؤثِّر" هو بشكلٍ أساسي أي شخص يمتلك قدراً كبيراً نسبيَّاً من المتابعة عبر الإنترنت. فقد يكون:
- شخصيةً مشهورة في المجال الذي تعمل فيه.
- هيئةً تحظى وجهات نظرها باحترام جميع أصحاب الاطلاع.
- صحفيَّاً تحظى كتاباته المتنوعة التي ينشرها بحركة مرور مرتفعة.
- شخصاً يلعب دور صلة الوصل، ويعرف جميع اللاعبين الرئيسين، ويعمل معهم..
- مدوناً يستضيف مجتمعات ذات حجم متوسط ولكنَّها تشارك مشاركةً كبيرة في مجال عملها.
إنَّ الأشخاص في كل صنف من هذه الأصناف إمَّا يمتلكون وإمّا لديهم قدرة وصول مباشرة إلى عدد كبير من الجماهير. ومن خلال استهدافهم يمكن للعلامات التجارية وضع منتجها، أو خدمتها، أو محتواها أمام جمهورٍ ضخم من دون أن يتوجب عليها بناء هذا الجمهور بنفسها.
وعلى النقيض من استراتيجيات الاكتساب الأخرى التي تحدثنا عنها، فإنَّ التسويق من خلال الأشخاص المؤثِّرين ليس قابلاً للقياس على المدى الطويل. بيد أنَّه يُعَدُّ أداةً فعالةً للغاية لكي تبدأ الشركات بتحقيق قدرٍ كبيرٍ من النمو. وبما أنَّ معظم الشركات تخفق في العام الأول فإنَّ حملة تسويقٍ فعالة من خلال أحد الأشخاص المؤثِّرين يمكن أن تشكل الفارق بين الإفلاس وبين الحصول على الثقل المطلوب في البداية لتحقيق الأرباح.
يمكن للتسويق من خلال الأشخاص المؤثِّرين أن يتَّخذ عدداً من الأشكال وذلك اعتماداً على ما تأمل أن يقوم به الشخص المؤثِّر لشركتك مثل:
- صياغة محتوى بهدف جعل الشخص المؤثِّر يشاركه في صفحته الشخصية.
- وضع عرض لتقاسم الأرباح بهدف جعل الشخص المؤثِّر شريكاً.
- إرسال معلومات مثيرة بهدف جعل الشخص المؤثِّر ينشر شيئاً ما عنك أو عن شركتك.
- أن تعرض عليه الاستفادة من جمهورك بهدف الحصول منه على محتوىً حصري (كمقابلة).
وعلى النقيض من استراتيجيات اكتساب الزبائن السابقة فليس ثمَّة طرائق جاهزة فعليَّاً للتواصل مع أشخاص مؤثِّرين من المستوى الرفيع. إذ إنَّك تتعامل مع أشخاص يجري التواصل معهم باستمرار فالتواصل معهم يُعَدُّ غالباً أقرب إلى الفن من قربه من العلم.
التحويل: تحويل حركة المرور إلى زبائن
بعد أن جلبت الزوار إلى موقعك من خلال قنوات الاكتساب المتنوعة التي تحدثنا عنها توَّاً، فقد حان الوقت لـ "تحويل" هؤلاء الزوار إلى زبائن. إذ تشير كلمة "التحويل" إلى اتخاذ الزوار لإجراءٍ مُحدد عند الوصول إلى موقعك الإلكتروني. وهو الهدف الموضوع لذلك الزائر والمقياس الذي يقاس النجاح على أساسه.
في بعض الحالات يكون الإجراء المقصود عمليةَ شراء، وفي هذه الحالة "يتحول" الزائرون من خلال شراء المنتجات ويكون عدد "التحولات" مطابقاً لعدد عمليات البيع.
ولكنَّ التحولات لا تقتصر على عمليات البيع، فالشركات يمكنها أن تقرر جعل أي من الإجراءات الآتية التحول المستهدف بدلاً من كون هذا التحول هو عملية البيع المباشرة:
- اتصال الزائر بالشركة.
- اشتراك الزائر في قائمة البريد الإلكتروني.
- تسجيل الزائر لإجراء تجربة مجانية.
- تحميل الزائر للـ " lead magnet".
- قيام الزائر بعملية تبرع.
- تعبئة الزائر لاستمارات تفصيلية.
يسعى أصحاب المواقع الإلكترونية والمسوِّقون إلى زيادة عدد الزوَّار الذين يقومون باستخدام الطرائق المذكورة أعلاه أو "يتحولون" عن طريقها عبر عملية يُطلَق عليها اسم "تحسين معدَّل التحول".
تحسين معدَّل التحول (CRO):
إنَّ "تحسين معدل التحول" هو طريقة منهجية لزيادة النسبة المئوية لزوَّار الموقع الذين يقومون بـ "الإجراء المنشود". إذ يستعمل الـ (CRO) التحليلات، والتغذية الراجعة التي يقدمها المستخدمون، وطرائق أخرى لمساعدة الشركات على الحصول على أقصى استفادة من حركة المرور الحالية لديهم عبر تحديد الأهداف الأساسية، وتنقيحها، وتلبيتها من خلال صفحات الإنترنت الخاصة بهم.
بعبارةٍ بسيطة، إن الـ (CRO) هو عملية تحسين أداء موقعك الإلكتروني بحيث يقوم المزيد من زوارك بما ترغب في أن يقوموا به.
ولكن كيف ذلك؟ على الرغم من أنَّ الـ (CRO) يتضمَّن عمليةً منهجية ملائمة لمواقع محددة إلَّا أنَّ التغييرات تستهدف غالباً بعض العناصر الأساسية للصفحة:
- الصياغة: صياغة الصفحة، ولغتها، ونبرتها، ومحتواها.
- التصميم: استعمال المواد المرئية لتحسين الرسالة.
- التنقل (Navigation ): جعل الزوار ينساقون بسرعة وبشكلٍ بديهي نحو الدعوة الموجة إليهم.
- الدعوة لاتخاذ الإجراء (Call To Action): حث الزوار على القيام بالإجراء المطلوب.
يُعَدُّ الـ (CRO) مهمَّاً لأنَّه يشكل ثلث معادلة الإيرادات لديك. فبالنسبة إلى موقعٍ إلكتروني يبحث عن جني المال تبدو معادلة الإيرادات الأساسية على الشكل الآتي:
حركة المرور × معدل التحول × السعر = الإيرادات
1000 زائر في اليوم × 5% معدل التحول × 10$ = 500$
ولزيادة الإيرادات نستطيع زيادة أيِّ واحدٍ من المتغيرات الثلاثة ضمن المعادلة: حركة المرور، أو معدل التحول، أو السعر.
لقد تحدثنا سابقاً عن اكتساب حركة مرور لذا فأنت تعلم أنَّ قنوات اكتساب الحركة لها تكلفتها سواءً كانت هذه التكلفة مالاً، أم وقتاً، أم مزيجاً من الاثنين. فزيادة حركة المرور يمكن أن تكون مكلفة لا سيما إذا لم تتحول هذه الحركة إلى زبائن عندما تصل إلى موقعك الإلكتروني.
وزيادة السعر ممكنة، ولكن ثمَّة سببٌ جعلك تختار السعر الحالي على الأرجح، وزيادة السعر ببساطة ليس دائماً خياراً معقولاً.
وهو ما لا يدع أمامك إلَّا معدل التحول، فمعدل التحول يُعَدُّ مهمَّاً للغاية لأنَّ زيادةً صغيرةً فقط يمكن أن يكون لها تأثير كبير في العائدات لديك. فإذا استخدمت تكتيكات الـ (CRO) لتحسين الصياغة لديك وزيادة معدل التحول من 5% إلى 7% فإنَّك ستحسِّن إيراداتك بنسبة 40% من 500 دولار في اليوم إلى 700 دولار في اليوم.
يُعَدُّ مجال تحسين معدَّل التحول مجالاً مهماً وناشئاً مع ارتفاع الطلب عليه ومحدودية العرض.
- يتراوح معدل التحول عادةً بين 1-3% (المصدر: Steelhouse).
- تنفق الشركات عادةً 92 دولارً لجلب العملاء إلى مواقعها الإلكترونية ولكنَّها لا تنفق سوى دولاراً واحدً لتحويلهم إلى زبائن (المصدر: Eisenberg Holdings).
- انخفض رضا الشركات عن معدل التحول لديها في الأعوام الأربعة الأخيرة، إذ إنَّ حوالي 22% من الشركات فقط راضية عن معدلات التحول لديها (المصدر: Econsultancy).
- تواجه 75% من الشركات مشكلةً في إيجاد الخبرة الملائمة من أجل تحسين نسخة صفحة الهبوط (landing page) لديها.
إليك هذا المثال حول ما يمكن أن يقوم الـ (CRO) به. فقد كان موقع (Highrise) قادراً على زيادة معدل التحويل في صفحته على الإنترنت بنسبةٍ تصل إلى حوالي 100% (ضِعْف الإيرادات) من خلال تغيير بعض الأجزاء المهمة في الصفحة.
يستخدم أخصائيو الـ (CRO) طريقةً منهجية لتحسين التحولات والحصول على مكاسب كبيرة كالتي تظهر في الصورة أعلاه. وفي حين يمتلك كل خبير منهجاً مختلفاً إلَّا أنَّ الخطوط العامة الأساسية تبدو إلى حدٍّ كبير كعمليةٍ علمية:
- حلل البيانات الحالية واجمع بياناتٍ جديدة.
- ضع بشكلٍ افتراضي مجموعة من التغييرات التي يمكن أن تحسِّن الأداء.
- أنشئ صفحات تتضمن تلك التغييرات وتحقق من أدائها موازنةً بالصفحات الأصلية (ما يُعرف بالـA/B testing).
- حدد نقاط القوة وكرر العملية.
رعاية العملاء المحتملين (Lead Nurturing):
لقد أصبح الزبائن مثقَّفين بشكلٍ متزايد إذ إنَّهم يقضون مزيداً من الوقت في البحث قبل أن يكونوا مستعدين للقيام بعملية الشراء. وبناءً على ذلك لا تسعى العديد من الشركات إلى القيام بعمليات البيع بشكلٍ مباشر، بل تحاول بدلاً من ذلك اكتساب "عملاء محتملين" (leads) ومن ثمَّ رعاية هؤلاء العملاء المحتملين ليقوموا بعمليات شراء من خلال قمع التحويل الذي ذكرناه سابقاً.
"فالعميل المحتمل" هو الزائر الذي يقدم لك نوعاً من أنواع معلومات التواصل متوقعاً منك أن تتواصل معه في المستقبل القريب. ومن ضمن أبرز أنواع العملاء المحتملين الأشخاص الذين يسجلون في قائمة البريد الإلكتروني، أو الذين يسجلون للحصول على نسخة مجانية من المنتج، أو الذين يبدؤون نسخة تجريبية مجانية، أو الذين يتصلون مع الشركة للحصول على مزيدٍ من المعلومات.
تُستخدَم عملية الـ (CRO) نفسها والتي ناقشناها توَّاً للحصول على العملاء المحتملين وللحصول على المبيعات كذلك، ولكن على النقيض من المبيعات فإنَّ العملاء المحتملين لا يقدمون لك دائماً إيراداتٍ فورية. إذ إنَّ العملاء المحتملين يجب أن يمروا بعملية متقدمة تُسمى "رعاية العملاء المحتملين" وذلك لتحويلهم إلى زبائن بشكلٍ تدريجي.
ولكن لماذا تزعج العديد من الشركات نفسها بجمع العملاء المحتملين بدلاً من التوجه مباشرةً إلى البيع؟
ثمَّة جوابان عن هذا السؤال:
- دورة الشراء الخاصة بالمستهلك (Customer Purchase Cycle).
- القيمة الحياتية للمستهلك (Customer Lifetime Value).
إنَّ دورة الشراء هي العملية التي يمر بها المشتري عند القيام بعملية شراء. فكما سترى في الصورة أدناه فإنَّ لحظة اتخاذ القرار بشكلٍ فعلي عند القيام بعملية الشراء لا تشكل سوى نسبةٍ صغيرةٍ فقط من هذه العملية.
إذا حَصَلْتَ على زبونٍ مُحتمل في مرحلة التعرف أو مرحلة التقويم فإنَّ فرصة تحويله حينئذٍ ستكون ضئيلةً جدَّاً، وما لم تترك جهودُك في إشهار علامتك التجارية أثراً لا يُنسى أو ما لم يكن هذا الزبون متهيئاً لتذكُّر علامتك التجارية من خلال وسائل أخرى فإنَّه سينسى على الأرجح كل شيءٍ عنك عندما يتابع طريقه في الدورة.
أمَّا عندما تتحصَّل على هؤلاء الأشخاص بصفتهم عملاء محتملين فإنَّ ذلك يمكِّنك من البقاء على تواصلٍ معهم، وبناء الثقة/الحد من المخاطر، وحفظ علامتك التجارية في أذهانهم بحيث يكونون مستعدين للقدوم إليك عندما يصلون إلى نقطة اتخاذ القرار تلك.
ومن الأسباب الأخرى التي تجعل المنظمات تختار تركيز اهتمامها على العملاء المحتملين القيمة الحياتية للزبون. فاحتمال شراء الزبائن الحاليين من الشركة يزيد خمسة أضعاف على احتمال قيام الزبائن المحتملين بذلك، والزبائن الذين يترددون بشكل متكرر ينفقون أكثر من الزبائن الجدد بنسبة تصل وسطيَّاً إلى 67%.
بمعنى آخر فإنَّك عندما تحصل على زبونٍ ما فإنَّ قيمة هذا الزبون أكثر بكثيرٍ عادةً من سعر الشراء المبدئي.
وعلى ذلك فإنَّ الشركات التي تفهم القيمة الحياتية للزبون ترغب في مزيدٍ من الاستثمار للحصول على زبائن جدد. وبما أنَّ الزوار الجدد للمواقع الإلكترونية يتحولون عادة بنسبةٍ تتراوح بين 1-3% فإنَّ الشركات بدأت بالحصول على معدل تحول أعلى من خلال جمع عناوين البريد الإلكتروني مقابل تقديم محتوى مثير للاهتمام، أو أدوات، أو مصادر مثيرة للاهتمام ومن ثمَّ استعمال التسويق من خلال البريد الإلكتروني لرعاية هؤلاء العملاء المحتملين وتحويلهم إلى زبائن.
الاحتفاظ: إعادة استهداف الزبائن الحاليين
يُعَدُّ الاحتفاظ بالزبائن المحطة الأخيرة في رحلة التسويق الرقمي، وبفضل حديثنا السابق عن القيمة الحياتية للمستهلك فأنت مستعدٌّ بالفعل وجاهز للانطلاق.
فكما ذكرنا سابقاً أنّ احتمال شراء الزبائن الحاليين من الشركة يزيد خمسة أضعاف على احتمال قيام العملاء الجدد المحتملين بذلك، كما أنَّ الزبائن الذين يترددون بشكلٍ متكرر ينفقون بشكلٍ وسطي أكثر من الزبائن الجدد بنسبة 67%.
هذا يعني أنَّ الاحتفاظ بالقاعدة المتنامية لزبائنك وإعادة استهدافها يُعَدُّ أساسيَّاً لبناء شركةٍ ناجحة.
وللقيام بذلك فإنَّنا نحتاج إلى وضع بضعة أهداف:
الرضا: وهو أن تقدِّم للزبائن ما اشتروه بالفعل. إذ إنَّك من دون تلبية هذا الهدف لن يكون ثمَّة معنى لأي شيء آخر تقوم به. فتقديم منتجٍ رائع أو خدمةٍ رائعة مترافقٍ أو مترافقةً بدعم مناسبٍ وفعال يُعَدُّ الأولوية الأولى عند الاحتفاظ بالزبائن.
ولهذا السبب فإنَّه في قصص النجاح المعاصرة، كـ "بوفر" (Buffer)، فإنَّ أكثر من ثلث الموظفين لدى الشركات مكرَّسون فقط لخدمة الزبائن ودعمهم. إذ يُعَدُّ الزبائن السعداء معادلة رائعة لنمو الشركات.
التوسُّع: وهو يتعلق بحل مزيد من مشاكل زبائنك وتقديم فرص إضافية لهم ليعطوك المال. قد يكون ذلك من خلال بيعهم خطة مرتبطة بالخدمة (service plan) بحيث تكون أكثر تقدماً وأغلى ثمناً، أو عرض منتجات تكميلية عليهم، أو أي أشياء أخرى.
لكن إذا فكرت في عملية "انتزاع الأموال" من زبائنك فإنَّك ستخفق في الاحتفاظ بهم. إذ إنَّ المفتاح يكمن في إيجاد طرائق لزيادة القيمة التي تسطيع تقديمها لهم وهو ما سيجعل إنفاق أموال إضافية خياراً سهلاً بالنسبة إليهم.
التأييد: وهو يتمحور حول تحويل زبائنك المنتظمين إلى مدافعين عن علامتك التجارية. إذ يمكن تحقيق ذلك في المقام الأول من خلال "برامج الإحالة" (referral programs) والتي تكافئ زبائنك المنتظمين عند جلب زبائن جدد إلى المجموعة.
حيث يتحفز الزبائن إلى إحالة الأصدقاء والعائلة عندما تصب المكافآت في صالح الطرفين. حاول إنشاء برامج إحالة تقدم أرباح ذات معنى لكلٍّ من الشخص الذي قام بالإحالة وللزبون الذي تمت إحالته.
عند وضع هذه الأهداف الخاصة بالاحتفاظ من المهم أن تفهم الموضع المُستهدف في عمر الزبون. حيث يمكن تحليل هذه العملية كذلك إلى ثلاثة أقسام:
الاحتفاظ قصير المدى: والذي يركِّز اهتمامه على ربط المستخدمين بالقيمة التي تقدمها شركتك في أسرع وقت ممكن. فالوقت الذي لديك لمساعدتهم على استخدام منتجك أو خدمتك لتلبية أهدافهم هو وقتٌ محدود. وإذا لم تتكوَّن لدى الزبون تلك اللحظة التي يتولد لديه فيها انطباع إيجابي خلال مدة قصيرة نسبيَّاً من زمن استعماله لمنتجك فمن المحتمل أن يهمل منتجك أو خدمتك وألَّا يحاول تجريبه مرةً أخرى أبداً.
وبالإضافة إلى المنتج الرائع أو الخدمة الرائعة، والتجربة التي يتعرف من خلالها الزبون على المنتج، والدعم المميز للزبائن، فإنَّ إحدى أفضل الطرائق للوصول إلى احتفاظ قصير المدى هي من خلال الدورات التعليمية التفاعلية التي تجعل الزبائن الجدد يتعرفون على منتجك أو خدمتك أو يستعملونها بشكلٍ فعلي لحل مشاكلهم. فإذا كنت تستطيع تأسيس دورة تعليمية تفاعلية ومسلية بدلاً من بذل الجهود التقليدية المضجرة فإنَّ هذه التقنية سيكون لها تأثيرٌ أكبر على الاحتفاظ قصير المدى.
الاحتفاظ متوسط المدى: يتركز الاهتمام هنا على تحويل منتجك أو خدمتك إلى جزءٍ اعتياديٍّ من العملية التي يقوم بها زبائنك أو من حياتهم الاعتيادية. فلا تجعل الأشخاص يستخدمون منتجك من حينٍ إلى آخر فقط، إذ إنَّ المنتج يجب أن يكون جزءاً جوهريَّاً من أنشطتهم الاعتيادية إذا كان ذلك ممكناً.
وبالإضافة إلى أساسيات خدمة الزبائن ودعمهم فإنَّ الطريقة الفضلى لتحقيق تأثير فيما يتعلق بالاحتفاظ متوسط المدى هو من خلال إطلاعهم وتدريبهم بشكلٍ منتظم. قد يكون ذلك من خلال سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني، أو التدوينات، أو الفيديوهات، إلخ. حيث إنَّ الوسيط الذي يُقدَّم المحتوى من خلاله ليس بأهمية المحتوى نفسه. ومثلما عليه الحال في الدورات التعليمية حاول جعل جميع المحتوى التعليمي محفِّزاً إلى المشاركة، ومسلِّياً، ومرتبطاً بشكلٍ مباشر بمنتجك أو خدمتك.
الاحتفاظ طويل المدى: يتركَّز الاهتمام هنا على إلحاق مجموعة من العروض التي تحل العديد من المشكلات الإضافية المرتبطة بعمليات الشراء الأولية بمنتجك الأولي أو خدمتك الأولية. فحينها لا تعود أنت المُنتَج الذي يستخدمونه بل تصبح العلامة التجارية التي يلجؤون إليها عندما يحتاجون إلى شيءٍ ما في هذا المجال من حياتهم.
ولنقدِّم مثالاً عن مراحل الاحتفاظ بالعودة إلى المثال الذي يتحدث عن "تسلق الجبال":
- الاحتفاظ قصير المدى: اشترى أحد الزبائن مجموعة من أدوات تسلق الصخور الخاصة بالمبتدئين وأحبها بشكلٍ كبير.
- الاحتفاظ متوسط المدى: لقد أصبح الزبون يتسلق الجبال بشكلٍ أكبر ويستخدم المعدات الخاصة بالمبتدئين التي اشتراها منك، بالإضافة إلى بعض القطع الخاصة بذوي المستوى المتوسط، في كل مرةٍ يذهب فيها إلى تسلق الجبال.
- الاحتفاظ طويل المدى: يزور الزبون موقعك الإلكتروني أولاً في كل مرةٍ يرغب فيها في الاطلاع على ما يتعلق بتسلق الجبال أو في شراء شيءٍ يتعلق بتسلق الجبال.
يتمحور كلٌّ من الاحتفاظ و"تحسين قيمة العملاء" (Customer Value Optimization) حول تمتين العلاقة بين الشركات وبين زبائنها. يمكن لهذه العملية أن تستخدم كل عنصر من عناصر التسويق الرقمي التي تحدثنا عنها في هذا المقال.
الأفكار النهائية:
يُعَدُّ مصطلح التسويق الرقمي مصطلحاً عاماً مرتبطاً بتسويق المنتجات أو الخدمات باستخدام التكنولوجيا الرقمية، ولا سيما التسويق عبر الإنترنت، وهو ما تحدثنا عنه في المقام الأول في هذا المقال.
إنَّ جوهر التسويق الرقمي مبنيٌّ على قمع التحويل والذي يمكن أن يُقسَّم إلى ثلاث مراحل:
- الاكتساب.
- التحويل.
- الاحتفاظ.
تسعى الشركات في العالم الرقمي إلى جذب زوار جدد من خلال استراتيجيات الاكتساب كالـ (SEO) والـ (PPC). ومن ثمَّ يمكن تحويل الزوار إلى عملاء محتملين وإلى مشترين في النهاية من خلال قمع التحويل نفسه. وفي النهاية تسعى الشركات إلى الاحتفاظ بهؤلاء المشترين بوصفهم زبائن طويلي المدى من خلال استراتيجية احتفاظ متعمدة.
أضف تعليقاً