هل هذا الخوف أمر مقلق؟؟؟
أم أنه أمر طبيعي جداً وهو يظهر عند كل الأطفال!!!
إن الخوف شعور إنساني طبيعي جداً...وإن هذا الخوف هو جزء طبيعي في تطورهم. وكل الأطفال يشعرون بالخوف في أوقات معينة في حياتهم ...
أحياناً يبدو العالم بالنسبة للأطفال الصغار مكاناً مرعباً، والأشياء التي تبدو لنا ككبار طبيعية وآمنة تماماً، قد تبدو لهم مؤذية ومخيفة...
فكم من طفل صرخ عندما انقطع التيار الكهربائي وأصيب بالهلع!!!
وكم من طفل بكى لما بدأت السماء ترعد وتمطر بغزارة!!!
وكم وكم وكم.................
وهنا يكمن دورنا ...إذ يجب أن يعلم الأبوان أن بمساعدتهما ورعايتهما لطفلهما، يمكن أن يفهم مخاوفه ويعرف كيف يتغلب عليها.
دعونا نبحث في الأسباب الرئيسية التي تسبب الخوف عند الطفل:
يقسّم د. تامر الجويلي – مدرس الطب النفسي بجامعة القاهرة – مخاوف الأطفال كالآتي:
- الخوف من الغرباء:
يبدأ الطفل فى مرحلة من مراحل حياته باكتشاف الأشخاص ويرى أن هناك أشخاص قريبين منه وآخرين ليسوا كذلك، ويشعر بهم غرباء عنه كأصدقاء العائلة أو بعض الجيران ...وهذه هي بداية ما يسمى بالخوف من الغرباء
- الخوف من الانفصال وفوبيا المدرسة:
بعد مرحلة الخوف من الغرباء يتحول خوفه إلى خوف من الانفصال، وهو خوف الطفل من الانفصال عن أمه أو عن الشخص الذي يرعاه وكذلك الخوف من بيئة جديدة لم يعتاد عليها. الخوف من الانفصال يكون طبيعياً حتى سن السادسة ولكن يمكن أن يتحول بعد ذلك إلى "فوبيا المدرسة" وهو إن استمر يكون مرض وليس مجرد خوف. يجب أن تختفي "فوبيا المدرسة" في أول 3 سنوات من عمر الطفل،وذلك بمساعدة الأهل والمعلمة، وإذا لم يحدث ذلك، قد يحتاج الأمر لعلاج نفسي متخصص.
- المخاوف المكتسبة:
وهو من أبشع أنواع المخاوف لأنها مكتسبة أي أن الطفل يكتسبها من الأهل أو الأخوة الأكبر منه سناً أو من المربية الموجودة في المنزل ...ويكون كالخوف من الأشباح، الظلام، لعب معينة، الأصوات العالية،الظلام، النافذة الموجودة في الغرفة، الوحش الذي سيلتهمه ..وما إلى ذلك.... وكلها أمثلة للمخاوف المكتسبة حيث أنها تكتسب عن طريق التعلم.
على سبيل المثال، إذا شاهد الطفل فيلماً مرعباً عن الأشباح، العنف، أو الظلام سيخاف منها وسترتبط هذه الأشياء لديه بالخوف. يوضح د. تامر أنه في السن الصغير يتعلم مخ الطفل من خلال الربط بين الأشياء.
أي إذا تعلم الطفل مثلاً أن يشعر بالأمان من خلال "البصر"، فيجب أن تكون لديه رؤية واضحة طوال الوقت، وبما أن الظلام يهدد بصر الطفل فبالتالي يهدد شعوره بالأمان لأنه اعتاد على رؤية الأشياء التي حوله و الأشخاص الذين يعرفهم ويشعر بالأمان معهم.
يقول د. تامر: "قد تتعلق المخاوف المكتسبة أيضاً بالبيئة."
على سبيل المثال، الأطفال الذين يعيشون في الريف قد لا يخافون من حيوانات الحقل أو من الحشرات حيث أنها حولهم في كل مكان، ولكن قد يخافون من الأشباح، أو من بعض القصص الأسطورية التي تحكى في بعض المناطق الأخرى. على الجانب الآخر، قد يخاف طفل المدينة من حيوانات الحقل ومن الحشرات لأنها ليست مألوفة بالنسبة له.
- الوالدان:
قد يكون الوالدان دون قصد هما السبب في مخاوف طفلهما. فقد يعرضان طفلهما لسماع قصص مخيفة سواء منهم أو من مربيته أو من أي شخص يقوم برعايته، أو قد يهمل الأبوان الإشراف على ما يشاهده الطفل في التلفاز ، أو قد يقوم الأبوان بمناقشة موضوعات أمام الطفل لا يستطيع استيعابها، أو قد يكون أحد الأبوين يعاني من مخاوف خاصة به مثل الخوف من الظلام، الأشباح،الحشرات …الخ حيث يمكن أن تنتقل هذه المخاوف إلى الطفل. فخوف الأم من الظلام مثلاً ونومها والنور مضاء قد ينتقل بسهولة إلى الطفل.
- البيئة المحيطة بالطفل:
قد يكون الطفل خائفاً من البقاء في البيت بمفرده أو تحت رعاية أخيه الأكبر دون إشراف أبويه أو شخص كبير خاصةً إذا كان هذا الأخ الأكبر يتربص به أو يخيفه كنتيجة لغيرته منه،أو لانزعاجه من طلباته...
- التجارب المؤلمة:
إن تعرض الطفل لتجربة أليمة مثل مرض أحد أفراد الأسرة القريبين منه، أو حدوث وفاة في الأسرة قد يسبب له الخوف بل قد يكون سبباً في إصابته باكتئاب في حياته فيما بعد.
- الخلافات الزوجية:
إن الخلافات الزوجية من أهم الأسباب وراء عدم شعور الطفل بالأمان وقد يتوجه خوف الطفل إلى شيء آخر مثل لعبة معينة أو الظلام، …الخ. هذا خوف ارتباطي، حيث لا تكون اللعبة هي السبب الرئيسي في الخوف.
- نقص المعرفة:
نقص معرفة الأطفال وعدم فهمهم للأمور بشكل جيد من الأسباب الشائعة الأخرى وراء مخاوف الأطفال.
على سبيل المثال، قد لا يستوعب الطفل مفهوم النكتة، فقد يداعبه شخص كبير ويقول له أنه معجب بأصابعه الصغيرة وأنه سيأخذها معه، في هذه الحالة قد يفهم الطفل هذا الكلام على أنه حقيقة ويصبح خائفاً من ذلك الشخص ومن الموقف ذاته.
- استقلالية الطفل واعتماده على نفسه:
عندما يبدأ الطفل في الاعتماد على نفسه، مثل مشيه وحده لأول مرة، قد يتملكه الشعور بالخوف. سريعاً ما يبدأ الطفل في ملاحظة أنه مثلما يستطيع المشي والابتعاد عن أمه أو عن الشخص الذي يقوم برعايته يمكن لأمه أيضاً أو لذلك الشخص أن يبتعد عنه، ومن الصعب على الطفل أن يشعر بالأمان خلال هذه التغيرات.
- كيفية تهدئة مخاوف الأطفال:
- استمعا لطفلكما:
اسمحا لطفلكما بالاعتراف بمخاوفه ومناقشتها. احترما مخاوفه وتقبلاها دون الحكم عليه أو توبيخه أو السخرية منه لأنها بالنسبة له تعتبر مخاوف حقيقية. هذه هي أفضل طريقة لمساعدة طفلكما.
- تعاملا مع مخاوف طفلكما المتعلقة بالمدرسة:
يوضح د. تامر أن الآباء يجب أن يتعاملا بشكل مباشر مع مخاوف طفلهما المتعلقة بالمدرسة. يجب أن يعرف الأبوان ما إذا كان أحد يتربص بطفلهما في المدرسة، أو ما إذا كان أحد مدرسيه يعامله بعنف، أو إذا لم يكن الطفل قادراً على منافسة زملائه، أو إذا كانت لديه مشاكل أخرى.
الأطفال الحساسون قد يكونون أكثر عرضة لهذه النوعية من المخاوف. في البداية، تعتبر المدرسة بالنسبة للطفل مكاناً مخيفاً ولمساعدة الطفل في التغلب على هذه المخاوف، يجب أن يكون هناك جهد مشترك من قبل الأبوين والمدرسة معاً. هناك سبب آخر في هذه النوعية من المخاوف وهو أن تكون الأم نفسها لديها خوف من الانفصال مما ينعكس على طفلها.
- خلصا طفلكما من خوفه بتعريضه تدريجياً للشيء الذي يخيفه:
عرضا طفلكما تدريجياً للشئ أو الحيوان أو الموقف الذي يخيفه. بتكرار تعريض الطفل لما يخاف منه، سيستطيع الطفل فهم الأمر أياً كان الشيء الذي يخاف منه، وسيختفي السبب وراء خوفه. على سبيل المثال، إذا كان الطفل خائفاً من القطط، يمكن لوالديه أن يعرضاه لرؤية القطط تدريجياً باصطحابه لمكان فيه قطة لكي يراها الطفل من بعيد. بعد مرة أو بعد عدة مرات من مشاهدة القطة، يمكن للطفل أن يقوم بالتربيت عليها إذا أبدى استعداداً لذلك، ثم يمكنه بعد ذلك إطعامها، ..الخ. هذا يجب أن يتم بتدريج شديد، فبهذه الطريقة سيستطيع الطفل التحكم في الشيء الذي يخيفه وبذلك يستطيع فهم مخاوفه والتعامل معها.
- ساعدا طفلكما على التحكم في خياله:
ينصح د. تامر قائلاً: "اجعلا طفلكما يتحدث عن المخاوف الموجودة بخياله، وحاولا أن تجعلاها ظريفة أو مضحكة".
الهدف هو استخدام الشيء نفسه الذي يخيف الطفل ...مثلاً الشبح من الممكن السيطرة على خيال الطفل وبالتالي التغلب على مخاوفه حيث يمكن أن يطلب الأبوان من الطفل تخيل الشبح بشكل مضحك مرتدياً قبعة كبيرة ملونة أو ملابس المهرج...وما إلى ذلك.
- تخلصا من مصدر الخوف:
حاولا بقدر الإمكان التعرف على الأشياء التي تخيف طفلكما مثل الأصوات المزعجة، مشاهد معينة، الخلافات الزوجية، …الخ، ثم تخلصا منها.
لاتطلبا من طفلكما التخلص من خوفه لوحده أو بتوبيخه...
في كل لحظة يشعر بها طفلكما بالخوف، ضماه إلى صدركما ليشعر دائماً بالحنان والأمان...فأنتما ملاذه الأول والأخير.
أضف تعليقاً