التوظيف مرحلة يُكشف من خلالها عن مؤهلات الفرد المتقدم لشغل منصب معين، وفي الوقت نفسه هي فرصة جيدة للشركة للتعرف جيداً إلى شخصية الفرد؛ فالهدف الرئيسي لهذه العملية اكتشاف الجوانب السلبية في شخصية المتقدم للوظيفة، والتي يمكن أن تؤدي إلى فشله فيها، كما تركز على الجوانب الإيجابية التي يمكن أن تميز الفرد عن غيره، والتي يمكن للشركة استثمارها وتطويرها بما يخدم مصالحها.
على الرَّغم من صعوبة الموضوع، إلا أنَّ الشيء الجيد في هذا العصر هو انتشار العلم وتطوره وتطور المهارات والمعارف التي يمتلكها الأفراد؛ بمعنى أنَّ الفرصة موجودة أمام أرباب الأعمال لاختيار موظفين من بين عدد كبير من المتقدمين الذين يمتلكون المؤهلات المطلوبة في ظل وجود الأعداد الكبيرة من الشباب المتعلمين والراغبين في الحصول على فرصة عمل جيدة؛ ومن ثَمَّ وجود إمكانية حقيقية للعثور على الشخص المطلوب للعمل.
كيف تختار موظفي شركتك؟
أولاً: تحديد المهام المطلوبة إنجازها في العمل
قبل أن تعمد إلى اختيار الموظف المناسب يجب عليك تحديد المهام التي يجب أن يؤديها شاغل هذه الوظيفة؛ أي تحديد العمل المطلوب من خلال تحديد الواجبات والمهام والمهارات والكفاءات المطلوبة في مَن سوف يشغل الوظيفة، كما يجب عليك أن تقدم وصفاً وظيفياً للعمل؛ بمعنى شرح ظروف العمل ومسؤولياته والعلاقات التي سوف يؤديها الفرد باسم هذه الوظيفة.
ثانياً: استقطاب الأفراد
بعد تحديد المهام المطلوبة للوظيفة تبدأ الخطوة الثانية، وهي عملية استقطاب الأفراد أو كما تُسمى في علم الإدارة استقطاب الموارد البشرية؛ ويقصد به النشاط الذي تقوم به الشركة لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المتقدمين ليُفاضل بينهم على شغل الوظيفة؛ إذ يخضعون للمقارنة بين المؤهلات وجوانب الشخصية المختلفة، ويُختار الأفضل بينهم.
توجد مجموعة من الخيارات أمامك في محاولة جذب أكبر قدر من المتقدمين واستقطابهم، فبوصفك مديراً لشركة عليك أن تعلم أنَّ لديك مصدرين أساسين لجذب المتقدمين إليك هما:
1. مصادر داخلية:
1. الترقية:
هي السياسة التي تتيح للأفراد داخل الشركة بالحصول على فرصة الارتقاء إلى وظيفة أعلى تتناسب مع إمكاناته.
2. النقل والتحويل:
ويقصد بها نقل الفرد من وظيفة إلى وظيفة أخرى في الشركة نفسها، أو من قسم إلى قسم آخر في المستوى الإداري للوظيفة نفسها التي كان يشغلها؛ بمعنى إن كان الفرد يشغل رئيس قسم، فيجب أن يُنقل إلى وظيفة رئيس قسم أيضاً.
شاهد: 12 نصيحة من أجل مقابلات العمل
3. الموظفون السابقون:
أحياناً تحتاج الشركات إلى وظائف استشارية أو إلى أفراد يمتلكون خبرة كبيرة في عملها، وفي مثل هذه الحالات يمكن للمدير استقطاب الموظفين السابقين الذين عملوا ضمن الشركة للاستفادة من خبراتهم؛ فالشركة هنا على علم تام بالمخزون العلمي والمهاري الذي يمتلكه أيُّ فرد منهم.
4. المرجعيات الداخلية (الموظفون القائمون على رأس عملهم)
يمكن الاعتماد على الموظفين الموجودين داخل الشركة بوصفهم مصدراً هاماً للحصول على الموظف المطلوب؛ وذلك من خلال ترشيح من يجدونه مناسباً لشغل هذه الوظيفة من ناحية المؤهل العلمي والكفاءة المطلوبة؛ وهو من الخيارات الجيدة؛ وذلك لأنَّ من يعمل داخل الشركة سوف يقدم معلومات دقيقة عن أيِّ فرد يقوم بترشيحه.
هو من سوف يتحمل المسؤولية، فلن يقوم بترشيح شخص لا يجد فيه الكفاءة المطلوبة، إضافة إلى أنَّ الفرد الذي يترشح عن طريق موظف قائم على رأس عمله داخل الشركة سيكون لديه إحاطة بأعمال الشركة وطبيعتها ومعلومات كافية عنها، وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ هذا الخيار يلجأ إليه قسم كبير من المديرين، وهو الأكثر استخداماً لا سيما في الشركات الكبرى.
2. المصادر الخارجية:
1. مكاتب التوظيف الحكومية:
هي المكاتب التي تنظم عملها، وتشرف عليها الحكومة إشرافاً مباشراً في أغلب بلدان العالم؛ إذ تنحصر مهمة هذه المكاتب في تسجيل طلبات الراغبين في إيجاد فرصة عمل، وتتصل بالمنظمات والشركات لمعرفة حاجتها من الموظفين؛ بمعنى تؤدي هذه المكاتب دور الوسيط بين طالبي العمل والشركات الراغبة في التوظيف، لكن من مشكلاتها أنَّ الأفراد من ذوي الكفاءات العالية لا يلجؤون عادةً إلى التسجيل فيها.
2. مكاتب التوظيف الخاصة:
تنتشر هذه المكاتب انتشاراً كبيراً لا سيما في الدول المتقدمة، لكن هذه المكاتب تُرسل مجموعة كبيرة من الأشخاص، وفي جزء كبير منهم لا يمتلكون المهارات المطلوبة؛ وذلك سوف يسبب إضاعة الوقت بالنسبة إلى الشركة.
3. الإعلان:
تلجأ الشركات عادة إلى الإعلان عن شاغر وظيفي عندما تعجز عن ملئه من داخلها أو عندما تكون بحاجة إلى خبرات محددة؛ فهي طريقة جيدة إذا ما أرادت الشركة الحصول على الخبرات النوعية أو امتلاك الفكر الجديد، ومن الملاحظ ازدياد الاعتماد على هذا النوع لا سيما بعد التطور الكبير والقفزات الهائلة التي حققتها مواقع التواصل الاجتماعية ومواقع الإنترنت المختلفة، ويُعلن عنها في العادة من خلال تلك المواقع أو الصحف والمجلات.
4. الجامعات المختلفة:
يمكن للشركة الاستفادة من الطاقات الشابة تحت مسمى التدريب؛ إذ يمكنها طلبهم للعمل لديها، وتدريبهم؛ ومن ثَمَّ تضمن التحاقهم بها عند تخرجهم.
ثالثاً: اختيار الموظفين
تنطوي عملية الاختيار عن تصفية طلبات المتقدمين؛ أي تقسيم طلباتهم إلى مجموعة تُقبل ومجموعة تُرفض طلباتها، وتُمثل هذه المرحلة الحيوية للشركة، فاختيار الفرد الكفء سوف يؤدي دوراً هاماً في مستقبل المنظمة، ويجب الانتباه هنا إلى أنَّه يجب التركيز على جوانب شخصية المتقدم كافة السلبية منها والإيجابية، وليس السلبية فقط، ومحاولة تصيد أخطائه، كما هو شائع عادة؛ فالهدف هنا يجب أن يتعدى الحاجة الحالية إلى الفرد، ويتجاوزها إلى التفكير بالأشياء التي توجد لديه، ويمكن استثمارها في المستقبل، وأي من الأعمال سوف تكون مناسبة له في المستقبل.
هذه العملية تمثل مرحلة خطرة؛ ففي الحقيقة تلتزم معظم الشركات بالمسؤولية تجاه المجتمع الذي توجد فيه، وترتبط معه بالتزام أخلاقي قد يمنعها من التخلص من فرد أُسيء اختياره، واكتشاف عدم صلاحيته للوظيفة لا سيما مع وجود النقابات العمالية والاتحادات المهنية.
يجب عليك قبل أن تقوم بعملية الاختيار أن تقوم بالخطوات الآتية:
1. طلب ملف المعلومات والبيانات الكامل عن الفرد المتقدم للوظيفة:
للتعرف إلى إمكاناته الحالية وطموحاته المستقبلية، ويجب أن يكون لديك استمارة موحدة لجميع المتقدمين قد ملأها المتقدمون، وتتضمن:
- معلومات شخصية: الاسم والعمر وعنوان الإقامة والحالة الاجتماعية.
- معلومات عن المؤهلات العلمية والشهادات التي يحملها والأماكن التي درس فيها.
- معلومات عن الحالة الصحية: كالطول والوزن والأمراض السابقة التي أصيب بها، وإذا كان يعاني أيَّ مرض في الوقت الحالي.
- معلومات عن الاهتمامات الشخصية، كالهوايات التي يمارسها، وكيف يقضي وقت فراغه.
- معلومات ثقافية: مثل ذكر المنظمات والأندية التي قام بالانتساب إليها.
- معلومات عن الناس القريبين منه الذين يمكن العودة إليهم عند الحاجة.
- يجب الحصول على المعلومات من قبل المتقدم حصرياً، وبخط يده، وليس من خلال طباعة إلكترونية.
شاهد: 6 نصائح لتوظيف أفضل موظف ممكن
2. التحلِّي بالموضوعية والابتعاد عن الذاتية والتحيز:
لكي تنجح عملية اختيار موظفيك؛ ومن ثَمَّ تؤسس لنجاح شركتك، عليك أن ترفع شعار الموضوعية، فأيُّ تحيز يمكن أن يتسبب باختيار شخص غير مناسب سوف يؤثِّر سلباً في سير العمل.
3. التأني في الاختيار وعدم التسرع:
فالسرعة في الاختيار تعني عدم الدقة؛ لذا امنح نفسك الوقت الكافي للاختيار.
4. توحيد إجراءات الاختبار:
عليك أن تعمل على تحقيق العدالة بين المتقدمين؛ إذ يخضع جميع المتقدمين للإجراءات نفسها مع إتاحة هامش للمرونة؛ أي خلال المقابلة ليس بالضرورة منح جميع المتقدمين الوقت نفسه، فبعض الأفراد يحتاج إلى 10 دقائق فقط ليتكلم فيها عن مؤهلاته والأشياء التي يمكن له أن يفعلها، بينما قد يحتاج فرد آخر إلى وقت أكثر من ذلك، إضافة إلى أنَّ بعض الوظائف أكثر أهمية من وظائف أخرى، فمثلاً لوظيفة مساعد مدير قد تكفي مدة ربع ساعة، بينما إذا أردت أن توظف مدير قسم، فأنت هنا تحتاج إلى مزيد من الوقت.
5. محاولة كسب عدد كبير من المتقدمين:
فالعدد الكبير سيمنحك الفرصة لإيجاد ما تبحث عنه بالضبط، فهنا سوف تضع معايير صعبة تؤدي إلى اختيار أفراد بمواصفات وإمكانات وذات تأهيل عالٍ وخلاف ذلك صحيح، فعندما تكون أعداد المتقدمين قليلة سوف تخفض من تلك المعايير والشروط، وربما لا تختار الشخص المناسب.
6. نظِّم المقابلة جيداً:
فالمقابلة هي المرحلة الحاسمة في اختيار الموظف؛ إذ إنَّك قادر من خلالها على أن ترى المتقدم وتسمعه، وعليك أن تعي أهمية المعلومة التي سوف تحصل عليها من خلالها؛ بمعنى يجب أن تركز على المعلومات النوعية، وليس على كمية المعلومات.
لذا عليك قبل البدء في المقابلة إحضار ملف المتقدم الذي يتضمن سيرته الذاتية مع كافة الأوراق التي تبين شهادته العلمية ومؤهلاته وأماكن عمله وغير ذلك، وتدقيقها جيداً لتجنب حدوث أيِّ خطأ، واختر الأسئلة التي تريد طرحها بعناية، وضع مخططاً خاصاً بها؛ إذ تشمل جميع المجالات التي تحتاج إلى معرفتها عن المتقدم (النشاطات التي يمارسها، هواياته واهتماماته الشخصية، وطموحاته المستقبلية، وظروفه العامة، والأسباب التي دفعته إلى التقدم إلى هذه الوظيفة بالتحديد).
كما يجب أن تركز في لغة الجسد للمتقدم، ولا تنسَ أن تكون مصغياً جيداً، وأن تتحقق من المعلومات التي تشك فيها، ولا تخبر أيَّ شخص من المتقدمين بأنَّه حصل على الوظيفة إلا بعد أن تخرج النتائج جميعاً.
في الختام:
إنَّ عملية اختيار الموظفين تمثل إحدى أهم العمليات النوعية في الشركة، فمهما اختلفت الأنشطة التي تقوم بها الشركة وتنوعت، يبقى هدفها واحداً؛ وهو تحقيق الأهداف التي أُنشئت من أجلها، وأفضل طريقة لذلك هو اختيار موظفيها جيداً؛ ليكونوا قادرين على الإيفاء بمتطلبات أعمالها، وواجبات وظائفها، وتحقيق الأرباح لها، والعمل على تطويرها، وضمان استمرارها ونموها.
المصادر +
- خطوات اختيار الموظف المناسب
- كيف تختار الموظف المُناسب للعمل في شركتك؟
- أسامة الفراج، استقطاب واختيار الموارد البشرية، الجامعة الافتراضية السورية.
أضف تعليقاً