على أيِّ حال، تقع على عاتقنا جميعاً مسؤولية تعزيز تفاعل الموظفين مع العمل، وأيُّ طاقةٍ نستهلكها في التذمر من جيلٍ ما، أو مقارنته بجيلٍ آخر، هي بكل سهولة تبديدٌ للموارد. تجلَّى أحد أفضل الدروس التي تعلمتُها في تقدير قيمة الثقافات التي لست معتاداً عليها، مع ولدي المراهق. ابني ليس من جيل الألفية؛ وإنَّما يُعَدُّ حقيقةً من الجيل "زد" (Generation Z)، الذي يضم المولودين في بداية القرن الواحد والعشرين.
بغضِّ النظر عن تقسيم الأجيال زمنياً، فالحقيقة أنَّ كلَّ جيلٍ يُضيف شيئاً جديداً؛ فإذا كنَّا، كمُحترفي موارد بشرية ومديري أعمال، نعاني مشكلةً مع جيل الألفية، فما الذي سيحدث في السنوات القليلة القادمة حين يكتسح الجيل "زد" القوى العاملة بأعدادٍ كبيرة؟ علينا - بصفتنا قادةَ اليوم - تقدير قيمة الثقافة كلياً وكذلك اختلاف الثقافات بين الأجيال.
وكما ذكرت، ساعدني ولدي، إلى جانب تحفيز زوجتي لي، في اكتشاف أهمية الثقافة. وشأنه شأن جميع أفراد الجيل" زد"، كبُرَ ليصبح شخصاً يتقن فعلاً استعمال التكنولوجيا. لم يعلم أبداً معنى أن تكون "غافلاً عن شيء" أو كيف يبدو صوت الهاتف الأرضي، ولم يشاهد قَطُّ شريط تسجيل. وعلى الرغم من أنَّه يفتقر إلى الاطِّلاع على الماضي، وهذا مقبولٌ كلياً، إلا أنَّه يرتبط تماماً بالعالم الرقمي.
ثقافةٌ رقميةٌ:
كان يشاركني خيبات الأمل في اللعب، وكيف أنَّ بعض الأشخاص وقحون وأفظاظ أو متنمرون بكلِّ ما للكلمة من معنى. وفي ذلك الوقت، أهملت كلَّ شكاويه عن غير قصد؛ وذلك لأنَّني نظرت إلى ألعابه الرقمية كألعابٍ فحسب. ذكَّرتني زوجتي بلطف، بعد يومٍ محبطٍ مرَّ به خصوصاً، أنَّها تعني له أكثر من مجرد ألعاب، وأنَّ الأشخاص الذين يصادقهم على الإنترنت، هم حقيقيون بالنسبة إليه؛ ففي واقع الأمر، تلك هي ثقافته.
ما تعلمته أنَّه إن أردتُ أن أكون مطلعاً على حياة ولدي، عندها سأحتاج إلى الوقت لتعلُّم "معتقداته الاصطلاحية، ونماذجه الاجتماعية، والميزات الأساسية لمجموعات الأشخاص الذين لعب معهم على الإنترنت"؛ لذا بذلتُ جهداً لتعلُّم المزيد عن اللعب على الإنترنت، بما في ذلك علم المصطلحات الفنية، وتعلمتُ خلال بحثي التأثير الافتراضي غير المُعلَن للألعاب الضخمة على الإنترنت (MMOG) في العالم.
وبفضل شعبية الألعاب على الإنترنت، كلعبة "أوفر ووتش" (Overwatch) التي اكتسبت 30 مليون لاعبٍ في سنةٍ واحدةٍ فقط، كان واضحاً أنَّ ثقافة ولدي الرقمية في أقصى نشاطها. إن كنتَ - بصفتك قائداً - تواجه اليوم مشكلات في التعامل مع جيل الألفية أو فهمه، فأنت متخلف مسبقاً؛ فمن المرجح أن يحيِّرك الجيل" زد"، باستعمالهم المنتظم لمنصات التواصل الاجتماعي، مثل "سلاك" (Slack)، و"سناب شات" (Snapchat)، و"إنستغرام" (Instagram)، و"فيسبوك" (Facebook)، كوسائل أساسية للتواصل.
شاهد أيضاً: كيف تفهم العملات الرقمية؟
والآن حان الوقت لنجْهَز:
اليوم هو الوقت الذي ينبغي لمؤسستك البدء بدمج وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع الموظفين والمرشحين المُرتقبين للعمل. وسيعطي ذلك لشركتك ميزةً استراتيجيةً عندما تبدأ طلبات العمل من الجيل "زد" تنهال عليك من كل الجهات. إضافةً إلى ذلك، ينبغي علينا، بصفتنا محترفي موارد بشرية، ليس فقط تعرُّف الأفراد الذين يتقنون استعمال التكنولوجيا؛ وإنَّما الانضمام إليهم.
نعيش في مجتمع مُعولَم من دون حدودٍ رقمية؛ لذا علينا - لضمان نجاح مؤسستنا وأفضليتها التنافسية - أن نتكيَّف ونصبح خبراء فيما ستبدو عليه الثقافة الرقمية لموظفينا الحاليين والمستقبليين.
أمَّا بالنسبة إلى الذين يظنون منكم أنَّ ألعاب الفيديو هي مجرد "ألعاب" فحسب، وليست ثقافةً رقميةً مُزدهرة، فلديَّ أخبار سيئة لكم؛ فوفقاً لتقرير من شركة "إنترتينمنت سوفتوير أسوسييشن" (Entertainment Software Association) في عام 2015، يمارس نصف سكان الولايات المتحدة تقريباً ألعاب الفيديو؛ لذا ستكون الثقافة، سواء شخصية أم رقمية، عاملاً في المؤسسات الناجحة عند دخول الجيل القادم في القوى العاملة.
أضف تعليقاً