في اليوم الماضي إتّصل بي "روبرت" مالكُ إحدى الشركات الإعلاميّة، وعبّر لي عن إستيائهِ من أنّه لا يستطيع إنجاز قائمة المهام اليوميّة بسبب وابلٍ من الأسئلة والمشاكل وبسبب مختلف المُقاطعات الأُخرى التي يتعرّض لها يومياً من العُملاء والموظّفين.
"روبرت" لم يكُن يُريد أن يبدو لموظّفيه ذلك الشّخص السيّء الذي لا يكترث لهُم، فهو يسمح لهُم بمقاطعتهِ من خلال أسئلتهِم وطلبات المُساعدة الخاصّة بهِم. سواء أكان ذلك من خلال البريد الإلكتروني أو الهاتف أو حتّى الرّسائل النصيّة، أو من خلال قدومهِم إلى مكتبه والجلوس أمامه. وكان يميل إلى ترك ما لديه من أعمال خوفاً من أيّ تداعيات أو ردود فعل عنيفة في حال لم تُعالج قضايا موظّفيه فوراً.
ولحلّ هذه المُشكلة الدّائمة إقترحتُ الحلّ على "روبرت" ليدير هذه الإنقطاعات بشكلٍ أفضل ويُعيد توقُّعات النّاس حولهُ. بهذه الطّريقة يستطيعُ أن يكون الشّخص الوحيد الذي يملكُ وقتهُ ويومهُ بدلاً من السّماح للفوضى اليوميّة والإنقطاعات بأن تسيطر عليه.
مع أنّ هذا الحل يعتبر تكتيكيّاً، من المُهمّ أن نُدرك أنّ حل مُشكلة "روبرت" كان يحتاج القليل من العمل الجاد مع بعض الأمور التي كانت بحاجة للتّخطيط أو للإنهاء ليُدير يومه بشكل أفضل، لكن كان عليه تغيير بعض الأشياء في تواصله مع الآخرين وهذا التغيير كان سيحمي يومه ووقته ويبني له البُنية التي يحتاجُها في يومه دون التّأثير على علاقاتهِ ودونما أيّة أضرار جانبيّة نتيجة هذه العمليّة.
إليكَ عزيزي القارئ مثالاً من خطوتين في عمليّة التواصُل والتي تستطُيع الإستفادة منها في المرّات المُقبلة عندما يأتيك تقرير مُباشر حول قضيّة مُلحّة جدّاً في العمل، والجزأ الأهم هو أن تحفظ وقتك وتدعم الآخرين، وإدارة المُقاطعات التي قد تُحيطُ بالجدول الزّمني الخاص بك، دون أن تبدو بالنّسبة للآخرين شخصٌ حادُّ الطّباع.
الخطوة الأولى: تأكيد الأهميّة والإلحاح
إذا كُنت جالساً في مكتبِك ورنّ الهاتف، أو دخل شخصٌ ما مكتبكَ وسألكَ: "هل لديك بعض الوقت؟" بدلاً من الإجابةِ "بنعم" والتي ستكون نقطة الخلاف بالنّسبة لَك، أوّلا إبدأ بإدارة ردّة فعلك الداخليّة لتقول ذلك، عليك الردّ "بنعم" بشكل يحفظُ لك وقتك، وبنفس الوقت يجب أن تحترم احتياجات الشّخص الآخر.
بدلاً من ذلك، أجب قائلاً: أُقدّرُ لك مجيئك لطلب المساعدة منّي، أنا أعملُ الآن على إنهاء بعض الأعمال لشركة مُعيّنة، ويجبُ عليّ إرسال هذه الأعمال للزّبون خلال السّاعة القادمة. على كل حال، سأقوم بالإستجابة لطلبك ودعمه قدر المُستطاع مهما كان. بهذا الشّكل ستكون أعطيتهُ الاهتمام الذي يستحقُّه لكي تستطيعوا العمل سويّاً على ذلك الموضوع. تابع كلامك معهُ قائلاً: أعلمُ بأنهُ من المُهمّ بالنسبة لك أن تنتهي من هذا الأمر الآن، هل هُنالك شيءٌ يتطلّبُ حلّاً فوريّاً ويجبُ أن نُنهيه الآن أم من المُمكن أن ينتظر حتّى أُنهي عملي هذا لكي أستطيع تخصيص وقتي في التّركيز والإنتباه لموضوعِك؟
لنواجه الأمر. كلُّ شخصٍ يطلب المُساعدة، يعتقدُ أنّ ما يقوم به هو عملٌ مُنفرد، وهو أهمُّ عمل أو نشاط في اليوم. وبالنّسبة لهُ هو كذلك!
يعتقد أنّه بحاجة للإنهاء في الحال في أغلب الحالات، فالنّاسُ يصنعون هذا الضّغط على أنفسهِم. ولهذا السّبب، يعتمدون على استجابتك لهُم، فأنت إمّا أن تهدم أو تقوم ببناء الثّقة بينك وبين الآخرين من خلال تأكيدك لها فهذا يمثّل أولويّةً بالنسبة لهُم.
في حين نرغب جميعُنا بمُساعدة الآخرين عندما يطلبون منّا ذلك، فإنّ أغلب القضايا من هذا النّوع قد لا تكون حسّاسة إلى هذا الحَد، مع أنّ كلّ شيء اليوم يصنّفُ بأنّهُ أولويّة فوريّة.
بالتّأكيد في بعض الحالات، العديدُ منها لا يحتمل الإنتظار، لكن رغم ذلك إذا كان باستطاعتِك تقليص هذه الأنواع من المُقاطعات بنسبة 50%، فإنّ أكثر من 50% من حقّك في امتلاك الوقت قد أُخذ منك خلال اليوم. تخيّل كم سيُؤثّر عليك ذلك؟ بينما تتأثّر بمشاعر الآخرين، فإنّ هُناك أشياء بإمكانها الانتظار بكلِّ تأكيد. الفرقُ هو أنّك تجعلهُم يشعرون بأنّهُم في حالةٍ جيّدة رغم الإنتظار لأنّك بهذا الشّكل تستجيب لمطالبهِم بطريقة صحيّة أكثر.
مهما يكُن، فإذا لم تُسأل أبداً، فلن يكون بمقدورك التمييز بين ماهو عاجل وما هو غيرُ عاجل.
أضف تعليقاً