تُساهم الشراكة في توسيع شبكة العلاقات الاجتماعية، وهذا الأمر فرصةٌ هامَّةٌ لكسب عملاء جُدُد أو مستثمرين أو شُرَكاء إضافيين إن أرادوا ذلك، ويُصبح أمرُ الشراكة أكثر أهميةً عندما تريد البَدء بمشروع جديد، فالشركات الناشئة تحتاج إلى كثير من الجهد للوصول إلى المسار المهني الصحيح، سواءً جهد في الأفكار أم المال أم الخطط والدراسات.
وصولك إلى شريكِ عملٍ مناسب لمشروعك ليس بالأمر السهل، وأيضاً يشعر صاحب المشروع بكثير من الحيرة، فيشبه دخول الشريك إلى الشركة السلاحَ ذا الحدَّين، لذلك إن كنت تبحث عن شريكِ عملٍ مثالي، فأنت في المكان الصحيح؛ لأنَّ مقالنا اليوم سيوضِّح لك أهمَّ النقاط والقواعد التي يجب الانتباه لها عند اختيار شريك عملٍ، فتابع القراءة.
كيفيَّة اختيار شريك عمل مناسب لمشروعك:
يصبح اختيار شريك مناسبٍ لمشروعك أمراً سهلاً في حال اتَّبعت مجموعةَ النقاط الآتية التي تمنعك من الوقوع في فخِّ اختيار الشريك الخاطئ:
1. عدم الاعتماد على أقربائك:
من أكثر الأخطاء شيوعاً التي يقع بها كثير من أصحاب الأعمال، هو البقاء ضمن حدود العائلة عند التفكير باختيار شريك مناسبٍ للعمل بسبب الاعتقاد بأنَّ أفراد العائلة هم أكثر وفاءً لك، وهذا الأمر غير صحيح لأنَّ المعايير المهنية الصحيحة لا تتوفَّر كثيراً بين أفراد العائلة.
قد تجد أشخاصاً من خارج حدود العائلة، وربَّما من خارج حدود المدينة أوفياء لعملك لدرجةٍ لا يمكن توقُّعها، فلا تربط العلاقات العائلية والشخصية بالعمل.
2. توفُّر المهارات المُكمِّلة:
يمتلك كلُّ شخص مهارات معيَّنةٍ تعدُّ نقاط قوَّةٍ خاصة به، وأنت بوصفك صاحبَ مشروعٍ تمتلك خبرات تميِّزك ومهارات، ومن ثم تحتاج لشخصٍ يمتلك مهارات أخرى تكمِّل مهاراتك، فلا يجب اختيار شريك عملٍ نُسخةً عنك كما يفعل معظم أصحاب المشاريع لاعتقادهم بأنَّ شبيهك قادرٌ على تفهُّمك أكثر فتكون نسبة النجاح أعلى.
لا تفهم هذه النقطة على أنَّه يجب عليك اختيار شريكٍ يمتلكُ صفاتٍ ومهاراتٍ متناقضةً مع مهاراتك، بل يجب أن تكون مهاراته مختلفة وتضيف للشركة شيئاً مميَّزاً، فيحقِّق نجاحاً في الجوانب التي لا تملك الخبرة فيها.
3. امتلاك أهداف مشتركة:
أن تتَّفق مع شريكك في العمل في المهارات أمرٌ ضارٌ نوعاً ما، ولكن أن تتَّفق مع شريكك في الأهداف أمرٌ ضروريٌ، فالرغبة في النجاح وتحقيق الأرباح وترك بصمةٍ هامة في عالم الأعمال هي الأهداف الرئيسة التي تجمع الشركاء، فلا يجب أن تختار شريكاً يمتلك غاياتٍ غير مفهومةٍ أو يمتلك أفكاراً غير مُريحةٍ عن المستقبل، لذلك تأكَّد جيِّداً أنَّ الشريكَ لديه الأهداف التي تتماشى مع أهدافك فلا تُحدِث صراعاتٍ بشأن وجهات النظر والآراء مستقبلاً نتيجة اختلاف الأهداف.
4. امتلاك المبادئ والقيم الأخلاقية المُشتركة:
يعتقد بعضهم أنَّ التجارة وعالم الأعمال بعيدان عن القيم والمبادئ الأخلاقية، إلَّا أنَّنا نؤكِّد أنَّ هذه النقطة هامَّةٌ جداً، فعلاقتك مع شخص لا تتَّفق معه بالقيم الأخلاقية يعني أنَّ هذه العلاقة ستنتهي عاجلاً أم آجلاً، وهذا ما نريد الابتعاد عنه قدر الإمكان، لذلك من الضروري اختيار من يشبهك في القيم والمبادئ.
مثلاً أنت تُقدِّم منتجاتٍ مصنوعةً من مواد أوليةٍ ذات جودة عالية، بينما شريكك في العمل يريد تغيير هذه الاستراتيجية والاعتماد على مواد أقل ثمناً بهدف زيادة الربح، وهذا الأمر سيؤدِّي إلى تغيير وجهة نظر العملاء والمستهلكين بمنتجاتك، ومن ثم ستخسر سمعتك الحسنة بمرور الوقت ويقودك شريكك للخسارة بدل الربح.
أو مثلاً إذا بنيتَ علاقةً جيِّدةً مع الموظفين في الشركة وجعلتهم أوفياء لعملهم ويبذلون قصارى جهدهم، فيأتي شريكك ليغيِّر ذلك بتعامله معهم بطريقة تُقلِّل من شأنهم، ليتغيَّر ولاءُ الموظفين للشركة ويتراجع العمل في الشركة شيئاً فشيئاً.
شاهد بالفيديو: 7 أمور تميُّز رجال الأعمال الذين يملكون شركات بملايين الدولارات
5. توفُّر الثقة:
اختيار شريك عملٍ لمشروعك يجب ألا يأتي من علاقة سطحية تجمعك بالشريك، إنَّما العلاقة يجب أن تكون عميقةً تجعلك تثق بأنَّه قادرٌ على التعاون معك جدِّياً والتفكير مليَّاً في كلِّ خطوةٍ من الخطوات قبل اتِّخاذ قرارٍ، وفي بعض الحالات يحتاج أحد الشركاء إلى رمي المسؤولية كاملة في موضوع معيَّنٍ على شريكه، بسبب وجود قضايا أخرى تحتاج إلى الحلِّ، وفي هذه الحالة تحتاج أن تكون مطمئناً تجاه أمانته وأخلاقه.
فضلاً عن ذلك، فإنَّ وجودَ ماضٍ لك معه أو معرفتك كثير عن ماضيه المهني، يجعل الحكم عليه أكثر صحَّةً فقد تغريك المظاهر في بداية الأمر فتحكُم أحكاماً غير صحيحة وتحصد النتيجةَ لاحقاً، وهذا ما يُفسِّر أنَّ عدداً من أصحاب الأعمال يجعلون الأولوية دائماً للأشخاص ممَّن تَشاركوا معهم في وظيفة سابقةٍ أو تَشَاركوا تجربةَ عملٍ قديمة، وربَّما هذه الطريقة ناجحة جداً في اختيار شريك العمل.
6. الاستقرار المادي:
عالَم الأعمالِ ممتلئٌ بالمشكلات والخطوات المحفوفة بالمخاطر وخاصة المادية منها، ويحتاج ذلك للمغامرة المالية في كثير من الأحيان، لذلك لا يجب اختيار شريك عمل لديه مشكلات مالية كثيرة؛ لأنَّ المالَ هو سبب رئيسٌ لفشل كثير من الشركات.
كما يعدُّ المالُ سبباً لوجود كثيرٍ من المشكلات بين شركاء العمل، فقد يمتلك أحد الشركاء كلَّ الصلاحيات المالية، بينما يمتلك الآخر راتباً شهريَّاً فقط، الأمر الذي يولد كثيراً من الحساسية بين الشركاء لعدم التعادل بالقوة المالية، وقد يرغب الشريك الجديد فوراً بالحصول على مبالغَ ماليةٍ كبيرةٍ ولا يُمكن تحقيق ذلك في بداية العمل.
7. امتلاك الشغف ذاته:
الإنسان يتبَع شغفه وينجح في المكان الذي يجده مناسباً لشغفه، فلا تكفي الدراسة الأكاديمية والشهادات لجعل الإنسان ناجحاً وعليك التعلم من هذه الفكرة، فعندما تتعرَّف إلى الشخص المخوَّل ليصبح شريكك في العمل، فمن الضروري امتلاكه للشغف الكافي في مجال عملك ليشاركك متابعة كافَّةِ التطورات في مجال عملكما، مثل متابعة منظَّمات روَّادِ الأعمال والمؤتمرات والمنتديات وما تقدِّمه من نشاطات وتدريبات عملية عن التطورات التي تحدث في مجال عملكم، وهذا الأمر ضروري لضمان تطوُّر الشركة ومواكبتها للتطورات باستمرار.
8. فصل الحياة المهنية عن الحياة الشخصية:
في حال اخترت شريك عمل لمشروعك من دائرتك المقرَّبة أو ممَّن تجمعك به علاقات كثيرة، يجب أن تتأكَّد من أنَّه شخصٌ يَفصل بين الحياة الشخصية والمهنية وينطبق الأمر ذاته على شريك العمل مهما كان، ففي حال وجدت بوادرَ للخلط بين الحياة المهنية والشخصية، عليك الابتعاد عنه لضمان استقرار العمل في الشركة.
9. أخذ الوقت الكافي:
قرار الشراكة ليس بالقرار البسيط كما ذكرنا آنفاً واتِّخاذه يحتاج إلى الوقت الكافي، فيجب أن يسبق القرار فترةً تجريبية تختبر فيها طريقة إدارته للمشروع ودرجة تحمُّله للمسؤوليات، إضافة إلى أنَّ الفترة التجريبية تكشف لك قدرةَ الشريك على حلِّ المشكلات الموجودة أو التي يتعرَّض لها العمل؛ لتتأكَّد أنَّ الصلاحيات والقوَّة التي تُمنَح له تتناسب مع الخبرات التي يمنحها للشركة.
10. الابتعاد عن العشوائية في العمل:
لا يمكن أن تجمعك مع شريك العمل شراكة ناجحة ومثمرة ما لم يُنظَّم العمل بدقَّةٍ، فالثقة بين الشركاء شيء والتنظيم شيء آخر، ففي اللحظة التي تُقرِّر فيها الشراكة العملية مع شخص ما عليك تحديد الواجبات والمسؤوليات لكلِّ فرد منكما، إضافة إلى تحديد الأسهُم ونسبة الربح، وكذلك الخسارة في حال الفشل.
من الضروري توثيق تلك النقاط في أوراق رسمية وعقود تضمن حقوق جميع الأطراف، ومهما كانت العلاقة التي تربطك بشريك العمل، فالابتعاد عن العشوائية في العمل تنجِّي الجميع من المخاطر التي يحتمل حدوثها في العمل على اختلاف مجاله، ويُفضَّل وضع خطَّةٍ مُسبَقة للانفصال أيضاً، فكثير من الأشخاص يُفضِّلون بعد تحقيق نجاح مُعيَّن وحصولهم على مبلغ مالي كافٍ، أن يبدؤوا بمشروع خاص بهم، وربَّما ترغب في البدء في مغامرة جديدة مختلفة عن المشروع الحالي، لذلك قد يحدث انفصال لا يتعلَّق بوجود خلافات أو نزاعات؛ لذلك يجب تحديد التعويض الذي يستحقَّه الشخص أو النسبة من الشركة في حال أراد الانفصال.
في الختام:
يرغب معظم أصحاب المشاريع بوجود شريكٍ لعملهم ليتشاركوا المخاطر، ويحلُّوا الأزمات والنجاحات والأرباح وكذلك ليوفِّروا رأس المال، واختيار شريك عملٍ مناسب للمشروع، يُعدُّ أمراً مُحيِّراً؛ لذلك تحدَّثنا في مقالنا عن مجموعة من النقاط التي يجب مراعاتها ليصبح الأمر سهلاً، كأن يُبتعد عن العلاقات العائلية عند اختيار شريك للعمل، وأن يُختار الشخص المكمِّلُ للمهارات والذي يَتَّفق مع صاحب المشروع بالقيم الأخلاقية كما يتَّفق معه بالأهداف المستقبلية، ويمتلك الشغف الكافي لجعله يسعى لمواكبة كافَّة التطورات في مجال العمل، ويتطلَّب أيضاً اختيار شريك العمل تَوفُّر ثقة كافية وابتعاد عن العشوائية في العمل، فخُذْ وقتاً كافياً قبل اتِّخاذ القرار الأخير بشأن اختيار شريك العمل.
أضف تعليقاً