لأنَّ الطاقة الحركية هي جزء أساسي من الفيزياء، فإنَّ فهمها يساعد على فهم عديد من المبادئ الأساسية في الفيزياء وتطبيقاتها العملية، وبناء على أهمية هذا المفهوم وتطبيقاته الكثيرة قررنا في هذا المقال أن نتناول موضوع قانون الطاقة الحركية، هذه المعادلة التي تمكننا من توظيف الطاقة لخدمتنا والاستفادة منها والتحكم بها.
مفهوم الطاقة الحركية:
يمكن تعريف مفهوم الطاقة الحركية Kinetick Energy على أنَّه طاقة الكتلة في أثناء حركتها، ومن ثم فإنَّ الطاقة الحركية لجسم ما هي طاقته التي يمتلكها نتيجة حركته.
تتمثل الطاقة الحركية في الطاقة الناتجة عن الحركة الخطية لجسم معين، وهي كميةٌ قياسية، فهي لا تعتمد على الاتجاه، كما أنَّها موجبة دائماً، ويمكن احتسابها باستخدام الصيغة الآتية التي تعبر عن قانون الطاقة الحركية وهي:
E_k = 1/2 * m * v^2
حيث E_k هي الطاقة الحركية، m هي الكتلة، وv هي السرعة، أي إنَّ قانون الطاقة الحركية ينص على أنَّ الطاقة الحركية لجسم ما هي جداء نصف كتلته في مربع سرعته؛ لذلك عندما يتحرك جسم بسرعة عالية، فإنَّ الطاقة الحركية لهذا الجسم تكون أكبر، بينما تكون الطاقة الحركية أقل عندما يتحرك الجسم بسرعة أقل، وعندما تتضاعف الكتلة تتضاعف الطاقة الحركية، ولكن عند تضاعف السرعة تتضاعف الطاقة الحركية أربع مرات، وفق قانون الطاقة الحركية.
يمتلك الجسم الذي يتحرك بسرعة عالية طاقة حركية كبيرة، ويصلح استخدام هذه الطاقة في كثير من التطبيقات، مثل تحريك المركبات والآلات والماكينات وغيرها، وتُستخدَم الطاقة الحركية في كثير من الصناعات، مثل الصناعات الكيميائية والتعدين والنفط والغاز والطاقة والبناء والنقل وكثير من المجالات الأخرى.
بشكل عام، تعد الطاقة الحركية مفهوماً أساسياً في الفيزياء، فتُستخدَم في حسابات الحركة والمواد والتصميم والإنتاج والتشغيل والصيانة وغيرها من المجالات الهندسية والصناعية، التي يتم فيها توظيف قانون الطاقة الحركية في الحصول على الخدمات المطلوبة.
أنواع وأشكال الطاقة الحركية:
يوجد نوعان أو شكلان للطاقة الحركية يعتمدان على الطريقة التي يتحرك فيها الجسم، وسوف نوضحهما على الشكل الآتي:
- الطاقة الحركية الخطية: وهي الشكل الأول من أشكال الطاقة الحركية، وهي النوع من الطاقة الحركية الذي يتولد عندما ينتقل الجسم قاطعاً مسافة محددة، وتعتمد الطاقة الحركية الخطية على سرعة الجسم ومن الأمثلة عليها حركة السيارات.
- الطاقة الحركية الدورانية: وهي الشكل الثاني من أشكال الطاقة الحركية، والطاقة الحركية الدورانية تتولد عندما يدور الجسم حول محور محدد، وتعتمد على السرعة الزاوية للجسم، ويرتبط هذا النوع من أنواع الطاقة الحركية بكتلة الجسم وتوزع هذه الكتلة، ومن الأمثلة عليها حركة البلبل.
من الجدير بالذكر أنَّه يمكن للجسم في بعض الأحيان أن يمتلك طاقة حركية خطية ودورانية في الوقت ذاته، ويمكن للطاقة أن تتحول من شكل إلى آخر حسب قوانين انحفاظ الطاقة التي تقتضي بأنَّ الطاقة لا تفنى ولا تُخلَق من العدم؛ بل تتحول من شكل إلى آخر.
على سبيل المثال فإنَّ الشخص الذي يقود دراجة، تتحول الطاقة الكيميائية التي تكون في جسمه (والناتجة عن عمليات الاستقلاب) إلى طاقة حركية، أي إنَّه بذلك يبذل عزماً أو جهداً أو شغلاً فيتحرك بعجلته، وبهذه الطريقة تتحول الطاقة الكيميائية إلى طاقة حركية، إلا أنَّ الطاقة الكيميائية المتحولة إلى حركية ليست هي كامل طاقته الكيميائية المتولدة في جسمه، إذ لم تتحول جميعها إلى طاقة حركية، بل تحول جزء منها إلى طاقة حرارية في جسمه وهي شعوره بالحرارة.
قانون الطاقة الحركية:
يعد قانون الطاقة الحركية أحد أهم القوانين في مجال الفيزياء، فيوضح العلاقة بين الحركة والطاقة، ويقول القانون إنَّ طاقة الحركة لأي جسم تتناسب مع كتلته وسرعته، ويمكن التعبير عنها بالمعادلة الآتية:
E_k = 1/2 * m * v^2
حيث E_k هي طاقة الحركة، m هي كتلة الجسم، وv هي سرعته؛ يعني هذا أنَّه كلما زادت كتلة الجسم أو سرعته، زادت الطاقة الحركية لهذا الجسم، وعلى النقيض من ذلك، كلما انخفضت كتلة الجسم أو سرعته، انخفضت الطاقة الحركية له.
يمكن استخدام قانون الطاقة الحركية لحساب الطاقة الحركية لأي جسم، ويمكن استخدامه في حسابات الحركة والسرعة والكتلة، ويمكن أيضاً استخدامه في تصميم المركبات والآلات والماكينات، وحساب الطاقة اللازمة لتشغيلها.
يُستخدم قانون الطاقة الحركية في الحياة العملية ضمن عدة تطبيقات، مثل تحديد كمية الطاقة اللازمة لتشغيل المحركات والآلات، وتصميم المركبات الفضائية والطائرات، وحتى في حسابات السلامة في العمليات الصناعية والمعدات الثقيلة.
اشتقاق قانون الطاقة الحركية:
يُشتق قانون الطاقة الحركية عبر الخطوات الآتية:
نضع أولاً قانون الشغل أو العزم: الشغل = القوة * المسافة.
قانون القوة هو: القوة (F) = الكتلة (m) * التسارع (a) نعوض قانون القوة بقانون الشغل:
الشغل (W) =الكتلة (m) * التسارع (a) *المسافة (D) وباستخدام قانون نيوتن في الحركة للتعويض في قيمة التسارع a = (a2² -a1 ² )/ 2 D، تصبح صيغة المعادلة كالآتي:
W = F * D W
=(m*a) *D W
= m* ((a2 ²-a1 ²)/ 2D) * D W
= m * (a ²-a1 ²)/2 W
= 1/2*m*a2 ² _ 1/2*m*a1 ²
مما سبق، ولأنَّ (a) هي السرعة ولأنَّ مقدار صافي الشغل يساوي مقدار التغير في الطاقة الحركية؛ فإنَّ: الطاقة الحركية (K_E) = 1/2 * m * a ²
E_k = 1/2 * m * v^2
هكذا يُشتق قانون الطاقة الحركية بهذه الطريقة.
قانون الطاقة الحركية المفقودة:
لأنَّنا تحدثنا عن قانون الطاقة الحركية وكيفية اشتقاق قانون الطاقة الحركية؛ فلا بد لنا أن نتطرق إلى قانون الطاقة الحركية المفقودة، ولمن لا يعرف ما هو قانون الطاقة الحركية المفقودة نوضح أنَّه القانون الذي يعبر عن الفرق في قيمة الطاقة الحركية لجسم بعد تعرضه للاصطدام وقبل تعرضه للاصطدام، وعليه فإنَّ قانون الطاقة الحركية المفقودة يكون على الشكل الآتي:
الطاقة الحركية المفقودة = إجمالي الطاقة الحركية بعد الاصطدام – إجمالي الطاقة الحركية قبل الاصطدام.
وغالباً ما تكون قيمة الطاقة الحركية المفقودة سالبة بحسب قانون الطاقة الحركية المفقودة؛ لأنَّ إجمالي الطاقة الحركية بعد الاصطدام يكون أقل من إجمالي الطاقة الحركية قبل الاصطدام.
استخدامات الطاقة الحركية:
تعد الطاقة الحركية لجسم ما هي طاقته التي يمتلكها نتيجة حركته، ويمكن استخدامها في كثير من التطبيقات المختلفة، منها:
- توليد الكهرباء: يمكن استخدام الطاقة الحركية لتوليد الكهرباء، عن طريق تحويل هذه الطاقة إلى طاقة كهربائية باستخدام مولدات كهربائية، فيتحرك موصل كهربائي في مجال مغناطيسي.
- تشغيل المحركات والآلات: تستخدم الطاقة الحركية في تشغيل المحركات والآلات والماكينات، وتحريك المركبات والقطارات والطائرات والسفن وغيرها، وذلك عبر توظيف كل من الطاقة الحركية والطاقة الاحتكاكية والطاقة الناتجة عن قوة الجاذبية.
- الصناعات الكيميائية: يمكن استخدام الطاقة الحركية في الصناعات الكيميائية، مثل تحريك المواد الخام والمنتجات النهائية.
- الصناعات النفطية والغازية: يمكن استخدام الطاقة الحركية في الصناعات النفطية والغازية، مثل تحريك وسائل النقل والمعدات الثقيلة وتوليد الطاقة اللازمة لتشغيل المصافي وغيرها.
- الطاقة الشمسية: يمكن استخدام الطاقة الحركية في تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية، وذلك باستخدام الخلايا الشمسية التي تحوِّل الضوء إلى طاقة حركية.
تعد الطاقة الحركية مفهوماً أساسياً في الفيزياء والهندسة، وتستخدم في التصميم والإنتاج والتشغيل والصيانة وغيرها، كما تستخدم بشكل واسع في الحياة العملية، وتعد جزءاً أساسياً من معظم الصناعات والتطبيقات المختلفة.
أمثلة على الطاقة الحركية:
توجد عدة تطبيقات عملية تستغل الطاقة الحركية، وأشهر الأمثلة على الطاقة الحركية هي:
- مولِّدات الرياح: وهي من أشهر الأمثلة على الطاقة الحركية، وفيها تُستخدَم مولدات الرياح الطاقة الحركية لتوليد الكهرباء، فتُستخدَم أجنحة الرياح لتحويل الطاقة الحركية للرياح إلى طاقة كهربائية.
- البيسبول: عندما يتم رمي كرة البيسبول فإنَّها تكتسب الطاقة الحركية بشكل تدريجي وخلال فترة زمنية قصيرة من أجل الانتقال من مكان إلى آخر وتحديداً من نقطة القاذف إلى يد المستقبل، وهذا مثال بسيط من الأمثلة على الطاقة الحركية.
- الدراجات: من الأمثلة على الطاقة الحركية نذكر الدراجة، فهي في نقطة البداية عندما تكون ثابتة يكون لديها معامل للطاقة الحركية يعادل الصفر، وبمجرد بدء تحريكها تزداد هذه الطاقة.
- سقوط قلم عن الطاولة: في مثل هذه الحالة ينتقل القلم من كونه في حالة راحة إلى حركة، وعندما تمارس الجاذبية قوتها، يبدأ القلم باكتساب تسارع يزداد تدريجياً فتزداد الطاقة الحركية داخل كتلته، وهذا مثال آخر من مجموعة أمثلة على الطاقة الحركية.
أسئلة شائعة عن الطاقة الحركية:
فيما يأتي أكثر الأسئلة الشائعة بما يتعلق بقانون الطاقة الحركية:
ما هي وحدة قياس الطاقة الحركية؟
وحدة قياس الطاقة الحركية هي الجول (Joule)، وهي وحدة قياس الطاقة العامة في النظام الدولي للوحدات (SI units)، وتمثل كمية الطاقة اللازمة لتحريك جسم كتلته 1 كيلوغرام بسرعة 1 متر في الثانية.
يمكن استخدام الجول لقياس الطاقة الحركية في عديد من الحالات، مثل قياس الطاقة اللازمة لتحريك جسم معين بسرعة معينة، أو قياس الطاقة الحركية لجسم متحرك.
تستخدم أيضاً وحدات الطاقة الأخرى لقياس الطاقة الحركية، مثل الكيلوجول (Kilojoule)، والميجاجول (Megajoule)، والجيجاجول (Gigajoule)، وهي تمثل أضعافاً متعددة للجول، وتستخدم عادة لقياس كميات الطاقة الكبيرة كما هو الحال في الصناعات الكيميائية والنفطية والكهربائية.
ما هي العلاقة بين كمية التحرك والطاقة الحركية؟
ترتبط كمية التحرك والطاقة الحركية ارتباطاً مباشراً، فيمكن استخدام كمية التحرك لحساب الطاقة الحركية للجسم.
كمية التحرك هي المقدار الفيزيائي الذي يصف حالة حركة الجسم، وهي تعبر عن حاصل ضرب كتلة الجسم في سرعته، ويمكن حساب كمية التحرك باستخدام الصيغة:
p = m × v
حيث p هي كمية التحرك، m هي الكتلة، وv هي السرعة.
أما الطاقة الحركية فهي الطاقة التي يمتلكها الجسم بسبب حركته، ويمكن حساب الطاقة الحركية باستخدام الصيغة:
K.E. = 1/2 × m × v²
حيث K.E. هي الطاقة الحركية، m هي الكتلة، وv هي السرعة.
من خلال الصيغتين، يمكن ملاحظة أنَّ كمية التحرك تحتوي على متغير السرعة، ومن ثم فإنَّ زيادة سرعة الجسم ستؤدي إلى زيادة قيمة كمية التحرك والطاقة الحركية، وبالمثل، فإنَّ زيادة كتلة الجسم ستؤدي أيضاً إلى زيادة قيمة كمية التحرك والطاقة الحركية.
إنَّ كمية التحرك والطاقة الحركية تتعلقان بشكل وثيق وتتأثران بنفس العوامل، وهي السرعة والكتلة، ويمكن استخدام إحداهما لحساب الأخرى.
ما هي طاقة الوضع وطاقة الحركة؟
طاقة الوضع وطاقة الحركة هما نوعان مختلفان من الطاقة الميكانيكية في الفيزياء، ويتم تحديد كل منهما بناءً على حالة الحركة والموقع النسبي للأجسام.
- طاقة الوضع: هي الطاقة التي يمتلكها الجسم بسبب ارتفاعه عن سطح الأرض، وهي تساوي العمل المنجز لرفع الجسم من سطح الأرض إلى ارتفاعه الحالي، ويمكن حساب طاقة الوضع باستخدام الصيغة:
PE = mgh
حيث PE هي طاقة الوضع، m هي الكتلة، g هي تسارع الجاذبية، وh هي الارتفاع.
- طاقة الحركة: هي الطاقة التي يمتلكها الجسم بسبب حركته، وتتأثر قيمة طاقة الحركة بكتلة الجسم وسرعته، ويمكن حساب طاقة الحركة باستخدام الصيغة:
KE = 1/2 × mv²
حيث KE هي طاقة الحركة، m هي الكتلة، وv هي السرعة.
تظهر هاتان الطاقتان الأهمية الكبيرة للحركة في الفيزياء، فتساهم كلاهما في تحديد حالة الحركة والموقع النسبي للأجسام، ويتم استخدامهما في كثير من التطبيقات العملية في الحياة اليومية والصناعية، مثل توليد الطاقة الكهربائية وتصميم المباني والجسور والأبراج.
كيف تعتمد الطاقة الحركية على السرعة؟
تعتمد الطاقة الحركية على السرعة بشكل مباشر، فتزداد قيمة الطاقة الحركية بزيادة السرعة، وذلك لأنَّ الطاقة الحركية تتأثر بمربع السرعة، ومن ثم تزداد بشكل كبير عند زيادة السرعة، وهذا ما يوضحه قانون الطاقة الحركية:
KE = 1/2 × m × v²
حيث KE هي الطاقة الحركية، m هي الكتلة، وv هي السرعة.
من الصيغة، يمكن ملاحظة أنَّ الطاقة الحركية تتأثر بمربع السرعة، ومن ثم فإنَّ زيادة سرعة الجسم ستؤدي إلى زيادة قيمة الطاقة الحركية بشكل كبير.
يمكن تفسير هذا التأثير بأنَّ الزيادة في السرعة تؤدي إلى زيادة كمية الحركة للجسم، ومن ثم ازدياد قيمة الطاقة الحركية في الجسم، فعندما تتضاعف السرعة، تتضاعف قيمة الطاقة الحركية بمربع السرعة، وهذا يشير إلى الأهمية الكبيرة للسرعة في تحديد حجم الطاقة الحركية للجسم.
هذا ما يوضح العلاقة الوثيقة بين الطاقة الحركية والسرعة وأهمية السرعة في الحركة، فتعد السرعة عاملاً حاسماً في تحديد الطاقة الحركية للجسم، ومن ثم في تحديد حالة الحركة والموقع النسبي للأجسام في الفيزياء.
في الختام:
تشكل الطاقة الحركية جزءاً أساسياً من الفيزياء، فتؤدي دوراً هاماً في تحديد حالة الحركة والموقع النسبي للأجسام، وتستخدم في كثير من التطبيقات العملية في الحياة اليومية والصناعية.
يمكن من خلال قانون الطاقة الحركية احتساب الطاقة الحركية للأجسام، مع العلم أنَّ قيمتها تتأثر بكتلة الجسم وسرعته، وتزداد بشكل مباشر بزيادة السرعة وبشكل متناسب مع مربع السرعة، وتزداد بشكل مباشر مع زيادة الكتلة.
إنَّ الطاقة الحركية هي واحدة من الطاقات الميكانيكية الأساسية، إلى جانب طاقة الوضع أو الطاقة الكامنة، وهما العنصران المتحكمان في حركة الجسم حسب قانون الحفاظ على الطاقة، وهذا ما يؤخذ بالحسبان عند الاستفادة من الطاقة الحركية وتوظيفها في التطبيقات العلمية والتقنية، مثل توليد الطاقة الكهربائية وتصميم المباني والجسور والأبراج وتطوير التكنولوجيا والصناعات المختلفة.
أضف تعليقاً